الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبنان: الشيعة والمقاومة ومافيا حزب الله

عديد نصار

2014 / 3 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


هناك ثورات شعبية عارمة تنهض لها أسبابها الموضوعية المادية وخصوصا على مستوى الإفقار والفساد والتهميش والإذلال اليومي للناس.
بألتأكيد الأنظمة: قوى طبقية مسيطرة وقوى الثورة المضادة ستواجه تلك الثورات بكل ما تملك، وهي تملك الكثير، فهي تستحوذ على كل مقدرات المجتمع وتسخرها لمصالحها وأهم تلك المصالح على الاطلاق، تأبيد سيطرتها على المجتمع.
من هذه المقدرات، إضافة الى الامكانات المادية الهائلة، القدرات الاعلامية والإيديولوجيا الدينية والقومية التي تمترست خلفها لعقود. إضافة الى شعارات كبيرة كالاشتراكية والعلمانية والوطنيات المفرغة من كل مضمون.
وهذه القوى المسيطرة وقوى الثورة المضادة قادرة بناء على ذلك، وفي غياب البديل الثوري المنظم، على حرف الصراع بدلا أن يكون صراعا طبقيا صافيا، الى صراعات مذهبية وطائفية وعرقية.
وكوننا نعيش في منطقة غير مستقرة بالأساس في وجود كيان صهيوني غاصب قاومته الشعوب حتى أصبحت المقاومة جزء من تراثها، فالمقاومة مادة سهلة الاستغلال والتوظيف.
بدأت المقاومة في جنوب لبنان مقاومة شعبية، غير منظمة وغير مجهزة. حضر الفلسطينيون بمقاومتهم فالتحق الناس بهم، حضر الشيوعيون فالتحق الناس بهم، وكانت جبهة المقاومة الوطنية التي حققت انتصارات وإنجازات كبيرة. وعندما حضر حزب الله ومُنعت المقاومة الوطنية من استكمال مهامها، التحق المقاومون بحزب الله.
إذ، المقاومة ضد الكيان الغاصب هي مقاومة شعب. والتضحيات التي قدمت على مذبح المقاومة هي تضحيات هذا الشعب.
من جانب آخر، الشيعة كطائفة لم تكن قط مسيسة، واستمر الشيعة يعيشون مع مواطنيهم من الطوائف الأخرى بسلام ودعة ودون أي خلاف ديني أو سياسي أو صراع عسكري على مدى العصور. لم يسجل التاريخ أية صراعات بين الشيعة وأي من الطوائف المتساكنة جنبا الى جنب.
الشيعة وغيرهم مارسوا حياتهم معا لقرون. حضر العدو الصهيوني فتعرضوا جميعا لعدوانيته ولجرائمه التي تواصلت منذ أن احتل فلسطين. لم يميز العدو الصهيوني بين شيعي ومسيحي وسني ودرزي في اعتداءاته المتواصلة. وكانت المقاومة بالمثل، فقد ساهم فيها الجميع دون التفات أو حتى الانتباه الى انتماء هذا أو ذاك من أبطال أو شهداء أو معتقلي المقاومة. لكن وجود حزب الله وبدعم غير محدود من نظامي طهران ودمشق، حصر المقاومة بأتباعه من الشيعة بعد أن اقصى جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية (جمول)، لأسباب تتعلق بمشروعه غير المعلن.
حصل أن انطلقت الثورة السورية ضد النظام المافيوي المخابراتي في سوريا لنفس الأسباب المذكورة أعلاه. لكن في ايران نظاما شقيقا: مافيوي استخباراتي. وواقع ايران الاقتصادي الاجتماعي لا يختلف عن واقع سوريا. قد يعتبر البعض ان في سوريا نظاما علمانيا، بينما في ايران نظام ثيوقراطي. غير صحيح. المافيا هي هي مهما تجلببت أو تزينت.
كانت خشية نظام الملالي - البازار في ايران أكبر بكثير من خشية نظام الأسد نفسه من انتصار، ولو جزئي، للثورة في سوريا. ربما، يخطر في بالي أو بال البعض، أن الأسد نفسه كان ينوي الإقدام على تغيير ما في سوريا، منذ الأشهر الأولى، لكن النظام الإيراني ربما منعه، همس في أذنه أن استمر ونحن معك حتى آخر سوري!
الثورة في ايران لن تتأخر. ربما تأخرت بعض الشيء بسبب التغيير السطحي الجزئي بانتخاب روحاني ومحاولاته فتح الأبواب على الغرب والحصول على تسهيلات اقتصادية كمثل رفع الحصار الاقتصادي وتحرير بعض الأموال المحتجزة للتخفيف من غائلة التردي الاقتصادي الخانق. لكن المافيا لن تسمح، مهما حُرر من مليارات الأموال الايرانية المحتجزة، أن يصل التأثير الإيجابي الى الجماهير المسحوقة. ولكن تلك الجماهير تنتظر تحسنا ما في واقعها. وهي بالفعل أصبحت تخشى مصيرا مماثلا لمصير سوريا. ولكن ذلك لن يردعها حين يخيب الظن ويتصاعد القمع والإذلال.
في البدء، لم تجتذب ايران-الملالي الشيعةَ دينيا، ولكن من خلال المقاومة وشعاراتها التي أصبحت جزء من وعي الطبقات الشعبية في لبنان وبالتحديد في جنوبه. واشتغلت عليهم من خلال حزب الله عقودا كي يكونوا وقودا لمشاريع المافيا الإيرانية: مؤسسات اجتماعية اقتصادية، تمويل، تسليح، وصولا الى الأدلجة التي تنامت شيئا فشيئا حدَّ التطرف ...
لكن الشيعة لن يشعروا في نهاية المطاف أنهم معنيون بتلك المشاريع المافيوية. فالأموال تذهب الى جماعات وأسر مافيوية أصبحت معروفة، والخسائر المادية وخصوصا البشرية يتكبدها الفقراء. "لن نموت فدا رجل أحد!" يقول أحدهم. حتى المؤسسات الخيرية ضربها الفساد وتحول مشغّلوها الى مافيات. أما المقاومة التي كانت الطُّعم الذي جذبهم فقد انتهت منذ سنين. وتحول سلاحها ومقاتلوها الى سوريا لمنع سقوط نظام المخابرات التي طالما أذلتهم في لبنان، والتي يعرفون سلوكها جيدا.
الشيعة في لبنان وكذلك الشعب الإيراني لم يتأخروا في اكتشاف اللعبة. بدأوا يتململون. ثم بدأ الصوت يرتفع شيئا فشيئا.
"أنا شيعي ومن جنوبي لبنان، وأنا ضد حزب الله وضد حربه على ثورة الشعب السوري" يقول آخر. فمتى ينقلب حملة السلاح على مستغليهم؟
لكن لا بد لمن رَبيَ على أمجاد المقاومة من بديل ثوري، بديل مقاوم ليس فقط للعدو الصهيوني، بل ايضا لبديل ثوري يقود الصراع ضد قوى المافيات المتحالفة – المتناتشة في السلطة، والذي يجب أن لا يتأخر امتداده وتوسع وجوده ليس شيعيا فقط، بل وطنيا وعربيا وإقليميا أيضا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرسيليا على أتم الاستعداد لاستقبال سفينة -بيليم- التي تحمل ش


.. قمع الاحتجاجات المتضامنة مع غزة.. رهان محفوف بالمخاطر قبيل ا




.. غزة: ما هي المطبات التي تعطل الهدنة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. البنتاغون: الانتهاء من بناء الميناء العائم الذي سيتم نقله قر




.. مصدر مصري: استكمال المفاوضات بين كافة الأطراف في القاهرة الي