الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يحارب الإرهاب بالإرهاب؟

علاء مهدي
(Ala Mahdi)

2014 / 3 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


كثيرا ما الاحظ عبر متابعاتي اليومية للأخبارعلى الشبكة الإلكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي والرسائل التي تردني عبر البريد الإلكتروني امورا تستحق أن أكتب عنها سواء بطريقة إيجابية أو سلبية لكنني وربما تحت ضغط العمل وكثرة الإلتزامات وعدم توفر الوقت اغض النظر عنها الأمر الذي اندم عليه لاحقاً ومع ذلك فإنني لازلت اكرر ذلك.
قبل ذلك لابد لي من الإشارة إلى أن الممارسات الإرهابية التي نفذت في العراق ومنذ عقود عديدة سواء كانت على شكل ممارسات إجرامية لمليشيات حزبية تم تأسيسها من قبل أنظمة حكم البعث خلال فترتي حكمهم أو تلك التي مارسها "بطل السراديب" ونظام حكمه الدموي ضد مناوئيه من أحرار العراق وكل من خالفه الرأي أو العمليات الإرهابية التي مارستها منظمة القاعدة وحلفاؤها داخل العراق وخارجه منذ 2003 وحتى الآن بغض النظر عن إختلاف تسميات تلك التنظيمات الإرهابية، أو تلك الممارسات الإرهابية الطائفية التي مورست من قبل طائفة أو دين معين ضد طائفة أخرى أو أتباع دين آخر، اقول أن تلك الأعمال قد شوهت الخارطة العراقية جغرافياً وإجتماعيا وسياسياً وأمنياً فبات العراق مقسما إلى مناطق تعتمد الطائفة تمييزا لها أو المستوى الإجتماعي أو أن تصنف سياسيا فهذه منطقة بعثية أو كانت كذلك وأخرى لحزب الدعوة وثالثة صدرية وهكذا.
أجزم بأن كل العراقيين المخلصين للعراق ومستقبله هم ضد اي إسلوب إرهابي تدميري أيا كانت اسبابه أو دوافعه. وأجزم أيضا وبثقة عالية ان أي انسان سوي له قدرة التمييز بين الصح والخطأ لايمكن أن يقبل بتلك الأعمال والممارسات أيا كانت أسبابها أو أهدافها.
عليه ، فإن الخطوات التي تتخدها الحكومة العراقية وسلطاتها العسكرية والأمنية ضد الإرهابيين ايا كانت جنسياتهم وإنتماءاتهم الدينية والسياسية والطائفية هي خطوات تعتبر من واجبات الحكومة وتستحق التثمين والتقدير خاصة وان محصلتها النهائية تعني المحافظة على حياة المواطن العراقي والقضاء على الإرهاب المبرمج وتحقيق هامش من الأمان للمواطن العراقي وبالتالي تحقيق حالة من الثبات والإستقرار الأمني والسياسي وينعكس ذلك على الوضع الإقتصادي للفرد حيث تتحسن معدلات مداخيل الأفراد، و يتبع ذلك تحسن في الوضع الإجتماعي مما يعني الإزدهار والنمو والرفاهيه وهي أمور كان يحلم بتحقيقها الفرد العراقي منذ عقود طويلة مضت.
ولكن،
نشر خبر تناقلته وكالات الأنباء والصحف العراقية والعربية ومنها " المدى" البغدادية بتأريخ 23 كانون الثاني 2014 يقول:
"أعلنت قيادة شرطة محافظة ديالى، اليوم الخميس، أن قواتها قتلت سبعة إنتحاريين تابعين لتنظيم (داعش) كانوا يخططون لاقتحام مبنى المحافظة بعد الإشتباك معهم، غربي بعقوبة،( 55 كم شمال شرق بغداد)، وفي حين علقت جثث الانتحاريين على اعمدة الكهرباء، أكدت تفكيك خمس سيارات مفخخة كان يحاول التنظيم استغلالها لزعزعة الامن في المحافظة.
وحصلت وكالة (المدى برس) على صور لجثث الانتحاريين الستة التي قامت الاجهزة الامنية بتعليقها على اعمدة الكهرباء، الا انها امتنعت عن نشرها لبشاعتها ونشرت احدى الصور بعد اقتصاص جزء منها."
أيضاً،
خبر آخر نشرته " أين " في العشرين من شباط 2014 يقول:
" أعلنت وزارة الدفاع اليوم الخميس عن مكافآت مالية لكل من يقتل ويعتقل مسلحاً أجنبياً من تنظيم داعش والقاعدة. وذكر بيان للوزارة تلقت وكالة العراق (أين) نسخة منه اليوم أن وزارة الدفاع ستمنح مكافأة مالية قدرها (20) مليون دينار لكل من يقتل إرهابياً أجنبيا من تنظيم داعش والقاعدة و (30) مليون لمن يلقي القبض على إرهابي منهم"
لنحلل الخبرين ونقرأهما بطريقة مبسطة:
قتل الإرهابيين أيا كانت إنتماءاتهم أو جنسياتهم من قبل السلطات الأمنية أو العسكرية خلال الإشتباكات المسلحة هي عملية مشروعة ولاغبار عليها خاصة وأنهم يحملون ويستخدمون أسلحة غير مرخصة ضد سلطات أمنية وعسكرية من مهامها الدفاع عن الوطن وتحقيق الأمان لمواطنيه.
قيام الأجهزة الأمنية بتعليق جثث الإنتحاريين على أعمدة الكهرباء هي ممارسة إرهابية بحد ذاتها تعني فيما تعني بأن السلطات الأمنية قد مارست إسلوبا لاتقره القوانين العراقية أو الدينية أو الأمنية أو الإنسانية التي تقرها اللوائح العالمية للدفاع عن حقوق الإنسان وبالتالي فهي ممارسة لاتقل إرهابا عن أية ممارسات إرهابية تحاربها الدولة نفسها.
إعلان وزارة الدفاع العراقية عن مكافآت مالية سخية لكل من يقتل (وهذه دعوة للقتل من قبل سلطة حكومية) أو يعتقل (معناها منح مواطننين صلاحية الإعتقال دون تحديد طريقته) مسلحا أجنبيا من تنظيمي داعش والقاعدة.
هذا الإعلان يشجع على أو يفترض أن المواطننين العاديين بحوزتهم أسلحة ممكن استخدامها في قتل الإرهابيين (إذن هي دعوة للقتل). أيضاً ، هنالك تساؤل مشروع وهو كيف سيتمكن المواطن العادي الذي يحمل سلاحاً غير مرخص من التأكد من أن الشخص الذي (سيقتله أو يعتقله) هو من داعش أو القاعدة؟ وما هو حكم القتل بطريق الخطأ فيما لو ثبت أن المقتول لم يكن داعشياً أو قاعدياً؟ أخيرا ، هي دعوة غير قانونية ولاتنسجم مع فكر وتطبيق "دولة القانون" وبالتالي فالدولة تدعو مواطنيها لمخالفة القانون.
ان محاربة الإرهاب بالإرهاب لن تؤتي ثمارا إيجابية بل ستعمق الفكر الإرهابي لدى المواطن العادي وتشجع على الإحتفاظ بأسلحة غير مرخصة وبالتالي إمكانية إستخدامها تحت ظروف غير طبيعية مما سيزيد من هامش الجريمة الإجتماعية الأمر الذي سيكون له تأثيراته السلبية على الأجيال الجديدة.
فالدول المتقدمة حضاريا قطعت اشواطاً بعيدة في محاربة الإرهاب بكل أنواعه بما في ذلك الإرهاب الفكري والنفسي والإقتصادي بعد أن نجحت العديد منها في منع الحصول على اسلحة أو وضع شروط تعجيزية للحصول على إجازات حيازة أسلحة حيث أن المجتمعات المتحضرة تفترض توفر أنظمة أمنية متطورة يعيش في أحضانها المواطنين دون الحاجة للإحتفاظ بأسلحة حتى وان كانت على شكل ألعاب للأطفال!
-;--;--;-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من ساحة الحرب إلى حلبة السباقات..مواجهة روسية أوكرانية مرتقب


.. محمود ماهر يطالب جلال عمارة بالقيام بمقلب بوالدته ????




.. ملاحقات قضائية وضغوط وتهديدات.. هل الصحافيون أحرار في عملهم؟


.. الانتخابات الأوروبية: نقص المعلومات بشأنها يفاقم من قلة وعي




.. كيف ولدت المدرسة الإنطباعية وكيف غيرت مسار تاريخ الفن ؟ • فر