الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معا .. ومعا تماما في المعبد الحرام

سعدي عباس العبد

2014 / 3 / 10
الادب والفن


•قصة قصيرة .. __ .. معا , ومعا تماما في المعبد الحرام __ ..__

• مازالت اطيافهم تتدفق عبر ذاكرتي بقوّة .. يتدفقون باسمال الجنود المدماة , يجرون مسرعين خفافا في المنعطفات .. فأجهش في البكاء المر , حالما المحهم ابكي .. المحهم بكامل خوذّهم الملّتمعة في نور النهار أو __ هكذا كان يخيّل ليّ __ فأهجس بقوّة الدموع وهي تهمي لاذعة , فارفع يدي عاليا .. اومأ للجنود العابرين , ولما لم يرني احد ! اطلق ساقيّ للذكريات وللريح وللخوف الحافي ! اعدو بكامل اوهامي وقدميّ الحافيتين , وانا ارى إلى السكان المحلّيين يرموقنني دهشيّن , وانا اجري بكلّ ذاك الخوف القديم دون انّ التفت لما يحدث .. مشدودا تماما لتك البراري ولتلك الذكرى المجنونة المعرّشة في [ الارض الحرام ] عند مرتفعات بنجويّن .. اطوي مديات مهولة من الهذيان .. فيخيّل ليّ وانا اتواثب في ركضي الحافي إنّي لمحت [ عريف شاكر عفجاوي ] سائق العجلة الزيل في حربنا الاوّلى يغتصب فتاة في غرفة قيادة العجلة , ولما اضحيتُ على مقربة منهما , هالني ما رأيت , كان السائق الشبق يرتدي خوذة اميركية وله انياب ينهش عبرهما لحم الفتاة ! .. ولم ارَ الزيل الذي لمحته عند تصاعد حمى الهذيان , فقد كانت عجلة همر مركونة محاذاة الرصيف وانا خلتها سيارة الزيل التي كانت تزوّدنا بالارزاق ..فهبّت عاصفة مخيفة من الشتائم الاميركية تلاحقني وانا اجري .. اقتفي اثر جنود كتيبة الميدان الميدان / 37 المرابطة عند سفوح بنجويّن __ كما يخال ليّ __فارتديت خوذتي الوهمية بعجالة وجعلت اهتف باسماؤهم واحدا واحدا , استغرق هتافي وقت طويل يساوي في طوله كل ذاك الوقت العصيب الذي مرّ عليّ في البراري والسفوح عند حربنا الاوّلى ..ثم لا ادري كيف صحوت على ركلات وصفعات وشتائم السكان المحلّيين .. سكان الازقة والغرف الرطّبة والخبز المر والجرذان ..سمعتهم عبر زحام لزج من اللغط والشتائم يؤمرونني بالكف عن التدفق بالهذيان والذكريات والبكاء..وحالما اشاحوا بصفعاتهم وشتائمهم عني , جريت بكل ما اوتيّت من جنون وذكريات ! .. كان برفقتي عند ذلك الوقت الصعب [ نائب عريف ك م ] يحثني على العودة إلى السفح , والتحرّر من اثقال حقائبنا السفري المحشوة بالمعلّبات .. وعند تخوم السفح لمحنا خندقا محاذاة ملجأ مهجور ينضح رائحة خراب معتّق !.. وقبل انّ انزلق منحدرا صوب فضاءه المكتظ بعتمة رطبة , ايقظني من غفلتي صوت شديد الغموض والبعد , فوجدتني بحاجة ماسّة جدا لقرون حافلة بكلّ ذكريات البراري كي اميّز نبرته وعلامته الفارقة !! ولما استدرت بكامل دهشتي وخوذتي الوهمية وهذياني فوجئت باختفاء النائب العريف .. ولم ارَ في ما كنتُ اظنه ملجأ سوى إمرأة طاعنة في البرد والظلام , مركونة مثل كتلة تالفة وسط العتمة العطنة , مشرعة يديّها للسماء كما لو انها تتمسك بطرف حبل يتدلى من علو شاهق .. مشيت على اطراف اصابعي اتلمس طريقي في النور الشحيح المندلق عبر كوة في الجدار ..كنت اتخبط ابان سيّري العصيب الحافل بالهذيان والوجع متعثّرا بمخلّفات مبهمة . ولما هويت على وجهي فوجئت بجوقة من اطفال مشكّلين سياج متماسك يحيطني..قذفوني خارج الغرفة التي خلّتها إحدى ملاجىء الكتيبة .. قادوني من يدي المدماة السائبة في فراغ مروّع صوب شارع طويل تسيّجه جدران بيوتات تحتلها يافطات سود مرّ عليها اكثر من عقدين !! امسكت طرف قميصي باسناني وجريت اباري الريح ..لم اسمع سوى نباح كلاب يقتفي اثري . قطيع ضال من كلاب كان قد اطلقه الاطفال يتعقبني .. وانا اعدو مسرعا كنت اسمع وقع بساطيل يتصاعد في الريح او _ هكذا كان يخال ليّ _ فيشتد ركضي وانا اطلق اصواتا غامضة تشابه العواء او النباح الذي يقتفي اثري ! واتلفّت مذعورا علني المح خندقا او حفرة من تلك الحفر التي خلّفتها الانفجارات القديمة الوذ بكنفها . بيد إني وعلى غير توقع وجدتني ارتطم بحطام همر تالف يسدّ عليّ المنافذ .. فاضحيت مثل السكان المحلّيين الواقعين تحت الاحتلال ..فمكثت واقفا وسط الحطام انشر هذياني . وانا ارى الى السكان يتطلعون ناحيتي مسمّرين مثل اشجار متفحمة شاخصة وسط عراء داخن ..فايقنت في الحال بانهم كانوا معي جنودا في البراري او هكذا كان يخال ليّ .............. / انتهت /








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر