الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوة للجنون ...من مذكرات طبيب

جميل كاظم التميمي

2014 / 3 / 13
كتابات ساخرة


ايام موجعة عاشها العراقيون اذ كان الجميع يبصر الرعب في البيوت و الطرقات حتى الحمام الذي كان يغازله الفتية فارق السماء بعد ان ملاءها دخان السيارات و الاجساد المفخخة ورائحة الجثث والرؤس المتفسخة .
لازال ذلك اليوم عالقا في ذاكرتي حين اصيب والدي (رحمه الله) بوعكة صحية مما اضطررت ادخاله في احدى مستشفيات بغداد ، كان يرقد بجواره عجوز طاعن في السن وهو في لحظاته الاخيرة عبثا يحاول ان يسرق الهواء ليتلو وصيته الاخيرة، تركت والدي واشفقت على هذا العجوز المتعب وقلت في سريرتي ما عساه ان يقول، اقتربت منه اكثر لعلي اعين اولاده الذين احاطوه بالتعرف على وصيته، كانت انفاسه وكلماته يجر بعضها البعض واخذ صوته يذبل ومن ثم استكان ، كانت اخر كلماته والتي لازالت حافرة في ذاكرتي
اولادي لا تقيموا لي مجلس عزاء خوفي عليكم وعلى الاخرين من الارهابيين ((كانت ظاهرة استهادف مجالس العزاء بالانتحاريين اكثر انتشارا من اغنية بسبس ميو )
ترى هل كان عزرائيل يهمس في اذن هذا العجوز البائس ( الويل لهم ان لم ياخذوا بوصيتك)؟
يا الهي ما الذي جرى في هذا العالم لقد تخلى هذا العجوز المسكين عن حقه في العزاء مثلما تخلت الاف الجثث والرؤوس المقطعة عن حقها في ان تجد لها قبورا تاويها .
بعد ايام قليلة تعرض احد زملائي الاطباء الى محاولة اختطاف اذ كان يعمل بعيادته الخاصة المجاورة لعيادتي لم تكن الحادثة غريبة بالنسبة لي اذ اقتحم عيادة زميلي الطبيب مجموعة مسلحة امتهنوا هذه اللعبة وادمنوا عليها لكن الجنون كان لهم بالمرصاد حيث كان سكرتير الطبيب والذي كنت اعرفه جيدا كان يعاني من نوبات جنونيه تنتابه بين الحين والاخر لم يكن يبالي لشي سوى ان يفسد عليهم لعبتهم القذرة هذه و لم يكن يحمل سلاحا، سلاحه الوحيد هي نوبات الجنون التي تنتابه بين الحين والاخر ولم يكن يجيد فن التحدث في السياسة والادب اوالدين مثل الاخرين لكنه يحمل قلبا فطريا شجاعا لم تشوهه او بالاحرى تلوثه ما تحويه بطون الكتب من نظريات الفلسفة و الاديان والادب، ثقافته الوحيدة هي هذيانه وابتسامته البلهاء التي يستقبل بها زباءنه ، في تلك اللحظة انبرى لهم وبشجاعة لم تالفها العصابة من قبل كان مصرا على منعهم من اقتحام غرفة الطبيب واختطافه استمر السكرتير وحيدا في الذود عن طبيبه بعد ان لاذ جميع من كان في العيادة والشارع من اسوياء بالفرار استمرت المواجهة لفترة طويلة ارتبكت العصابة لهذا السلوك الغريب بعدها ادركوا بان اللعبة قد انتهت دون جدوى ثم لاذوا بالفرار شانهن شان من كان في العيادة والشارع من اسوياء .
بعد ان هدات العاصفة واستفاق الجميع تجمهر من حوله من كان يراقب الحدث عن بعد بمن فيهم الطبيب وانهالت عليه كلمات المديح والثناء من كل ما ذكره الموروث الشعبي والادبي من معاني الشجاعة والشرف والغيرة والنخوة اليعربية لكنه لم يكن يعي ما يقولوه اذ انه لايفهم معنى هذه المفردات لانه كان في نوبة هذيان .
لم تننتهي القصة بعد
غادر الطبيب العراق في اليوم التالي الا ان سكرتيره المسكين كان في نوبه هذيان شديده غادر هو الاخر لكن الى مستشفى المجانين !!!!
يومها ادركت ان لا احد يستطيع الذود عن ارواح العراقيين سوى المجانين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي