الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مراثي الامهات

سعدي عباس العبد

2014 / 3 / 11
الادب والفن


اقصوصة : مراثي الامهات
**لاحت أمّي كأنها تعوم في نهر من البكاء..محمولة على قارب من الدموع ،كانت تجري بلا هدى ، هائمة على فجيعتها ، في دوران مغلق بحواجز من الندم وأللاجدوى ..يبتدأ من أوّل الباب المشرع على أفق غائم من الأحزان والبشر ،حتى تخوم الجثة __ التي كانت أبي قبل ساعة من الآن __ المضّرجة بدم حار يسيل اسفل بدنه ،كانت متسربلة بالسواد والمكابدات ،تخترق جدارا قاتما من الأكتاف وهي تطلق عويلا ممدودا خارقا سدودا من اللغط المحّوم في الهواء ..ماسكا بذرات الريح ،الذائبة في موجات متعاقبة من النحيب ،المنبجس من النسوة اللواتي ما برحن يتدفقن من كلّ فج حزين ،وانا ما زلت مسمّرا على مقربة من الفاجعة ..منكمشا ملموما على اوجاعي ..اتضاءل في عاصفة من الألم ..أرى إلى مجرى بشري يغلي ،كأنه يموج في ضباب ألمح حشدا من الأيدي تنبثق من المجرى البشري الهادر ..تلتف على ذراع أمّي المهومة في الفراغات ..كحبال رخوة تجرها برفق خارج الزحام ..ولكنها كانت تأبى ،تقاوم بدموعها ويأسها وذكرياتها ..كانت مسلّحة بأحزان ما زالت طرّية ..تأبى ان تنقذف خارج مدار اقدامها ! محوّمة عند الفراغ وعند الرعب الذي يسيل من سكون ابي المحاصر بجدران مروعة من الصمت والذكريات الخامدة المجفّفة عند شفتيه الناضحتين رائحة قبّل وحكايات لما تزل تضوع حارة طرّية من خدود أخوتي الصغار المحومين في مجرى الزحام في تشكيلة مرتبكة صرعها الخوف والبكاء ..فيما مكثت أمي على مواصلة الأنهيار وأذكاء جذوة العويل بمزيد من المراثي ..المنفلته من ذاكرة مازالت خضراء تكتظ بطيف أبي الميت ، او الذي بات طيفا ..ألمراثي المتدفقه من كوّة الوحشة التي جثمت على احلامها التي باتت رمادا في مهب الموت تعصف بها رياح الخراب النابض بالتعاسة والفزع ..فظلت تجهش بالرعب والعويل والحسرات ..تبحث عند اشتداد رائحة الموت عن ملاذ ،تستكين اليه .._ لاملاذ بعد اليوم !_ من هول الفاجعة والغربة التي خيمّت ظلالها على حين فجأة .فلم تبقِي الا خراب تفشى على عجل فأتى على الأحلام ...مازالت أمي تدور تلتف حول نفسها حول رعبها في عويل يدور معها حيث تدور تشيّعها النادبات في موكب من المراثي وهي تدور مفتوحة على حصار من مراثي النادبات ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ


.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت




.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر