الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم سبت

أمل جمعة
(Amal Juma)

2014 / 3 / 9
الادب والفن


السبت الثاني من آذار

منذ الصباح وأنا أحاول التعامل مع هذا اليوم ،كيوم سبتٍ عادي خالٍ من ارتباطاته العقائدية أو كونه يوماً مغبراً يستعدُ لعاصفةٍ ماطرة .
سيجدُّ به البعض مفارقات كثيرة ،وسبباً لتنضيد كلماتهم وحروفهم البليغة على يافطات عريضة.

أحاول أن أتناسى قسراً أنه يومٌ خاص لنا نحن النساء، حولّه الناس والشعارات والبهرجات والهتافات والخلافات لمجرد يوم تشكو به النساء مضطربات: هل هو يوم فرح واحتفاء؟ أم يوم ندبٍ واستنكار ؟ أم صوت عليه أن يعلو.

يوم ربّما تُنكرُ فيه النساء أكثر من إشعار وجودهن لشدة ما يحملنه من أحلام، مكتظٌّ بالتحليل ،يلبسُ ألف ثوبٍ فوق ثوبه الممزق فيبدو مثل مهرج ضاعت هوية جنسه .
حيرتًهن وحيرتنا جميعاً في التعامل مع ها اليوم أفقدته صبغته التاريخية وسبب وجوده وتناسى الجميع أن يوم للتذكير بالحقوق ورفع الصوت مكثفاً ولا أقول عالياً فهذا مطلوب كلّ يوم .

أحاول أن اتناسى أن الجدل السنوي هو ضرورة هذا اليوم والنكات ذاتها والتعليقات ذاتها والزهور ذاتها والشعور ذاته الذي يرافق الجميع ولا يصابُ به بالحمى إلا وسائل الإعلام وبائعي الزهور ووسائل النقل التي لا يغير سائقيها تعليقاتهم ولا ضحكاتهم وحجم سخطهم كل عام في مثل هذا اليوم ، لدرجة تصيبني بالفضول لأسأل السائقين واحداً واحداً هل اجتاحتهم الكوابيس عشية الثامن من آذار وشاهدوا في نومهم النساء ،مثلاً ،محتلات لكل وسائل النقل العام وهم مجرد ركاب ،لا أعتقد أن أكبر من هذا الخوف يمكن أن يصيبهم .
أحاول أن لا أرى فتوى جديدة أو إعادة نشر وجدل حول فتوى قديمة بجواز الاحتفال بهذا اليوم ،وهل هو غربيّ أو شرقيّ أو من أصل وثني ،أو لعبة من ألاعيب المستعمرين، أو مجرد طقس نسوي يطالب بالإباحية ومساواة النساء بالرجال .

أحاول ولا أفهم لماذا كلّ هذا، وأضحك لأن كل ّ هذا صار سمّة اليوم ،بل لا أدرك الثامن من آذار بدون كلّ إرتجالاته.

أحاول أن لا أستمع لتعليقات الناس في الشوارع على كلّ زهرة كان حظها اليوم أن تكون بيدّ هذه المرأة وكأنهم يرونها شوكاً، أفهم متألمة سخط بائعات الخضار والمسنات وهن يصرخن بوجه الكاميرات التي تصاب بالغرام بهنّ على نحو مفاجئ ،وكأنهن نزلن الآن من السماء.

أحاول أن أفهم هذا الكمّ الهائل من الغزل بالنساء وكأن الجميع يعرفننا أكثر مما نعرف أنفسنا، نريد الحياة نصرخ ،ويردون علينا يا رقيقات.

نريد حق الإختيار نصرخ ،ويردون بشوق وهيام تعالي يا أميرتي لأشيد لك قصراً وأحميك من نسمة الهواء.

نريد الحرية نصرخ ،ويردون علينا ما أجمله من سجن ذاك الذي يجمعني بك.
نريد أن نكون كاملات الحقوق والواجبات نصرخ ،ويردون نحن عبيد لعيون الجميلات.
طنين نحل، هرج أعياد لا يفرح بها أحد .

انتهى يوم السبت، مشيت وصديقتي خلود طويلاً ، وجدنا حقلاً من زهور التوليب الحمراء (الشقيقة بالدارجة ) ،اقتحمنا الباب الصدأ لم نقطف وردةً واحدة، كانت الورود جميلة ويانعة في البيت المهجور، ولا يلحظها أحد،جلسنا قليلاً أغلقنا الباب خلفنا بعناية ،وتضاحكنا شكراً لإجازة الثامن من آذار ها نحن نكتشف المدينة من جديد ،ولا جديد حمله آذار هذا العام للنساء.
ومع ذلك يحيّا الثامن من آذار سيعرف الطريق إلينا يوماً ،وسنعرف الطريق إليه ذات ربيع.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا