الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الآن العدد 29

حزب العمل الشيوعي في سورية

2005 / 7 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


الافتتاحية
بيان من حزب العمل الشيوعي
 حول مؤتمر البعث الأخير
 
أولاً: في الإطار والمقدمات الأساسية
كان لابد أن ينشغل العالم بالمؤتمر القطري العاشر لحزب البعث العربي الاشتراكي، أولاً بسبب الشروط الاستثنائية والخطرة التي يعيشها الوطن- والأزمة القائمة- فهو محطة هامة في كل ذلك،وثانياً من المفترض أنه حزب السلطة, حتى لو كان مجرد أداة لسلطة أخرى متميزة بشدة ووضوح تتمثل في الأجهزة و طغم المصالح الاقتصادية الكبرى, فهو أداة مراقبة وضبط وقمع من الدرجة الثانية أو الثالثة  بعد الجيش والأجهزة الأمنية, أداة ضبط وقمع أمني وسياسي أكثر بكثير مما هو أيديولوجي وعقائدي, فمنذ زمن طويل و حزب البعث بعيد عن مواقع السلطة الفعلية, لا يتقدم إلى الواجهة إلّا عندما تحتاجه لمزيد من الإسناد الاجتماعي (تقوية و ضبط القاعدة الاجتماعية) أو لدور سياسي وأمني إضافي في حالة الأزمات ( كما هو الحال القائم الآن في سورية) ليكون واسطة تقدم من خلاله اتجاهات التعاطي أو على الأصح الخطوات التكتيكية الجديدة في التعامل مع شروط الأزمات المختلفة والضاغطة, هكذا انتظر المراقبون، القوى والفعاليات السياسية في الخارج والداخل, ما يمكن أن يرشح عن المؤتمر لمقاربة التطورات المحتملة. وعلى أرضية التجربة التاريخية بين النظام والمجتمع وقواه وفعالياته, والتي خلقت فجوة هائلة وتاريخاً طويلاً من عدم الثقة، نستطيع القول أن العالم الخارجي انشغل بالمؤتمر ونتائجه أكثر من الداخل, فقد حددت الخبرة والوعي المتراكم بصورة صائبة موقف المجتمع برمته تجاه المؤتمر
أ?-   لقد أكدت آليات الإعداد للمؤتمر – الانتخابات, الأسس والعلاقات التي اُستخدمت فيها- أن لاشيء جديد في ذلك سوى ترسيخ القديم المتعفن, وفي بعض المحافظات كانت المحسوبيات والعصبيات الطائفية العشائرية والعائلية، ومراكز النفوذ الأمنية والسلطوية هي السائدة بشكل علني صريح، لا حوارات على أساس برامج سياسية واجتماعية ذات طابع إصلاحي ولا قوائم على ذلك الأساس, و كانت القاعدة الحزبية بدورها منغمسة في الاختيار على أساس تلك العلاقات ، وكان ذلك طبيعياً بعد التدجين الطويل بوسائل الترهيب والترغيب وإفساد تلك القاعدة الكبيرة وتخريب أصول العمل الحزبي داخلها حتى غدت مطواعة ومنفذة  بحيث تظهر هذه الآليات طبيعية في إطار انتخابات بدا شكلها متطوراً عن الماضي. وهكذا فمن صعد إلى المؤتمر صعد ليرفع يده موافقاً على قرارات مُعدّة وتوصيات مُعدّة مسبقاً. لم يصعد ولديه القدرة على تخيل وخلق أو فرض شيء حيوي جديد يسمح بمعالجة الأزمة على الأقل من منظور عدد كبير جداً    
    (ملايين  البعثيين) من ذوي المصلحة.
ب?-  كان البعث ولا يزال هو الحزب الوحيد القادر بقوة القمع والدستور والقانون على عقد مؤتمره بشكل آمن دون خوف من أحد، فتحت تصرفه كل ثروة الوطن، كل وسائط الحركة والإعلام، إنه والسلطة وكيل "الوطن" وكيل الإقطاعة، يعرف كل شيء، يخطط لكل شيء، وينفذ بالوكالة عن الجميع، وعلى الرغم من الأزمة الخطرة القائمة في الوطن, الأزمة التي تلعب بمصائره وتضعها في مهب الريح – على الرغم من كل ذلك- لم تتنازل السلطة ولا حزبها في أي شيء تجاه الوطن والمجتمع، لا إعداد اجتماعي- لا حوارات مع المجتمع- لا إشراك بأي مستوى. فغابت أية صراحة في الخطاب وحقيقة ومستوى الأزمة، بالتالي لا جديد في الأمر على الرغم من جدة وخطورة كل شيء- لا ثقة بأي أحد إلا بالذات السلطوية والحزبية- راقبونا... انتظرونا... عندنا الفرج... أية مصداقية وأية نتائج.
ت?-   حتى موعد المؤتمر لم تجر عليه أية تغييرات طارئة أو استثنائية على ضوء الشروط الخطرة، فعلى الرغم من كل الإشاعات لم يعقد قبل أوانه, إن منطق احتكار السلطة الأبدي وسحب الوطن رهينة ودرعاً واقياً مع السلطة ومصالحها الضيقة إلى الهاوية لا يستدعي إجراء أي تغيير حتى في موعد المؤتمر,  بل تكريس الاستقطاب الخطر داخل الوطن وتبديد الطاقة الوطنية وإلغاء أي مشروع وطني مركزي.
ث?-   وعلى العكس من ضرورات الانفتاح بالترافق مع الإعداد وانعقاد المؤتمر شنت السلطة موجة قمع تأديبية وردعية، طالت هيئة إدارة منتدى الأتاسي، والسيد محمد رعدون الناطق باسم المنظمة الدينية لحقوق الانسان ،و قبلها السيد رستناوي، ثم رفيقنا محمد حسن ديب من السلمية، وحبيب صالح من طرطوس ثم السيد رياض درار كحالة مستنيرة من التيار الديني...الخ, ساعيةً بخطوطها الحمر إلى قسم الصف الوطني وعزل التيار الديني باستمرار التشكيك به واتهامه, ودفع هذا الطرف الهام في العمل الوطني إلى أحضان العامل الخارجي الأمريكي, كل ذلك في إطار من التشويش والتوتر وردود الفعل الناجمة عن جريمة قتل الشيخ الخزنوي.
ثانياً: داخل المؤتمر والأجواء العامة
- حتى الآن لم ترشح أشياء كثيرة هامة عن أجواء المؤتمر, الشيء الرئيسي الذي رشح بشكل مقصود هو مجادلة عبد الحليم خدام حول السياسة الخارجية. للإيحاء للداخل بتطورات هامة بخصوص تنحية الحرس القديم وتحميله ضمناً مسؤولية الماضي, فالنظام الحاكم لا يستطيع الإعلان عن ذلك طالما أنه استمرار لذلك الماضي الحافل بالإنجازات العظيمة, و للإدارة الأمريكية  بتوجهات جديدة ربما تفتح الآفاق لعلاقة جديدة.
- أظهر خطاب رئيس الجمهورية في المؤتمر بالتباسه وعموميته استمرار رفض الإصلاح الداخلي وخصوصاً في الميدان السياسي.
- كانت تصريحات الناطق الرسمي بثينة شعبان هي الأوضح والأكثر دلالة في استمرار عدم الثقة بالمجتمع وإقصاءه مقابل الثقة المطلقة بالذات السلطوية وقدراتها اللانهائية فجاء خطابها تعليمياً فوقيا ًمتخلفا.
ثالثاً: حول القرارات وتوصيات المؤتمر
أهم ما يلفت النظر هنا هو الاقتصار على توصيات عمومية مشكوك بتنفيذها إذا كانت القرارات والقوانين والمراسيم لا تنفذ، والافتقاد إلى أي مشروع عمل محدد، وكأنه لا يريد أن يلزم نفسه بأي قرار، وانعدام الخيارات الفعالة الكفيلة بالتصدي للمشاكل القائمة، ففي ميدان السياسة الخارجية لا يستطيع المراقب إلا أن يلاحظ هزال الخيار المتمثل بالتوجه نحو أمريكا اللاتينية بما هو بما هو إعلان إفلاس دبلوماسي مع القوى المؤثرة وذات الوزن الاستراتيجي في السياسة العالمية. أما الدعوة إلى مؤتمر لتعريف الإرهاب فيدل على أن السياسة الخارجية السورية لم تستطع حتى الآن قراءة ما يجري في العالم بشكل صحيح وربما لا تريد ذلك إنها ليست سوى استمرار للسياسة الخارجية في عهد حافظ الأسد عهد الحرب الباردة مع حجم أكبر من العطالة والقدرة على ارتكاب الأخطاء الحاسمة.
-   في ميدان السياسة الداخلية أناط البعث بنفسه مهمة "رسم السياسات والتوجهات العامة للدولة والمجتمع ومراقبة هذه السياسات والإشراف عليها" وهكذا أعاد إعلان احتكاره لجائزة السلطة وصياً على 18 مليون من السوريين حتى إشعار آخر، قائداً للدولة والمجتمع حسبما تنص المادة الثامنة من دستوره، ومن أجل "تطوير النظام السياسي وتوسيع دائرة العملية السياسية" (ربما بزيادة عدد أحزاب جبهته) بشرنا بإعادة النظر ومراجعة الدستور وقانون الطوارئ و"حصر أحكامه بالجرائم التي تمس أمن الدولة" أي العبارة المطاطية نفسها التي تتيح له معاقبة من شاء ولأي سبب فالسلطة والدولة طرفا مساواة واحدة في ظل الاستبداد. تطالب قوى المجتمع الحية بإلغاء احتكار السلطة عبر إلغاء المادة الثامنة وكل الأحكام الدستورية والقانونية المتفقة معها، وإلغاء حالة الطوارئ وحصرها في حالات التجسس فقط، وإصدار قانون مطبوعات عصري يتفق مع مبادئ حرية الفكر والنشر والتعبير فيتمخض المؤتمر عن مراجعتها وإعادة النظر فيها.
-       بعد ذلك يكلف الحزب "الحكومة بوضع آليات ناجعة لمكافحة الفساد" وقبل الحديث عن أية آليات للمكافحة يجب هنا طرح سؤالين:
    1- هل الحكومة أية حكومة صالحة غير فاسدة وبالتالي مؤهلة لتولي هذه المهمة.
    2- هل تمتلك الحكومة أية حكومة في ظل احتكار الطغمة للسلطة والثروة، وهما أساس الفساد، سلطة  مساءلة الفاسدين ناهيك عن محاربتهم.
-في الميدان الاقتصادي طلع علينا المؤتمر بمقولة "اقتصاد السوق الاجتماعي" مؤكداً على "استكمال مشروع الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والإداري" فهل هناك معنى لذلك سوى إغلاق الطريق أمام الإصلاح السياسي والجمع بين اللبرلة الاقتصادية والاستبداد السياسي,  
أخيراً:إن السمة البارزة للتوجه الذي رسمه المؤتمر هي التضليل وإضاعة الوقت لتأجيل الاستحقاقات الكبيرة التي يتطلبها حلّ الأزمة الشاملة التي أوصلنا إليها الاستبداد, إذ لا تحل المشكلة بتأجيلها إلاّ إذا كانت مشكلة بقاء النظام واستمراره,لقد قال المؤتمر الكلمة الخاطئة "لا تغيير جدياّ في سورية" في المكان الخاطئ "مؤتمر حزب البعث" في الزمان الخاطئ "وقت تفاقم الأزمة", من هنا نرى في حزب العمل الشيوعي أن هذا المؤتمر يمثل خيبة لكل من علّق عليه الأمل وخطوة أخرى في مسار التدهور, ورغم كل ذلك سيحفز باعترافه العلني بالمشاكل القائمة وبعجزه وإحجامه عن حلها أطراف العمل الديمقراطي المعارض على التقدم في طريق الوحدة وتشديد النضال من أجل إلغاء احتكار السلطة وبناء سورية الديمقراطية. فلنقل كلمتنا الصحيحة ولنكن على مستوى التحديات.
حزب العمل الشيوعي
المكتب السياسي
16/6/2005
الإقصاء الاستباقي
 
تجاوز الماضي أصبح ضرورة ملحة لسورية ، وهو أحد أهم الخطوات للارتقاء بوعي جميع أبناء الوطن السوري فوق ماضي الدم والاحتراب والتوترات والعصبيات ، وهو بدون شك مطلب جميع السوريين الوطنيين المعنيين بإنقاذ سوريا مما هي فيه ومما هي معرضة له في المستقبل من تشرذم وانعطاف نحو التعصب والممارسات الثأرية ذات المرجع العصبوي.
والخيار الديمقراطي الوطني بما يشكله الآن من مدخل  لازم وحاسم لإنقاذ سوريا يستلزم تجاوز الماضي بمعاناته الضخمة وأثقاله الكبيرة التي ينوء تحت منعكساتها المواطن السوري في واقعه المعاش سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً.
فالوصول إلى العتبة النفسية التي يمكن معها تجاوز الماضي يحتاج - بلا شك – إلى مراجعة هذا الماضي نقدياً - وبعين تنظر إلى المستقبل – على أسس منهجية تتخذ من الجرأة على الاعتراف بالأخطاء والنواقص الذاتية مقدمة أولية للقراءة النقدية المدققة في تجربة وممارسات جميع الأطراف السياسية السورية في الماضي،( سلطة ومعارضة، يمين ويسار)، وبروح جدية تهدف أول ما تهدف إلى رأب الصدع في جسد الحوار الوطني الشامل بين جميع الأفرقاء، فهل يحدث هذا الآن؟
البعض ما زال مصراً على تغييب الآخر، إن على صعيد المشاركة في الحياة السياسية أو حتى في الحوار، وهذا الموقف المتشنج من قبل النظام السوري وافق هوى بعض أطراف المعارضة السورية ، فهل هناك خطر فعلي في السماح للأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية بالعمل السياسي في سوريا؟
الديمقراطية الآن ووسط هذه الموجة العاتية من الاختلالات والاهتزازات الدولية والإقليمية والعربية تشكل ضرورة لازمة لإعادة إنتاج الصيغ الوطنية الواعية والاستقواء بها على العصبيات والروابط الاجتماعية ما قبل الوطنية ( طائفية، عشائرية، إثنية، دينية... الخ ) التي – وللأسف- تشكل المشهد المجتمعي السوري راهناً.
إن الديمقراطية ليست صناديق انتخاب فحسب، وهي قبل أيّ تحديد معرفي لها سلوك وموقف من الإنسان الفرد، والفرد هنا مفهوم يحيل إلى الإنسان العضو في المجتمع التشاركي، ولا يستند إلى الفردية البدائية التي تمثل بواكير نشوء البشرية، إنه الفرد المواطن ضمن جماعة بشرية متوافقة على أن أفرادها أحرارٌ بفردانيتهم واجتماعيتهم وروابطهم الاجتماعية الديمقراطية، هذه هي الديمقراطية التي يحتاجها الوطن السوري راهناً ومستقبلاً، ديمقراطية الوعي، ديمقراطية الحقوق لا ديمقراطية الواجبات فحسب، فبالديمقراطية يصبح الحق هو المفردة الأكثر تعبيراً عن المواطن ومركزه القانوني.
وكي لا نغالط منطقنا في مقاربة مفهوم الديمقراطية، لابد لنا من الإقرار بأن الكتل السياسية الحزبية التي تنبني على أسس دينية هي كتل سياسية دون مستوى الديمقراطية التي أكدنا على محدداتها، وربما نتفق من حيث المبدأ مع أصحاب النيات الحسنة من الرافضين دخول الأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية إلى الحياة السياسية في سوريا بحجة غياب الديمقراطية الاجتماعية عن المرجعية التي تؤسس برامج الأحزاب الدينية، مما يدفع للخشية من ممارسات تمس صلب الحريات الاجتماعية التي توافق عليها السوريون منذ الاستقلال.
ولكننا لا يمكن أن نتفق مع أصحاب النيات السيئة لأنهم ليسو موضع ثقة لدينا في خياراتهم ومواقفهم وبرامجهم التي لم تكن في يوم من الأيام معنية بالشأن الوطني قدر عنايتها بمصالحهم الضيقة الدونية، ولاسيما في ترويج تصويرهم المبالغ فيه لقوة ووحشية وتطرف التيار الديني ودعاته في سوريا، وبالتالي استنادهم إلى هذا التصور للاستمرار في نظام مصادرة الحريات واحتكار السلطة وتخويف السوريين  – ولاسيما الأقليات الدينية والمذهبية- من وحش تطرف الأكثرية وتيارها الديني.
وفي ردنا على هذا الموقف الإقصائي الإستباقي نؤكد على ما يلي:
أولاً: إن الديمقراطية ليست هدية مجانية يقدمها نظام حكم سياسي لمواطنيه، إنها تضحيات من أجل الأسمى، والأسمى هنا هو الحرية بما هي شرط التكليف وممارسة العمل والالتزام بمسؤولية تنظيم وإدارة المجتمع، دون انتظار هبات الآخرين، وهي بالتالي مغامرة من أجل الأفضل وتحتمل قدراً من المخاطرة المتمثلة بممارسات لا ديمقراطية من قبل تيارات سياسية قد تشكل أغلبية في وقت من الأوقات وتعزف على وتر الدين أو الطائفة أو العشيرة، إلا أن هذه المخاطر من طبيعة الحراك السياسي ولا تشكل مبرراً لقبول غياب الديمقراطية خوفاً من انتكاسات قد تحصل كما قد لا تحصل، وإقصاؤنا استباقياً لمن نعتقد بخطورتهم مستقبلاً يمثل انتهاكاً للديمقراطية التي ننادي بها، وسلوكاً لا يختلف في جوهره عن سلوك الديكتاتورية، وسيكون الأمر كما لو قبلنا بالخروج من المغامرة قبل أن تبدأ فعلياً.
ثانياً: إن توسيع إطار الحريات إلى الحد الذي يسمح بتشكيل وعي وطني ديمقراطي يسهم في تكريس ثقافة الديمقراطية في المجتمع، مما يسمح ببناء وعي مجتمعي مؤمن بالمصالح الوطنية لجميع أفراده، ويدافع عنها سلمياً ضد أيّ محاولة لانتهاك العقد الوطني الذي توافق الجميع على الاحتكام إليه، والذي يجب أن يقوم على الثقة المتبادلة بين أطرافه في حماية الضمانات الأساسية للديمقراطية، ومثل هذا التوسيع للحريات يؤدي بالضرورة إلى ارتفاع مستوى حضور النخب السياسية والاجتماعية لتمارس دوراً وطنياً وإنسانياً وعقلانياً، تستطيع بواسطته مواجهة التحدي الهام المتمثل في التعبئة والتحريض على الانتماءات ما قبل الوطنية، وتشكل بالتالي رافعة للعمل الوطني الديمقراطي.    
ثالثاً: إن الأغلبية في النظم الديمقراطية لم تكن في يوم من الأيام أغلبية أبدية، فالأغلبية تجمعها دائماً التوجهات والرؤى والمصالح، ولهذا فهي معرضة باستمرار لإعادة التشكيل، بما في ذلك تحولها إلى أقلية كلما تنافرت المصالح والرؤى والتوجهات.
رابعاً: إن الإقصاء الاستباقي الذي يمارسه النظام السوري ويتفق في موقفه هذا مع بعض أطراف المعارضة يرجع في رأينا إلى انعدام ثقة هؤلاء بأنفسهم وتقصيرهم في تشكيل البديل الديمقراطي القادر على استقطاب الشارع.
ختاماً : نرى أن هذا الإقصاء الاستباقي يمثل شرطاً  يضعه الإقصائيون لدخول ساحة الحوار والمشاركة غير المفتوحة أصلاً، وهو بالتالي دعوة إلى بناء يفتقر أحد أهم ركائزه، فالتعددية السياسية تتطلب منافسة حرة وسلمية على السلطة من الجميع دون استثناء أو تمييز على أيّ أساس كان، ومنطق الوصاية والسيطرة على الحراك والحوار السياسيين منطق لا يمثل توجهاً جاداً نحو الديمقراطية، فما معنى أن ندعو للحوار مع الآخر ما لم يتضمن هذا الحوار حوارنا مع الآخر المختلف؟ هل يكفي لإطلاق الحوار أن نفصل آخراً على مقاس أطروحاتنا ونجلسه على طاولة الحوار كما فعل مؤتمر البعث ؟
هذه العقلية المنغلقة إحدى أكثر الأدوات قدرة على هدم وتفتيت النسيج الوطني ودفع المغيبين إلى أقصى درجات الانفعالية ، والعمل على برامج أكثر تطرفاً وتخلفاً، وفي نفس الوقت تقدم نفسها كخير مخلص وقائد للفئات التي يطالها التهميش والقمع، وربما بوسائل غير سلمية، وبالتالي تتهيأ الأجواء لبروز روح الثأر الاجتماعي والطائفي والأقوامي التي تقود الوطن إلى كوارث لا تحمد عقباها، سبق أن عرفها السوريون واكتووا بنارها، سواءً على أيدي المتطرفين المعارضين أو على أيدي متطرفي السلطة وأجهزتها الأمنية.
فهل هذا ما يطمح إليه دعاة التحديث والتطوير؟ 
انتبهوا أيها السادة! وطننا في مأزق، وحتى نخرج منه علينا أن نكون معاً، ولن نقبل بأقل من كامل الحقوق الديمقراطية لأبناء الوطن جميعهم.
عمر إدلبي
 
خطوة.. خطوتان
نذير جزماتي
كتب أحد الكتاب الأجانب عن المؤتمر التاسع لحزب البعث العربي الاشتراكي الذي عقد في حزيران 2000 أنه لم يغير مثقال ذرة لا في الاصلاح ولا في التحديث، رغم دخول أحد عشر عضواً جديداً إلى القيادة القطرية، إضافة إلى الرئيس بشار الأسد. وإذا أخذنا الجوانب الشكلية بعين الاعتبار فإن وزارة ميرو التي أعقبت المؤتمر ضمت غير البعثيين من داخل الجبهة الوطنية التقدمية ومن خارجها اكثر من كل الوزارات السابقة. وبدل أن تكون هذه الوزارة خطوة إلى الأمام كانت خطوة إلى الوراء على كل المستويات مما استوجب تغييرها بأسرع وقت ممكن. أما المؤتمر العاشر الذي عقد في حزيران الحالي فقد افتتح بكلمة للرئيس اعترف فيها بأن الأحداث دفعت المواطن إلى أن يعيد امتحان قناعاته وأفكاره بصورة غير مسبوقة. وبدل أن يعترف بمسؤولية الحزب والسلطة عن ذلك بالدرجة الأولى، «وضع الحق على الطليان» كما جرت العادة، وإن كان الأمريكان في ذلك حصة الأسد. ولا يقنع أحداً القول بأننا «حققنا خلال السنوات الماضية.. إنجازات هامة لامست مناحي حياتنا الاقتصادية والخدمية وأدت في مجملها إلى تحسين الوضع المعاشي للمواطنين». ولو كان ما قاله مقتنعاً به لما وعد بـ«تحسين شروط حياة مواطنينا (التي ) تمثل أولوية بالنسبة لنا جميعاً» وكرر القول بأن «أمامنا مسؤوليات كبيرة تجاه مواطنينا الذين يطمحون إلى المزيد في إطار تحسين واقعهم المعاشي والخدمي». مما جعل المؤتمر يشدد في بيانه الختامي على تحسين الأوضاع المعاشية للمواطنين سواءً من خلال تحسين الرواتب والأجور للعاملين أو تطوير الخدمات الاجتماعية وحل مشكلة البطالة ولم ينس الرئيس الفساد الذي تحداه وتحدى الرئيس حافظ الأسد قبله وهو «يشكل ـ حسب الرئيس بشار ـ مشكلة اقتصادية واجتماعية وأخلاقية تحتاج لآليات مكافحة أكثر نجاعةً وحزماً».
ودعا الرئيس رفاقه في المؤتمر إلى التعبير من خلال حوارهم ومقترحاتهم عن هموم الناس وتطلعاتهم. وسيكون مؤتمر معلماً أساسياً في تفعيل مؤسساتنا السياسية وتوسيع المشاركة الشعبية في صنع القرار الوطني والمزيد من الانفتاح على القوى الوطني، بما يعزز مكانة الوطن ويفسح المجال للجميع للاسهام في بناء مستقبل سورية وتقدمها.
ومن أهم الأفكار التي طرحت في البيان الختامي الذي صدر في 13/6 «تمسك الأمناء العامين لأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية بالأئتلاف الجبهوي مع حزب البعث» و«التزام استراتيجية السلام واستعادة أرضنا المحتلة» و«اعطاء الأولوية للعلاقة التاريخية الخاصة مع لبنان» و«تعزيز العلاقات مع جميع الدول العربية وتصحيح الخلل الذي اعترى العلاقة مع العراق» و«الاستمرار بتطوير العلاقات مع تركيا وايران» و«تتلخص علاقة الحزب بالسلطة برسم الحزب السياسات والتوجهات العامة للدولة والمجتمع وتحديد احتياجات التنمية والمراقبة والاشراف على تلك السياسات. وكتب صحفي سوري في 16/6 معلقاً على هذه الفقرة «بأنها صيغة عجيبة مستحيلة بفصل الحزب عن السلطة مع إبقاء جميع المناصب الهامة، في السلطتين التنفيذية والتشريعية بيد أعضاء في قيادة الحزب القطرية» وثمة مراجعة لأحكام الدستور بما يتناسب مع توجهات المؤتمر ـ حسب ما ورد في البيان الختامي المذكور ـ ودعم أجهزة السلطة القضائية واستقلاليتها، وتكليف الحكومة بوضع آليات ناجعة لمكافحة الفساد والحد من ظاهرة الهدر في المال العام. كما أكد على أهمية إصدار قانون أحزاب يعمق المشاركة الوطنية. ومراجعة قانون الانتخابات لمجلس الشعب والإدارة المحلية وتعزيز مبدأ سيادة القانون وتطبيقه على الجميع. ومراجعة قانون الطوارىء وحصر أحكامه بالجرائم التي تمس أمن الدولة. ويعرف القاصي والداني أن بإمكان الأجهزة الأمنية  اعتبار أبسط فعل يفعله الإنسان بمثابة جريمة تمس أمن الدولة كما حدث في الماضي ألف مرة ومرة.
 وأكد البيان المذكور على «ضرورة حل مشكلة إحصاء عام 1962 في محافظة الحسكة وتطوير المنطقة الشرقية وتنميتها» دون ذكر كلمة «الأكراد» كما أكد على «تعزيز دور المرأة ومشاركتها. وإعادة النظر بقانون المطبوعات.  واستكمال مشروع الإصلاح الإقتصادي والاجتماعي». الذي علق عليه الكاتب السوري المذكور بأنها صيغة أخرى مستحيلة لما يسمى بإصلاح تدريجي اقتصادي وإداري دون اصلاح سياسي، وصيغة أخرى ليست أقل غرابة مستجيباً لمصلحة المجموعة الحاكمة.
وتابع الكاتب الصحفي منذر بدر حلوم في جريدة «السفير» في 16/6 أن «ما يؤسف له أن حزب البعث بدا في مؤتمره الأخير أكثر تمسكاً بوهم السلطة من أي وقت مضى. أريد للبعث، وخاصة بعد الحركة التصحيحية، أن يكون جهازاً من أجهزة الحكم فكان طوع يدي الإرادة التي رأت ذلك . أما المهمة الأساسية التي أوكلت إليه بصفته جهازاً فهي إلغاء إمكانية العمل السياسي في سورية. وكان على البعث أن يلغي إمكانية العمل السياسي من خلال أمرين يقوم بهما معاً، أولهما: تبعيث جميع القادرين على العمل السياسي وتحويلهم إلى أدوات أمنية وأكف للتصفيق وأيدي للتصويت بالموافقة، وثانيهما: مد الجهاز الأمني جهاز السلطة الرئيس، بكل ما يحتاج إليه من معلومات عن البعثيين أنفسهم وعن غيرهم من المواطنين. وبالتالي التضييق على كل معارض محتمل وإغلاق الآفاق أمامه والمشاركة الفاعلة في تصفية الخارجين عن الطاعة. وثمة بعث غير بعث المؤتمر، وعلى هذا «البعث الآخر الذي عجز عن إيصال ممثليه إلى المؤتمر أو امتنع أصلاً عن المشاركة في لعبة محسومة النتائج مسبقاً، فعليه اليوم التعبير عن نفسه. ذلك أن الصمت في لحظة تاريخية كهذه شكل من أشكال المشاركة، شكل من أشكال التواطؤ. حيث أن تعنت المجموعة الحاكمة وممانعتها لأي تغيير جدي ينتقل بسورية إلى أفق جديد، يدفع بالواقع السوري إلى استقطابات حادة. وفي الوقت الذي لا تزال أبواب السلطة موصدة أمام الجميع، خلا من يتقاطع وجودهم مع مصلحة المجموعة الحاكمة، فإن أبواب المعارضة مفتوحة أمام الجميع...
ومن جهة أخرى، فإن «التعنت في القبض على السلطة وتقرير مصير سورية ومستقبل أبنائها إلى أفق محدود، لا بد أن يدفع السوريين باتجاه البحث عن آليات مضادة تمنع تحقق ذلك، آليات تقي الناس معاناة المزيد من البعث.. وبات كل ذلك يعني الدفع بالواقع السوري إلى صيغة لا يقبل معها إلا الكسر. وما يترتب على مستقبل لهذا النوع سيكون مسؤولية بعثية بامتياز.
 
حزب البعث من «الاشتراكية» إلى الليبرالية  
ح. عبد الرحمن
انعقد المؤتمر العاشر لحزب البعث الحاكم  في سوريا وسط تركيز إعلامي  ـ  عالمي ،عربي، محلي ـ   كبير. كان للنظام دور رئيسي في توجيه الأنظار نحوه، إن كان من زاوية أهمية التوقيت ،أو من زاوية ما سينتج عنه،أو ما أرادت السلطة إيصاله من رسائل للولايات المتحدة الأمريكية وللداخل السوري ـ السلطة هي القوة الوحيدة الفاعلة  في سوريا وعلى الجميع إدراك ذلك  وأخذ مصالح السلطة بعين الاعتبار  ـ   فأشبع المؤتمر العاشر نقاشاً سواء قبل المؤتمر وأثناء انعقاده وبعد انتهاء أعماله، إن كان من ناحية التوقعات، أو التوصيات والنتائج التي خلص إليها حزب البعث. وأخذت دائرة التحليلات تتسع سلباً أو إيجاباً للنتائج وعلى وجه التحديد : حالة الطوارئ وما يتصل بها ، قانون الأحزاب، قانون المطبوعات، والمجردين  ـ  ممن أسقطت جنسياتهم في إحصاء 1962 من الأكراد السوريين  ـ من الجنسية،  قضايا أربعة تركز الاهتمام عليها وحولها ، وأسقطت معظم  التحاليل قصداً،  الجوهر في قرارات  المؤتمر ، وهو انتقال وتحول حزب البعث إلى حزب ليبرالي على المستوى الاقتصادي وبشكل سافر؟؟!!.
ومن اللافت للانتباه ، زاوية تناول المؤتمر وتوصياته والتركيز كما أسلفت على قضايا ثلاث، ورغم أهميتها وأهمية  انتقاد التوصيات التي صدرت عن المؤتمر  القاصرة بشأن تلك القضايا، والذي ترافق بإغفال أي تعليق، أو موقف حول تحول حزب البعث والذي تعد الاشتراكية  أساً  من أساته ومعتقداته التثليثية ـ  الوحدة، الحرية، الاشتراكية ـ  إلى الليبرالية، حيث كانت تشريعات اقتصاديات السوق على رأس أولويات المؤتمر ـ  وهو المعني بالإصلاح الاقتصادي الذي روج له من قبل النظام والقوى والمثقفين ، دون تأمل نتائج التوجه على المستوى المجتمعي ـ  وهو التوجه الذي لا لبس فيه و حوله  في المؤتمر ، فإذا كان الغموض والقصور  يلف القوانين المتعلقة بالقضايا الثلاث المذكورة أعلاه، وما ينتج عنها من انتظار القوى والأحزاب السياسية، اشتراطات الترخيص للأحزاب والمطبوعات  والحد من حالة الطوارئ..والعدد الذي سيطوله إعادة الجنسية وما إلى ذلك...الخ  فإن التشريعات والقوانين الصادرة عن المؤتمر ذات التوجه الليبرالي الاقتصادي جلية وواضحة، ولكن مصالح من تخدم ؟؟ وهنا سأجتهد وأقول أنها تأخذ  مصالح فئات من البرجوازية البيروقراطية  ـ  الطبيعة الطبقية للسلطة السورية ـ   وتحالفاتها مع شرائح البرجوازية الأخرى من كومبرادور، و برجوازية تقليدية.
وإذا كان في مؤتمر حزب البعث من نقطة تحول جوهرية فإنها تكون بتحول الحزب الذي نشأ وتوسع على خلفية المسألة الزراعية في سوريا ـ  بما مثل من مصالح الفلاحين في ذروة نشاطه في الخمسينات ـ  والذي يعني  بداية القطيعة مع تلك الشرائح الطبقية رغم  محاولات الحزب نشر بروبا كاندا عن مصالح الطبقات الفقيرة  التي لا يزال حسب زعمه يمثلها.
هذه الخطوة التي ماطل فيها حزب البعث الحاكم في سوريا  منذ أواسط السبعينات والتحولات النوعية في البنية الطبقية والمجتمعية لقيادة حزب البعث. فإنه أبقى على علاقاته مع الطبقات الفقيرة من خلال مؤسسات الدولة والقطاع العام ـ وسائل وأدوات  النهب البيروقراطي ـ  بوضع عالمي ساعد النظام على الاستمرار به  ـ وأهم العوامل وجود دول أوربا الشرقية ـ  .
أما وأن تحولت معظم أحزاب أوربا الشرقية " الشيوعية " والآن الحزب الشيوعي الصيني إلى الليبرالية تبعتها  معظم  الكتل السياسية الماركسية السورية  كذلك المثقفين، الذين باتوا وأفاقوا على حلم الليبرالية ،الحلم الضائع ، وتشكيل كتل وتجمعات تدعي الليبرالية دون وجود أية مقومات اقتصادية أو سياسية سوى الرغبة في التخلص من السلطة الحاكمة ولو جاء من جاء ومن أي مكان جاء ولو الشيطان !! كردة فعل على القمع المتواصل للسلطة ـ  إقصاء المجتمع برمته مع تعبيراته السياسية ـ   فلا غضاضة لحزب البعث الذي تبنى الاشتراكية بعد مخاض طويل وصراعات دامية، أن يتبنى الرأسمالية التي لم يقطع معها ،اللهم إلا بالشعارات وما خدم مصالحه .
وهكذا لبى حزب البعث في سوريا طموحات المثقفين الحالمين بالليبرالية  ـ  لا يريدونها عن طريقه  ـ  وعلى طريقته . وهنا سأعود إلى الوراء، واعتقال الصناعي رياض سيف بسبب طموحه إنشاء حزب ليبرالي يمثل فعاليات وقوى اقتصادية ليبرالية .
 وبهذا التحول لحزب البعث يكون البعث قد حاول القطع على أي حزب ليبرالي يمكن أن ينشأ له قاعدة اقتصادية واجتماعية بعيداً عن هواجس مثقفين  ماركسيين في الغالب  ـ لعبوا دور وكيل عن الطبقة العاملة التي لا تعي ذاتها بذاتها، وانتقلوا لمحاولة أخرى في دور الوكيل عن الليبرالية دون التنبه إلى أن الليبرالية تعي ذاتها  وأسفي عليهم أن الليبرالية لا تحتاج وكلاء عنها والذي يدلل على العقلية الإرادوية المتحكمة أثرى انتقالهم إلى المواقع الجديدة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ونظرية فوكو ياما الليبرالية نهاية العالم والذي يعني تعويم التوجه الليبرالي .
وقد استفاد حزب البعث من التجربة الصينية كما استفاد من  آراء وتوجهات المثقفين السوريين الذين ذكرتهم قبل قليل،توجه مدعوم  بوجود قاعدة اقتصادية تساعده في التحول إلى حزب ليبرالي من طراز جديد وعلى طريقته الخاصة وبذلك يبقى الحزب هو قائد التوجه الليبرالي الجديد وما يعنيه بقاء بنية  السلطة في سوريا على ما هي عليه من حيث الجوهر في المدى المنظور  مع إجراء تعديلات هنا وهناك .
وهنا تبدأ اصطفافات طبقية وسياسية جديدة حول ومع حزب البعث أسها الطبقات الثرية في سوريا  ـ  هذا لا يعني عدم وجود خلافات وصراعات ما بين شرائح البرجوازية السورية المختلفة ـ وبالتالي لابد من طرح  سؤال حول شيوعيي الجبهة ، كيف سيستمرون في الجبهة مع حزب طبقي معاد، كانت بينهم مشتركات عدة ، والآن تراجعت؟ فهل يمكنهم التعايش مع حزب البعث الليبرالي؟ وأي برنامج مشترك بينهم ؟. وقد خصصت الشيوعيين بالذات باعتبار أن الأحزاب القومية العربية والسورية، هي أقرب إلى توجهات حزب البعث في حين مازال الشيوعيون يتمسكون بمصالح " الطبقة العاملة وتحالفاتها " ولو بالشعارات .
 
 
اقتصاد السوق وقضايا الصراع الاجتماعي الراهنة في سوريا
 
وردتنا هذه المادة من الكاتب رياض زهر الدين
انقسمت مواقف اليسار السوري خلال عقد التسعينات من القرن المنصرم ومطلع الألفية الثالثة من ظاهرة العولمة, بين فريق منتقد لها و يدعو إلى مقاومتها, معتبرا" ظهورها مؤشرا" قويا", على وجود أزمة اقتصادية مستعصية ستمنع استمرار تراكم الرأسمال داخل النظام الرأسمالي العالمي, وبالتالي فهو يتنبأ بقرب وقوع انهيار وشيك له؛ وقد أعتمد لإثبات صحة وجهة نظره تلك, على التبدل الحاصل في استراتيجية أمريكا العالمية بعد أن أصبحت قطبا" وحيدا" مهيمنا" عالميا",  في أعقاب انتهاء الحرب الباردة, بانتهاجها طريق الحرب كأسلوب وحيد لحل الأزمات الدولية الناشئة (1). و يقف قريبا" من وجهة النظر تلك, وجهة نظر أخرى لتيار ترو تسكي بدأ يتشكل حديثا" على الساحة السورية, و يدعو هو الأخر   بدوره إلى أقامة أممية جديدة تعد بشكل ما, أحياء" للأممية الرابعة, و مهمتها توحيد نضالات الطبقات الاجتماعية المهمشة سواء الموجودة في المراكز المتقدمة أو الدول الطرفية, وهي بالحقيقة الطبقات المتضررة من التوسع الجديد للنظام, من أجل الوقوف في وجه ذلك الوحش الرأسمالي, والمتمثل اليوم بنظام القطب الواحد (2). لذلك فهما يتفقان على صحة النظرية التي تقول: ( بقرب حدوث انهيار وشيك في النظام الرأسمالي العالمي, الأمر الذي يوفر الشرط التاريخي الموضوعي, لاندلاع  ثورة اشتراكية عالمية في المستقبل القريب , أو  على المدى المتوسط) .   
وبذلك نجد أنه  مازال هناك أمل عند هؤلاء بموت فجائي يصيب  النظام الرأسمالي العالمي بالسكتة الدماغية ,أسوة بالزلزال  الذي  أصاب الاتحاد السوفيتي السابق .  وذلك الأمل بقرب النصر, هو كلمة السر التي تقف  وراء خطهما السياسي المعادي للانفتاح الاقتصادي على السوق العالمية وللتوجهات الليبرالية المتوقعة للحكومة السورية في المرحلة الراهنة . وبالمقابل هناك فريق ثاني من اليساريين الذين استقالوا مؤخرا" من يسار يتهم وانتقلوا إلى مواقع الليبرالية الاقتصادية , تحت ذريعة الواقعية السياسية , وقد بدأ يدعو هذا اليسار إلى القبول بظاهرة العولمة كمرحلة حتمية يمر بها التاريخ العالمي ,  فمن وجهة نظره , فأنه من غير المجدي اليوم ولا المنطقي  , التمسك بفكرة الحماية الاقتصادية للسوق الوطنية التي كان يدافع عنها أنصار اليسار بالماضي , وذلك التغيير الحاصل برأيهم , لا يتوقف عند مقولات اليسار فقط , بل ينسحب بدوره على مفهوم اليسار نفسه, فوجوده أصبح بلا  معنى , وبرأيهم أن مفهوم التقدم أصبح مرتبط بشكل مطلق وأحادي الجانب , بفكرة الدور التاريخي الذي سوف تقوم به البرجوازيات الوطنية في نقل الديمقراطية إلى نظمها السياسية  وبإطلاقها اقتصاد السوق: ( الليبرالية بشقيها الاقتصادي والسياسي ) . و هنا يضعنا هؤلاء أمام حتمية اقتصادية عمياء شبيهة  بتلك التي تسير الطبيعة , لتطيح بكل نضالات الشعوب وتجعلها فاقدة المعنى . والمفارقة هنا تكمن بأنه في الوقت الذي يدين فيه هؤلاء تجربة الثورة الروسية تحت اسم طغيان( النزعة الإرادية) عند النخب الثورية ( المبدأ الشمولي ), نجدهم  يشرعنون لاستبداد آخر , أكثر قسوةً وأشد مأساويةً وظلاماً قائماً على تحكم قوانين الاقتصاد والتاريخ بمصير البشر , لنصبح أمام مجتمعات فاقدة الأمل  و بلا يوتوبيا  تحثهم على التغيير , عندما تضعهم أمام  قوانين عمياء تدير ظهرها لكل النضالات التي من الممكن أن يقدموها في سبيل إيجاد حياة  أفضل  أكثر عدالة وأكثر إنسانية على ظهر هذا الكوكب .
أما في خندق السلطة المقابل, فنجد أيضا" تباين حاد بالمواقف  داخل صفوف حزب البعث الحاكم, وهو   يخفي صراع  أيديولوجي  وتجاذبات  عنيفة  بين مراكز القوى , وهي تجاذبات قابلة لتتحول في كل لحظة  إلى صراع  سياسي  يعيد خلط أوراق اللعبة من جديد , لذلك نجد الكثير من الارتباك وعدم اليقين تسيطر على مواقف السلطة بخصوص قبولها أو رفضها ل( مبدأ اقتصاد السوق ) , وهي حالة شبيهة بحالة عدم اليقين تلك الموجودة في خندق النخب اليسارية . وقد ظهر ذلك الارتباك واضحاً, من خلال تأخر انطلاقة مسيرة الإصلاح الاقتصادي التي بشر بها النظام عند مجيء  الرئيس الأسد إلى السلطة , و من مسار المفاوضات الطويل الذي قطعته القيادة السورية مع الاتحاد الأوربي بخصوص اتفاقية الشراكة الاقتصادية معه,  وبدأ ذلك الصراع يعكس نفسه أيضاً عبر وسائل الأعلام الرسمية على شكل حوارات أكاديمية بين مختصين , وكذلك بدأنا نسمع الكثير من الاعتراضات الصادرة عن مؤتمرات النقابات العمالية على أية أندفاعة فجائية محتملة من قبل الحكومة بأتجاة الخصخصة تعرض الطبقة العاملة للوقوع في شرك البطالة و تدفع بالطبقة الوسطى السورية نحو انهيار مفاجئ , يسقط الأساس الاجتماعي الذي تقوم علية سلطة البعث ويقود البلاد إلى صراع طبقي حاد(3) . ولكن مع انعقاد مؤتمر البعث القطري العاشر المصادف في( 6حزيران 2005) , حسم النظام خيار تطوره الاقتصادي باتجاه( اقتصاد السوق الاجتماعي ) . وبالتدقيق نجد أن ذلك المصطلح يحمل الكثير من الوعي  الملتبس أكثر مما يقدم حلولاً,  فهو  يضمر الممانعة  للإصلاح وعرقلة التقدم باتجاه اقتصاد السوق , أكثر من الرغبة باعتماده .     لماذا .  .  وأين ؟ !                                                             ففي حين يؤكد ذلك المفهوم على تمسك الشريحة العليا من البرجوازية السورية المسيطرة بدور الدولة المحتكرة للتجار تين  الداخلية والخارجية , والذي لعبته دولة البعث منذ عام 1963 تحت غطاء شعار( الاقتصاد الاشتراكي المخطط مركزيا") , نجده اليوم يقبل  بخصخصة الدولة لبعض شركاتها ومؤسساتها الخاسرة , وبالتالي فتح السوق الداخلية للمنافسة الجزئية مع القطاع الخاص المحلي والدولي . وإذا ما أردنا استخلاص بعض النتائج  مما سبق , يمكننا القول :
1- إن برجوازية الدولة السورية ما زالت متمسكة بقطاعها الاقتصادي الذي تديره وفق (القانون الرأسمالي) , والقائم على نهب فائض القيمة المتأتي من قوة عمل الطبقة العاملة السورية   لمصلحة المجتمع بالاسم فقط  , بينما هي في حقيقة الأمر تعطي لنفسها حق التصرف المطلق بتراكم رأسمال المتحقق  عبر تبديده بالهدر والنهب المنظمين , دون أن يمتلك المجتمع آليات خاصة به, آليات مراقبة، محاسبة ومشاركة في صنع القرار الاقتصادي والسياسي وبالتالي هو قطاع في مضمونه الفعلي يبقى ملكا" لبرجوازية الدولة المسيطرة وليس للمجتمع, و بالمقابل هي  تقوم بطمس  الحقيقة التي تقول : بأنها المسئولة  أولا" وأخيرا" عن الخسائر التي يتعرض لها ذلك القطاع ؟ !
2- وطالما برجوازية الدولة السورية عبر مؤتمرها العاشر , لم تضع آليات تتيح  للمجتمع ممارسة حق محاسبة المافيات التي نهبت وأفسدت الضمائر وأقصت وقتلت , ولم تعطِ  للطبقة العاملة حق  المشاركة الفعلية في صناعة القرار الاقتصادي داخل فروع الإنتاج  ,فأنها مازالت مصرة على احتكارها للثروة ومن ثم  السلطة معا" , وكل الذي فعلته في خطواتها الإصلاحية هو مجرد قبولها بمبدأ الخصخصة  الجزئية , بينما هي رفضت مبدأ  الخصخصة الشاملة , متجاهلة أن خطورة الخصخصة تكمن في  عدم سلامة وشفافية الإجراءات , وليس في المبدأ في حد ذاته .
3- وبخصوص قبولها بفتح السوق الوطنية على المنافسة وتخفيف الاحتكار فأن الشعار المطروح من قبل البعث , يدل بشكل واضح على الرغبة بمسك العصا من منتصفها , والسوق لن تكون مفتوحة على منافسة متكافئة , إلا على طريقة منافسة( رامي مخلوف) التي تثبّت الاحتكار أكثر مما تنفيه , وذلك بفتح طريق المنافسة أمام عدد محدود من القطاع الخاص هم :( العشرة المبشرون بالجنة ).
ولسنا ندري فيما إذا كان الرئيس الأسد يدرك أن هذه الفرصة هي بالقطع ستكون آخر الفرص أمام الإصلاح ؟  ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا , ما هي خيارات الإصلاح الممكنة أمام النظام, فيما لو كتبت الغلبة لمصلحة قوى الاعتدال والعقلانية بداخله ؟ بداية لابد من التوقف عند بعض الفرضيات النظرية الزائفة قبل الإجابة على ذلك السؤال .
بالحقيقة لو دققنا  عدد من النظريات المتداولة حول دور الدولة الاقتصادي عند أنصار العولمة وخصومها , فسوف نجد الكثير من الزيف في الأساس النظري الذي تقوم علية مقولات وفرضيات  الفريقين, وأولى هذه الطروحات النظرية الزائفة التي يتقدم بها أنصار العولمة من الليبراليين الجدد ,  تلك التي تقول :
أولا"- بأن مرحلة العولمة تلغي دور الدولة الوطنية الذي كانت تلعبه سابقا" على الصعيد الاقتصادي , بحيث أصبح دورها يتنافى مع التدخل في التجارتين  الداخلية والخارجية عن طريق الاحتكار والحماية ا لجمركية , و المطلوب راهنا" فتح السوق المحلية في وجه المنافستين المحلية والدولية فالنظام الرأسمالي في سياق تطوره العام , يميل نحو التجانس التام  بين مراكزه المتقدمة وأطرافه المتخلفة ,ومن ثم فأن تطور البلدان النامية وفق ذلك التصور يصبح أحدى مهام المراكز المتقدمة  كقاطرة لتطور البشرية. مشكلة تلك الرؤية تكمن في أن مجمل التاريخ الاقتصادي العالمي يدحضها وعلى طول الخط , فالنظام الاقتصادي القائم على نظام القطب الواحد المهيمن على مجمل الاقتصاد العالمي , يلجم تطور ليس فقط البلدان المتخلفة , بل حتى تطور الدول الصناعية السبع أيضا" , وهو السبب  الحقيقي الذي جعل دول أوربا العجوز , تندفع لمعارضة الاستراتيجية الأمريكية الجديدة , الرامية للسيطرة على نفط الشرق الأوسط بشكل منفرد بعد أحداث 11 أيلول 2000   . وذلك عندما اكتشفت أن أمريكا ترفض المنافسة الشريفة بين الدول المتقدمة , ومن ثم هي ترفض بروز أقطاب جديدة منافسة في العالم   .  مما سبق نخلص إلى أن القسم الأساسي من عبء التنمية يقع على كاهل الدول النامية عبر   ترشيد الأنفاق ووقف الهدر وتنظيم قوى الإنتاج  والسهر على حماية المصلحة الوطنية في التعامل مع قوى السوق  العالمية , وذلك بما يخدم تطور القطاعين الحكومي والخاص معا" .
– أما الخطأ الثاني الذي يقع به هؤلاء  ,هو نسبهم  فكرة الدولة التي لا تمارس الحماية الجمركية لسوقها الوطنية , لتاريخ الدولة الليبرالية في القرنيين الثامن والتاسع عشر , وهذا محض افتراء, لأن العكس هو الصحيح , فالدولة الليبرالية من الناحية التاريخية أكتفت بعدم التدخل في المنافسة على صعيد السوق المحلية فقط , بينما هي مارست الحماية الجمركية و بكثافة شديدة ,الأمر الذي دفعها في الكثير من الأحيان لشن الحروب الخارجية ضد الدول المنافسة , وتاريخ الحروب الاستعمارية الأوربية أكبر شاهد على ذلك.
- والخطأ النظري الثالث الذي يقع به هؤلاء هو قولهم بأن الحماية الجمركية هي حاجة ضرورية لتطور القطاع الحكومي فقط , أما القطاع الخاص فهو ضد تطبيق السياسات الحمائية .
وهذه خدعة  ليبرالية جديدة أيضا" , فقد أثبتت تجربة دول النمور الآسيوية التنموية ,على أن القطاع الخاص ربما كان بحاجة إلى الحماية أكثر من القطاع الحكومي , ولاسيما في مرحلة الإقلاع .
رابعا"- أما فيما يتعلق بالطروحات  التي يروج لها فكر النظام البعثي منذ أربعة عقود من الزمن , فحجم  التضليل الأيديولوجي فيها أوسع , وتهافت طروحاتها  أكبر , حيث دأبت الماكينة الإعلامية للبعث إلى تكرار الفرضية التي تقول: بأن نجاح عملية التنمية ورفاهية الطبقات الشعبية مرتبط بتطور قطاع الدولة الاقتصادي وحده فقط  . وقد كشفت تنمية أربعة عقود من الزمن  عجز رأسمالية الدولة في ظل السيطرة لبرجوازية دولة البعث عن تحقيق اختراق اقتصادي  ليس بسبب السياسات الحمائية القاسية التي طبقتها سابقا", بل على العكس من ذلك , بسبب تبعيتها الاقتصادية للخارج , وخير دليل على تبعيتها , هو فسادها والهدر الذي مارسته للمال العام. وفي الختام نستطيع القول : بأن هناك عدة ممكنات أمام النظام إذا ما أراد الإصلاح الاقتصادي في الفترة الراهنة  , يجب أخذها حزمة واحدة  لا  تتجزأ  وهي :
1- إفساح  المجال إمام برجوازية المدن السورية للمشاركة في عملية النهوض الاقتصادي وفي المشاركة الفعلية في صناعة القرار الاقتصادي, بعد أن تم إقصاؤها عن المشاركة في عملية التنمية على يد برجوازية الدولة البعثية منذ عام 1963 .
2- استغلال الضمانات الاقتصادية التي سوف تقدمها دول الاتحاد الأوربي لإعادة هيكلة القطاع الحكومي بما فيها الخصخصة بما يضمن عدم حدوث هزات اجتماعية عنيفة .
3- ولكن الخطوة السابقة لن تنجح ما لم يتم وقف هدر المال العام ورفع وصاية برجوازية الدولة السورية البعثية المطلقة على مقدراته , والحد من فسادها وهيمنتها السياسية والاقتصادية وذلك بإنهاء احتكارها في إدارة السلطة والثروة الوطنية معا", وترجمة ذلك على الواقع يعني : انتخاب برلمان وطني مستقل عن سلطة البعث ويعكس تمثيل شعبي حقيقي , وأيضا" وجود سلطة قضائية مستقلة , وصحافة وطنية حرة تتمتع بصلاحيات السلطة الرابعة في الدستور , وأخيرا"  توسيع حجم مشاركة الطبقة العاملة السورية في صناعة القرار الإداري والاقتصادي داخل فروع الإنتاج وهذا يعني في نهاية المطاف تقليص صلاحيات الإدارة البرجوازية في ذلك القطاع , بإعطاء الحق لكل عامل عندما تتوفر لديه معلومات تتعلق بهدر ونهب المال العام من قبل الإدارة , بالتقدم  إلى القضاء بصفته مدعيا" يمثل الحق العام أمام القضاء المختص .  
الهوامش :
(1) الحزب الشيوعي السوري – تيار قاسيون/ راجع عدد جريدة قاسيون  رقم (230) + تقرير المؤتمر العاشر الاستثنائي جريدة قاسيون رقم (214).
(2) حركة مناهضة العولمة في سوريا .
(3) راجع الحلقة النقاشية حول دور الدولة في التنمية ( جريدة الثورة تاريخ 29-12-2004+ جريدة الثورة تاريخ 12+13 -1-2005) ( الثورة 28-12-2004  + الثورة 15-1-2004 ) + راجع مقال : الحكومة نحو الخصخصة .. والنقابيون يرفضون – جريدة قاسيون رقم (228 )
 
 
اعتقال جند الشام  رسائل لمن؟ ومن؟
ح. عبد الرحمن
أعلن الأعلام السوري عن ضبط واعتقال مجموعة كبيرة  من التكفيريين  الإسلاميين ـ تنظيم جند الشام للجهاد والتوحيد ـ بعد اشتباك مسلح ما بين القوة الأمنية ومجموعة المتطرفين الإسلاميين ، قتل عنصر أمن وجرح آخر وقتل أثنين من الإرهابيين، وألقي القبض على الثالث، هذا ما جاء في الصحف والإعلام السوري الرسمي .
هذا الخبر الذي أخذ مساحة من الإعلام الرسمي السوري والعربي ، ولم يأخذ نصيبه من التحليل، لماذا  الاعتقال الآن ؟ ولمن وجهت رسالة  الاعتقال؟.
هناك اعتقاد عام سائد أن المتطرفين الإسلاميين لن يدخلوا في مواجهة مع السلطة السورية في المدى القريب، إن كان بسبب موقف السلطة من الاحتلال الأمريكي للعراق، أو كان لجهة دعم السلطة السياسي للقوى الإسلامية المسلحة في كل من لبنان وفلسطين ، وبالتالي فإن الإسلاميين الجهاديين ليس لهم أدنى مصلحة في فتح صراع مع السلطة في سوريا من باب البراغماتية السياسية البحتة على الأقل .
هذا التحليل في حال تبنيناه، إلى ماذا يفضي وللوهلة الأولى ؟.
أعتقد أننا سنتجه إلى أن السلطة في سوريا ، والتي  يقول عنها الأمريكيون " أنها ترعى الإرهاب في المنطقة  " أرادت أن ترسل رسالة إلى عائلة الحريري ومن يقف وراءهم  سواء السعودية، أو الولايات المتحدة الأمريكية أو فرنسا ـ مع احترامنا للعائلة  فالمواقف تتخذ وتبنى  على أساس  المصالح السياسية والاقتصادية الآنية أو البعيدة  والاصطفافات الأخيرة التي جرت في لبنان  ضد الوجود السوري ، تصب في هذا السياق ـ والتنظيم الذي تم ضبطه في دمشق هو من أعلن  مسؤوليته عن اغتيال الحريري، وربما ضرب تلفزيون المستقبل ، وجاء توقيت الاعتقال  بعد اغتيال الصحفي سمير القصير والأصابع  التي وجهت نحو أجهزة الأمن السوري ودورها  في عمليات الاغتيال التي وقعت في لبنان ( ابتداءً من مروان حماده  وحتى سمير القصير).
وبذلك  تقدم السلطة في سوريا رسالة  لبعض قوى المعارضة اللبنانية الذين كانوا حلفاءها حتى الأمس القريب، أنهم لن يسمحوا لهذا التنظيم بالقيام بأي عمل إذا تمكنوا من ذلك ، وبهذا السياق تأتي خطوة الاعتقالات الأخيرة .
وهناك رؤية أخرى تعتمد على ما ورد في  رواية الأمن السوري، أن التنظيم  خطط للقيام بعمليات تفجير داخل القصر العدلي بدمشق ، إذا صح الخبرـ وهو وارد إذا ناقشنا بنية الفكر التكفيري تجاه الآراء والطوائف والديانات الأخرى ـ وقد جاء الخبر بعد انتهاء مؤتمر حزب البعث الأخير، وبعد أن اتضحت توصياته بشأن قانون الأحزاب الذي يستبعد تشكيل أحزاب دينية وعرقية واثنية ، فقرر التنظيم البدء بالاعتراض على القانون المذكور في رسالة تهنئة معارضة  لمؤتمر حزب البعث.
والرسالة الأخرى  هي لدول العالم و للداخل السوري بحيث يظهر النظام أنه مستهدف من قبل التيار الأصولي الإسلامي وعلى المجتمع السوري  وتعبيراته السياسية الالتفاف حوله ودعمه لأن  الذاكرة الجمعية السورية لا تزال تحفر فيها آثار  الصراع الدامي ما بين التيار الأصولي الإسلامي والنظام،  إضافة إلى الآثار المدمرة لبنية المجتمع السوري، إذ تسبب الصراع في ازدياد نزعة العنف من جهة ، ومن جهة ثانية ازدياد الشرخ العامودي في المجتمع السوري ـ الطائفي ـ .
وإذا كانت السلطة في سوريا فعلياً  تغض الطرف حتى الآن عن نشاط الإسلاميين  في محاولة لا بقائهم تحت مظلتها، فهل بدأ ت السلطة بضرب هذه  المجموعة لتنتقل إلى البقية؟ سؤال علينا الإجابة عليه ضمن المعطيات الداخلية والإقليمية والدولية!!.
حول اللقاء الوطني الديمقراطي في دير الزور : 2005 :
إعداد: رياض درا ر*
ـ الاستاذ رياض درار أرسل المادة قبل اعتقاله وفي هذا السياق نطالب النظام بإطلاق سراحه ـ
أكثر من عام و نصف مضى على توجيه رسالة للسيد رئيس الجمهورية من مثقفين و نشطاء يشرحون فيها أهمية عقد مؤتمر وطني ، و يذكرون الظروف و الأسباب الداعية و يطلبون منه أخذ المبادرة في هذا الاتجاه . .
ومنذ عام مضى جاءت محاضرة الناطق الرسمي للتجمع الديمقراطي في منتدى الأتاسي . نحو عقد مؤتمر وطني . . تشرح وتبين وتدعو . . ولا من مستجيب.
لم يستجيب النظام . . و جرت مياه كثيرة ، لم تجد فيها ترحيل الأزمات ، ولا تبديد الوقت عبر أساليب بالية و أدوات صدئة . . و لا مسلسل التراجعات المستمرة وآخرها الخروج من لبنان .
و الأزمة اليوم مستمرة . . أزمة سلطة . و أزمة معارضة . عجز في القيادة . و انعدام في القرار . عداك عن الطبيعة الأمنية التي أدخلت السلطة في نفق المناورات و ربما الوقوع في شرك جرائم مغفلة أو متعمدة . . و شيوع الفساد الذي استشرى و شمل جميع مداخل السلطة و فروعها.
وإذا أمكننا تشريح الأزمة فسوف نرصد النقاط التالية:
1- ضعف فكرة التعاقد السياسي: التي تؤسس لشرعية الاختلاف ومشروعية الحوار و حتمية تداول السلطة . مقابل سيطرة الحزب الواحد وشعاراته المحنطة .
2- انعدام الشرعية الدستورية: وهيمنة ما يسمى الشرعية الثورية على حقوق الإنسان . وأدخلت البلاد في حالة طوارئ ونظام تسلطي أبوي من ثنائية الطاعة و الولاء مقابل الحماية والرعاية و النصيب من الغنيمة .
3- غياب الدستور: حيث لا يمثل الدستور الحالي إلا من وضعه .. وهو يختزل الأمة في صلاحيات شخص الرئيس . الذي يأخذ كل القرارات . ولا يسأل عما يعمل . والذي يرهن الأمة لقيادة حزب . صار وصياً على كل شيء .. دون أن يستطيع تجديداً أو يحاول تغييراً ..
4- انعدام الرغبة في السياسة: .. بسبب التسلط الممتد والقمع المدمر و العناء المستمر لكل من يتجاسر على التعبير أو يسعى لتنظيم لا يقوم وفق أهواء السلطة و التبعية لها . يزيد ذلك بلاء غياب منظمات المجتمع المدني التي يمكن أن يحتمي بها الفرد ..
من هذا كله كان لا بد أن يتداعى العديد من القوى الوطنية لعقد أكثر من لقاء تداولي تهيئة لليم المنتظر .. ليوم عقد مؤتمر وطني شامل .
وما لقاء دير الزور إلا واحد من هذه اللقاءات فقد دعت اللجنة الوطنية الديمقراطية إليه . وطلبت مشاركة أوسع طيف وطني ديمقراطي للنقاش في محاور أربعة . ( المحور الوطني - المحور الديمقراطي - ومحور حقوق الإنسان ـ ومحور ما الحل) ..
وكان من نتائج هذا التداول النقاط التالية :
أولاً:- في المحور الوطني:حيث المواطنة تعني الانتماء إلى الوطن .. والوطنية هي حب المرء لبلده الذي يستلزم الدفاع عنه وتفضيله عن غيره.وهي شعور قبل إن تكون فكرة سياسية .فالانتماء إلى وطن لا يحصره عرق ولا مذهب ولا طائفة .إنما هو انتماء إلى أرض تتغلغل في كيان المرء بهوائها ورياحها بترابها وشجرها ..... بقسوتها ولينها والمستوى التاريخي لمفهوم المواطنة.يستدعي مفهوم الدولة إذ الدولة في ارتقائها أو تخلفها تحدد معنى الوطن والمواطنة.فالوطن مجاز ذهني و وجود مادي بآن واحد وهو يتطلب وجود شعب يمارس السياسة عبر سلطة منتخبة راعية له .وخادمة غير متحكمة ولا متجبرة.وبالتالي فهي تنطوي على الحرية والعدالة والمساواة والكرامة الوطنية.إن مفهوم الوطن كانتماء طوعي طليق يعبر عن وعي تاريخي متقدم , لأن الوعي الإنساني في ضيقه واتساعه يتحدد بطبيعة الراجع التي يأخذ بها .
والقول بالوطن اعتراف بتساوي البشر الذي يفرض تساوي الانتماء إلى تاريخ مشترك , من غير تمييز في دين أو لون أو إقليم . والوطن في التحديد الأخير هو إبداع سام تصوغه الذوات الحرة ، مثلما يسمح بتجديد صياغة الذوات التي صاغته .
والوطنية علاقة بين البشر والأرض , فهي شعب وجغرافيا , والمواطنة هي العلاقة بينهما . فإذا جاءت سلطة من الشعب وصادرت هذه العلاقة بمواقفها الوصائية حصل الاغتراب . والغربة في الوطن تستوجب الاعتراض , والمعارضة الوطنية لا يستطيع أحد أن يلغيها لأنها حق ثابت وطبيعي وتاريخي وقانوني وفكري وواقعي لكل من يشعر بالاغتراب في وطنه ..
وسوريا وطنٌ لكل أبنائها منذ الممالك الأولى قبل الميلاد وما زالت تعددية في نموذجها الديني والإثني . وهي بلد التعدد السياسي . وهي بلد التعايش المشترك رغم الاختلاف والتنوع . وهذا التعيين للوطن السوري يتطلب استمرار الحوار الثقافي بين جميع أبنائه ، على أرضية الاعتراف المتبادل ، والتعامل الندي للجميع ..
إن الذي شوه الوطنية ، ومسخ معنى الوطن السوري هو قمع الدولة ، وقهرها لحساب طبقة و حزب أبرز تباينات بين القوى ، ووسع الغربة بين أبناء الوطن واستدعى المعارضة في المواقف .
ولعودة الشعب من غربته ، لا بد من عودة أفراده إلى السياسة و المشاركة في تحقيق معنى الوطنية .
إن تماهي الدولة بالحزب ، وتماهي الحزب بالسلطة . والسلطة بالفرد القائد والاتكاء على أجهزة الأمن في فرض الولاءات .حرف السياسة عن أهدافها وغاياتها ووسع دائرة الفساد,والنهب والرعب والخواء السياسي والمدني, وإن بداية عودة الشعب من غربته
تكون بإزالة هذه المعوقات ........ التي تبدأ برفع الحيف وإعادة الحق .... بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين طوعاً أو قسرا ًو تجنيس غير المجنسين .والمحرومين من الجنسية.وبالاعتراف بحق الجميع في عيش كريم على أرض الوطن.
إن للسلطة دورا في إضعاف الوطن .وفي إدخاله في مشكلات داخلية و خارجية لا حل لها إلا بالتداعي لمؤتمر وطني شامل يلقى القبول من أبناء الشعب ، ويلزم السلطة بالتعاطي مع نتائجه . نحو انفراج تام يشمل الجميع . و لمصلحة الجميع .
ثانياً: المحور الثاني : الديمقراطية:..
والديمقراطية وسيلة لكبح جماح حكم الفرد ، وتقليم أظافر التسلط السياسي ، يعتمد جوهرها على اختيار الناس لمن يحكمهم ويسوس أمرهم ، ولا يفرض عليهم حكماً يكرهونه وهي تمكنهم من محاكمة الحاكم إذا أخطأ ، وحتى من عزله وتغييره .
وتداول السلطة الذي يقوم وفق حركية صندوق الاقتراع وانسجاماً مع التعددية الفكرية و السياسية هو مطلب ديمقراطي ، يقوم على أساس حق الجميع في أخذ فرصتهم في وطن واحد يتعايش فيه الجميع على أنهم شركاء لا أتباع .
وأكبر إساءة للديمقراطية هو الحديث عنها كشكل بلا مضمون . فالمضمون الوطني للديمقراطية يشكل حصانة للجماهير وهي تعتصم أو تتظاهر أو تعبر عن حاجاتها ومطالبها بأساليب علنية ووسائل سلمية . وبالتالي فان دعوى الوطنية بعيدا عن ممارسة الديمقراطية قد يجمد البرلمانات ويقيد الحريات ويؤبد السلطات . ويقصي المخالفين في المواقف والآراء وبالديمقراطية يمكن الخروج على الحكم الشمولي، فالديمقراطية هي مخرج من مآزق الاستفراد بالسلطة ومن الوصايا على الشعب ومن الهيمنة والاستبداد .
ويتطلب ذلك إصلاح طبيعة السلطة وتوزيع القوة و إقامة بنى مؤسساتية وحركة مجتمعية تشكل روافع للتحول نحو الحرية ونحو العدالة في الحكم ويساعد على ذلك أن يضمن الدستور الحقوق والحريات المطلوبة ، وعدم تقييدها ، وتوسيع مظلة الشرعية الحامية لها عبر نظام قضائي مستقل ، ومراقبة عدم الإهدار في الحقوق ، وتكريس المساواة بين عناصر النسيج الوطني وكفالة الحريات ، وعدم التفريق بين جنس وجنس ولون ولون وطائفة وأخرى والقضاء على كل أشكال التمييز بين الجماعات ، وبين الأفراد ويتطلب ذلك استخدام آليات فعالة لضمان نزاهة الانتخابات ، وتعددية الأحزاب وأن يكون أكثر من مرشح لرئاسة الجمهورية .. ومن كل الأحزاب لا من حزب بعينه . وهذا يتطلب إلغاء حالة الطوارئ التي هي ممارسة دائمة ومستمرة لإرهاب الدولة ، وهي تساهم في كبت الحريات .
إن مبادئ الديمقراطية بما فيها من سيادة للشعب ومن سيادة للقانون ، والمساواة وضمان الحريات الأساسية في التعبير والتنظيم والاعتقاد ، وما يفترض ذلك من تعدد وتنوع وحرية الاختلاف . تتطلب وجود الصحافة الحرة والإعلام الحر ، ومراكز البحث والمنتديات المفتوحة للجميع . وتكون السلطة مراقبا وحكما لا حاكما على الأفراد والجماعات . وهذا يتطلب تداول السلطة بين القوى الفاعلة على الأرض وفصل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية . وعدم الارتهان للسلطة التنفيذية وحدها .. لأنها بغير ضوابط تمثل الأساس البنيوي للاستبداد .
ان المضمون العميق للبرنامج الديمقراطي هو في وضع حد للنظام الشمولي وتحرير الإنسان ودفعه للعمل وبذل الجهد لتحسين ظروف حياته ، وتعميق ثقته بنفسه وبقدراته الذاتية .
ثالثاً: محور حقوق الإنسان :
تشكل حقوق الإنسان ، و الحرية في صميمها وحدة غير قابلة للتجزئة نظراً لتداخلها و تكاملها. و الواقع أن الحريات في بلدنا مستلبة مما يضعف مناعة المواطنين ، و قدراتهم على النهوض .
إن السلطة الشمولية تتصور المواطن الصالح في خضوعه و في طاعته لها وعدم مشاركته إلا فيما تطلب منه. فهو لا يَسأل و لا ُيحاسِب . و في ظل
هذه الهيمنة بصورتها الأبوية أو القسرية يصطدم المواطن بثقافة القمع و القهر التي تمارس في وجه كل ظاهرة حيوية و تستهدف الأحرار النشطين في مجال حقوق الإنسان .
إن الحكم التسلطي و هو يخشى من حرية الرأي و التعبير يشدد قبضته على النشر ، وعلى المؤسسات الإعلامية، . . وما تزال أحكامه القاسية في ضل حالة الطوارئ ، و أحكامه العرفية تلاحق الصحفيين الأحرار ، الذين تعرض بعضهم للأحكام القاسية ، و بعضهم للضرب و الإهانة . و الاعتداءات البدنية و الاحتجاز و إغلاق الصحف . و تسطيح الأفكار و تكرارها .
وقد عانت حرية الإبداع من قيود السلطة السياسية حيناً ومن الفهوم التقليدية للسلطة الدينية التي تضيق بالأحرار من المجتهدين فتمارس عليهم أحكاماً نقدية عنيفة أو تزييغ و تضليل وربما استخدم العنف ضد بعضهم .
وتعاني حرية التنظيم و تشكيل الأحزاب من قيود سببها قوانين ينص عليها دستور البلاد نفسه . حيث تتضمن قيادة حزب واحد للدولة و المجتمع و يرتهن الجميع لشعاراته و قراراته . التي تفرض على كل مشروع بفكر أو تنظيم .
إن هذا الواقع أدى إلى تغييب الممارسة الديمقراطية داخل الحزب نفسه و داخل الأحزاب المشكلة .. فهي تتميز كحزب السلطة في سلطويتها و عصبيتها الحزبية .و في الحيلولة دون الأعضاء في رسم سياسات الحزب و برامجه أو تعزيز النقد و تفاعلاته .
كما أن التشريعات الناظمة تقيد حرية تكوين الجمعيات و المنتديات و تخضعها عندما تنشأ لأشكال مختلفة من الرقابة والإشراف ، و التدخل في سياساتها و حلها أو تعليق نشاطها مالم توافق هوى السلطة. وقد قاد تقييد العمل المدني إلى الاحتماء بالولاءات الضيقة من العصبيات ما قبل الوطنية، مما يشكل تراجعا في خط التحديث والمدنية.
إن السلطة استولت على النقابات و الاتحادات المهنية و أخضعتها لسياستها فغاب التنافس النقابي ، و ضعفت روح المبادرة ، مما أفقدها الغرض من إنشائها فصارت مواقع للفساد و الإفساد و المشاركة مع الإدارات في التخريب وتدني الفعاليات .
ولم تسلم الحقوق من الانتهاك . و أولها حق الحياة حيث تتعدد مصادر انتهاكها فهي تنتهك خارج إطار القانون والقضاء . و في بعض الحالات لا تصدر بيانات رسمية حول عمليات القتل ، و لا يشار إلى أسماء القتلى ، و لا يجري تحقيق معلن في مثل هذه الحوادث ، مما يعزز الشك باحتمال تصفية البعض و إعدامهم خارج نطاق القضاء كما تعددت حوادث الاختفاء و الاختطاف و المطاردات و الاعتقالات العشوائية و نقص الرعاية في السجون و في دوائر الأمن و المعتقلات .
ولعل مشكلة المفقودين في السجون من المآسي التي ما زالت تؤرق العديد من المواطنين.
ومن أشكال انتهاك الحريات الأساسية ما نجده من تعرض المواطنين الناشطين لإرهاب مستمر و تهديد في لقمة العيش أو في منع من السفر أو من التوظيف و العمل .
ويبقى حرمان شرائح من المواطنين من حق الجنسية ، من أبشع أنواع الانتهاك لحقوق الإنسان . ما يتطلب إعادة الاعتبار لهم ، وضمان حقوقهم كمواطنين متساوين لهم كافة الحقوق ، وعليهم واجبات المواطن .ومازال التعذيب الجسدي و النفسي كعقوبة . أو لانتزاع معلومات بأبشع الأساليب وسيلة من وسائل الإرهاب الذي قاد إلى عدة حوادث وفاة ، و استمرت محاكم أمن الدولة العليا تحاكم كل شخص بمن فيهم المتمتعين بحصانة خاصة مثل أعضاء البرلمان . و هي لا تتقيد بالإجراءات الأصولية المنصوص عليها في التشريعات النافذة . و هي محاكم لها مهمة وحيدة. التعامل مع القضايا السياسية و قضايا أمن الدولة .. وهي لا تحترم حق المتهم في حضور محاكمة أو تقديم دفاع . وأحكامها غالباً معدة سلفاً .
ومن الانتهاكات المعروفة لحقوق الإنسان ، إلغاء الأحزاب ، و عدم التصريح بإنشائها . و عدم الترخيص للجمعيات إلاّ في أضيق الحدود و بقرارات استنسابية، ووفق هوى و سياسة النظام . ومازال حق التجمع السلمي خاضعاً لأحكام حالة الطوارئ . كذلك حق التظاهر ، و الاعتصام، و جرى تفريق الاعتصامات بالهراوات الأمنية حيناً و بعصي و قبضات الزعران .و بالاعتقال أو الاستدعاءات الأمنية أحياناً .
وتستمر معانات الجماعات الكردية، و الانتهاكات الخطيرة لحقوقهم من بين أشكال التمييز على أساس الهوية، والقيود المفروضة على لغتهم و ثقافتهم بالإضافة إلى حرمان عدد كبير منهم من الجنسية فعلياً ، و الحظر على أحزابهم من ممارسة أي نشاطات و فق القرار غير المعلن الذي اتخذتهم القيادة القطرية تحت طائلة العقاب و الاعتقال .
وإن أعظم انتهاك لحقوق الإنسان يستمر في عدم الترخيص لجمعيات حقوق الإنسان .فهي تعمل من غير ترخيص قانوني يشهرها . مما يجعل عملها مهدد و قابل للانتكاس و المنع كلما أرادت السلطة منعها ، وتوقيف نشاطها .
رابعاً: محور : ما هو الحل ؟:
إن التغيير و الخلاص من الاستبداد ، ومن الوصاية ، و إعادة الكرامة و الحقوق صارت حاجة موضوعية ، وكل المعطيات تدعو إلى الإصلاح الشامل ، وهناك فرصة تاريخية على جميع النخب أن لا تفوتها من أجل الانتقال الديمقراطي الهادئ الذي يفتح الأفاق أمام إعادة صياغة مستقبل سوريا على أسس جديدة .
إن مراوحة السلطة في مكانها وفق سياسات متحجرة غير ديمقراطية سيفتح باب التدخل الخارجي الذي أ ضحى بقوة النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية قوة تغيرية داخل الأوطان ، بعد أن انخفضت مرتبة السيادة فيها. وإذا لم تستوعب السلطة السورية عمق طبيعة التغييرات الإقليمية و الدولية / و تصرفاتها في لبنان و العراق دليل على أنها لم تستوعب / فإنها ستفتح باب الرهان على تدخل الخارج .
إذا بقيت السلطة تراوح مكانها في سياسات متأخرة ، استبدادية الطابع ، عصية على الانفتاح مختلفة عن فهم دقائق المتغيرات و مستجدات العصر، أسيرة عقلية الحرب الباردة ...
ومفرداتها المتحجرة و صفقاتها ، فإنها ستستدعي التدخل الخارجي ، الذي لا ندعو للمراهنة عليه . وذلك أن متطلبات الحل الداخلي أقل كلفة من الانصياع للحل الخارجي بشرط العودة إلى المجتمع و التوجه إلى الشعب باعتماد ثقافة الحوار ، وللاستجابة للمتطلبات الملحة في التغيير .
ان صياغة علاقات جديدة بين السلطة والمجتمع في إطار عقد اجتماعي جديد يوفر الشفافية ، والمؤسسية والقانون، هي وحدها كفيلة بوضع البلاد على عتبات التغيير المنشود .
ان أي مشروع تغييري مرتبط بأزمة التطبيق . فكل القوانين والإجراءات والتدابير مازالت تنفذ على نحو بيروقراطي وبطيء وخالي من الحيوية المطلوبة للتغيير .
ولا بد من الإسراع بتطبيق الإجراءات عبر مشاركة فعالة للأحزاب ، وكل فعاليات المجتمع المدني ، في صياغة السياسات العامة ، وتحديد الأهداف الكبرى .
وما زالت الدعوة إلى مؤتمر وطني شامل مستمرة لإرساء أرضية من الحوار الهادئ وكشف الممكنات في التغيير .
ان كل الإشارات توحي أن لا أمل من مؤتمر الحزب الحاكم ولا تغييراً منتظر .
وهناك قلق من إجراء تغييرات شكلية تدخل البلاد في دورة جديدة من الصراع الاجتماعي وتضعها في دوامة التخبط.. ولا بد من الضغط على هذا المؤتمر ليساهم في وضع آليات التغيير المنشود . ولمراجعة الذات من أجل المصالحة الوطنية وفتح المجتمع للمشاركة في رسم سياسة البلاد، وتحقيقها بمشاركة فاعلة من كل مكونات الشعب السوري وأطيافه .
فالإصلاح يستدعي بناء المجتمع المدني ، وقيام الدولة الحديثة ، وتحقيق مفهوم المواطنة وإلغاء كافة القيود على الحريات الديمقراطية ، واستقلال القضاء وسيادة القانون .
إن الحل يبدأ بالانفراج السياسي أولاً تليه بقية الإجراءات على مستوى الاقتصاد والإدارة . فلا بد من أن يقوم ذلك على سن قانون عصري للأحزاب والجمعيات ، وتحييد كافة المعوقات التي تقمع حراك الناس من أجهزة أمنية وقوانين عرفية ، ومن حالة طوارئ .. ومصادرة للحريات .
أن المعارضة تبدو ضعيفة لكنها تمتلك حساً سلميا في تقيم الأمور و الأحداث و هي لا تراهن على تدخل الخارج بقدر ما تنشد تغيراً ديمقراطياً هادئاً ، و لذلك فهي تطالب بالإفراج السياسي ، و رفع القبضة الأمنية عن حراك الناس ، وإعادة فتح المنتديات ، و تشجيع حراك المجتمع المدني ، و حركة الأحزاب ، و رفع القيد عن تداول المعلومات عبر الفاكس و الإنترنيت . . و الإفراج عن معتقلي الرأي ، وعودة المنفيين طوعاً أو قسراً و إلغاء القانون 49 القاضي بإعدام المنتمين إلى منظمة الإخوان المسلمين .
إن التغير السلمي هو التغيير المنشود ، وهو الأنسب لإخراج البلاد من مأزقها والمعارضة يجب أن تعمل كتيارات مشتركة ، ومن خلال اللقاءات الدورية ممثلة بالتيار الإسلامي ، والتيار الوطني الديمقراطي العلماني ، والقوى الكردية والآثورية والقومية من كل أطياف المجتمع . وأن يتبنى الجميع الحقوق المدنية والسياسية وفق الشرعة الدولية لحقوق الإنسان كهدف مشترك لثقافة وطنية جديدة مشتركة . على أرضية وطن مشترك للجميع . الجميع فيه أحرار . متساوون . بعيداً عن عقلية الإقصاء أو الوصاية . يسود فيه القانون و العدل و المساواة ، و يقوم على التعاقدية و التعددية و التداولية و المؤسساتية ، و ينال فيه كل مواطن حظه من ثروات الوطن . و من حقوق المواطنة.
عضو اللجنة الوطنية الديمقراطية في دير الزور , 20/ 5 / 2005 .
 
بيان إلى الرأي العام
سجل البنتاغون الأمريكي وقائع ( اعتراف قائد السجن الحربي الأمريكي في غوانتانامو البير غدير جنرال جاي هو ود) بأن الجيش الأمريكي أكتشف خمس وقائع  «لتدنيس القرآن من جانب أفراد الجيش الأمريكي»  .كاعتراف رسمي من قبل الإدارة الأمريكية .
يأتي الاعتراف الأمريكي المتأخر بواقعة تدنيس القرآن كجزء من السياسة الأمريكية ما بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) التي اعتمدت شرعنة الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان وفي مقدمتها، (حق الإنسان في الحياة ـ الموت المجاني في العراق ـ حقوق  المعتقل السياسي، وخرق لحقوق أسرى الحرب) .
إننا في حزب العمل الشيوعي ندين الانتهاكات الأمريكية  الصارخة لحقوق الإنسان المتضمنة احترام حرية المعتقد الديني والعبادة، ونعتبر هذه الممارسات ضد سجناء غوانتانامو محاولة لإذلال المعتقلين من خلال المس بالمقدسات الدينية لديهم . ونضم صوتنا إلى كل الأصوات التي أدانت هذا السلوك، وطالبت بلجنة تحقيق دولية محايدة ومستقلة للوقوف على الانتهاكات المتكررة في معتقل غوانتانامو ـ وغيره من معسكرات الاعتقال ـ الذي لا شبيه له إلا معتقلات النازية والفاشية في القرن الماضي.
حزب العمل الشيوعي في سوريا
7 / 6 / 2005
 
 
* أثناء متابعة حدث اغتيال الرفيق جورج حاوي. أصدر الحزب بيانين لتغطية الحدث.
بيان من حزب العمل الشيوعي في سورية
اغتيال الرفيق جورج حاوي. جريمة جديدة في وضح النهار
عادت حليمة لعادتها القديمة ..الشيوعيون اللبنانيون يدفعون تمن مواقفهم السياسية والديمقراطية والعلمانية كما دفعها من قبل كل من المفكرين مهدي عامل وحسين مروة وآخرين كثر.وإن اختلفت المرحلة الحالية عن سابقاتها
من حيث الظرف والقوى  التي يمكن أن تكون وراء اغتيال الرفيق الشهيد جورج حاوي..إن الحالة التي لا لبس فيها، هي أن  الرفاق في الحزب الشيوعي اللبناني دفعوا وما زالوا يدفعون دمائهم ثمن الخط الوطني اللا طائفي في أجواء الطائفية السياسية  التي تسود المشهد اللبناني وتسيطر عليه.
إننا في  حزب العمل الشيوعي  ندين هذه الجريمة البشعة بحق الرفيق جورج حاوي .ونتقدم بأحر التعازي إلى الرفاق في الحزب الشيوعي اللبناني . وإلى أسرة الشهيد.
حزب العمل الشيوعي في سوريا
21/6 /2005
بيان اغتيال المناضل جورج حاوي
صباح يوم الثلاثاء المصادف في 21- 6- 2005, طالت يد الغدر والإجرام رمزاً من رموز اليسار والوطنية في العالم العربي, فاغتالت أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني السابق جورج حاوي, وقد جاءت هذه الجريمة ضمن مسلسل الاغتيالات الذي تعرض له العديد من الشخصيات والرموز الوطنية في لبنان الشقيق, بدأً من محاولة اغتيال الوزير السابق مروان حمادة إلى اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري, والنائب باسل فليحان, والمفكر والكاتب سمير قصير, وصولاً إلى المناضل جورج حاوي. والشيء المشترك بين جميع هذه الجرائم, هو استهدافها رجال الاعتدال لا التطرف في لبنان, وكذلك شخصيات عابرة لطوائفها, شخصيات تجمع وتوحد ولا تفرّق, الأمر الذي يدل على وجود مخطط أمني وضع للبنان, يستهدف الفتنة وضرب مسيرة السلم الأهلي في هذا البلد, بدوافع سياسية تتعدى حدود لبنان, وتصل لحد استخدام لبنان كورقة لعب استراتيجية ,لإعادة تحديد أحجام وأوزان الدول في المنطقة, بهدف إعادة النظر وكسر الاستراتيجيات الدولية التي وضعت للمنطقة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية بعد أحداث 11 أيلول 2000؛ ونحن في حزب العمل الشيوعي, في الوقت الذي ندين فيه ارتكاب مثل هذا العمل الإجرامي الجبان, نحذر من تداعيات استمرار مخطط زعزعة الاستقرار في لبنان على الساحتين اللبنانية والسورية. فسوريا لبنانياً ودولياً, تبقى ضمن دائرة الاتهام مع آخرين, الأمر الذي سيدفع بأعداء سوريا في المستقبل, لاستخدام ذلك ذريعة لنقل المعركة إلى الأرض السورية, وهي معركة بدأ غبارها يعلو ويقترب شيئاً فشيئاً, لذلك نرى المطلوب من القيادتين السورية واللبنانية في هذه الفترة أن تقوما بالإجراءات الاحترازية التالية:
أولاً- التعامل بحزم مع أجهزتهما الأمنية, ووضع حد لمغامرات البعض وتجاوزات أصحاب المصالح والأطماع, بإبعاد كل قادة الأجهزة الأمنية في كلا البلدين والذين سبق لهم إدارة الملف اللبناني أبان الحقبة السورية في لبنان.
ثانيا"- المبادرة السريعة لإعادة الثقة للعلاقات بين البلدين بتنقيتها من الشوائب التي علقت بها في الماضي، بما يحفظ الاستقلال والسيادة الوطنية لكل منهما، والعمل على طمأنة المواطن في لبنان قبل رجل السياسة، بأن سورية لن تكون طرفاً في أي خصومة قد تنشأ الآن أو في المستقبل في لبنان، وقد بدأت الأحداث تثبت صحة النظرية التي أطلقها الشهيد سمير قصير ومفادها: أنه لا نجاح ولا بقاء ولا استقرار للديمقراطية في لبنان، إلا إذا تم تحصينها بعمق ديمقراطي عربي.
حزب العمل الشيوعي ـ المكتب السياسي
لنناضل من أجل طي ملف الاعتقال السياسي
أصدرت محكمة أمن الدولة العليا في دمشق بتاريخ  26/ 6/2005 حكماً ببراءة  المحامي أكثم نعيسة رئيس لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان من التهم الثلاث  «ـ مناهضة أهداف الثورة ـ نشر أخبار كاذبة  ـ إنشاء منظمة ذات طابع دولي» التي سبق ووجهتها المحكمة إثر اعتقاله في نيسان 2004.
ويعد حكم البراءة الذي صدر عن المحكمة خطوة جديدة وإيجابية في تاريخ هذه المحكمة الاستثنائية وغير الدستورية،  والتي تعتبر السيف المسلط فوق رقاب نشطاء الأحزاب وهيئات المجتمع المدني السوري  بأحكامها الأمنية والغير عادلة في المقام الأول. آملين أن تكون بدايةً لتقليم دورها ومن ثم إلغائها كخطوة باتجاه رفع قانون الطوارئ والأحكام العرفية .
ونحن في حزب العمل الشيوعي إذ نعتبر الحكم بالبراءة خطوة إيجابية ، لكننا نرى أنه من الضروري استتبا عها بخطوات أخرى أهم ـ من أبرزها، إطلاق سراح المعتقلين السياسيين في السجون السورية  ( عبد العزيز الخير، معتقلي الثمانينات، ربيع دمشق ، الأكراد  ) ومعتقلين  مازالوا  يمثلون أمام محكمة أمن الدولة (محمد رعدون رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، علي العبد الله،  نزار رستناوي، محمد ديب..وآخرين ) وإغلاق ملف الاعتقال السياسي التعسفي في سوريا. كما نطلب بإلغاء محكمة أمن الدولة  وما نتج عنها من أحكام تعسفية وتجريد مدني وسياسي بحق المعتقلين السياسيين الوطنيين في سوريا ومنهم رفاقنا في حزب العمل الشيوعي.                                                                        
حزب العمل الشيوعي في سوريا
26 / 6/ 2004
محطات في قطار التسوية الفلسطينية
«كيف تبلورت خارطة الطريق؟»
㡯شكل خطاب «الرؤية الأميركية» الذي ألقاه وزير الخارجية كولن باول في جامعة لويزفيل (ولاية كنتكي في 19/11/2001). أثناء الحرب على نظام طالبان وتنظيم القاعدة في افغانستان. الخطوة الأولى نحو خارطة الطريق، حيث دعا في الخطاب الذي ألقاه الرئيس بوش الابن في 24/6/2002 حل النزاع الفلسطيني ـ «الإسرائيلي» من خلال «رؤيا الدولتين»: «دولة فلسطينية مستقلة بجانب دولة «إسرائيل»، يتم الاقتراب من مشارفها ومن ثم بلوغها من خلال إنجاز إصلاحات عميقة للنظام السياسي الفلسطيني ولمؤسساته الأمنية والإدارية المختلفة، على أن تمر هذه العملية في مراحلها المتقدمة بمحطة انتقالية: (الدولة الفلسطينية المستقلة بحدود مؤقتة)».
ومن الخطوة الرئيسية الموجهة في خطاب 24/6 تبلورت عناصر خطة دولية، افتتح النقاش حولها بعد فترة وجيرة من إلقاء الخطاب، واكتسى أكثر من صيغة قبل أن يرسو على الخطة التي أجازتها اللجنة الرباعية الدولية[1] في 20/12/2002: «خارطة الطريق إلى حل الدولتين الدائم للنزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي ترتكز إلى الأداء». وأثناء اجتماع لندن بتاريخ 2/7/2002 اقتصر دور اللجنة الرباعية في أول اجتماع لها على الإشراف على إصلاح السلطة الفلسطينية. وإن أشارت بشكل عابر إلى «أن برنامج الإصلاح له معنى، وحده فقط هو الذي سينتج، إذا كان متوازياً مع التقدم في عملية السلام التي تستجيب للحاجة لأفق سياسي للفلسطينيين، ولنهاية الصراع بين الطرفين..». ولكن الأمر اختلف شيئاً ما في اجتماع الرباعية في نيويورك (16/7/2002)، حيث وجدت الولايات المتحدة نفسها في تباين[2] عن باقي أعضاء اللجنة الرباعية ليس فقط بخصوص مستقبل الرئيس المرحوم عرفات والسياسة الإسرائيلية المعتمدة تجاه الفلسطينيين. بل في مسألة تلقي الضغط من أجل تأييد قيام دولة فلسطينية في غضون ثلاث سنوات، وتوصل البيان الختامي لاجتماع نيويورك إلى أن «تطبيق خطة عمل تتضمن معايير مناسبة للتقدم الحاصل على مستوى الإصلاحات يجب أن يؤدي إلى دولة ديمقراطية فلسطينية».
ما توصلت إليه الرباعية في نيويورك مثل نقطة التقاطع الممكنة بين مطلب واشنطن بأسبقية تغيير السلطة قبل أي شيء آخر والتركيز على الإصلاح بشقيه الأمني والإداري ـ المالي (وهو ما ينسجم مع الموقف الإسرائيلي) وبين مطلب الثلاثي الأوروبي الروسي الأممي الذي يركز على التزامن بين المسارات الثلاثة (السياسي، الأمني، الإداري ـ المالي..)، لا بل التبكير بإعلان إقامة الدولة تفعيلاً للمسار السياسي ثم المضي في الأمور الأخرى. الحل الوسط تمثل بالاتفاق على التوازي (بدلاً من التزامن) بين المسارات الثلاثة وعلى نهاية المطاف، أي الدولة الفلسطينية بأفق زمني لتحقيقها (ثلاث سنوات). وهو ما يمثل خطوة، وإن شديدة التواضع، إلى الأمام على الرؤية المقدمة في خطاب 24/6/2002، خطوة تنطوي ـ نظرياً ـ على إمكانية بداية تخليص هذه الرؤية من إسار مقاييس شارون للحل. لكن لم يكد حبر بيان الرباعية يجف حتى بدأ وزير الخارجية الأميركية يتحدث عن «مستويات مختلفة» من التوازي بين المسارات الثلاثة مشيراً إلى أنها لا تتحرك بالسرعة ذاتها، مما يجعل الترابط بين هذه المسارات واهياً. مما عجل في عدم ترتيب أية نتائج على بيان الرباعية في نيويورك.
على هذه الخلفية نشطت المشاورات داخل الاتحاد الأوروبي. وفي سياقها تبلورت فكرة صياغة خطة إطار عمل محدد (واضح بآليات تنفيذه والتزاماته المتقابلة وجدولته الزمنية). حيث أطلق اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في 31/8/2002 خطة للسلام في الشرق الأوسط[3] عرضتها الرئاسة الدانماركية (الدورية) للاتحاد من أجل تحويل الطرح المبدئي الوارد في خطاب بوش الذي اختارت واشنطن التركيز (حصراً) على جانبيه الأمني والإصلاحي إلى خطة عمل على ثلاث مراحل تفضي إلى إقامة «دولة فلسطينية نهائية في حزيران (يونيو) 2005». واستكملت هذه الخطة باعتماد اللجنة الرباعية لخطة الاتحاد الأوروبي في بيان صدر عنها في 16/9/2002[4] .
وعندما نشر الاتحاد الأوروبي وثيقته حول «خارطة الطريق» في مطلع شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2002 بات واضحاً أن ماصدر عن الرباعية في 17/9/2002 عن خطة المراحل الثلاث لم يعبر عن اتفاق بين أطراف الرباعية بقدر ما مهد لإعلان تصورين «للخارطة» أحدهما أوروبي[5] والآخر أميركي انطويا على تباينات واضحة. الأمر الذي كرس صورة عن الرباعية جعلها أقرب إلى صيغة (3 + 1) القائمة على رأيين وتصورين (أحدهما راجح على الآخر)، منها إلى صيغة تعكس محصلة تفاعل آراء أطرافها الأربعة فيما بينهما. الخارطة الأوروبية والأميركية تلتقيان على أمور هامة هي: (1ـ الإطار الزمني للحل (3سنوات) ومراحله الثلاث. 2 ـ إحداث تعديل على النظام السياسي الفلسطيني باستحداث منصب رئيس حكومة يضعف موقع رئيس السلطة الفلسطينية. 3 ـ أسبقية الإصلاح الأمني على الانسحاب الإسرائيلي، والخطوات المطلوبة من الفلسطينيين عموماً تتقدم على مايقابلها إسرائيلياً. 4 ـ اعتماد «الحل الانتقالي» بعنوان «الدولة بحدود مؤقتة». 5 ـ الإشارة إلى بعد دولي لمساعي التسوية..).
وتتباينان في أمور أخرى ذات شأن هي: (1 ـ تواريخ المراحل غير ملزمة في الصيغة الأميركية. 2 ـ تجنب الصيغة الأميركية تحديد أية مواصفات على قضايا الوضع الدائم درءاً لاحتمال أي التزام مسبق، بينما تضفي الصيغة الأوروبية مواصفات لا تخلو من تحديد على نفس القضايا: * الانسحاب حتى حدود 1967 مع تعديلات متبادلة. * القدس عاصمة لدولتين. * الدولة الفلسطينية محدودة التسليح. * حل مشكلة اللاجئين مع مراعاة مخاوف إسرائيل الديمغرافية. 3 ـ تلحظ «الخارطة» الأوروبية الانسحاب من المناطق «أ» في المرحلة الأولى في حين يميّع الأميركيون ذلك ويمددونه زمنياً. 4 ـ المؤتمر الدولي يرد في وقت مبكر عند الأوروبيين بينما تتحدث الصيغة الأميركية عن مؤتمرين لا يؤثران على المفاوضات الثنائية بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. 5 ـ «الخارطة» الأميركية تطالب بمقابل عربي عنوانه استئناف التطبيع. عودة سفيري مصر والأردن إلى تل أبيب، إعادة فتح الممثليات التجارية في عدد من البلدان العربية (قطر، تونس، المغرب)، استئناف المفاوضات الإقليمية..
وبغض النظر عن نقاط التلاقي والتباين بين الخطتين الأميركية والأوروبية، فإن الصيغة الأميركية «الخارطة». هي التي تحولت إلى المشروع الوحيد المتداول وإلى قاعدة للبحث السياسي بين واشنطن ومختلف الفرقاء، وباتت هي الصيغة المزكاة لتبنيها بإسم اللجنة الرباعية بعد إدخال تعديلات عليها. وهذا ما جرى حيث اعتمدتها الرباعية بتاريخ 20/12/2002 ولم تعلن، ولم تقدم إلى الفرقاء المعنيين إلا في 30/4/2003. أي بعد غزو العراق. حيث أصدرت وزارة الخارجية الأميركية النص الرسمي الكامل «لخارطة الطريق لسلام الشرق الأوسط». وذلك بعد أن تم تسليم نسختين منها إلى المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين في نفس اليوم.
خارطة الطريق إلى حل الدولتين الدائم[6]
للنزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي ترتكز إلى الأداء
20/12/2002 ـ 30/4/2003
ما يلي هو خارطة طريق مدفوعة بتحقيق الهدف ومرتكزة إلى الأداء، ذات مراحل واضحة وجداول زمنية ومواعيد محددة كأهداف، ومعالم على الطريق تهدف إلى تحقيق التقدم عبر خطوات متبادلة من قبل الطرفين في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية، ومجال بناء المؤسسات، برعاية المجموعة الرباعية ( الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا).
إن الهدف هو تسوية نهائية وشاملة للنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني بحلول عام 2005، كما طُرحت في خطاب الرئيس بوش في الرابع والعشرين من حزيران (يونيو)، ورحب بها الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة في بيانين وزاريين للمجموعة الرباعية في السادس عشر من تموز (يوليو) والسابع عشر من أيلول (سبتمبر).
لن يتم تحقيق الحل القائم على أساس دولتين للنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني إلا من خلال إنهاء العنف والإرهاب، وعندما يصبح لدى الشعب الفلسطيني قيادة تتصرف بحسم ضد الإرهاب وراغبة في وقادرة على بناء ديمقراطية فاعلة ترتكز إلى التسامح والحرية، ومن خلال استعداد إسرائيل للقيام بما هو ضروري لإقامة دولة فلسطينية ديمقراطية، وقبول الطرفين بشكل واضح لا لبس فيه هدف تسوية تفاوضية على النحو المنصوص أدناه.
وستقوم الرباعية بالمساعدة في تيسير تطبيق الخطة، بدءاً بالمرحلة(1)، بما في ذلك مباحثات مباشرة بين الطرفين كما يتطلب الأمر. وتضع الخطة جدولاً زمنياً واقعياً للتنفيذ. لكن، ولكونها خطة ترتكز إلى الأداء، سيتطلب التقدم وسيعتمد على جهود الطرفين المبذولة بنية حسنة، وامتثالهما لكل من الالتزامات المذكورة أدناه. وإذا ما قام الطرفان بتأدية واجباتهما بسرعة، فإن التقدم ضمن كل مرحلة والانتقال من مرحلة إلى التالية قد يتم بصورة أسرع مما هو مذكور في الخطة. أما عدم الامتثال بالالتزامات فسيعيق التقدم.
وستؤدي تسوية تم التفاوض بشأنها بين الطرفين، إلى انبثاق دولة فلسطينية مستقلة، ديمقراطية، قادرة على البقاء، تعيش جنباً إلى جنب بسلام وأمن مع إسرائيل وجيرانها الآخرين. وسوف تحل التسوية النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، وتنهي الاحتلال الذي بدأ في عام 1967، بناء على الأسس المرجعية لمؤتمر قمة سلام مدريد، ومبدأ الأرض مقابل السلام، وقرارات الأمم المتحدة 242 و 338 و 1397، والاتفاقات التي تم التوصل إليها سابقاً بين الطرفين، ومبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبد الله، التي تبنتها قمة الجامعة العربية في بيروت، الداعية إلى قبول إسرائيل كجار يعيش بسلام وأمن، ضمن تسوية شاملة. إن هذه المبادرة عنصر جوهري في الجهود الدولية للتشجيع على سلام شامل على جميع المسارات، بما في ذلك المساران السوري ـ الإسرائيلي واللبناني ـ الإسرائيلي.
وستعقد الرباعية اجتماعات منتظمة على مستوى رفيع لتقييم أداء الطرفين في ما يتعلق بتطبيق الخطة. ويتوقع من الطرفين أن يقوما، في كل مرحلة، بالتزاماتهما بشكل متواز، إلا إذا حدد الأمر على غير ذلك.
المرحلة 1 : إنهاء الإرهاب والعنف
تطبيع الحياة الفلسطينية وبناء المؤسسات الفلسطينية
من الوقت الحاضر حتى أيار (مايو) 2003.
في المرحلة 1، يتعهد الفلسطينيون على الفور بوقف غير مشروط للعنف حسب الخطوات المذكورة أدناه، وينبغي أن ترافق هذا العمل إجراءات داعمة تباشر بها إسرائيل. ويستأنف الفلسطينيون والإسرائيليون التعاون الأمني على أساس خطة عمل تينيت لإنهاء العنف والإرهاب والتحريض، من خلال أجهزة أمنية فلسطينية فعالة أعيد تنظيمها. ويباشر الفلسطينيون إصلاحاً سياسياً شاملاً إعداداً للدولة، بما في ذلك وضع مسودة دستور فلسطيني، وانتخابات حرة نزيهة ومفتوحة تقوم على أساس تلك الإجراءات. وتقوم إسرائيل بجميع الخطوات الضرورية للمساعدة في تطبيع حياة الفلسطينيين، وتنسحب إسرائيل من المناطق التي تم احتلالها منذ 28 أيلول (سبتمبر) 2000 ويعيد الطرفان الوضع إلى ما كان قائماً آنذاك، مع تقدم الأداء الأمني والتعاون. كما تجمد إسرائيل جميع النشاط الاستيطاني انسجاماً مع تقرير لجنة ميتشل.
في بداية المرحلة 1
·   تصدر القيادة الفلسطينية بياناً جلياً لا لبس فيه يعيد تأكيد حق إسرائيل في الوجود بسلام وأمن ويدعو إلى وقف إطلاق نار فوري غير مشروط لإنهاء النشاط المسلح وجميع أعمال العنف ضد الإسرائيليين في أي مكان وتنهي جميع المؤسسات الفلسطينية التحريض ضد إسرائيل.
·   تصدر القيادة الإسرائيلية بياناً جلياً لا لبس فيه يؤكد التزامها برؤيا الدولتين (المتضمنة) دولة فلسطينية مستقلة، ذات سيادة، وقادرة على البقاء، تعيش بسلام وأمن إلى جانب إسرائيل، كما أعرب عنها الرئيس بوش، ويدعو إلى وقف فوري للعنف ضد الفلسطينيين في كل مكان. وتنهي جميع المؤسسات الإسرائيلية التحريض ضد الفلسطينيين.
الأمن
·   يعلن الفلسطينيون نهاية واضحة لا لبس فيها للعنف والإرهاب ويباشرون جهوداً واضحة على الأرض لاعتقال، وتعطيل، وتقييد نشاط الأشخاص والمجموعات التي تقوم بتنفيذ أو التخطيط لهجمات عنيفة ضد الإسرائيليين في أي مكان.
·   تبدأ أجهزة أمن السلطة الفلسطينية التي تمت إعادة تشكيلها وتركيزها عمليات مستديمة، مستهدفة، وفعالة تهدف إلى مواجهة كل الذين يتعاطون الإرهاب وتفكيك القدرات والبنية التحتية الإرهابية. ويشمل هذا الشروع في مصادرة الأسلحة غير المشروعة وتعزيز سلطة أمنية خالية من أي علاقة بالإرهاب والفساد.
·   لا تتخذ الحكومة الإسرائيلية أي إجراءات تقوض الثقة، بما في ذلك الترحيل والهجمات ضد المدنيين، ومصادرة و/أو هدم منازل وأملاك فلسطينية، كإجراء عقابي أو لتسهيل (نشاطات) البناء الإسرائيلي، تدمير المؤسسات والبنية التحتية الفلسطينية، وغيرها من الإجراءات التي حددتها خطة تينيت.
·   يبدأ ممثلون عن الرباعية، معتمدين على آليات موجودة وموارد على الأرض، مراقبة غير رسمية( informal monitoring) ويجرون مشاورات مع الطرفين حول إنشاء آلية مراقبة رسمية وتنفيذها.
·   تطبيق، كما تمت الموافقة سابقاً، خطة قيام الولايات المتحدة بإعادة بناء وتدريب واستئناف التعاون الأمني بالعمل مع مجلس إشراف من الخارج (الولايات المتحدة ومصر والأردن). دعم الرباعية لجهود تحقيق وقف إطلاق نار دائم وشامل.
ـ يتم دمج جميع منظمات الأمن الفلسطينية في ثلاثة أجهزة تكون مسؤولة أمام وزير داخلية يتمتع بالصلاحيات والسلطة.
ـ تستأنف قوات الأمن الفلسطينية التي أعيد تنظيمها/ تدريبها ونظراؤها في الجيش الإسرائيلي تدريجاً التعاون الأمني وغيره من المشاريع تطبيقاً لخطة تينيت، بما في ذلك الاجتماعات المنتظمة على مستوى عال بمشاركة من مسؤولين أميركيين عن الأمن.
* تقطع الدول العربية التمويل الحكومي والخاص وكل أنواع الدعم الأخرى عن الجمعات التي تدعم العنف والإرهاب وتقوم بهما.
* يقوم جميع المانحين الذين يقدمون دعماً مالياً للفلسطينيين بتسليم تلك الأموال عن طريق حساب الخزينة الوحيد (Single Treasury Account) التابع لوزارة المالية الفلسطينية.
* مع تقدم الأداء الأمني الشامل قدماً، يقوم الجيش الإسرائيلي بالانسحاب تدريجاً من المناطق المحتلة منذ 28 أيلول (سبتمبر) 2000، ويعيد الجانبان الوضع إلى ما كان قائماً قبل 28 أيلول (سبتمبر) 2000. ويعاد نشر قوات الأمن الفلسطينية في المناطق التي تخليها القوات الإسرائيلية.
* إجراء فوري بشأن عملية موثوقة لوضع مسودة دستور للدولة الفلسطينية. توزع اللجنة الدستورية، بأسرع وقت ممكن، مسودة دستور فلسطيني، يقوم على أساس إقامة ديمقراطية برلمانية قوية وحكومة برئيس وزراء يتمتع بالسلطات، كي تتم مناقشتها/ التعليق عليها علناً. وتقترح اللجنة الدستورية مسودة وثيقة لطرحها بعد الانتخابات للحصول على موافقة المؤسسات الفلسطينية الملائمة عليها.
* تعيين رئيس وزراء أو حكومة انتقالية مع سلطة تنفيذية/ هيئة اتخاذ القرارات تتمتع بالسلطات.
* تسهل حكومة إسرائيل بشكل تام سفر المسؤولين الفلسطينيين لحضور جلسات المجلس التشريعي والحكومة، وإعادة التدريب الأمني الذي يتم الإشراف عليه دولياً، والنشاطات الانتخابية وغيرها من نشاطات الإصلاح، وغيرها من الإجراءات الداعمة ذات العلاقة بجهود الإصلاح.
* مواصلة تعيين الوزراء الفلسطينيين المتمتعين بسلطة تولي إصلاح أساسي. إنهاء الخطوات الأخرى لتحقيق فصل حقيقي للسلطات، بما في ذلك أي إصلاحات قانونية فلسطينية ضرورية لهذا الغرض.
* تشكيل لجنة انتخابية فلسطينية (Palestinian election commission) مستقلة. يقوم المجلس التشريعي الفلسطيني بمراجعة وتنقيح قانون الانتخاب.
* الأداء الفلسطيني حسب معايير المعالم القانونية والإدارية والاقتصادية التي وضعها فريق العمل الدولي الخاص بالإصلاح الفلسطيني.
* يجري الفلسطينيون انتخابات حرة ومفتوحة ونزيهة، بأسرع وقت ممكن، وعلى أساس الإجراءات السالفة الذكر وفي سياق حوار مفتوح واختيار شفاف للمرشحين/ حملة انتخابية ترتكز إلى عملية حرة متعددة الأحزاب.
* تسهل الحكومة الإسرائيلية قيام فريق العمل الخاص بالمساعدة وتسجيل الناخبين وتحرك المرشحين والمسؤولين عن عملية الاقتراع. دعم المنظمات غير الحكومية المشتركة في العملية الانتخابية.
* تعيد الحكومة الإسرائيلية فتح الغرفة التجارية الفلسطينية وغيرها من المؤسسات الفلسطينية المغلقة في القدس الشرقية بناء على الالتزام بأن هذه المؤسسات تعمل بشكل تام وفقاً للاتفاقيات السابقة بين الطرفين.
الاستجابة الإنسانية
·   تتخذ إسرائيل إجراءات لتحسين الوضع الإنساني. تطبق إسرائيل والفلسطينيون بالكامل جميع توصيات تقرير برتيني لتحسين الأوضاع الإنسانية، وترفع منع التجول وتخفف من القيود المفروضة على تحرك الأشخاص والسلع، وتسمح بوصول كامل وآمن وغير معاق للموظفين الدوليين والإنسانيين.
·   تقوم لجنة الارتباط المؤقتة (AHLC) بمراجعة الوضع الإنساني وإمكانيات النمو الاقتصادي في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتطلق جهد رئيسي للحصول على مساعدات من المانحين، بما في ذلك (مساعدات) للجهد الإصلاحي.
·   تواصل الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية عملية تصفية الحسابات وتحويل الأموال، بما فيها المتأخرات، وفقاً لآلية رصد شفافة تم الاتفاق عليها.
المجتمع المدني
·   دعم مستمر من المانحين، بما فيه زيادة التمويل من خلال المنظمات غير الحكومية، لمشاريع مباشرة، شعبية ـ شعبية، وتنمية القطاع الخاص، ومبادرات المجتمع المدني.
المستوطنات
·        تفكك إسرائيل على الفور المواقع الاستيطانية التي أقيمت منذ شهر آذار (مارس) 2001.
·   انسجاماً مع توصيات تقرير لجنة ميتشل، تجمد الحكومة الإسرائيلية جميع النشاطات الاستيطانية (بما في ذلك النمو الطبيعي للمستوطنات).
المرحلة 2: الانتقال
حزيران (يونيو) 2003 ـ كانون الأول (ديسمبر) 2003
تنصب الجهود في المرحلة الثانية على خيار إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات حدود مؤقتة وخاصيات السيادة، على أساس الدستور الجديد، كمحطة متوسطة نحو تسوية دائمة للوضع القانوني. وكما سبق وأُشير، يمكن إحراز هذا الهدف عندما يصبح للشعب الفلسطيني قيادة تعمل بشكل حاسم ضد الإرهاب، ومستعدة وقادرة على بناء ديمقراطية تتم ممارستها قائمة على أساس التسامح والحرية. ومع توفر مثل هذه القيادة، والمؤسسات المدنية والهيكليات الأمنية التي تم إصلاحها، سيحصل الفلسطينيون على دعم نشط من الرباعية والمجتمع الدولي الأوسع لإقامة دولة مستقلة قادرة على البقاء.
وسيتم التقدم في المرحلة الثانية على أساس قرار إجماعي من الرباعية حول ما إذا كانت الظروف مواتية للتقدم، مع أخذ أداء الطرفين بعين الاعتبار. وتبدأ للمرحلة الثانية، التي تعزز وتدعم الجهود لتطبيع حياة الفلسطينيين وبناء المؤسسات الفلسطينية، بعد الانتخابات الفلسطينية وتنتهي بالإقامة المحتملة لدولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة في عام 2003. وأهدافها الرئيسية هي أداء أمني شامل مستمر وتعاون أمني فعال، وتطبيع مستمر للحياة الفلسطينية وبناء المؤسسات، ومواصلة البناء على وتعزيز الأهداف المعلنة في المرحلة1، وإقرار دستور فلسطيني ديمقراطي، واستحداث منصب رئيس الوزراء بصورة رسمية، وتعزيز الإصلاح السياسي، وإقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة.
مؤتمر دولي: تعقده الرباعية، بالتشاور مع الطرفين، فوراً في أعقاب انتهاء انتخابات فلسطينية ناجحة، لدعم التعافي الاقتصادي الفلسطيني وإطلاق عملية تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات حدود مؤقتة.
ـ سيكون مثل هذا الاجتماع شاملاً، مرتكزاً إلى هدف سلام شرق أوسطي شامل (بما في ذلك بين إسرائيل وسورية، وإسرائيل ولبنان)، وإلى المبادىء التي تم ذكرها في مقدمة هذه الوثيقة.
ـ تعيد الدول العربية العلاقات التي كانت قائمة مع إسرائيل قبل الانتفاضة (المكاتب التجارية، إلخ).
ـ إعادة إحياء التعاطي المتعدد الأطراف في قضايا تشمل موارد المنطقة المائية والبيئة والنمو الاقتصادي واللاجئين وضبط التسلح.
* يصاغ الدستور الجديد لدولة فلسطينية ديمقراطية مستقلة بشكله النهائي وتتم الموافقة عليه من قبل المؤسسات الفلسطينية الملائمة. وينبغي أن تتلو الانتخابات الإضافية، إن تطلبها الأمر، الموافقة على الدستور الجديد.
* تشكيل حكومة إصلاح تتمتع بالسلطات وفيها منصب رئيس وزراء رسمياً، انسجاماً مع مسودة الدستور.
* استمرار الأداء الأمني الشامل، بما في ذلك التعاون الأمني الفعال على الأساس المنصوص عليه في المرحلة 1.
* إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات حدود مؤقتة عبر عملية تفاوض إسرائيلي ـ فلسطيني، يطلقها المؤتمر الدولي. وكجزء من هذه العملية، تطبيق الاتفاقات السابقة، لتعزيز أقصى حد من التواصل الجغرافي، بما في ذلك إجراءات إضافية بشأن المستوطنات تتزامن مع إقامة دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة.
* دور دولي معزز في مراقبة الانتقال، مع دعم نشط ومستديم وعملي من الرباعية.
* يشجع أعضاء الرباعية على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بما في ذلك عضوية محتملة في الأمم المتحدة.
المرحلة 3 : اتفاق الوضع الدائم
وإنهاء النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني 2004 ـ 2005
التقدم نحو المرحلة الثالثة، استناداً إلى حكم المجموعة الرباعية الإجماعي (consensus judgment of Quartet)    مع الأخذ بعين الاعتبار تصرفات الفريقين ومراقبة المجموعة الرباعية (Quartet monitoring) . أهداف المرحلة الثالثة هي تعزيز الإصلاح واستقرار المؤسسات الفلسطينية، والأداء الأمني الفلسطيني المتواصل، والفعال، والمفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية التي تهدف إلى التوصل إلى اتفاق الوضع الدائم في العام 2005.
المؤتمر الدولي الثاني: تعقده المجموعة الرباعية، بالتشاور مع الطرفين، مطلع عام 2004 للمصادقة على اتفاق يتم التوصل إليه حول الدولة الفلسطينية المستقلة ذات الحدود المؤقتة والإطلاق الرسمي لعملية تحظى بدعم فعال، متواصل، وعملياتي من قبل المجموعة الرباعية، تؤدي إلى حل دائم لقضايا الوضع النهائي في عام 2005، بما في ذلك الحدود، والقدس، واللاجئون، والمستوطنات، ودعم التقدم نحو تسوية شرق أوسطية شاملة بين إسرائيل ولبنان، وإسرائيل وسورية، تتم بأسرع وقت ممكن.
·        استمرار التقدم الشامل الفعال حول الأجندة الإصلاحية التي وضعها فريق العمل استعداداً لاتفاق الوضع النهائي.
·   استمرار الأداء الأمني المتواصل والفعال، والتعاون الأمني المتواصل والفعال على الأساس الذي وضع في المرحلة الأولى.
·        جهود دولية لتسهيل الإصلاح واستقرار المؤسسات الفلسطينية والاقتصاد الفلسطيني، استعداداً لاتفاق الوضع النهائي.
·   يتوصل الفريقان إلى اتفاق وضع نهائي وشامل ينهي النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني عام 2005، عن طريق تسوية يتم التفاوض حولها بين الفرقاء على أساس قرارات مجلس الأمن 242، 338 و1397، التي تنهي الاحتلال الذي بدأ عام 1967، وتتضمن حلاً متفقاً عليه، عادلاً، ومنصفاً، وواقعياً لقضية اللاجئين، وحلاً تفاوضياً لوضع القدس يأخذ بعين الاعتبار الاهتمامات السياسية والدينية للجانبين، ويصون المصالح الدينية لليهود، والمسيحيين، والمسلمين على صعيد العالم، ويحقق رؤيا دولتين، إسرائيل، ودولة ذات سيادة، مستقلة، ديمقراطية وقابلة للحياة هي فلسطين، تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن.
·   قبول الدول العربية إقامة علاقات طبيعية كاملة مع إسرائيل وأمن لجميع دول المنطقة في إطار سلام عربي ـ إسرائيلي شامل.
حزب العمل الشيوعي
من أجل:
* إلغاء احتكار السلطة وقيام نظام ديمقراطي معاصر لكل المجتمع.
* قيام أوسع جبهة عمل ديمقراطي  علني  وسلمي.
* مقاومة وإسقاط المخططات الأمريكية والصهيونية.
* حزب يساري من طراز جديد.
تقرير عن أعمال الاجتماع الثاني للهيئة المركزية
أوائل حزيران 2005
1.     جدول أعمال الاجتماع
2.     مجريات النقاش
3.     التوجهات والنتائج
4.     التقرير السياسي
 
1.   جدول أعمال الاجتماع
·        تقييم العمل والنشاط الحزبي بين اجتماعين.
·        مناقشة مشروع التقرير السياسي.
·        توجهات الحزب السياسية خصوصاً نحو( التيار الديني- التجمع الوطني الديمقراطي- الأطراف المعنية بمسألة حزب يساري ديمقراطي)
·        خطة إعداد مشروع برنامج سياسي للحزب
·        الهيئة الشبابية
·        المسألة المالية
·        لقاء دير الزور
·        المسائل التقنية ووسائط العمل
·        مسائل متفرقة.
2.     مجريات النقاش
أ?-      على الصعيد التنظيمي والتقني:
·   بداية ووفقاً للتقاليد والنواظم التنظيمية الداخلية اعتبرت الهيئات التنفيذية المنتخبة مثل المكتب السياسي وهيئة تحرير الآن منحلةً وغدا جميع الرفاق أعضاء هيئة واحدة متساوين في الحقوق والواجبات أثناء عمليات نقاش ونقد نشاط تلك الهيئات والاستماع إلى الردود والدفاع كهيئة أو أفراد.
·        تم التوافق على توسيع الهيئة المركزية بأعضاء كاملي العضوية وأعضاء مراقبين.
·   لوحظ حصول بعض الأخطاء في تنظيم الدور والوقت المخصص من قبل قيادة الاجتماع التي اختيرت مباشرة بعد حل الهيئات التنفيذية وتم تجاوز ذلك.
·   لوحظ اشتراك عدد كبير من الرفاق في الحوار بتركيز وفعالية وسادت أجواء الصراحة الشديدة والمسؤولية العالية فكانت النقاشات حيوية متميزة بجرأتها النقدية بما ينسجم مع تقاليد الحزب في هذا المجال.
·   جرى نقد تقسيم العمل في المكتب السياسي وهيئة تحرير "الآن" باتجاهين متناقضين تقريباً فقد رأى بعض الرفاق أن تقسيم العمل لم يكن صحيحاً( متكافئاً وعادلاً ) وتصور البعض حدوث كولسات وأسرار في المكتب السياسي رغم اعتبار هذا البعض أن هيئة تحرير قامت بدورها جيداً إلا أنها لم تفلت من الكواليسية وذلك في ما يتعلق بإضافة مواد جديدة إلى العدد بعد انتهاء إقراره.
الاتجاه الآخر وهو الأكثرية رأى الأمر من زاوية معاكسة تماماً إذ وجد أن هناك عدم تمثلٍ لفكرة المناوبة في المكتب السياسي وهيئة التحرير, فالمناوبة تعني عملاً مبادراً بأدنى حدٍ من التشاور، عملاً مسؤولاً أثناء عدم اجتماع الهيئة أي خلال فترةٍ طويلةٍ نسبياً يجب أن يستمر العمل فيها بكفاءة عالية وخصوصاً أن هناك اتفاقاً دقيقاً على الآليات ومعرفةً بالمهمات والمسائل التي يتابعها هذا العضو أو ذاك، أضف إلى وجود أكثر من مناوب ولذلك رأى الاتجاه الأكثري أن العمليات التي جرت نظامية بل أقل بكثير مما يجب مما أدى برأيه إلى حصول تقصير بسبب انعدام جرأة المناوبين في عددٍ من القضايا الحارة المتعلقة بالشأن العام والتي كان من المفترض اتخاذ مواقف منها( بيان أو مقال). واعتبر أصحاب هذا الرأي أن من الطبيعي أن يكون اجتماع الهيئة هو المكان المخصص لتبادل الأخبار والآراء, كما أضافوا أن تفاوت الرفاق في الجهود وتخصيص الوقت والاستعداد للانكشاف العلني والمبادرة المسؤولة هو أمر عادي تماماً.
·  جرى نقد جريدة "الآن" فيما يتعلق بالتفاصيل والشكليات الضرورية كاللغة والأخطاء الطباعية باعتبارها وسيلتنا الأساسية في التواصل مع الآخرين.
·  تم التأكيد على أن تطور نشاطنا السياسي والتنظيمي وضرورة تطوير عملنا الصحفي والإعلامي أصبح يتطلب توفير موقع إلكتروني خاص.
·  جرى نقد الوضع المالي القائم والتأكيد على ضرورة تجاوزه سريعاً بشكل ممأسس رغم الوضع المالي الصعب للرفاق فحاجاتنا تتصاعد بسبب تطور نشاطنا السياسي والتنظيمي وضرورات العمل العلني.  
·   بعد الانتهاء من نقاش المسائل التي سمح بها الوقت جرى انتخاب المكتب السياسي وهيئة التحرير.
ب?-         على الصعيد السياسي :
·   جرت نقاشات واسعة ومعمقة بخصوص أهمية مراجعة وتكوين الخط السياسي للحزب وبرنامجه السياسي وإستراتيجية عمله ورأت الأكثرية أن من الخطأ الشديد ربط ذلك بعملية تنسيقٍ مع الأطراف الأخرى المعنية بالحزب اليساري الديمقراطي الجديد، فضرورات الواقع السياسي وكذلك حاجاتنا الحزبية والسياسية والتنظيمية تفترض معالجة سريعة لذلك فيما تسير عملية التنسيق ببطء مع وجود تعقيدات وحسابات مختلفة لدى العديد من الأطراف فالتنسيق يخضع للشروط الخاصة لكل طرف من أطرافه، إن الصدق والحماس والوضوح الذي نبديه في هذه العملية عامل هام، لكنه ليس كافياً لنجاح العملية.
واعتبرت الأكثرية أن المواقف والممارسات التي صاغت نشاطنا السياسي صحيحة بوجهٍ عام وأن الوقت قد حان لوضعه في إطاره المنهجي أي في صياغة خط وبرنامج سياسي واضحٍ ودقيق وهذا لا يتناقض مع مساهماتنا في بناء الحزب اليساري الجديد ولا مع عمليات التنسيق الجارية فمن الخطأ ربط الأمرين معاً.
·   بناءً على ذلك تم اتخاذ قرار بتشكيل لجنة موسعة لإعداد مشاريع الخط النظري السياسي ومشروع البرنامج وأعطيت مهلة ثلاثة أشهر للبدء بتقديم إنتاجها خصوصاً أن هناك ثلاثة موضوعات نوقشت في السابق بشكلٍ عام مع الرفاق في حزب العمال الثوري ويمكن تعميقها وتوسيعها لتشكل مساهمات في ذلك السياق، وهناك أيضاً المادة المقدمة حول حزب يساري من طراز جديد وكلها صالحة للبدء بالمشروع, وذلك بالترابط مع المراجعة النقدية لتجربة الحزب السابقة وعلى المكتب السياسي أن ينظم ذلك مع اللجان وبالاستعانة بمن يلزم من الوسط الحزبي.
·   تم إجراء نقاش طويل حول التيار الديني وحركة الإخوان المسلمين ورأت الهيئة أن ما قدمناه حتى الآن صائب إلا أنه يحتاج لنقاش أكثر عمقاً وشمولاً، وبشكلٍ محدد في اتجاهات التيار الديني في المجتمع ،ونفوذ كل اتجاه، ومستوى النقد الذاتي الذي مارسته حركة الإخوان حتى الآن وفيما إذا كانت هناك ضرورة لاعتذارها وحدود هذا الاعتذار، وموضوع مرجعيتهم العقائدية الإسلامية من حيث حدود التقديس والعصبية فيها ودور هذه المرجعية في إعادة المجتمع إلى عصبياته،وكذلك دورها في اقتصار الحزب وطنياً على طائفة واحدة بعينها وتأثير ذلك على معايير العمل الوطنية، كما تطرق النقاش إلى دور الإخوان المسلمين والتيار الديني في العمل الوطني بعيداً عن الاستقطاب الجاري بين النظام الحاكم والإدارة الأمريكية. إذ أن الطبيعي أن يكونوا إحدى قوى العمل الوطني الداخلي المستقل المعارض، فيما يدفع بهم النظام بحكم موقفه المتخلف والثأري منهم ليجعلهم ورقة في يد العامل الخارجي.
·   في النقاش حول التجمع الوطني الديمقراطي وأطرافه وعلاقتنا بهم برزت عدة اتجاهات أحدها يرى أننا فيما نكتبه نبدو وكأننا نستجدي التنسيق مع التجمع وبعض أطرافه، المسألة تكمن داخل التجمع ومنطقه ومنهجه في العمل الوطني المعارض، وفي تاريخية علاقتنا معه ومدلولاتها التي تؤكد الإقصاء وغياب السلوك الديمقراطي،كما تؤكد حرصهم على جعل التجمع الإطار الوحيد للمعارضة،ورفضهم لأي عملٍ من خارجه- مثال دير الزور- فهذا المنطق يحتاج للتجاوز والتصويب الذاتي.
إن نهجنا مختلفٌ حقاً بالتغاضي عن مستوى التقاطع والاختلاف مع هذا الطرف أو ذاك، وهناك كثرة من القضايا المستجدة في العمل الوطني تحتاج لنهجٍ وممارساتٍ ومؤسساتٍ مختلفة للمعارضة، لذلك يجب على حزبنا أن يتصرف بشكلٍ ديمقراطيٍ تعاوني دون تشنجٍ على أن لا يبدو ذلك أننا بأية صورة نسمح للآخرين بالتصرف بحقوقنا الندية فالحركة الوطنية الديمقراطية المعارضة واسعة ومتعددة الاتجاهات وعلاقتنا جيدة مع الكثير من أطرافها، وعلينا متابعة مواقفنا ونشاطنا بما لا يتناقض أبداً مع حرصنا على التنسيق وضرورة تطوير العلاقات.
فيما طالب اتجاه آخر بوقف النقد العلني للتجمع وبعض أطرافه، لأنه يبدو لهم محرجاً وجارحاً، ويُفَسر بدوافع سلبية من جهتنا وبأننا غير حريصين على العمل الوطني الجمعي وتلك إشكالية حقيقية في تاريخ المعارضة.فيما قال آخرون أن ذلك يمكن أن يكون سبباً إلا أنه ليس حاسماً، فالبعض من داخل التجمع ينتقده بلغة قد تكون بعيدة عن روح الحوار الديمقراطي وقد يصل الأمر إلى حد التجريح الشخصي، وهناك أيضاً من داخل التجمع مَنْ انتقد التجمع بأسلوب ديمقراطي وتوصل إلى نتائج أقسى بكثير مما نقوله فاعتبروه عاجزاً بل ميتاً، ورغم ذلك لم تتأثر علاقاتهم كثيراً بالأطراف الأخرى.
رأى الاتجاه الأكثري في الهيئة المركزية أن ما نكتبه ونمارسه حيال التجمع الديمقراطي بعيد كلياً عن منطق الاستجداء وأننا لا نرهن حركتنا وتوجهاتنا بردود فعل التجمع, بل نطرح موقفنا النقدي العلني الصريح مع حرصنا الشديد على طرح وسائل التنسيق واستعدادنا الدائم لتنفيذ العمليات المتفق عليها.
أخيراً تم الاتفاق على إعادة نقاش الموضوع بتوسع أكثر مع تحضير أوراق عمل شخصية لمن يرغب.
·   مع تثمين الهيئة لما تم إنجازه فقد وجدت ضرورة تطوير الحوار والتنسيق العملي مع الرفاق في حزب العمال الثوري والأطراف المعنية ببناء الحزب اليساري الديمقراطي إذ لا يزال ما أنجز مع حزب العمال على أهميته يمثل تراكماً متواضعاً بعيداً عن المأسسة ولم يتحول بعد إلى ورشة عمل جادة لإيجاد الصياغات العملية في مشروع الحوار الاندماجي. أما بخصوص الأطراف والمجموعات الأخرى فلا يزال الأمر في بداياته, وهو بحاجة لزخم و وضوح في الطروحات والخطوات العملية, مع التأكيد مرة أخرى على عدم رهن تطورنا الذاتي بمجريات هذه العملية, فكلنا مسؤول و بشكل متساو عن تغيير سياقات الانقسام والتشرذم و العصبيات إلى العمل المشترك  و التوحد.      
3.     التوجهات والنتائج
 
·      ترى الهيئة أن توجهاتنا السياسية ومواقفنا وشعاراتنا صحيحة على وجه العموم و يجب الاستمرار وفقاً لها.
·      فتح نقاش معمق حول التيار الديني و التجمع الوطني الديمقراطي لتحديد موقف أكثر دقة مستقبلاً.
·   تم تشكيل لجنة الصياغة و تفويضها بالاستفادة من خبرة من تراه مناسباً في الوسط الحزبي و محيطه من أجل صياغة مشاريع الخط النظري السياسي والبرنامج السياسي ومراجعة تجربة الحزب. على أن تبدأ بتقديم إنتاجها خلال ثلاثة أشهر.
·   تشكيل لجان بعضوية رفيق من المكتب السياسي ورفيق من الهيئة المركزية وآخرين عند الضرورة لمقابلة الرفاق من الإطار القديم للحزب والتباحث معهم حول العمل الحالي.
·      متابعة المكتب السياسي لتشكيل الهيئات الحزبية في المحافظات.
·      تشكيل سكرتارية وإدارة تحرير لجريدة الحزب مع توصية بأن تركز الافتتاحية على المهمة المركزية.
4.    التقرير السياسي
شهدت الساحة السورية في الفترة الممتدة بين اجتماعي الهيئة المركزية توتراً متصاعداً على خلفية الضغوط الأمريكية والفرنسية التي مورست مباشرة، أو عبر الأمم المتحدة، لإكراه السلطة السورية على سحب قواتها من لبنان، مما أدى إلى بروز الشأن السياسي السوري.فاحتل جزءاً واسعاً من الإعلام العالمي والإقليمي، وهيمن على اهتمام وحديث المواطن السوري.
غير أن هذا التوتر لم ينعكس إيجاباً(حتى الآن) على الحراك  السياسي في المجتمع  السوري بحيث تنخرط قطاعات مجتمعية في المشاركة السياسية الفاعلة،بل على العكس تماماً إذ تجلى بانفجارات محدودة طائفية(مصياف، بانياس، حمص)، وقومية(عفرين)،تجد تفسيرها على أرضية الأحداث الإقليمية وخصوصاً في لبنان الذي أظهر الدور الخارجي المهم حتى ولو لم يكن هذا التدخل عسكرياً مباشراً، والعراق الذي يشهد استقطاباً طائفياً متصاعداً منذ انهيار الدكتاتورية البعثية وحتى الآن وكذلك على أرضية العجز السلطوي عن طرح خيارات ومبادرات تجاه المجتمع السوري باستثناء الخيار الأمني القمعي وتهاوي خطاب الشرعية الذي كان يستند إلى الصراع العربي الإسرائيلي ثم تحول مع خطاب القسم دون أي انجاز عملي لتبرير هذه الشرعية، أضف إلى ذلك تفاقم المشاكل الحياتية اليومية للمواطن السوري، وازدياد الفقر والبطالة وتفاوت الثروة حتى وصولها إلى معدلات مخيفة.
إن تنامي دور العامل الخارجي إلى درجة جعلته حاضراً وفعالاً في الصيرورة السياسية الحالية كعامل داخلي يفرض علينا ضرورة فهم هذا العامل والتعاطي معه بشكل تمييزي واعٍ بعيداً عن الشعارات التضليلية الفارغة من جهة، أو التعامل معه كعامل مخلّص كُلّي القدرة والجبروت من جهة أخرى بما يحقق مصالحنا في استمرار وتطور وتنامي المشروع الديمقراطي السوري مع صيانة ما تبقى من وجودنا ووحدتنا الوطنية، فنحن نرى أن جميع الأطراف (الداخلية والخارجية) المنخرطة في الصيرورة السياسية الجارية تنطلق في مساعيها من مصالحها الإستراتيجية والآنية لا من دعاويها الإيديولوجية.
وفي هذا الصدد نلاحظ تنوع الطيف والأهداف والثقل والوسائل فيما يسمى بالعامل الخارجي، فالإدارة الأمريكية تضع نصب عينيها إكمال انجاز مشروعها الهيمني على العالم انطلاقاً من منطقتنا وقد تخلت بعد 11 أيلول عن رؤيتها المتمثلة بالحفاظ على الاستقرار لصالح إجراء التغيير المنشود بكافة السبل المؤدية والمتمثل في قيام أنظمة قريبة من شعوبها وتتمتع بحد مقبول من التمثيلية مع بقاء بلداننا على درجة من الضعف تجعل العامل الأمريكي مطلوباً كضامن للاستقرار والاستمرار وتمثل صيغة ديمقراطية الطوائف (لبنان- العراق) تجسيداً حياً لهذه الرؤية التي تتمتع ضمنها وحدة وسلامة أراضي الدول بأقل من الحد الأدنى من الاهتمام والاحترام، مقابل ذلك تبرز المساهمة الأوربية التي تكتسب أهمية بحكم الجوار الجغرافي بتشديدها على الحفاظ على الحدود الداخلية وخيار الضغوط والأساليب غير العسكرية مع ابتعادها عن التلاعب في الثنائية السنية –الشيعية، وهدفها التقدم في الشراكة المتوسطية وفقاً لرؤية برشلونة مما يتيح لها منافسة فعالة للولايات المتحدة, مع انتباهنا إلى تطور مستوى التنسيق بين الإدارة الأمريكية ودول أوربا بعد الاجتماع الأخير للسبعة الكبار حيث بدا الدور الأمريكي أحياناً كأنه مجرد تابع للمايسترو الأمريكي.
الطرف الثالث في العامل الخارجي هو المؤسسات الدولية. فرغم هيمنة الولايات المتحدة عليها وتعويقها لتطويرها بالاتجاهين الديمقراطي والأخلاقي الإنساني "مجلس الأمن مثلاً" إلا أنها ليست مجرد أدوات بيدها تحركها كما تشاء، فقراراتها وتوجهاتها رهنٌ بأطراف وتناقضات وتجاذبات مختلفة وهي تقوم بأدوار هامة من أجل تحسين شروط الحياة في العالم على صعيد السياسة والتعليم والصحة والبيئة والقضايا الإنسانية الملحة كالكوارث واللاجئين وحقوق الإنسان.
أخيراً يجب أن لا نغفل دور الجمعيات غير الحكومية وهيئات المجتمع المدني والسياسي وأهل الثقافة والفكر والإعلام من النخب الديمقراطية، وإذا كان هؤلاء يشكلون الطرف الأضعف في العامل الخارجي إلا أن قدراتهم في تعبئة الرأي العام وتشكيل أواليات الضغط على الحكومات وكذلك صدقيتهم والتزامهم بقضايا الانسان وحريته وتقدمه في العالم يجعل منهم طرفاً ذا وزن فعال ضمن العامل الخارجي .
تبقى المسألة الحاسمة المتمثلة بوجود طرف داخلي مجتمعي قادر على التعاطي مع هذه الأطراف المختلفة،ومع عملية الاستقطاب الخطرة التي تقسم المجتمع والقوى الوطنية الديمقراطية المعارضة وتضعف بل تبدد الطاقة الوطنية مخلّفة آثاراً بعيدة على وطننا, إذ لا يمكن تصور الصيرورة السياسية الجارية إلا بما هي تفاعل ديناميكي لمختلف العوامل والمصالح والرؤى كلٌ بحسب قوته وفاعليته وقدرته على التأثير.
إن ما يثير القلق فعلاً هو الدور الأمريكي وطريقة تعاطي كل من السلطة والمعارضة مع هذا الدور، فرغم تعدد السيناريوهات التي تطرحها وسائل الإعلام العالمية لا لأهداف هذا الدور بل لتوجهاته وأساليبه يمكن إجمالها ضمن ثلاثة توجهات:
-    التدخل العسكري الأمريكي المباشر على الطريقة العراقية لفرض نظام يأخذ على عاتقه تنفيذ السياسات الأمريكية عبر صيغة «ديمقراطية الطوائف»،إن الإقرار بأن المكونات المجتمعية تحت الوطنية كالعشيرة والطائفة موجودة في واقعنا بالأصل وليست بدعة أمريكية، يجب أن لا يمنع من ملاحظة طريقة التعاطي الأمريكية مع هذه المكونات، إذ تنزع إلى تكريسها وإنعاشها مع الحفاظ على إمكانية ضبطها ضمن مستوى وحدود تسمح بالسيطرة على الوضع. إن هذا التوجه قائم ومحتمل غير أن الدلائل الحالية تشير إلى استبعاده على الأقل في المرحلة الحالية.
-         تحول في النظام إما بخضوعه الكامل للاشتراطات الأمريكية وهو على شكلين:
أ?-   خضوع النظام ككل للاشتراطات الأمريكية وضمان بقاءه على الطريقة الليبية ومن الواضح حتى الآن أن هذا النظام بما فيه رأسه مرفوض من الإدارة الأمريكية وكذلك فإنه غير مستعد للاستسلام المطلق طالما لم تلبِّ مطالبه المتعلقة بمصالحه السلطوية وأيضاً بموضوع التسوية.
ب?- قيام طرف من النظام بالانقلاب على الطرف الآخر وإجراء تغيير سياسي يجعله مقبولاً من الإدارة الأمريكية مع إظهار استعداده لتلبية المطالب الأمريكية غير أن مستوى الضبط الأمني في الجيش أولاً وفي الأجهزة الأمنية ثانياً يجعل من هذا الاحتمال أمراً مستبعداً.
-    الاستمرار في ممارسة الضغوط الاقتصادية والسياسية والإعلامية والتدرج التصعيدي في فرض العقوبات حتى خلق مفاعيل داخلية في النظام والمجتمع وخصوصاً على هيئة انقسامات وتفجرات متنامية تؤدي في النهاية إلى فتح آفاق جديدة لمجمل العوامل الفاعلة في الصيرورة السياسية,أو إيجاد مبررات وذرائع للتدخل العسكري إن بقي ميزان القوى الداخلي غير كافِ للحسم.
ويرجح في المستقبل القريب مواصلة اعتماد هذا التوجه، فيما يبقى السؤال إلى متى وإلى أي حد سيظل هذا الخيار معتمداً وكيف سوف تتعاطى معه السلطة والمعارضة معاً.
من ناحية النظام كان إجباره على الخروج  من لبنان آخر مسمار في نعش دوره الإقليمي رغم المحاولات اليائسة في الاتجاهين التركي والإيراني واستمرار تداخلاته في العراق ولبنان للتأكيد على أنه لا يزال قوياً قادراً على المقاومة ويمتلك دوراً بإمكان الآخرين أن يستفيدوا منه، مع ذلك لا يزال يتصرف كطرف مُوَحد هدفه الوحيد المقدس استمراره في السلطة، وخياره الوحيد تجاه المجتمع هو الخيار الأمني القمعي ولسان حاله يقول لقد فقدت لبنان ولكني أمتلك سورية، ورقتي الأخيرة، ولن أسمح بفاعلية أي طرف آخر فيها وبذلك يفرض نفسه طرفاً وحيداً مقابل الطرف الأمريكي وعلى الآخرين في المجتمع السوري الالتحاق بأحد هذين القطبين دون أن يأبه للتصدعات السياسية والاجتماعية الناجمة عنها ، فالسلطة بالنسبة لهذا النظام مجرد جائزة لا يترتب على حيازتها أية مسؤوليات سوى مسؤولية الاحتفاظ بها.
 وفي سبيل هذا الهدف يبدي أشكال مختلفة من المرونة والاستعداد لتقديم التنازلات ابتداءً من تسليم المطلوبين والتنسيق الاستخباراتي والمبادرات البروتوكولية تجاه الحكومة العراقية الجديدة بتقديم التهنئة للطالباني والجعفري وصولاً إلى مصافحة الرئيس الإسرائيلي بهدف إقناع الإدارة الأمريكية أنه قادر على إعادة هيكلة نفسه وفقاً لشروطها. ويتلقى مقابل ذلك بعض الإشارات الإيجابية الضئيلة الأهمية مثل شراء الأمم المتحدة لبعض احتياجاتها من السوق السورية وانعقاد الجمعية الفرانكفونية في دمشق ومشاركة مستثمرين أوربيين في ملتقى الاستثمار السوري بالإضافة إلى عدد من كبار المستثمرين العرب على رأسهم الوليد بن طلال.
وفي خضم تواصل الضغوط والمطالبات مما حدا بسفير النظام السوري في واشنطن للتلويح بوقف التعاون العسكري والاستخباراتي مع الولايات المتحدة بسبب استمرار ضغوطها، ترافق ذلك مع هجوم أمني قمعي تمثل في اختطاف رجل دين كردي واعتقال رئيس الجمعية العربية لحقوق الإنسان وتَوَّج باعتقال الهيئة الإدارية لمنتدى الأتاسي الذكرى الوحيدة المتبقية من ربيع دمشق الموؤود ثم اعتقال رفيقنا محمد حسن ديب من السلمية وحبيب صالح من طرطوس, مما خلق انطباعاً قوياً أن اختطاف وتصفية الشيخ محمد معشوق الخزنوي ليس مجرد فعل جرمي عادي بل عمل يقف وراءه أحد الأجهزة وأدى إلى توترات شديدة في القامشلي لا تزال مفاعيلها قائمةً.
 من جانب آخر استمرت الفعاليات السياسية السورية في أساليب عملها المعهودة دون أي تطوير، وتكفي المقارنة من ناحية العدد بين المسيرة التي خرجت في ذكرى سقوط بغداد والاعتصام في ذكرى إعلان حالة الطوارئ، كما تكتسب أهمية أيضاً المقارنة بين عدم تدخل الأجهزة الأمنية في الحالة الأولى وتعاملها الشرس في الحالة الثانية. وهنا نستغرب كيف مرت المصافحة بين الرئيسين السوري والإسرائيلي مرور الكرام لدى أصحاب الخطاب الوطني ممن يتجنبون رؤية الديمقراطية بوصفها المسألة المركزية ، مع كل المغزى الذي تحمله هذه المصافحة أم أن مصداقية النظام الوطنية ثابتة لا تحتاج لبرهان وأن على المعارضة وحدها أن تبرهن على مصداقيتها.وكذلك لدى بعض أطراف المعارضة التي أضحت ترى في أي توجه وطني تجاوباً مع السلطة وربما خدمةً لها. نحن نعتقد أن نهج التغاضي عن الجانب الوطني في الصراع والصيرورة الجارية يمثل في أحد وجوهه تفويضاً غير معلن للنظام باحتكار القضية الوطنية واستمرار التماهي الزائف بين السلطة والوطن, وفي وجهه الآخر تفويضاً للولايات المتحدة الأمريكية بإدارة المشروع الديمقراطي والانحطاط به إلى مشروع للتوافق الطائفي تحت إشرافها .
 أما المعارضة فلم يرتقِ عملها بعد إلى صيغة التنسيق المركزي الذي يضم كافة أطياف المعارضة السياسية، وبقي التنسيق يراوح في إطار السقف الحقوقي رغم الدعوات المختلفة من تجمعات مدنية تطالب بعقد ملتقى وطني للمعارضة، أو لجنة تنسيق سياسية دون أن تقدم الأحزاب المعارضة تفسيراً مقنعاً للتأخير والتسويف في البدء بخطوة كهذه, ولم تكن اجتماعات لجنة التنسيق أفضل حالاً بخصوص هذه النقطة إذ انتهت بمجرد اتفاق على تمثيل عددي للتجمعات السياسية والحزبية والجمعياتية. يحدث هذا مع إدراك جميع الأطراف استحالة العودة إلى الوراء فالاعتقالات الواسعة واستخدام الوسائل القمعية القديمة أصبح صعباً بوجود عالم يراقب الحدث عبر وسائل الإعلام والاتصال المتطورة ويمارس ضغوطاً فعالة على هذا الصعيد.
وهنا نثمن عالياً المبادرة التي أطلقتها والجهد الذي بذلته اللجنة الوطنية الديمقراطية في دير الزور بعقد لقاء دير الزور الوطني الذي شكل فرصة ثمينة لحوار علني بين طيف واسع من المعارضة الديمقراطية السورية حول مجمل قضايا العمل الديمقراطي المعارض، أهدافه، وقواه، ووسائله والتحديات التي تواجهه، حيث كشف اللقاء عن ارتفاع مستوى التوافقات العامة إلى الحد الذي يؤهل لإطلاق عمل ديمقراطي عام ومشترك، يشكل مدخلاً فعالاً للرد على تحدي وحدة المعارضة بوصفها شرطاً لازماً لتقدم المشروع الديمقراطي ، كما كشف عن وجود خلافات في رؤية وتحليل العامل الخارجي وطرق التعاطي معه وخلافات تفصيلية أخرى نعتقد أن من الممكن التعايش معها والتغلب عليها في مسار التقارب الذي يخلقه العمل المشترك. بشكل ما يمكن اعتبار لقاء دير الزور تمريناً مفيداً من حيث الإنجازات والقصورات ضمن جملة تمارين وخطوات تمهيدية لا بد منها لعقد مؤتمر عام للمعارضة الديمقراطية.
من المهم الانتباه إلى أن قسماً كبيراً من الشارع الشعبي السوري تماهى مع موقف السلطة تجاه لبنان بفضل خلط المعارضة اللبنانية في الفترة الأولى لما سمي انتفاضة السيادة والاستقلال بين النظام السوري وكل ما هو سوري  مما أدى إلى رفع وتيرة الانتماء الوطني السوري الأمر الذي ينسجم مع جهود النظام المستمرة في هذا الخلط إضافة إلى التخوف من مفاجآت أمريكية في الساحة السورية تقلب ما اعتاد عليه الناس الذين يرقبون ما حصل ويحصل في العراق وانتظار ما سيجري دون فعل معارض للسلطة.
ولم يقتصر تأثير أحداث لبنان على المستوى السياسي وإنما على المستوى الاقتصادي بحيث ترك أثره على حركة الأسواق التي اتسمت بالركود لكلا الساحتين السورية واللبنانية معاً مع استمرار تدهور الحياة المعيشية للشعب السوري وبداية خصخصة للقطاع العام فقد جاء قرار إغلاق شركة كاميليا الحكومية مع شائعات تدارس  إغلاق ما يقارب 15 شركة وكيفية حل عمالة الشركات المراد تأجيرها واستثمارها توجهاً من السلطة نحو اقتصاد السوق وهذا ما سبق لحزب العمل الشيوعي أن أشار إليه ضمن سياق صيرورة البرجوازية البيروقراطية التي تنحى بعض شرائحها الطرفية نحو اقتصاد السوق واندماجها مع شرائح البرجوازية الأخرى بدخول السوق الداخلية برؤوس أموالها المنهوبة من قطاع الدولة,وذلك من خلال مشاريع الاستثمار التي طرحت ومن خلال بعض القطاعات الخاصة والتي يعتبر رأس مالها رأس مال شخصيات حكومية استترت عبر وجوه وشراكات مختلفة كشركة أريبا و سيريتل،وهذا يعني أن بعض رموز السلطة بدأ الدخول الرأسمالي بشكل قوي في محاولة لربط قطاع من الشعب من خلال تأمينه العمل ولقمة العيش والتعويض عن خسارة قطاع الدولة الذي قام خلال عقود طويلة بنهبها وصولاً إلى إفلاسها.
أما بالنسبة لنشاطاتنا فقد شارك الحزب بالاعتصام في ذكرى سقوط العراق وفي الاحتفال بذكرى الجلاء في السويداء وكذلك في الذهاب إلى الجولان . كما شارك في لجنة التنسيق وبفعالية عالية إضافة إلى مشاركته في اللجان والفعاليات المجتمعية في المحافظات السورية واستمر إصدار الجريدة المركزية الآن في تواتر منتظم مع إدخال تعديلات عليها من حيث الشكل والمضمون ليست كافية حتى الآن وتحتاج إلى عمل جدي لتطويرها من جميع النواحي.
وهيأ الحزب للرفيق يوسف عبدلكي استقبالاً لائقاً في المطار مع حشد من المثقفين وممثلي المجتمع وكذلك قام الرفاق باستقبال الرفيق زياد قباني على الحدود اللبنانية السورية. أما في  لقاء دير الزور الوطني فقد شارك رفاقنا بفاعلية سواء بمداخلاتهم وحواراتهم مع الأطراف المشاركة الأخرى في اللقاء وفي لجنة الصياغة لتكريس التوافقات الواردة في ورقة الدعوة التي وجهتها لجنة دير الزور.  
انتهى
[[   لا أُسمّيها   ]]
شعر : عمر إدلبي
حتى أسمّيها بلاداً
    ينبغي أن أستعيدَ ـ ولو قليلاً ـ
     من تفاصيل ابتسامتها بوجهي
                          كلّما فاجأتُ ذاكرتي.
حتى أسميها حقولَ صبايَ
      والصدرَ الحنونَ
أريدُ منها أن تجرِّبَ نُطقَ نصفِ اسمي
بلا خطأٍ، أسامحها بحرفٍ واحدٍ،
      فلربما عانت من اللهجاتِ،
أَقْبَلُ أن تدوّنَهُ على كفّي
        ولو رَسَمَتْهُ بالخطِّ الرديءِ،
وأكتفي منها بأن تأتي بريشتها
                       فدمعي ملء محبرتي.
سأكون ممتنّاً لطلّتها عليَّ
ولو كطيفٍ من وراء الحلم،
يكفيني إذا وَقَفَتْ ـ كمثل الأصدقاءِ ـ
على الحيادِ
إذا تناولني الوشاةُ بكذبةٍ،
يكفي إذا غابت عن الحفلِ العظيمِ
فلم تصفّقْ
 حين يعقدُ تحت مرآها الطغاةُ حبالَ مشنقتي.
حتى أسميها بلادي
ينبغي أن لا أذوب بخيبتي إن قيل لي:
                          ما نحنُ يا أبتي ؟؟؟؟
 
**    *    **
اعتذار:
ـ تعتذر هيئة تحرير الآن من قرائها الكرام لحصول خلل في العدد الورقي رقم (28) حيث ظهرت مجموعة من المقالات ناقصة. لذلك نعيد نشر النقص في هذا العدد (29) مع الاعتذار من القراء الكرام ورفاقنا وزملائنا أصحاب المقالات:
1 ـ مقال «الإخوان المسلمين»... وما أدراك ما الإخوان المسلمين؟
    ـ النقص في مقال الرفيق نذير جزماتي ثلاث كلمات الأخيرة من البيت الشعري
إذا رأيت نيوب الليث بارزةً         فلا تظنن (أن الليث يبتسم)
2 ـ كلمة رفيقنا فاتح جاموس في لقاء التحالف الديموقراطي الكردي في سوريا:
     النقص : نسعى إلى الحوار معهم لدفع هذه العملية (إلى الأمام وتحقيق خطوات جادة فيها.
                 نتمنى للقائكم أفضل النتائج، وشكراً
                                              13/5/2005                       فاتح محمد جاموس
                                                                      عضو المكتب السياسي لحزب العمل الشيوعي)
3 ـ مقال: سفاح سورية قادم على جناح الحرية الأمريكية ـ لرفيقتنا حسيبة عبد الرحمن.
            النقص: وهو قائد سرايا الدفاع إلى النظام ككل (متناسياً أنه كان العامود الفقري في السلطة والجناح الفاشي ضمن بنيتها الديكتاتورية ـ بشعار أمريكي... الديموقراطية فهل سمع أحد أن جزار شعب نام وأضحى يمامة؟؟؟؟؟).
ـ نجدد اعتذارنا من القراء الأحباء والرفاق أصحاب المقالات..  على أمل عدم تكرار مثل هذه الأخطاء.   
                                                                                                                            «هـ . ت»
 
شموع
فصليل «زاقوق» يقض مضاجعي              ورتاج باب طال فيه بقائي
شموع تضيء ليل محكمة أم الدولة.
شموع تؤنس روح السجناء المتوحدة داخل سجون النظام السوري.
شموع محمولة بأيد مغلولة، هي أيدينا، استدنا بعض القوة من عزائم تناثرت على جدران سجن صيدنايا وعدرا، عزائم كتبت أسماءها المتشابهة في الأحرف الأولى (العين والميم تزينها النون والراء معطوف عليها الواو) بعرق الوجع وآه الانتظار.
21/6/2005 يوم السجين السوري توجب علينا إشعال الشموع أمام محكمة أمن الدولة .
 
 
تنــويــــــــه:
يستطيع أي مهتم الإطلاع على إصدارات حزب العمل الشيوعي في سورية في الصفحات الخاصة به على موقع الحوار المتمدن:
   WWW.SYRIA- Fonu M.com  
 
                                                                                                    
 
  
 
 
 


[1] ـ انبثقت اللجنة الرباعية عن لقاء ضم الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا الفيدرالية إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية، وعقد اجتماعه الأول في مدريد (10/4/2002). وجاء هذا اللقاء أثناء حملة «السور الواقي». وفي سياق جولة كولن باول إلى دول المنطقة «لإعادة الهدوء واستئناف العملية السياسية». فإنه تحول إلى إطار دولي مستقر معني بمتابعة ملف الصراع في الشرق الأوسط وبعده الفلسطيني ـ الإسرائيلي بالذات (ولهذه الغاية فإن الرباعية ستحافظ على وحدانيتها كجسم سياسي يرتكز على الإطار من أجل تقدم سياسي نحو السلام الأمني» كما ورد في الورقة الصادرة عن اجتماع الرباعية في لندن (2/7/2002).
 
[2] ـ عشية انعقاد الرباعية في نيويورك عبر كولن باول بوضوح عن وجهة نظر واشنطن (حول ما يفترض أن يخرج به الاجتماع) بتصريح لقناة «الجزيرة» (15/7): «نريد أن يبحث اجتماع (الرباعية) بخططنا لمساعدة الشعب الفلسطيني في عملية التغيير، إنشاء مؤسسات تساعد في تحسين وضعهم المالي، والوضع الأمني، والوضع الإنساني.. إلخ».
 
[3] ـ ناقشها وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الـ15 في اجتماعهم غير الرسمي في السنير (شمال كوبنهاغن)، ونشرتها «الحياة» اللندنية في 31/8/2002. وموجودة في كتاب، ما بعد السور الواقي «شركة التقدم العربي»، الدار الوطنية الجديدة ـ دمشق ـ أيلول 2003.
[4] ـ نشرت هذه الخطة في جريدة «الحياة» اللندنية و«المستقبل» البيروتية بتاريخ 19/9/2002.
[5] ـ انظر كتاب «ما بعد السور الواقي»، سلسلة الطريق إلى الاستقلال رقم (10) الصادر عن شركة دار التقدم العربي والدار الوطنية الجديدة، الصادر في أيلول (سبتمبر) 2003. في دمشق وبيروت. الصفحة (58). التي تثبت صيغة الاتحاد الأوروبي لـ«خارطة الطريق» التي نشرت في مطلع تشرين الأول (أكتوبر) 2002.
 
[6] ـ وثيقة خارطة الطريق في كتاب «خارطة الطريق».. إلى أين؟ سلسلة الطريق إلى الاستقلال رقم (11) الصادر عن شركة دار التقدم العربي في بيروت، والدار الوطنية الجديدة في دمشق، نيسان (ابريل) 2004 من الصفحة 143 حتى الصفحة 154.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توسع الاحتجاجات الجامعية في أنحاء العالم


.. إجراءات اتخذتها جامعات غربية بعد حرب إسرائيل على غزة




.. استشهاد فلسطينيين أحدهما طفل في قصف إسرائيلي استهدف منزلا شر


.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع




.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر