الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
قرار المرأة .. والفضاء الظلامي الخانق
اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة
(Asmaa M Mustafa)
2014 / 3 / 10
ملف - المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين،بمناسبة 8 مارت -آذار عيد المرأة العالمي 2014
الحياة والحرية والكرامة والخيار والقرار .. حقوق إنسانية مشروعة تستحقها المرأة ، ذلك أنها إنسان قبل أن تكون أنثى ، إلاّ أنها حقوق تجد من يحاربها في العراق واضعاً العوائق والتحديات أمامها حتى ينفذ غاياته المَرَضية ممارساَ العنف النفسي ضد المرأة .
ولعل أهم ماتواجهه المرأة اليوم من تحديات ، هو الثقافة الظلامية التي يتبناها البعض تحت مسميات مختلفة ، إذ مازال هناك من ينظر الى المرأة على أنها عورة ، او أنها غير مؤهلة للعمل او القيادة ، وهذه النظرة الذكورية التي إتسعت مؤخرا ، نتيجة تبنيها من قبل قوى سياسية نافذة ، طبعت الشارع بلونها الظلامي وغمطت حق المرأة في الحياة ، وتعمل بكل قوة على جعلها تابعا للرجل وليس مكملا له او كيانا مستقلا بحد ذاته .
وإذ يحتفي العالم بعيد المرأة في هذه الأيام ، فإن نساء العراق يعانين التوجهات الناشزة للظلاميين الذين يحاولون عزلها عن إنسانيتها وحقها في أن تحيا بشكل يضمن لها الاحترام والحرية المشروعة ، وهي حقوق يكفلها الدستور والمواثيق الدولية ، فميثاق الأمم المتحدة يؤكد في مادته الأولى على " تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس او اللغة او الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء " ، كما إن إتفاقية سيداو تنادي بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة .
إن المرأة الآن تعيش صراعا مع قوانين فُرِضَت وقوانين ستفرض عليها للالتفاف على حقوقها وللحد من حريتها وتهميشها على مختلف المستويات ، وهي قوانين تعيدنا الى الوراء او الى عصر الجواري والإماء ، بينما يتطلع العالم ، لاسيما النامي منه ، الى النهوض بواقع المرأة ثقافيا وإنسانيا ، وعلى مختلف المستويات ، ليلحق بالعالم المتقدم الذي أصبحت المرأة فيه صاحبة قرار ، وتبوأت أعلى مواقع المسؤولية .
لقد وجدت الأرض للمرأة ، كما للرجل ، ويحق للمرأة أن تختار طريقها ، كما الرجل يختار طريقه . وينبغي للمجتمع أن يتحرر من نظرة الدونية والوصاية على المرأة ، فهي خلقت بأحسن تقويم ، لأنها إنسان كامل ، كما يتوجب على المجتمع أن يكف عن تحميل المرأة أعباء ضرائب أخطاء الرجل ونزواته ورغباته .
وإذا لم تتصدَ المرأة بنفسها للنظرة الذكورية التي تتجه الى التطرف والإيغال في محاولة إذلالها لمصلحة رجال مرضى بشهواتهم ، فإن حقوقها في العراق ستبقى مُهدَدة ( بفتح الدال ) ومن ثم سيستلب منها حتى هامش حريتها الصغير ، في ظل فضاء ظلامي يختنق بالمرأة ويخنقها ، ونحن هنا ضد الانفلات والتحرر غير المسؤول ، لكن أن تكون الحرية رهن فهم جهوي معين ، يعني أنها غير موجودة او ينقصها الكثير ، إلا أن الرغبة في امتلاك الحرية وعدم الاستسلام ، يبقى الحافز لانتزاع الحقوق التي كفلها الدستور وغيبتها الاجتهادات المختلفة ، ومع ذلك لم تستسلم المرأة العراقية الواعية ولعلها نجحت ، ولو نسبيا ، في تأكيد حضورها وبعض حريتها أيضا ! وهي لاترضى بالخضوع للقوى المتطرفة التي ليس في أجندتها مايرعبها سوى المرأة !! وإلا لماذا هذه النزعات الغريبة التي يخرجون بها بين حين وآخر وكأنّ المرأة مخلوق يهدد وجودهم .
ومن المخزي للمجتمع وهو يعاصر الثورة المعلوماتية والإنجازات العلمية الكبرى المتحققة في العالم ، ويبدي إعجابه وانبهاره بها وتمنيه أن يكون عنصرا فاعلا في إنجازات مثلها ، أن يحاصر في الوقت نفسه المرأة بتوجهات غير إنسانية ولاأخلاقية بل غير علمية او منطقية ، فالمرأة ليست مخلوقا مرعبا يهدد وجود الرجل وأمن الحياة وسلام العالم وينبغي حبسه في قمقم !
وأخيراً على النساء الواعيات والمثقفات أن يتحدن ويكافحن بإصرار من أجل إنسانيتهن ولايتنازلن عن حقهن في الخيار والقرار ، كما إن النساء الذكوريات مُطالبات بإعادة النظر في مفاهيمهن عن أنفسهن ومكانتهن في الحياة ، وهي مفاهيم موروثة بلاوعي ، الأمر الذي يستدعي منهن التحرر من ذكوريتهن المكتسبة ونظرتهن الدونية لذواتهن ، تلك النظرة التي تمثل إحدى إفرازات الموروث الاجتماعي المتخلف ، وعليهن أيضا أن يعرفن كيف يكن قائدات ومنتجات وناجحات ومبدعات ويربين أولادهن الذكور على احترام أخواتهن الإناث مثلما يربينهن على احترامهم ، وكذلك يربين أولادهن على احترام الفتاة بنت الجيران والفتاة الغريبة عنه ، لينشأوا جميعا على قيم سليمة ونظرة صائبة الى المرأة ، وبذلك يتكون لدينا جيل من الرجال لايعاني عقداً يقوم بإسقاطها على النساء ..
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. إسرائيل تقوم بأكبر عملية مصادرة لأراض فلسطينية في الأغوار من
.. إسرائيل تغلق معبر الملك حسين مع الأردن بعد عملية إطلاق نار ق
.. تركيا: مواجهة انتخابية جديدة على رئاسة البلديات، ماذا يريد ا
.. نتنياهو يوافق على إرسال وفد إسرائيلي لواشنطن لبحث الهجوم الب
.. قصف عنيف وغارات ومعارك محتدمة قرب مدينة غزة وفي خان يونس