الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
شطحات سياسية (2):رفقا بتاريخ اتحاد كُتِبَ بدماء شهداء هذا الوطن
الدير عبد الرزاق
2014 / 3 / 8مواضيع وابحاث سياسية
الصمت في هذه الظرفية الحساسة التي يمر منها حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يكون جبنا و ليس حكمة أو من علامات الرضا، و ما يحز في النفس أن تأتي هذه الأجواء في وقت يعيش الحزب حركية تنظيمية جد مهمة تعيد الإتحاد إلى سكته الصحيحة، و أمامه استحقاقات تلوح في الأفق، و أمامه خصوما على الدوام مستعدين للانقضاض عليه للتمثيل به و بتاريخه، لكن هيهات فهناك جيل يرفض بصريح الموقف أن يمشي الإتحاد على حافة المشهد السياسي، و خارج التفكير المجتمعي، و تعيش مؤسساته تمظهرات لا ديمقراطية منافية لقيم الإتحاد، و يهندس البعض الإتحاد على مقاسه، ويشوش البعض على البعض، و تدفع الأنانية و الحقد البعض إلى تشويه صورة الإتحاد و القيام بمحاولات لتيئيس المناضلين الحقيقيين لإخلاء الساحة حتى يستأثروا بها وحدهم و لو على حساب الإتحاد ، و يضرب الطول في العرض خبط عشواء، اتفقنا أم لم نتفق مع القيادة، لكن هناك ما هو أهم من القيادة و المعارضة الشخصية أو المؤسساتية، و هو صورة الحزب و تاريخه و مؤسساته و رموزه، فالإتحاد إرث وطني قد يمرض و لا يموت مادام هناك أبناء بارين أوفياء لرسالة و إيديولوجية و مشروع الإتحاد من مناضلاته و مناضليه في كل أرجاء هذا الوطن الفسيح، فالإتحاد متجذر في عمق المجتمع المغربي، متجذر في الذاكرة السياسية و الشعبية لهذا الوطن، متجذر بمواقف صلبة صدحت بصوتها في وقت خرست فيه جميع الألسن، مواقف كانت على الدوام إشكالات و أسئلة و أجوبة متوترة تخلخل و تزعزع النُظم الاجتماعية و السياسية الرتيبة، فقد واكبت ميلاد الإتحاد لحظات عصيبة، و طيلة تاريخه كان يخوض معارك تستنزف جهده و وقته على جميع الأصعدة، ضحى بأجيال من المناضلين و الشهداء الذين حملوا على عاتقهم هموم دولة وطنية مؤسساتية ديمقراطية تسود فيها العدالة الاجتماعية و الحق و القانون و الحريات، و استعدوا للتضحية بدمائهم الطاهرة من أجل فكرة عاشوا و ماتوا من أجلها، ضحوا بوقتهم و مالهم و أرواحهم لتأسيس اتحاد للقوات الشعبية أصيل في المجتمع يتنفس هموم المواطن البسيط ، اتحاد يكون مدرسة و مشتلا لنخب تسَير مؤسسات الحزب و مؤسسات الدولة، ضحوا من أجل أجيال المستقبل متجاوزين حاضرهم البئيس حيث رفضوه بحس وطني أن يكون حاضرهم و واقعهم، و المسافة الرمزية بين أجيال الإتحاد كتبتها مواقف سواء كانت صائبة أو خاطئة، فالإتحاد لم يكن يوما مؤسسة أشخاص، و لم يكن يوما كائنا انتخابيا، و لم تكن يوما الانتهازية و المآرب الشخصية مطمحا لمناضلات و مناضلي الإتحاد، فالإتحاد هو فلسفة أجيال تحمل فكرا اشتراكيا ديمقراطيا تقدميا راقيا يقدم نفسه مشروعا مرنا لكل عصر مهما اختلت فيه الموازين السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية، و للتأريخ للإتحاد نحتاج غابة ورق و بحر حبر لكتابة تاريخه الذي يتماهى في كل اللحظات المفصلية مع التاريخ السياسي و الشعبي المغربي، فبدون تاريخ الإتحاد تظل الذاكرة السياسية و الشعبية المغربية جوفاء.
اليوم نجد أنفسنا مضطرين لطرح سؤال الإتحاد إلى أين؟
بعيدا عن مع أو ضد، متعاطف مع هذا أو ذاك، سنمتطي شعور الإتحاد و حب الإتحاد، لأن الحب بمنطق أرسطي خالص لا يجتمع مع الكره، لقد مر المؤتمر الوطني التاسع بما له و ما عليه، بكل أسئلته و أجوبته، بكل مكتسباته و نواقصه، أفرز لنا الأخ إدريس لشكر كاتبا أولا للإتحاد، و المنطق الديمقراطي يقتضي بالضرورة و اللزوم مساندته و دعمه اللامشروط لأن صفته داخل الإتحاد هي الكاتب الأول، مادام الكاتب الأول خرج من رحم المؤتمر التاسع و منتخب ديمقراطيا و شرعيا، فإنه يجب إن كان فعلا يهمنا أمر الإتحاد المحاط بالخصوم أكثر من الأصدقاء، يجب أن نعمل بالقاعدة البسيطة التي لا تحتاج عظمة في المعرفة و الفكر لفهمها، أنا ضد أخي و أنا و أخي ضد ابن عمي، و أنا و أخي و ابن عمي ضد عدو قريتنا...، هذا هو المنطق الذي مع الأسف لم نعمل به و غاب عن مفكرتنا السياسية ، و كسر الكثير، و أتى على الأخضر من منجزات الإتحاد و اليابس من الأحلام، و في آخر المطاف الذي يدفع الثمن هو الإتحاد، و تاريخ الإتحاد، و صورة الإتحاد، و رموز الإتحاد، و يفتح الباب للأقزام للتطاول على هذه المعلمة السياسية و التجريح فيها و في أطرها و مناضليها و مؤسساتها، فالمؤلم جدا أن تعطي لعدوك السلاح الذي سيضربك به، فالإتحاد يحتاج لكل مناضليه و أطره، الذين يجب أن يتحلوا في هذه اللحظة بالحكمة و التبصر و لملمة الجراح، و جمع شمل الأسرة الاتحادية بكل أفرادها و جماعاتها، فالواقع الاجتماعي و السياسي المغربي رديء جدا في كل تمثلاته و تمظهراته، و يحتاج اتحادا قويا بمؤسساته و قيادته التي تدعمها جميع القوى الاتحادية في كل المؤسسات الاتحادية، و إن كان هناك اعتراض أو عدم الرضا عن سياسة القيادة فهناك مؤسسات الحزب لنقاشها و التعبير عن الرأي بكل حرية حتى يكون للرأي مصداقية ، و يجب التمييز بين أنواع الرأي، فهناك رأي شخصي حول قضايا عامة، ورأي مسئول حول قضايا خاصة يحتاج الزمان و المكان و المرسِل و المرْسَل إليه و السَنَن...، وهناك المؤتمر العاشر القادم الذي هو أصدق تعبير عن نجاح أو فشل القيادة في تدبير شؤون الإتحاد، فالإتحاد هيئة سياسية لها مؤسسات و قوانين تحكمها تعطي للجميع نفس الحقوق، و توجب على الجميع نفس الواجبات، و تفرض على الجميع احترام مؤسسات و تنظيمات الإتحاد، فالمنطق السياسي يفترض إلغاء ثنائية صديق/عدو داخل الإتحاد، و لكن هناك أسرة اتحادية جميع أبنائها إخوة توحدهم رموز الإتحاد قد يختلفون في الرأي و هذا أمر صحي و طبيعي، لكن أن يتجاوز هذا الاختلاف حدوده و يبارح مكانه الطبيعي نحو أمكنة صيد فيها الماء عكر، و هناك هواة لهذا النوع من الصيد، فهنا الضمير الأخلاقي و السياسي يفرض عدم التسامح مع من يسيء لتاريخ و رموز الإتحاد سواء من الداخل أو من الخارج، فليس هناك ديمقراطية في العالم تنتخب كاتبا أولا و لا تسانده و لو بالنقد البناء في إطار مؤسساتي، الذي يجب أن ينتبه له الجميع أن صفة الكاتب الأول هي صفة رمزية يحملها جميع الاتحاديين في جميع ربوع الوطن، و بالتالي إن سقطت الرموز بالضرورة سيفقد العمل السياسي و المؤسساتي داخل الإتحاد قيمته، فالقائد المثالي يكون ناجحا بالمؤسسات التي تدفعه و ترسم له خارطة الطريق، و تسانده إلى آخر يوم من ولايته،و يجب على القيادة الإنصات و الاستماع إلى باقي المؤسسات الحزبية في دورها التوجيهي و الإقتراحي، و بعدها تأتي المحاسبة الداخلية الديمقراطية، فإن كان من زمن و مكان لمحاسبة الأخطاء فهو المؤتمر العاشر، لذلك رفقا بتاريخ اتحاد كُتِبَ بدماء شهداء هذا الوطن.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مقترح الهدنة.. إسرائيل تمهل حماس حتى مساء الأربعاء للرد
.. إسرائيل تهدد بمحاربة حزب الله في كل لبنان
.. جون كيربي: ننتظر رد حماس على مقترح الاتفاق وينبغي أن يكون نع
.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار
.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ