الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطوات عالقة بصدأ الأرصفة - قصة قصيرة -

عبدالكريم الساعدي

2014 / 3 / 14
الادب والفن


خطوات عالقة بصدأ الأرصفة
___________________
انتظر خطواته العالقة بصدأ أرصفة تحمل رأس الشارع ، الشارع يحمل ملامح أشباح أمكنة رفضت المكوث حين ضاق الموت بصبرها ، لعقت مؤخرة فتنة الحرائق ومرّت من هناك ،انتظار تطوّقه مسافات العتمة ، مسافات تمتطي صراخ جرحٍ لم يندمل بعد، ينزلق من جهة غيض الإنتظار ببطءٍ شديد ، فجأة يلسعه ركام سنوات التيه بصدى كاذب يترقرق منه عبق ذكريات سكنت ثنايا روحه ، ابتسامة شفيفة تحلّق فوق شفتيه ، ودمعة تغمرظلّ الأمس ، فأينع سحابة من عذابات جميلة أَفَلتْ حين ألجم نزق القذائف وعهرالظلمة بوح المساءات الجميلة عند نهر خائف يعبر بخجل طيوف ظمأى للندى ، نهر يطبق أجفانه على هواجس السمرحتى مطلع نوافذ الغبش ، يسترقّ السمع لأغاني الليل وسحر قصائد تنشر غسيلها على موائد الوجع ، قصائد سكرى بتمتمات كهنة الشعر ، غادر ضفّته مذ برزت مخالب الجفاف من بين خوافي الأحجيات، لم يبق منه سوى حكاية تنوء بعشق الفجر، عشق رائحة الطين وظلّ الشجر فسقط في هوة الراحلين يبحث عن طميه ،حكاية تحكي تباريح عشق إختنق بالوله .عيناه مازالت ترقب رأس الشارع ،وهو محكوم بالهم لايحبس وساوس لعبة الإنتظار، وحين أجدبت الأرض لم تكن الطرقات كلها لعقت خطاه بعد لتشكّل ملامح سكون الألم فوق أديم المنفى. انتظرها يجرجر سرّه الدفين تحت سقف لوعته ليعطّر أنفاسه بعطرها ويكحّل عينيها بهمّ الوداع لكنّها لم تأت أو ربما رحلت فقد جاء بعد الموعد بخطوة ،ترك قلبه يحدقّ بمرآة جنونه رغبة بالعناق، حينها أدرك أنها كانت هنا فقد ملأ أريج أزهارها المكان ، غادر صدى صرخة قلبٍ يستطير عتباَ ، هشّت له الليالي بالدمع في منفى طال به المسير،جفّت لياليه بالأنين وهو يحمل شوقاً لذكرى ابتسامة لملمتها الشفاه عنوة ، كان همسها يتسلّل خلسة الى أحلامه بعد هجر طويل ، أتعبه النأي وجراحات الظنون :
- أظنّها انتظرت كثيراً ، فقد ضاع دوني اليقين.ما الذي حلّ بها ؟ هل أسأت لها حين طرق اليأس بابها ؟ نهض حين تربص به الشوق وهو متقداً باليأس ، يطلّ من نافذة لهفته متعثّراً بأمل تسلّق لبلاب قلبه ، يَسِرُّ له بولائها فيترقّب الطريق عن بعد لعلّها تأتي ولايدري أنّه يلعق لهيب الغربة، والمسافات طويلة تتّكأ على قارعة عتمة عمياء. يمضي على عتب القلب وخطيئة خطاه الحبلى بثقل المسير، تلتقي وحدته والليل على صفحة ضوء القمر، ضوء يذكره بالهمس وسحر اللقاء ،
يتسلّق وحشته بحدقة عاشق يهفولضوء عينين تغزل زرقة السماء لهفة وحنين ، تغزل النجم اللامع في الليلة الظلماء فجراً مرصعاً بأهداب جفونٍ لاتنام ، ولمّا دنا الليل من قطاف الندى ، وطالت الرغبة المدى ، أدرك أن المسافات أقصر من رمشة عين. باغت لوم القلب ووحشة غربته فجفل الطريق من خطوة تغنّت بنجم بعيد ، تسفح ضوءاً يمزق قناع البعد ، التهم غصّة الأمس بدفء الآتي من الأيام ، حثّ خطاه لامرأة لها عبير الوجد ورقة الورد ، كان بينه وبين المكان تعاقب فصول يسرح فيه المجهول ، الشارع يترهل ، والزمن يلوي عنق الأمكنة ، الأمكنة متّشحة بسواد الخرائب ، لاشيء سوى ظلال مختنقة بالخواء وأشلاء صباحات منسيّة فوق رصيف يتوجّس خيفة من خطى الغرباء ، وجذوع نخل تركض خلف عروش خاوية ، ارتعد لمّا تعثّرت خطاه بشيء غامض لايعرف كنهه فانكشفت حصونه وأسرع الى رأس الشارع حيث قنديل مضاء ينبجس من ضوئه خطوات تُركَت حيث انهزمت الروح واختلج الألم يقطر منه العتب . تخطّفه القلق لمّا احتدم سكون ينهش في شيء مفقود ، ليس هناك من مارّة سوى الريح تعوي في فضاءات المجهول ، لكنّه مازال هائماً في متاهة المفاجآت:
- لا الريح ولا الظلمة يمكن لها أسر جدائلكِ ، تركتُ الخطى ترقب عينيك ، كلماتكِ العذبة مازالتْ تأسر قلباً أضناه البعد . ثمة شيء يبرق في غفوته ، وانتظر خطواته العالقة بصدأ أرصفة تحمل رأس الشارع... لعلّها تأتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي