الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنهم يقتلون كلّ شيئ

سعدي عباس العبد

2014 / 3 / 9
الادب والفن


*اقصوصة : إنهم يقتلون كلّ شيء !!........

* ضحكت أمّه العجوز الدرداء ، فبان فمّها المظّلم كاشفا عن ناب يلوح وحيدا في فكّها ..كانت واقفة على مقربة من المطبح تنصت لهتاف ولدها الموجّه لزوجته .. تنصت لذلك الخوف المتسرب من كلامه .. كان الخوف اقوى من انّ يبقي احدا من العائلة دون ان ينال منه الرعب .. عدا امّه العجوز الممسوسة التي لا مكان للخوف في روحها الطرّية الخضراء !
.. تناهى لاسماعه صوت زوجته المفعم بنبرة الخوف يأتي من وسط فرقعة الصحون المركونة عند حوض الغسيل __ : متى تذهب إلى السوق .. لو لا إني حاسرة الرأس .. لذهبت بدلا عنك ..انت تعلم إني سافرة ، هكذا وجدتني منذ جئت للدنيا ..روحي عارية ..
متطلّعة للربيع ....... اجاب الزوج __ : لن اذهب .. كلا لن اذهب .. إنهم يقتلون كلّ شيء ..
حتى الجرذان ! ألم تسمعي اصوات البنادق .. ما زالوا هناك يبحثون عن النساء المتبرجات العاريّات الرؤوس الفاتنات الحسناوات الجميلات الفارعات الساحرات الطيبات الحنونات .. ليس النساء فقط من يبحثون عنهنّ ...إنهم يبحثون عن كلّ شيء !! .. إنهم يقتلون كلّ شيء ..واضاف بذات النبرة المرعوبة تتتصاعد عبر الباب المفتوح : لا اظن انّ احدا سينجو من الإبادة ..سيرمون جثثنا للكلاب ... لا اصدّق ما يشاع عن تصريحات الحكومة .. إنها ما تنفك تردّد باستمرار بوجوب اشاعة الأمن ! فلتحمي نفسها اولا ..وبعد ذلك تحمي النساء او توفر لنا جميعا ملاذات آمنة ! .. لا يوجد عاقل يصدّق ما يقولون ..أنتِ أتصدقين ...
ما زالت امّه العجوز الطويلة الدرداء هناك مستغرقة في الهذيان والضحك واطلاق الشتائم ..
لم تكن وحدها من يطلق الشتائم .. كانت هناك الزوجة تنصت اليها عبر الباب الموارب . باب المطبخ ، .. وسرعان ما تتتتصاعد اصوات البنادق في الخارج ومن جهات قريبة ........
عندما تختفي اصوات البنادق يعلو صوت الزوج الممعن في الخوف وهو يطل برأسه عبر ستارة الشرفة ...فتلوح لعينيه قامات قتلة النساء من بينهم يرى انفار ملثّمة بسواد قاتم يحتلون مداخل البلدة .. يسمع زوجته تصرخ في وجهه __ : لا تنظر الى هناك ايها الابله ..الا تخاف ان يراك احدهم ..قال __ انهم يغلقون المدخل الوحيد المؤدي إلى السوق ..سنموت جوعا ..إنهم هناك عند المدخل ... يا للتعاسة سوف نتعفن في بيوتنا . ولا احد يسأل عنا .. اين الحكومة !!!! .. قالت العجوز __ : ياولدي الحنون .. اين انت ؟ لماذا لم اعد اراك .. ولماذا اخالك تحتضر تحت قدميّ تلك الكلبة زوجتك .. أتعرف انها لا تطيق رؤيتي ولا حتى سماع نداءاتي المتكررة ... تصاعد صوت الزوجة من بعيد __ : لقد انتهى كل شيء ..كلنا سنموت ..تعال انظر ..إنهم يقتلون امرأة سافرة ..جرى الزوج ناحية النافذة يتطلع خلسة الى الخارج لاحت لعينيه رهط من نساء بشعر محلول مضرجات بالدم ..
فجأة تنبثق من وسط النساء رصاصة مقصودة تطيح برجل النافذة فيهوي من الاعلى .. فيما تتراجع الزوجة مذعورة وتبقى العجوز محتفظة باتزانها بينما الاطفال يطلقون صراخا طويلا وسط الفراغ الذي تركه رجل النافذة ...........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر