الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يحمل تحرير الراهبات مؤشراً لمحرقة جديدة

عفيف رحمة
باحث

2014 / 3 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


من أبرز الأحداث التي اثارت وما زالت تثير جدلاً شعبياً عملية فك أسر راهبات دير مار تقلا اللواتي احتجزن لعدة أشهر من قبل جبهة النصرة بعد دخول هذه الجماعة بلدة معلولا ذات الطابع المسيحي. شكلت عملية فك الأسر هذه صدمة سياسية للبعض وثقافية ونفسية للبعض الآخر حيث عُبر عن هذه الصدمة بمفردات ونعوت ومقولات رخيصة إنطلق أصحابها في تقييمهم السياسي من أن لا ولاء للمسيحيين في سوريا إلا للنظام ورأس النظام.
ما يمكن قوله في هذا الشأن أن جبهة النصرة حققت في هذه العملية فوزاً إعلامياً على السلطة ونظامها السياسي، فالنظام، الذي أراد إستثمار قضية الراهبات عالمياً تكراراً لإستثماره أمام المحافل الدولية قضية سيطرة جبهة النصرة على معلولا، تلقى بهذه العملية ومجرياتها صفعة لم تكن بحسبانه وحسبان مواليه.
منذ ظهور جبهة النصرة عمل النظام على تقديمها كمجموعة شاذة إجتماعياً ومنحرفة دينياً وأخلاقياً ومأجورة سياسياً، مستثمراً كل حادثة إجرامية مرتكبة من قبلها لتدعيم رؤيته هذه، فتأتي عملية التبادل هذه المسبوقة بشريط مصور نشرته جبهة النصرة لتقدم فيه الجماعة كفريق معارض أكثر إنسانية من النظام الذي فشل في حماية الشعب وحماية الوطن.
خلال ثلاث سنوات عمل النظام على تقديم الأزمة الوطنية للعالم على أنها مجرد قضية إرهاب وإرهابيين، إلا أنه خلافاً لقضية سيطرة جبهة النصرة على بلدة معلولا التي استثمرها النظام كمادة سياسية رابحة في دفاعه أمام العالم عن اختياره العنف في معالجة الأزمة السورية، جاءت عملية تبادل الراهبات مع أسرى للجبهة لدى النظام لتقوض مقولاته ونهجه العنفي.
في حقية الأمر، لا تعود حالة عدم التوازن النفسي التي تعرض لها الكثير من الموالين والمؤيدين لتصريحات رئيسة الدير التي لم تصب في صالح النظام وهي المعروفة سابقاً بولائها المطلق للنظام وتحديداً لرأس النظام، بل لأنها عززت نجاح الوسيط اللبناني في تحقيق الأهداف التي عمل على تحقيقها بعد نجاحه الأول في تحرير أسرى اعزاز. أما ما زاد من حدة ردود الفعل هذه فهو ظهور الوسيط القطري في هذه العملية كطرف فاعل ومؤثر في قضية عجز النظام في معالجتها، ربما للقول بأنه راع قادر ليس فقط على تحرير ما تبقى من أسرى لدى طرفي الصراع المسلح، دولة النظام والحركات الجهادية، بل حتى في حل الأزمة السياسية في سوريا.
خلال ثلاث سنوات لم يظهر النظام سوى الفشل المتكرر في معالجة القضية الوطنية، حيث خسارة مساحات واسعة من الجغرافيا السورية أمام تنامي انتشار وسيطرة الجماعات الجهادية، خسائر عسكرية وعجز في الرد على العدوان الإسرائيلي، دمار المدن وتهجير السوريين والإستمرار بإسترخاص حياتهم وأرواحهم...
وفي السنوات الثلاث التي مضت استخدمت سلطة النظام فئة من السوريين في محرقة سياسة ولاءاتها الرعناء فهل سيكون تحرير الراهبات من الأسر سبباً ليدفع النظام بفئة جديدة من السوريين نحو محرقة جنون العظمة وعبادة الفرد....؟ ربما آن الأوان لمن انساق بالأمس وراء عبادة الفرد قبل عبادة الله أن يراجع الذات ويتوخى الحذر، فمحرقة النظام لا ولن ترحم أحد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجبهة اللبنانية تشتعل.. إسرائيل تقصف جنوب لبنان وحزب الله ي


.. بعد عداء وتنافس.. تعاون مقلق بين الحوثيين والقاعدة في اليمن




.. عائلات المحتجزين: على نتنياهو إنهاء الحرب إذا كان هذا هو الط


.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي




.. ترامب قد يواجه عقوبة السجن بسبب انتهاكات قضائية | #أميركا_ال