الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وعود بخطابات ضمان

سامي حرك

2014 / 3 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


لا أستطيع وصف حال شعوب عالمنا الثالث, قليلة الحيلة, في التعامل مع ما تتلقاه من عدم الوفاء بالعهود, إلا بأنها شعوب المساكين, يتلقون آلاف الوعود البراقة بالرخاء والأمن والسعادة, يتبارى فيها القادة والسياسيين والنخب, ولو صدق بعض من هؤلاء وأولئك لإختلفت الأحوال أو بعضها وصارت إلى الأفضل!
في شعوب العالم الأول, لا يكاد السياسي يكذب أو يخلف وعده, أو يتحلل من تعهده وإلتزامه, إلا ويلقى الجزاء المناسب, فالرأي العام لديهم قوي ومؤثر, ولا يستطيع كائن من كان أن يغازل آمال الشعب بخيالات وأوهام, أو أكاذيب لا تتحقق!
في عالم المال والأعمال كذلك, لا يستطيع عميل أن يطلق لخياله العنان دون جزاء مقابل, فما تتعهد بتحقيقه شركة ما, ترفق بتعهدها ذلك خطاب ضمان يُغطي آثار ذلك التعهد, فيما لم يتحقق, فيستطيع الطرف المتعهد له تسييل ذلك الخطاب فور تبين إخفاق المتعهد!
خطيب الجمعة عندنا يتعهد للمُصلين الجالسين أمامه بلا حول ولا قوة, إلا الإستماع إليه في صمت, بالرخاء والرفاهية, بمجرد أن تتوقف بنوك مصر عن نظامها الربوي, فهو يعارض فقهاء دار الإفتاء وعلماء الأزهر ممن رأوا أن أعمال البنوك تخالف في طبيعتها أعمال الربا المقصود في النص القرآني, ثم يتجاوز معارضته تلك ويتعهد لجمهوره بأن تصبح مصر أغنى دولة في العالم بمجرد توقف بنوكها عن العمل بنظام الفائدة البنكية!
ذلك الخطيب الفصيح نسى أن مصر وجاراتها لم تعرف نظام البنوك كله إلا أواخر القرن تسعتاشر, وأن الحال قبل ذلك لم يكن أفضل, بل تحسنت الأمور كثيرًا مقارنة بقرون الظلام مع الخلافة العثمانية!
كما نسى ذلك المفوه, أو لعله لا يعرف, أن العالم الأول المتقدم جميعه, يتعامل ويأخذ بنظام البنوك, تلك التي أسماها ربوية, وأن بيننا وأقل دولة من دول ذلك العالم الحديث, مسافات ودرجات كثيرة علينا أن نتخطاها ولو بأظافرنا وأسناننا إذا ما أردنا اللحاق بذلك العالم المزدهر!
يتعهد الخطيب بأن يتنازل عن وظيفته إذا لم تصدق نبوءته, فنتذكر فورًا نبوءة مرسي وجماعته ووعودهم بالمليارات والرخاء خلال مائة يوم, فلما مرت الأيام وساءت الأحوال لم تطرف عينه, ولا تزعزع يقينه, وتشبث بالكرسي, ثم خرج علينا قائلاً: أطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم, متناسيًا الآية الكريمة: " أوفوا العهد, إن العهد كان مسئولا".
ما الذي سيجنيه المصلون بعزل خطيبهم, مخلف الوعد كاذب النبوءة, بمنعه من صعود المنبر؟ ربما إلزامه بإعادة كل ما تحصل عليه من أموال عن وظيفته يكون بداية جزاء مناسب!
مازال الشارع المصري يعاني آثار أكاذيب مرسي وجماعته!
المجتمعات المتقدمة لديها آليات محاسبة للكذابين وأصحاب الوعود الزائفة, فهل نبتكر نحن آليات تناسب ظروفنا, نحمي بها أنفسنا من المتاجرين بأحلامنا وآمالنا في مجرد العيش الكريم!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا