الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار العيون الحلقة الخامسة

الرفيق طه

2014 / 3 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


حوار العيون الحلقة الخامسة

ارتدت حسناء برقعها و قبلت خديه بلطف ، وضعت نقابها و اتجهت نحو باب القاعة . عيناه تتلوها الى ان اغلق الباب خلفها .
احس بالقاعة الفسيحة تضيق به ، كانه مريض في مشفى ودعه زواره ، او كمن زار سجينا و لما اعطيت الاشارة تنفيذا لرغبة حراس السجن. ذهب عزيزه الى عنبره و بقي هو في مكانه يتالم للفراق .
تذكر كل صور السجن حين كان يزور امه في سجن العلو . كانت امه هناك . يزورها مرة في الاسبوع بمعية عمته . لا يعرف عنها سوى انها كانت خادمة في بيت اسرته . و لسبب لا يعلمه دخلت السجن . تذكرها و هي تودعه لتلتحق بعنبرها ، كانت تضمه اليها بشدة و في كل مرة تهديه اشياء بسيطة لم تكن لها قيمة لديه .
كانت طفلة في السادسة من عمرها، تتميز في القرية برشاقة اخاذة و جمال مثير ، التقطتها سيدة من المدينة ، ادعت انها تريدها انيسة لابناءها و ستهتم بها كما تهتم بفلذات كبدها . اقتلعت الطفلة من موطنها و اسرتها الشديدة الفقر و دخلت عالما وجدت نفسها فيه خادمة بيوت في سن الطفولة .
في البداية لم تكن اشغال المطبخ و التنظيف من مهامها و لكنها مساعدة لسيدة البيت في اشياء بسيطة . لكن مهمتها تكبر كلما كبر جسدها الى ان اصبحت هي الكل في الكل داخل بيت توسعت اسرته و كثرت اشغاله . دون ان تعرف طعم الطفولة .تراست فريقا من الخدم من حراس المنزل الى مربيات الاطفال و طباخات ...لكنها تنعم بثقة الكل .
اندمجت الشابة من اصل بدوي في الاسرة و اصبحت جزءا منها، الى درجة فقدت فيها هويتها و نسبها ، بل نسيت لهجة قريتها المهمشة و اصبحت تعيش في عالم القصور و النبلاء و البرجوازيين . الشابة في مقتبل العمر ازداد جمالها اشعاعا و هي في السابعة عشرة من العمر لها قدرة على ارضاء الكل في الاسرة و حتى الاقارب و الضيوف ، ميزت نفسها بابتسامتها و اجتهادها و حرصها على خدمة الكل ، بل تعد مذكرة للمواعيد ،
بما انها كبرت داخل كنف الاسرة الى حد يصعب تمييزها عن اهل الدار ، بل انها اعلم بخصوصيات كل فرد في الاسرة ، و هو ما لا يتوفر لدى اي كان ، تنوب عن كل فرد في الاسرة في مهامه . شابة مبتسمة ليل نهار ، تحمل اسرار الاطفال و الشبان و الكبار . لا تثير شك او غيرة احد في العاىًلة نظرا لانها صادقة واضحة طيبة و كتومة . رغم ان عمرها صغيرا الا ان تعاملها كالراشدات .
ذات مرة رافقت اب الاسرة الى ضيعته عند سفح الجبل حيث يقضي اياما رفقة اصدقاىًه في الصيد . رفقته لها لم تثر اي احد في الاسرة بمن فيهم زوجة السيد لان الامر معتاد او لان الكل يراها طفلة و ابنة و اختا بل محرما لكل رجال الاسرة فكيف بربها .
بعد شهور اسرت السيد انها حامل منه . بادر الى اخبار زوجته بالامر ، تكفلت الزوجة بعملية جمع اوراق الشابة لتسجيلها في بطاقة التعريف الوطنية و بعدها تزويجها من رب الاسرة كزوجة ثانية . كانت ربة البيت تقوم بكل ذلك دون ان اظهارادنى غضب او رد فعل سلبي لا ضد الشابة او ضد زوجها، بل بقيت ابتسامتها و تعاملها الطيب المعتاد كما كان . و تتعامل مع الشابة و كانها ابنتها او زوجة ابنها .
اصبحت الشابة زوجة شرعية لرب الاسرة دون ان تغير من تصرفاتها و لا موقعها داخل البيت او الاسرة . فقط غرفة مبيتها انتقلت الى جناح اخر داخل البيت . تم ذلك دون ان يثير اي صخب او ضجر في البيت و الاسرة ، ربما لان الشابة تقوم بدور الام داخل العاىًلة قبل الان ، و ان تصبح زوجة الاب لم يغير في تقاسيم حياة البيت شيىًا .
انجبت الشابة طفلا ، سجله زوجها في دفتر الحالة المدنية . لم ينتبه ان اسم ام الطفل هو نفسه اسم زوجته الاولى . و هو الاسم الذي كتب على بطاقة التعريف الوطنية للشابة ، حيث لا تختلف الزوجة الاولى و الثانية الا في الرقم التسلسلي للبطاقة .
لم يعر الامر اهتماما ، لان الكل راض عنه و عن زوجته و خاصة حين انجبت ابنا ذكرا لم يكتب له مع الزوجة الاولى .
منذ الاسبوع الاول من الولادة ظهر اهتمام السيدة الاولى بالطفل و والدته مفرطا ، خاصة ان الشابة لا يزورها احد من اسرتها و تتعامل معها ضرتها كابنتها . الطفل يبيت ليلا الى جانب السيدة الاولى . بل تهتم بكل ما يخصه .
لما خرجت الشابة من اربعينية النفاس عادت الى حياتها العادية و كانها ليست زوجة لرب الاسرة الا في المبيت . تواضعها و بساطتها و طيبوبتها و لينتها جعلت منها انسانا راض بهذا الوضع ، خاصة ان السيدة الاولى لم يبد منها اي شيء غير عادي لا معها و لا مع الزوج بل انها تهتم بالطفل و كانها انجبته من احشاىًها .
كل من يدخل البيت يعتقد ان الطفل ابن السيدة الاولى خاصة انه يدعوها "مامي" و يدعو الشابة " خالتو " . و هو امر لم يثر في الشابة اي استغراب .
بعد سنوات قليلة توفي الاب . و دخلت الزوجتين في العدة معا . انتهت فترة الحزن و عادت حياة الاسرة لطبيعتها .
في يوم من الصيف و بينما كان اغلب اعضاء الاسرة في المصطاف ، و الشابة في البيت الرىًيسي، دخل رجال ادعوا انهم رجال امن وطلبوا من الشابة الالتحاق بهم لان هناك امر يهمها و يتطلب التحقيق فيه .
ذهبت الشابة الى المكان المعين ، و اذا بها تجد نفسها رهينة لدى عصابة تطلبت تدخل الشرطة بطلب من السيدة الاولى في البيت ، ضرتها ، و تتم متابعتها بجراىًم خطيرة جعلتها سجينة .
كل الاسرة تنكرت للشابة غير اخت زوجها التي عادت موًخرا من الخارج و بقيت تهدد بفتح ملفها ، لكنها غير قادرة لاسباب مجهولة .
كانت عمة الطفل تزور الشابة في سجنها و تهتم بحاجياتها بل انها ترافقه معها . تخبره ان السيدة السجينة ربته و اهتمت به في صغره لذلك عليه ان يتعامل معها كام له . لم يكن الطفل يعلم شيىًا غير انها خادمة لدى الاسرة و انها اعتقلت لسبب ما .
كبر الطفل و درس خارج البلد ، يحمل لقب ابيه و اسرته المعروفة في البلد . اسم له قيمته و مقامه سواء في اوساط رجال الاعمال و تجارة الفضة و الذهب و حتى الوظاىًف العليا في البلد . و اسم امه يدل على ان اخواته هن شقيقاته ، و ان السيدة الاولى هي امه . فقط لان الاوراق مثبت فيها ان اباه له زوجتان بنفس الاسم .
بعد عودته من الدراسة بالخارج تفاجا بعمته تخبره بان السجينة هي امه البيولوجية . و انها زوجة شرعية لابيه ، بل ان سجنها لم يكن الا بكمين وضع لها للتخلص منها .
اصيب بصدمة شغلته عن الاهتمام بالبحث عن منافذ لحياته المستقبلية . ذهب رفقة عمته للسجن لزيارة امه . كان امله كبيرا ان تخبره السجينة عن خبايا ما تعرضت له ، لكن صدمته ازدادت عمقا حين اخبره الحراس بدخولها في وضع نفسي خطير ، حيث لم تعد تتكلم بل انها اصبحت بكماء . جاءتهما لقاعة الزيارة تعانقه دون ان تقول كلمة واحدة . يزورها كل يوم دون انقطاع و يهتم باغراضها و يرشي حراس و حارسات السجن للاهتمام بها .
يودع امه في السجن و يعود لعالمه الذي الزمه العزلة و التفكير في وضعه و البحث عن مخرج لاعادة الاعتبار لامه بعودتها لحالها الطبيعي .
طلب من عمته البحث عن حل لقضية امه ، اخبرته ان كل الحل و العقد في يد ضرتها ، زوجة ابه ، مامي . و ما عليه الا التفاوض معها .
في البداية ظن الامر يسيرا، لان السيدة الاولى التي يناديها " مامي " لم يصدر منها اي تقصير لتوفر له ظروفا مواتية للحياة و الدراسة و غيرها . لكن حين فاتحها في الموضوع تبين له ان الامر عكس ذلك .
بعد طول الحوار و التفاوض توصل معها الى حل مضمونه ان يتنازل عن نسبه لزوجها و اي رابط له باسرته و ان يحل زواج السجينة من رب الاسرة .
لم يكن مطلوبا منه سوى الموافقة و فقط ، السيدة تقوم بكل الاجراءات اللازمة ، بل ان كل شيء جاهز للتنفيذ في اي لحظة .
دخل يحاور نفسه عن اهداف هذا كله رغم ان السيدة الاولى ضمنت له قسطا مهما من الارث و الذي ستمرره له عبر البيع .
اصر الشاب على اخراج امه من السجن مهما كانت التكلفة . طلبت منه ان يختار اسما اخر غير اسمه الاول (منير ) و لقبا اخر غير لقب والده البيولوجي و بناتها . اخبرته ان اسم امه المثبث على البطاقة الوطنية ستعتبر صاحبته ميتة ، و ان اسمها الاصلي و الذي كانت معروفة به في قريتها ( اشعيبية) سيعود لها و باوراق ثبوتية .
اختار منير اسمه الجديد " احمد" و لقبا اخر لا يمت بصلة للاسرة التى تربى و ترعرع فيها و انقطعت اية صلة قانونية بابيه . تغير اسمه في كل اوراقه و باحكام قضاىًية لم يمض هو و لو على وثيقة واحدة الى ان توصل بوثاىًقه جاهزة و بتواريخ رجعية . حتى دبلوماته بالخارج تم تغيير الاسماء بها .
حرر امه من السجن و عاد لبناء حياته من البداية .
بعد لحظات دخل نادل الفندق للقاعة ، طلب منه ان كان يطلب شيىًا . اخبره انه يريد مغادرة المكان . اتجه نحو الباب ، رافقه امن الفندق الى ان ركب سيارته مودعا اياهم .
في طريقه اتصلت به حسناء و اخبرته انها اجلت سفرها لتعيد لقاءه غدا بقصرها الخاص .
طه 09/03/2014. 1:30








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت