الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عفوا ايها النواب... نقطة نظام

لميس كاظم

2005 / 7 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


عرضت الفضائية العراقية مشكورة، مناقشة للبرنامج السياسي، لرئاسة مجلس الوزراء، الذي قدمه الدكتور ابراهيم الجعفري الى الجمعية الوطنية.
كانت المناقشة شيقة، وتعكس حرص النواب، وقد تباينت بين ايجابيات وسلبيات الملاحضات، التي لااود الخوض فيها.

لكن الذي ادهشني، هو ليس اسلوب المناقشة، وانما نظام ادارة المناقشة، الذي اعتمدها رئيس الجلسة، الدكتور حسين الشهرستاني، والذي سمح لاعضاء الكتل الكبيرة التحدث 13 دقيقة لمناقشة التقرير، تحت مُسَلمة، ان اعضاء من كتلة المتحدث او مناصرية قد تنازلوا عن وقتهم المخصص للحديث، مما اتاح لهم التحدث وعرض وجهات نظرهم بحرية كاملة، والتي لا اعرف من اي نظام برلماني استنبطها نواب جمعيتنا الأفاضل، وثبتوها في نظام ادارة الجلسات والذي يسمح للمتحدث ان يتكلم اضعاف وقته مقابل ان يجد من يتنازل عن حقه في الكلام.
فاذا كان هذا التشريع وطني عراقي بحت، فمعذرة منكم ايها النواب، فهو ليس ديمقراطي صرف، لانه يعطي حق للكبير افتراس وقت الصغير.

هذا الحيف الذي اجحف حق الكثير من النواب من استكمال ملاحضاتهم القيمة، وهو ما دفع بالأستاذ مفيد الجزائري، لطلب السماح له بدقيقة او اكثر، للتعبير عن وجهات نظره واستكمال مناقشته للتقرير. وقد سمح رئيس الجلسة بهذه المكرمة التي وهبها له شخصيا، ادام الله عطائه، والتي وفرت فرصة ذهبية للمتحدث لاستكمال ملاحضاته.

ولو كان رئيس الجلسة مجحفا، لا قدر الله، ولم يسمح للمتحدث اكثر من الوقت المحدد لكانت ملاحضاته قد قدمت ناقصة ولم تغنِ التقرير ، وهذا ما حصل مع بعض النواب.

ان هذا الظلم الديمقراطي، يفرض على متحدثي الكتل الصغيرة، وبات عليهم ان يجدوا تحالف زمني مؤقت فيما بينهم، او يستقرض المتحدث وقت من كتلة ثانية على امل ان يسترجعه في المناقشة القادمة. اي يعني ان على الجمعية الوطنية استحداث نظام القروض الزمني بدون فائده زمنية او بفائدة منخفضة القيمة.
كما يتطلب من المتحدث ان يتلوا تقريره بسرعة متناسبا مع عدد القروض الزمنية الممنوحة له. ان ذلك يتطلب منه عمل بروفات خطابية في البيت والتدرب على طريقة الألقاء السريع متناسبا مع عدد الدقائق المتفق عليها.
اما ذا لم يجد المتحدث حليف جبهوي معه في المناقشة ولم يقرضه احد وقته، فيتطلب منه ان يزيد سرعة تردد صوته في الالقاء او الاختصار اوالتقريم اوالحذف من ملاحضاته ووجهات نظره ليتسى له انهاء حديثه في الوقت المخصص. ان هذا هو احدث نظام ادارة الجلسات استحدث لغاية اليوم.

هذه المساومة التي ابتدعها النواب العراقيين لاتمتلك سند دستوري ولا يعتمدها ،اغلب انظمة ادارة الجلسات، في البرلمانات الديمقراطية، لانها تجحف حق الاخرين وتصادر وقت حديثهم.

ان نظام ادارة الجلسات في اي برلمان، يمنح الوقت المتساوي لكل الأعضاء دون تمييز او استثناء او تنازل ولايجوز التبرع او التكرم بوقت الاخرين.

ان هذا الأسلوب قلل من حيوية المناقشة وافقد الكثير من اهميتها . وهذا بحد ذاته خسارة لوقت الجمعية ولقيمة التقرير المقدم للمناقشة.

ان النواب الذي انتخبوا الى الجمعية الوطنية، هو للتعبير عن ارائهم ومناقشة التقارير المقدمة اليهم، وليس ليكونوا خطوط دفاع او احتياط، ليمنحوا مؤازيهم او ليقرضوا حلفائهم اوقاتهم التي سجلت في رئاسة الجلسة.


عفوا ايها النواب! ان نظام التحدث في البرلمان هو ليس بطاقة تموينية يمنحها النائب لزميلة من كتلته دون الأخر. انه حق دستوري متساوي للكل ولايقبل الأستعاضة والتنازل .

ان اتفاق النواب العراقيين على هذه الطريقة الغير عادلة في المناقشة سيقود الجمعية مستقبلا الى استحداث فقرات جديدة في نظام ادارة الجلسات تبيح الحق للاغلبية بتفعيل دورها اكثر من البقية في المناقشة. وهو يعكس قلة الممارسة الديمقراطية في الحياة البرلمانية العراقية والتي تبيح تطويع القانون لاهواء الأكثرية بسند دستوري يسمح للتفاوت في فرص المناقشة والحقوق.
ان من المتعارف علية هو ان سلطة الكتل الكبيرة تمارس في اثناء التصويت او حجب الثقة او اسقاط الحكومة ولكن ليس في المناقشة على التقارير والبرامج.

لذلك ارجوا من النواب الأنتباه الى هذه النقطة الادستورية التي تفاظل وقت المتحدث عن الأخر.

اني استميحكم عذرا مرة ثانية، ايها النواب الديمقراطيون، والفت انتباهكم الى اننا دخلنا القرن الواحد والعشرين، منذ نصف عقد من الزمن، وانتم لازلتم تصوتون بطريقة الناحج يرفع ايده. ان رفع الأيادي في التصويت وحسابها بطريقة العد بالاصابع التاشيرية، هي طريقة لاديمقراطية، لانها اولا تفضح من هو من مؤدي اومعترضي او متحفضي القرار وثانيا حساباتها احيانا لاتطابق مع عدد الحاضرين.

انا لا اعتقد انه من الصعوبة استحداث نظام التصويت السري المجهز بالأزرار الثلاث، مع او ضد او متحفظ، المتعارف عليه في كل برلمانات الدول النامية والذي لايكلف سوى مبلغ زهيد يكاد يكون اقل بكثير من راتب عضو الجمعية الوطنية السنوي بالعملة الصعبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس