الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حديث الدائرة و المربع

شوكت جميل

2014 / 3 / 11
ملف - المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث، قانون الأحوال الشخصية للمسلمين ولغير المسلمين،بمناسبة 8 مارت -آذار عيد المرأة العالمي 2014


في الصغر و في أزيائنا المدرسية رملية اللون، و التي تفوح منها رائحة الطباشير الحكومي الرخيص،لم نتعلم الكثير حقاً،إلا أننا نجونا بزمرةٍ هينةٍ من الحقائق ما نسيتها إلى يومنا :
• تعلمنا أن ال(دائرة):إسم جنس مؤنث،يصلح معه اسم الإشارة (هذه)،و اسم الموصول(التي)و....إلى آخره.
و أن ال(مربع):إسم جنس مذكر،يصلح معه اسم الإشارة(هذا)،و اسم الموصول(الذي)و....إلى آخره.

• و تعلمنا أن: الدائرة ليست المربع،و لا المربع الدائرة،و أنهما أبداً لا يتساويان(*)و لا يتطبقان و إن تكافئا و إن تعادلا؛فيصح القول:إن الدائرة تعدل المربع مساحةً،أو أن الدائرة تكافيء المربع،أو أن الدائرة نظير المربع،و لا يصح"هندسياً" القول:إن الدائرة تساوي المربع..هكذا على إطلاقه.

• لم نكن في حاجة للجد "أقليدس"ليخبرنا بإنهما مختلفان؛إذْ هي حقيقة واضحة كل الوضوح و اقرب إلى البداهة منها إلى البحث و التقصي،و لم يزد خلف "أقليدس"من العلماء على التأكيد على أنهما جنسان من الأشكال الهندسية متباينان في جل أمورهما،بيد أن أحداً منهم لم يجرؤ على القطع بأفضلية أحدهما على الأخر،أو أن المربع دون الدائرة أو أن الدائرة دون المربع، و إذا اتخذنا المساحة وزناً للمفاضلة بينهما ،فلن يزيد الفرق بين الدائرة و المربع عن الفرق بين دائرة و دائرة،أو بين مربعٍ و مربع يتفاوتان في المساحة.

• و عرفنا أنه إذا أتخذت الدائرة و المربع مركزاً واحداً،و قد تكافئا في المساحة،لحصلنا على شكل بديع ،فإذا هي و قد زاد قطرها عن ضلعه،امتدت خارج منتصف أضلاعه الحادة العارية،تكسوها و تظللها بمنحنياتها الناعمة العذبة، و إذا هو و قد زاد قطره على قطرها،امتد خارج أرباع مدارها الرهيف ،يكسوها و يحميها بأركانه و زواياه الحادة،هو إذن اختلافهما الذي تكامل إلى هذا الشكل البديع،و إلا فدائرةٍ و حسب،و مربعٍ و حسب.
• و كنت أظن أنه لو قدر لكليهما الكلام في تشكيلنا السابق،لصرحت الدائرة :إنما ما يجذبها في المربع زواياه الحادة التي تفتقدها في نفسها و في جنسها،و لصرح المربع: أنما ما يجذبه في الدائرة منحنياتها الرهوة التي يفتقدها في نفسه و في جنسه،أما أنا فكنت سأغبطهم على ذلك التفكير و هذه السيرة، التي أتحفتنا بذلك التشكيل المنسجم المتناغم.

• و تعلمنا أننا لو أمسكنا بالمقص،و قد أُخِذْنا بالهوج و النزق،فعزمنا "مطابقتهما"أو "تسويتهما"في هذا التشكيل،فليس من بد من حلق منحنيات الدائرة عن ضلع المربع،و ليس من بد من قص أركانه عن محيطها،فنظفر في النهاية،و بعد جهد عنيف من إقتصاص كليهما"بجنسٍ ثالث" من الأشكال الهندسية،أقرب إلى السداسي المشوه،و هو إن رآه البعض جميلاً،فهو قطعاً ليس بالدائرة،ولا بالمربع!

• وتعلمنا أن احتواء أحدهما للآخر بالكامل _و قد تناظرا في المساحة_ خرافة و محالٌ أقليدياً؛إنما يحتوي المربع الدائرة الأدنى منه وزناً،و تحتوي الدائرة المربع الأدنى منها وزناً،و الأصوب أن نسميه ابتلاعاً لا احتواءً،أما إذا تكافأ أحتوي كل منهما طرفاً و حسب من الآخر،و يتبقى طرفٌ لكل منهما ممتدٌ وراء حدود الآخر،يحفظ له خصوصيته و هويته و ربما غموضه و جماله.

• و تعلمنا أن الصيرورة من أحدهما إلى الآخر،يسلبه التكافؤ لا محالة!فإذا صيرنا الدائرة مربعاً ببتر حوافها،فقد سلبناها مساحةً التكافؤ مع المربع ،حتى و إن أخذت صورة المربع،و الأهم أنها لن تكون هي نفسها.. ألا ترى أن رغبة مثل تلك الدائرة في أن تكون مربعاً،إعترافاً ضمني بدونية جنسها،و كأن المربع النموذج "الأعلى" التي تتوق إليه؟!


و السؤال هل هذه الحقائق "الهندسية ما زالت صامدة و صائبة حتى يومنا ؟
.........................................................
*سَوَّى و سَاوى:تحمل في العربية معنى التسوية و التطابق و التماثل أكثر من معنى التكافؤ أو التناظر،فتقول :سويت الارض أو ذيل الثوب،و تقول:على حد سوى(أي لا اختلاف)،أما في الإنجليزية(equal)_اسم و فعل_فتحمل معنى التكافؤ و التسوية بنفس القدر،لهذا نترجم لفظة(equivalent)بمكافيء أكثر ما نترجمها بمساوٍ،و لذا لا أحبذا القول:الرجل مساوٍ للمرأة،أو المرأة مساوية للرجل،بقدر القول:المرأة "عدل" للرجل،أو "نظير" له،أو "مكافئة"له...لكن اللفظة شاعت الآن في العربية و ما باليد حيلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التساوي والتكامل
يوحنا ( 2014 / 4 / 13 - 17:34 )
أسلوب رائع وتعبيرات دقيقة وقد علمتك المدرسة والحياة كثيراً بحسك المرهف ونظرك البعيد التي يلتقطه الأذكياء النجيبون فقط
الدائرة ليست المربع والمرأة غير الرجل وأنهما أبداً لايتساويان ولايتطابقان في الجنس والشكل ولا فضل لأحدهما على الآخر كل منهما له ميزاته وجماله ودوره واختلافهما يجعل تكاملهما وانسجامهما بديعاً
نحن نطالب بالمساواة في تعامل القوانين الجائرة بحق المرأة مثل الإرث والطلاق والحجاب وحق العمل وحق الرفض وكف يد الرجل الضاربة عن فرض نفسه بالقوة ولا نطالب الرجل بأن يحمل ويلد. ولا نتمنى للمرأة عضلات الرجل . طلب المساواة في الجنس والشكل لايتحقق إلا بقصقصة جوانب وحواف أحد الطرفين وهو غير مطلوب وغير مرغوب ولاأحد ينادي به

اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص