الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يُقتل رائد زعيتر؟

نضال الربضي

2014 / 3 / 11
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


رائد زعيتر قاضي أُردني غادر الأردن إلى نابلس لتحصيل إيجارات لدفع تكاليف علاج ابنه في المستشفى. و عند معبر الملك حسين حصلت مشادة كلامية بينه و بين جندي صهيوني، تطورت إلى تدافع بالأيدي بينهما لينضم جندي آخر للأول، ثم يقرر أحدهما سحب سلاحه و تلقيمه و إطلاق النار على صدر القاضي و إردائه قتيلا ً.

تطورت الأحداث لتخرج مظاهرات في عمان، و وقفات أمام مجلس النواب، و لتتابع حكومتنا الموضوع و يعد الإسرائيليون بتحقيق فوري، ثم ليعتذروا، حسبما أتحفنا رئيس وزرائنا اليوم بتعليقه، و يا دار ما دخلك شر، و قضاء و قدر، و إكرام الميت دفنه يا إخوان!

ماذا نقول؟ عن جد ماذا نقول؟

ما زال الجندي أحمد الدقامسة يقبع في سجنه على الرغم أنه قد أنهى محكوميته بسبب قتله لفتيات يهوديات أتين سائحات ٍ للأردن، و هو العمل الذي خرج به عن العُرف العسكري و الأخلاقي، و سبب فيه للأردن حرجا ً شديدا ً، و قد تعاملت حكومتنا مع الحدث بروح إنسانية رافضة لهذا العمل الإجرامي و الجبان، و هو كذلك عمل ٌ إجرامي ٌ جبان فلا هذه أخلاقنا و لا نحن قتلة سفاحون، و قد تم سجنه و قضى محكوميته، و آن له أن يخرج الآن لكنه لم يخرج، لماذا؟ الجواب عند الصهاينة.

أوردت القصتين لكي أُبرز التناقض الحاد بين الموقف العربي الذي نراه يحرص أشد الحرص على الحق الإسرائيلي و يتخذ طابعا ً شديد الإنسانية تجاه "حقوق" الدولة الصهيونية، بينما يبدو باردا ً بشكل فظيع و مُتسامحا ً إلى حد التفريض بالحق العربي. و في الوقت الذي يصنع المتطرفون اليهود من القتلة مثل باروخ جولدشتاين سفاح الحرم الإبراهيمي و إيغال عمير مُغتال اسحق رابين أبطالا ً، نتصدى نحن ُ لهم بمزيد ٍ من الإنسانية ِ في غير موضعها و الضعف في أبشع صوره ِ.

إن وحشية الجندي الصهيوني ليست لحظية ً أو آنية ً أو وليدة الموقف، لكنها نتيجة عقلية راسخة ترى لنفسها الحق في الكينونة و الوجود على الأرض التي تحتلها و إنهاء ساكنها العربي المُحتل لأرض العرق الأعلى، و لا أدل َّ على هذا من الاعتداءات المتكررة على العرب لمجرد الاشتباه، فقط الاشتباه، و الذي يُعطي الجندي الصهيوني مبررا ً للقتل الفوري بدون تردد.

سوف تتم محاكمة هذا الجندي و سيخلُص التقرير إلى أن أخانا رائد زعيتر قد قام بعمل شكل في تقدير الجندي "تهديداً" لحياته، و لذلك كان "واجباً" أن يدفع الجندي هذا الخطر، فكانت عملية التصفية "المُحزنة"، و إن "سوء تقدير" نوايا رائد يبدو مفهوما ً في ظل "الظرف" الذي تمت فيه المشادة بينهما.

و بهذا سيتحول الموضوع من وحشية ٍ مقصودة و عنصرية واضحة و تعال ٍ قذر و قتل ٍ بدم ٍ بارد إلى مجرد "سوء تقدير"، يستدعي عقاب الجندي بنقله إلى وحدة أخرى و ربما "تأنيبه" بتوجيه كتاب ٍ توبيخي يوضع في ملفه، و لينضم بعدها أخونا رائد إلى من سبقه على هذه الأرض.

لماذا يُقتل رائد زعيتر؟

الجواب:

- يُقتل لأن القوة الصهيونية تعمل في مساحة ٍ حرَّة لا تجد أمامها قوة مماثلة تفرض عليها شروطها.


- يُقتل لأننا فشلنا كأمة عربية أن نظهر أمام العالم بهذا المظهر، فنحن في الحقيقة شعوب ٌ متفرقة لا يجمعها شئ، فلا اللهجة واحدة و الرؤية السياسية واحدة و لا المذاهب الدينية واحدة، و لا تصور المستقبل واحد، و لا الهدف واحد، و لا شئ مما ذكر قريب ٌ حتى.


- يُقتل لأننا في القرن الحادي و العشرين ليس لنا أي مساهمة فاعلة في الحضارة فنحن مجرد مُستهلِكون مُتأثرون لا مُنتجون مُأثرون.


- يُقتل لأننا استبدلنا بقوميتنا العربية شعارات ٍ دمرتنا و أفظعها شعار "الإسلام هو الحل" فأصبحنا مشوهين لا نؤمن بعروبة و لا نجتمع ُ على إسلام.


- يُقتل لأن أحزابنا السياسية فشلت في أن تجد طريقها إلى أحلامنا و ترسم لنا مستقبلا ً يستحق النضال من أجله.


- يُقتل لأننا ببساطة: ضُعفاء، بدائيون، محدودو التفكير، أتباع ٌ لغيرنا.

ابن رائد في المستشفى يعاني غيبوبة ً لا نعلم هل سيفيق منها أم لا، و هب أنه أفاق ماذا سيقولون له، مات، قتله الصهاينه حين ذهب ليأتي لك بتكاليف علاجك؟ هل سيحمل ُ الولد شعورا ً بالذنب طوال حياتِه فهكذا يفكر الصغار بعقلهم البرئ الجميل؟

مات رائد، و يحمل ُ عار َ موته زومبيات ٌ ليسوا بالأموات و لا بالأحياء اسمهم: العرب.

أخي رائد، ارقد بسلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سيد وأخي العزيز هناك فرق
محمد بن عبد الله ( 2014 / 3 / 11 - 23:09 )
فرق أن يقتل جنديا مسلحا عدة فتيات (كما فهمت من مقالك) ارتدن الأردن للسياحة غدرا وأنت تصف هذا بالجريمة الجبانة ودعني أضيف من مجرم خسيس يستحق الاعدام حسب كل الأعراف أو على الأقل السجن مدى الحياة ...وبين قتل القاضي الجليل المذكور بالمقال في مشادة بعد تدافع واشتباك بالأيدي تحول إلى استعمال السلاح من جندي اسرائيلي يحرس الحدود في حالة انفعال لا شك فيها


لا أجد أي تبرير لاطلاق سراح مسخ تجرد من انسانيته يقتل بدم بارد أكثر من فتاة بالرصاص (المقال لا يحدد كم كن) ..فإن كان حوكم ونال أقصى عقوبة قررها القانون فالقانون في هذه الحالة قاصر يجب إعادة النظر فيه لتشديد العقوبة

لاشك في وجود احساس شديد بالتفوق عند الاسرائيليين لكنه يخفي قلقهم من الملايين التي تحيط بهم وتحمل كما هائلا من الكراهية والعدوانية (الجندي المذكور مثال كذلك زميله المصري الذي اقترف نفس الجريمة الخسيسة)...الاسرائيلي يعرف ان (الكثرة تغلب الشجاعة) وأنه لا يحميه من جيرانه إلا تفوقه ...يقول مدربو الوحوش في السيرك أنه لو أحس الحيوان بخوفك لفتك بك في التو..

لن تزول هذه الضغائن إلا في وجود سلام يقبل به العرب ويطمئن الاسرائيليين


2 - هذا ما وجدت على مواقع اردنية وليس اسرائيلية
محمد بن عبد الله ( 2014 / 3 / 11 - 23:25 )
(((أثناء تفتيش أحد الجنود الاسرائيليين له بآداة المرآة التي تُستخدم لغايات الأمن وتفتيش الأجهزة الحساسة حاول زعيتر نزعها منه وتعاركا فيما بينهما ولم يتمكن فتوجه لنزع سلاح الجندي ولم يتسن له ذلك، قبل أن يستطيع دفع الجندي على الأرض ويوقعه فما كان من جندي مجاور من جنود الاحتلال إلا أن اطلق النار عليه.)))

ومنها يتضح أن المغدور تعارك مع الجندي وطرحه أرضا قبل أن يسارع زميله ويطلق الرصاص..أخطأ الجنديان لكن لهما بعض العذر فأنت لا تتدافع بالأيدي مع جندي يحمل السلاح وتمنعه من تأدية مهامه ثم تطرحه أرضا


كيف تقارن بين هذه الجريمة وبين قتل 7 (وجدت العدد على الانترنت صححني إن كنت مخطئا) طالبات سائحات اسرائيليات بدم بارد؟

أخطأ الجنديان واستحقا العقاب لكن لا يمكن بأي حال المقارنة بين هاتين الجريمتين


3 - إلى الأخ العزيز محمد من عبد الله - 1
نضال الربضي ( 2014 / 3 / 12 - 06:09 )
تحية طيبة في صباح هذا اليوم المُمطر الجميل في عمان!

أخي محمد هناك عدة نقاط ينبغي التوقف عندها:

- القتل هو القتل، مرفوض لأي سبب كان و لا تبرير له، و أنت تتفق معي على هذا.

- الجندي أحمد الدقامسة نال عقابه الرادع و هو يعاني من أمراض عديدة مثل السكري و الضغط و القلب و لقد مات في السجن ألف مرة لا مرة واحدة، و أعتقد أن استمرار حبسه بعد قضائه للمدة هو أيضا ً غير إنساني.

- السياسة تقتضي إظهار توازن في القوى، فلا يوجد معنى للتساهل العربي في وجه التشدد الإسرائيلي، خصوصا ً أن الفلسطينيات ما زلن يلدن على الحواجز و يمنعن من زيارة أولادهن المساجين و تُصادر أراضيهم و يُتلف زرعهم و يعيشون بلا كرامة في وطنهم.

- الخوف من العربي هي مشكلة أوجدها الإسرائيلي لنفسه فهو الذي احتل هذه الأرض، و لا معنى أن يقول: الله أعطاني الأرض. المسلمون يقولون أن الله أورثهم الأرض أيضا ً، ماذا نصنع عندها: نقتل بعضنا من أجل صك الملكية الإلهية؟

تابع في الجزء الثاني


4 - إلى الأخ العزيز محمد من عبد الله - 2
نضال الربضي ( 2014 / 3 / 12 - 06:17 )
تابع من الجزء الأول

- قامت ممالك و امبراطوريات كثيرة في التاريخ مثل اليونان و الرومان و غيرهم، هل ينفع أن يأتي اليونانيون اليوم ليطالبوا بالاسكندرية التي كانت لهم قبل آآالاف السنين؟ هي ينفع أن يُطالب الإيطاليون ببلاد الشام مثلا؟ و قس على ذلك اليهود و فلسطين، أو العرب و إسبانيا، فالصواب أن نسمي الأمور بأسمائها: هو احتلال ٌ بشع لأرض ليست لهم.

- بالنسبة لسلوك القاضي المغدور، إن مشكلة ولده الراقد في المستشفى أثرت كثيرا ً على هدوئه، لي صديق ٌ محامي يختلط بالقاضي بحكم مرافعاته و نادرا ً ما يمدح شخصا ً لكنه أثنى كثيرا ً على هذا القاضي لهدوئه و اتزانه، فولده يرقد في غيبوبة ووضعه حرج.

- من المفروض على جيش الاحتلال أن تكون أساليبه في التفتيش أكثر إنسانية ً و أن يدرب جنوده على التعامل مع الحالات الصعبة، هناك أجهزة صعق كهربائية يمكن استخدامها لتحيد الخصم دون أن تضره، يمكن أيضا ً تعيين جندين على الأقل لتفتيش شخص واحد مما يُغني عن هذه المشاكل.

مأساة الفلسطينين أعمق بكثير، ربما مقالي هو اعتذار عن عجزي عن مساعدتهم، ربما هو محاولة هز ضمير عالمي نائم، على الأقل يجب أن نقول: لا للظلم.

دمت بود.


5 - أتضامن مع ما جاء في تعليقاتك أخي الحكيم
محمد بن عبد الله ( 2014 / 3 / 12 - 07:56 )
كلنا ضد القتل
كلنا ضد الظلم
كلنا مع رفض المعاملة غير الانسانية

مقالك أعلمني بجريمتين لم أكن قد سمعت بهما فاستعلمت من الانترنت
بحثت عن اسم الجندي فهالني ما وجدت.. قتل طالبات سبع وجرح خمسة أخر مع مدرستهن! لا مبرر لاطلاق سراح مرتكب هذه الجريمة فهو على الأرجح متعصب ديني بلغ قمة الجنون واطلاقه فيه ضرر شديد على المجتمع البشري فإن لم يعد إلى ارتكاب البشاعات بشخصه فسيتبعه مخابيل عنصريين غيره..وجوده بالمحبس ليس خدمة لاسرائيل بل أمن للناس في الأردن

أما عن القاضي وسبب تصرفه فمبرر بحالته النفسية وما لاقاه من الجنود غير مقبول لكن ستتم محاسبتهما كما فهمت
عموما لا سبيل للمقارنة والمقابلة بين الجريمتين

الاعتراف باسرائيل وتبادل العلاقات الطبيعية معها وليس السلام البارد هو السبيل الوحيد...الوحيد...الوحيد لأمن الجميع رغم أن إنشائها جاء بظلم رهيب فظيع طال كثيرين ممن أعرف شخصيا وأحب

احتلال بشع لأرض ليست لهم)..؟ كم سنة تري يجب أن يدوم الاحتلال حتى يصبح مقبولا كأمر واقع؟..أنعيد العرب لمكة وأهل استراليا وكندا لأوروبا ؟)


6 - مزيد من الضوء للأستاذ محمد بن عبدالله 1
نضال الربضي ( 2014 / 3 / 12 - 09:54 )
صديقي العزيز في أي دولة حضارية في العالم هناك أساليب للتعامل مع الحالات الصعبة، و منها إطلاق عيارات نارية في الهواء، استخدام صاعق كهربائي، استخدام تكنيكات السيطرة المبنية على فنون الدفاع عن النفس و بالخصوص للشرطة و الجيش، فواضح أن هناك استهتارا ً بحياة الإنسان و هو ما نراه في جميع ممارسات الاحتلال و من هنا المدخل لفهم موقفي.

أما موقف الجندي الدقامسة فيجب علينا أن نحتكم للقانون و نقبل به، و إلا لا نكون أفضل من الظلامين الذين يسوقون نفس الحجج حين يبررون قتل أو سحل أو تعذيب خصومهم. الرجل مُجرم لا جدال، تمت محاكمته و تسريحه من الجيش و حرمانه من كل الامتيازات و قضى مدة سجنه كاملة ً و هو في وضع صحي حرج، و القانون يقول أنه يجب إطلاق سراحه، فيجب إطلاق سراحه، و لو قال القانون اعدموه فيجب اعدامه، لا يمكن أن نكون انتقائين في قبول القانون.

يتبع في الجزء الثاني


7 - مزيد من الضوء للأستاذ محمد بن عبدالله 2
نضال الربضي ( 2014 / 3 / 12 - 10:25 )
تابع من الجزء الأول

أنا أرى الحل للقضية الفلسطينية في دولة واحدة تجمع الفلسطينين و الإسرائيلين معا ً على أساس المواطنة و المساواة و العدالة. المفاوضات الحالية عبثية و تقصد بها إسرائيل شراء الوقت لتموت أجيال 1948 و 1967 و تقبل الأجيال الجديدة بالتنازل مقابل المال عن حق العودة و جميع الحقوق الأخرى.

بالنسبة لسؤالك:-كم سنة تري يجب أن يدوم الاحتلال حتى يصبح مقبولا كأمر واقع؟-

الجواب: يحكم على ذلك الواقع و الظروف (سياسية اجتماعية ديموغرافية دينية)، لا يوجد حل واحد، لكن المنطق يقول أنني لا يمكن أن أخرب بلد لكي أرده كما كان عليه قبل مئات السنين، و لذلك لا يستطيع اليوناني أن يطلب الاسكندرية و لا الإيطالي أن يطلب الأردن و لا الحجازي أن يطلب اسبانيا و لا اليهودي أن يطلب فلسطين (خصوصا ً أنه لم يكن يسكن وحده هناك) و لا يستطيع المصري أن يطرد العربي من مصر (هل ستفحص أصول الناس ثم تفصلهم؟ و بأي هدف؟) يجب أن نكون واقعين.

دمت بود.

اخر الافلام

.. الشرطة الكينية تطلق الغاز المسيل للدموع على مجموعات صغيرة من


.. شاهد: تجدد الاحتجاجات في نيروبي والشرطة تفرق المتظاهرين بالغ




.. الانتخابات التشريعية الفرنسية: أي سياسة خارجية لفرنسا في حال


.. مخاوف من أعمال عنف في ضواحي باريس بين اليمين واليسار مع اقتر




.. فرنسا: تناقضات اليمين المتطرف حول مزدوجي الجنسية..وحق الأرض