الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو استراتيجية علمية لمكافحة الارهاب

محمد نبيل صابر

2014 / 3 / 12
الارهاب, الحرب والسلام


تمر مصر فى وقتنا الحالى بموجة ارهابية عنيفة تختلف فى محتواها الفكرى بعض الشئ عن الموجة الارهابية التى تعرضت لها فى ثمانينات وتسعينات القرن الماضى. اذ ان تلك الموجة لم تتكون نتيجة لاضطهاد فى سجون العهد الناصرى سيئة السمعة بل تكونت تلك الموجة كرد فعل لحالة الانتفاضة الشعبية فى 30 يونيو وتدخل قيادة الجيش بدعم شعبى فى 3 يوليو لازاحة حكم الاخوان المسلمين وفرض مرحلة انتقالية جديدة والغاء دستور قندهار 2012
هذه الموجة قامت منذ الايام الاولى لانتفاضة 30 يونيو حيث امتلأت شاشات القنوات الفضائية بجوار مظاهر الحشود الممتدة عند الاتحادية والتحرير وكافة محافظات الجمهورية بمشاهد القبض على مجموعات وافراد تحمل اسلحة ومتفجرات تتحرك باتجاه الحشود ونساء منقبات يخفين الاسلحة الالية والمفرقعات تحت النقاب ...الخ ولكن غطت عليها الاحداث المتسارعة بين تغطية الحشود فى كافة الجمهورية واعتصام القوى المتأسلمة فى رابعة
الموجة الجديدة ايضا لم يتكون لها اساس فكرى اولا كالموجة السابقة ..فموجة السبعينات والثمانينات وحتى التسيعنات كانت تتحرك على اساس فكرى يتبنى فكرة الجهاد المعروفة فى الاسلام لتغيير المجتمع الذى حكمت كتابات سيد قطب بكفريته انطلاقا من مبدأ الحاكمية الشهير فى نفس الكتابات ولكل جماعة تكونت كان هناك كتاب او وثيقة فكرية تجتمع على اساسها وتسعى لتطبيق ما فيها وتختلف فيما بينها فى اسلوب العمل والدعوة والعمل العسكرى والتنظيمى انطلاقا من تلك الوثيقة كما سبق ان حلله كاتب هذه السطور فى سلسلة مقالات :"تطور فكر الجماعات الارهابية من الاخوان الى السلفية الجهادية"
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=250920
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=251219
وحتى عندما تمت مواجهتها كان الاساس الفكرى هو احد اهم محاور العمل المضاد للارهاب فمن الدعم اللامحدود الذى تلقته مبادرة نبذ العنف للجماعة الاسلامية للشيخين ناجج ابراهيم وكرم زهدى ورغم تورط الجناح العسكرى فى مذبحة الاقصر لافشالها الا ان جهود اللواء/ احمد رأفت -رحمه الله- والذى اصبح مهندس تلك المبادرة اضاعت اثر تلك المذبحة حتى ان جنازته شهدت حشودا من الارهابيين السابقين وبكى عليه قادة الجماعة الاسلامية ونعوه كما يجدر بجهوده التى تدين لها البلاد بأكملها
المرحلة الجديدة تتميز بعده خصائص يمكن اجمالها فى النقاط التالية :-
1- تتحرك بدون غطاء فكرى او تسبقه بعده خطوات
2- يتم صناعة غطاء فكرى لها يقلل كثير من اثر التأسلم السياسى ويزيد من الاثر الثورى
3- لا يوجه الغطاء الفكرى للاعضاء المتورطون بالارهاب بقدر ما يحاول ان يكون تبريرا "لمقاومة الانقلاب"
4- لا توجد جماعات عنقودية وهيكل ادارى معقد (لم تكشف عنه حتى التحقيقات الامنية حتى تاريخه) بل يعتمد على نظرية الذئاب المستوحدة
5- يفتقد درجة التكتيك والقدرات التفجيرية العالية فيما عدا حوادث تفجير مديرية الامن بالقاهرة والدقهلية واغتيال ظابطى الامن الوطنى محمد مبروك و محمد عيد بالشرقية
6- لا يتطلب شكلا خارجيا معينا كما كانت الجماعات الارهابية فى السابق بل يتخفى فى اشكال مواطنون عاديون طلبة ومهنيون فى المعتاد فى اوساط المواطنين الابرياء
والمؤسف انه فى مواجهة تلك الموجة تراوحت ردود الفعل "اللامسئؤلة" بين الدعوة الى مزيد من العنف الى تبرير الارهاب نفسه والتعاطف مع الارهابيين "بحجة صغر السن تارة وبحجة اضطهاد تيار التأسلم السياسى تارة " الى الدعوة الى تبنى حل سياسى مع تلك الجماعات الارهابية بحجة ان "الحل الامنى وحده لا يجدى"
فى تلك الاثناء مررت بدورة تدريبية عبر الانترنت مع "المنتدى القومى لدراسة الارهاب والرد عليه" المعروف اختصارا باسم "START" وهو مجموعة من الاساتذة من مختلف التخصصات بدءا من علم النفس والاجتماع وعلماء الاديان والانثروبولجى وانتهاء بالاحصاء والجغرافيا الذين تجمعوا بعد احداث سبتمبر ثم تعاون مع الحكومة الفيدرالية واصبح يتم تمويله عبر وزارة الامن الداخلى
وكانت الدورة عن "فهم الارهاب ..تنظيم القاعدة كحالة دراسية"..وتنطلق الدورة عن طريق تعليم الطلبة كيفية استخدام ودراسة اى جماعة ارهابية او حادثة ارهابية وتحليلها رياضيا عبر دراسة " قاعدة معلومات الارهاب الدولية" وهى قاعدة معلومات تم العمل عليها منذ 1970 وتضم كافة الحوادث الارهابية حول العالم المعلن عنها ومختلف الفصائل الارهابية مهما صغر حجمها ودراسة رد الفعل الحكومى عبر كل حادثة ودراسة اساليب التكتيك وادارة المجموعات الارهابية وتحليل عدد القتلى وانواع الاسلحة لكل مجموعة على حدة......الخ
وكم تألمت حين قارنت بين ردود الفعل فى مجتمعنا المصرى الملئ بمن يطلقون على انفسهم محللين استراتيجيين بما شاهدته طوال فترة تلك الدورة الدراسية من كيف يمكن استخدام العلم حتى فى مواجهة الارهاب .فمثلا تكتشف ان تلك المجموعة ساهمت فى الكشف عن منفذى حادثة ماراثون بوسطن الشهيرة عبر دراسة تصرفات اى تنظيم ارهابى قبل اقدامه على العملية الارهابية لنكتشف انه فى المتوسط "يقيم الارهابى المنفذ للعملية فى دائرة نصف قطرها من 5-15 ميل فقط من هدفه ويقوم بكل الاجرءات التحضيرية المالية والمادية من شراء الاسلحة ومستلزمات اقامته وتحضير المتفجرات فى دائرة لا يزيد قطرها عن 30 ميل من هدفه "
اتفق تماما مع مقولة "الحل الامنى وحده لا يكفى " وهى مقولة حق يراد بها باطل .فعندما انتهت الموجة السابقة لم يكن عن طريق الحل الامنى فقط بل ايضا عن طريق ضرب تلك التظيمات فى عصبها الرئيسى وهو الفكر ولهذا كانت مبادرة وقف العنف للجماعة الاسلامية ووثيقة تنظيم العمل الجهادى للشيخ سيد امام الشريف علامة بارزة فى طريق انهاء الموحة الاولى
الحل الامنى وحده لا يكفى نعم هذا صحيح ولكن ليس عن طريق حل سياسى يمنح تلك الجماعات الارهابية التى استحلت دماء المصريين اى مكاسب سياسية يجعلها تغذى مريديها ومغيبى العقول من اعضاءها ان "ثورتهم" و "جهادهم" قد حقق تلك المكاسب وهى مستمرة من اجل المزيد من المكاسب
الحل الاخر الذى اراه واطرحه هنا هو انشاء مجموعة شبيهة بالمجموعة الامريكية تعمل على تحليل الخطاب الاعلامى للجماعات الارهابية ودراسة الغطاء الفكرى الجديد الذى يتم صنعه حاليا وايضا وضع اعضاء تلك الجماعة فى معسكرات تأهيل فكرى ( لا معسكرات عمل على الطريقة الستالينية) من اجل عكس ما تم زرعه فى ادمغة هؤلاء الاعضاء صغار السن فى الاغلب وهو امر ليس بالمستحدث فقد سبقتنا اليه سريلانكا عند هزيمة جبهة نمور تحرير ايلام مع من استسلم من اعضاء تلك المنظمة الارهابية
بمناسبة سريلانكا دعونى اطرح عليكم ما ذكر فى سياق الدورة عنها " كانت منظمة نمور تحرير ايلام تاميل تتحرك كأنها جيش مستقل فهناك نمور الجو "القوات الجوية" ونمور البحر "القوات البحرية" واخيرا السلاح الاهم النمور السوداء وهم الاعضاء المتخصصون فى العمليات الانتحارية الشهيرة والتى قتلت احداها راجيف غاندى رئيس الوزراء الهندى السابق.كانت المنظمة تعقد لراغبى الانضمام لهذا الفرع لقاء شخصيا تمهيدا لتحديد جداراته بالانضمام فكان المرشح يجلس فى غرفة صغيرة لمدة ساعة مثلا ثم يدخل الى لجنة المقابلة ويتم سؤاله سؤال محدد "ماذا رأيت فى الغرفة؟" وعلى عكس المتوقع يكون الاجدر بالانضمام هو الاقل فى ملاحظة ما هناك اذ ان هذا يعنى ان فكرة التضحية بحياته من اجل القضية قد استولت على تفكيره تماما حتى شغلته عن الغرفة التى جلس فيها ساعة بالكامل "
بمناسبة سريلانكا ايضا "هزمت سريلانكا تلك الجماعة الارهابية الشرسة اولا بمضاعفة حجم القوات المسلحة الى الضعف "حل امنى" وشن حرب لا هوادة فيها ثم وعندما استسلم المقاتلون التاميل وجلسوا فى انتظار الاعدام تم حجزهم فى معسكرات تأهيل يتضمن محاضرات دينيه وتاريخية وانشطة يدوية من اجل اعادة دمجهم فى الحياة المدنية (حل علمى)"
اقترح دراسة لمتوسط عمر المتورطين فى الارهاب وظروفهم العائلية ونشأتهم
دراسة الاسلحة والتكتيك فى العمليات المعقدة التى ذكرناها سابقا
نقترح تحليل الاهداف والطرق اللوجسيتية فى التمويل والتحرك
سنتمكن عبر تحليل كل ما سبق من تحديد الاجراءات الوقائية اللازمة لمنع تكرارها فى المستقبل بدلا من منح الجماعات الارهابية مكاسب سياسية يدعو لها المخنثون والمستسلمون على جثث ودماء شهداء ابرار ربما احدهم كان عسكرى مرور غلبان او مجند ينتظر اتمام زفافه او سائق اوتوبيس سياحى او مواطن كان يسير فى حاله فى الشارع
الحل الامنى وحده لا يكفى ولكن معه الحل العلمى لا الحل السياسى المنبطح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع