الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرجل الاذاعة

كاظم الشاهري

2002 / 11 / 25
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


                               

 

كان يعمل معلما للصغار فطردته الحكومة خوفا على الصغار وخوفا على مستقبل البلاد فاشتغل اجيرا في محل ضيق لتصليح المعدات الكهربائية .

كانت نبرة صوته عالية وكانت  الجمل تتناسل على شفتيه حينما يتحدث وكان الناس يستعذبون طريقة كلامه وكانت الحكومة مطمئنة لان خطره قد زال فلم يعد معلما للصغار كما كان .

مساء 1/3/1991 عاد كل شئ الى الناس ارواحهم مستقبلهم ارائهم بيوتهم اغانيهم قصائدهم وكانوا يحكمون انسفهم بانسفهم عاد الناس  في ذلك المساء بشرا مثل كل البشر وكانوا من اجل ذلك يدافعون  ( من كل قلوبهم ) للحفاظ على انجازهم الفريد وكانوا يدركون ان فرصة مثل هذه لاتتكرر كما يتكرر صوت ماكنة بل  قد تاتي مرة واحدة في العمر وقد لاتاتي .

والناس في ازمان التحولات المفاجئة يتغيرون هم بدورهم بشكل مفاجئ  تظهر عندهم رغبات وميول وشطحات لم يؤلفوها با نفسهم من قبل .

كانت الحرب وكان القتال قد دمرا المدينة وعطل اغلب مرافقها انتشرت الاوساخ في الطرق وفي الساحات انقطعت المياه والطاقة الكهربائية وكادت ان تكون الخدمات الصحية شبه منتهيه وكثرت السرقات . ولكن الناس بعد ان باتوا ليلة في احضان نصرهم الفريد . خرجوا في الصباح وتشكلت منهم على الفور ، فرق تنظف ساحات المدينة وطرقاتها وفرق اخرى تهتم  بالمرضى وتعيد الحياة للمستشفيات واخرى تشرف على توزيع مادة ( النفط ) واخرى تحفظ الامن وتحمي الناس . وكان هو معلم الصغار اذاعة المدينة .

استولى ومجموعة من رفاقه على ( عربة اطفاء حريق ) وكانت العربة مزودة بمكبرات صوت على قمرتها الامامية وكان من خلالها يبث الاخبار وينقل تطورات الانتفاضة في بقية المدن فكان الناس يعرفون مايجري في مدينة العمارة واخبار الديوانية والبصرة وكيف تجري الامور في بغداد واين وصل تقدم البيشمركة الكورد وفي كل انحاء البلاد وكان يستعرض جرائم الفاشية وكان يعلق على الاخبار وكان ايضا يبث القرآن الكريم والمراثي الحسينية وقصائد الحماس والاناشيد ايضا .

لم يكن يستقر في مكان واحد كان يتنقل بعربة الاطفاء في احياء المدينة واريافها وقصباتها وكان طاقمه مكون من ثلاثة رجال سائق العربة واثنان يرافقانه يحملان اسلحة خفيفة وكان هو رابعهم .

كان بثه ينتهي مع اول خيوط الظلام وكان يبدأ مع اول خيوط الضياء في الصباح . وكان في الليل يؤدي واجب المناوبة مع احد المفارز المنتشرة حول المدينة او يخرج مع مجوعة من الناس في واجب قتالي يتعرضون فيه لقوات الجيش .

كان ينام قليلا وكان يغيير مكان منامه  كل ليلة . وفي الصباح يأتي بنفس زيه الذي اعتاد عليه الناس مثلما اعتادوا على صوته ، ( دشداشة ) داكنة اللون و( قمصلة ) عسكرية وعلى رأسه كوفية منقطقة بالاحمر والابيض .

يوم 23/3/1991 اقترب الجيش من مدينة سوق الشيوخ بدأ بقصف المدينة بالمدفعية الثقيلة قصفا مبرحا وكانت تحوم المروحيات في السماء تطلق ماشاء لها من النيران وكانت تلك النيران قد قتلت خلقا كثيرا واحرقت مباني المدينة وبيوتها وكان قد انسحب اكثرالناس يبحثون عن ملاذ .

في ذلك اليوم ترك عربة الاطفاء ونصب رشاشته على مدخل المدينة وبقي يقاتل الفاشية بكل جبروت اسلحتها حتى قتل .

كان هذا هو  محمد جواد كاظم السهر .

 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر