الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مع وزيرة المغتربين بثينة شعبان

ماجد رشيد العويد

2005 / 7 / 5
الصحافة والاعلام


تشغل الدكتورة بثينة شعبان، التي انتقلت من عالم الأدب المترجَم إلى عالم السياسة، هذه الأيام بعض اهتمامي. عملت في السابق، وما تزال ترأس تحريرها، في مجلة الآداب الأجنبية الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب في سوريا. وعرفتها من خلال المجلة قد قدمت عملاً طيباً لمحبي الأدب والعاملين فيه وأنا منهم. وعملت طيباً على إدارة هذه المجلة كما أظن، ثم فجأة انتقلت إلى عالم آخر أقل ما يفعله بالمرء في بلاد التجهيل والشمولية أنه يمسخ الإرادة الطيبة إلى أخرى هائلة من النفاق، وبتعبير آخر ألطف، يحوّل القدرة الحسنة إلى أخرى رديئة مقنّعة لأنها لا تملك القدرة على البيان والإفصاح. هذا هو بالضبط حال " وزيرتنا " بثينة شعبان وزيرة المغتربين.
فمن نظر واستمع إلى تصريحاتها باعتبارها ناطقة باسم المؤتمر العاشر لحزب البعث السوري، يلمس العجب العجاب. بالنسبة لي لم يتغير الأمر، وفضّلت أغلب الوقت أن أتلقى المعلومات عن مجريات المؤتمر من وسائل إعلامية أخرى، كانت الوزيرة تزودها بها، على ندرتها، قبل تزويدها لوسائل الإعلام السورية!!.
لن أعود إلى المؤتمر فقد تحدث عنه المحللون والإخباريون. ما يهمني هنا هو شخصية الوزيرة بثينة شعبان التي تتمتع بشيء من الجاذبية، وبقلم استمد رشاقته من الأدب الذي عملت على رعايته بعضاً من عمرها في مجلة الآداب الأجنبية كما أسلفت.
فالدكتورة بثينة شعبان تكتب من الناحية الأدبية بشكل جيد وتتمتع بأسلوب رشيق، وتدهورت هذه الرشاقة منذ تعيينها وزيرة للمغتربين، وتدهورت أكثر منذ رأوا لها أن تكون متحدثة باسم المؤتمر العاشر. وبلا ريب يحزّ في نفسي وأنا من محبي الأدب والعاملين فيه ومن متابعيه أن نفقد قلماً عمل في الترجمة بشكل جيد ورصين. وأما الخسارة فبدون مقابل للوزيرة يعوضها عن الرفعة والسمو اللذين يتمتع بهما عالم الأدب، الذي عملت فيه، لتفقد هذا كله في معمعة العمل السياسي في بلاد تحكمها النظرة الأحادية السلبية والغبية. كنت سأستغرب هذا التحول " الشعباني " لولا أني قرأت كثيراً عن أدباء وشعراء السلاطين والملوك والخلفاء، وارتضت كاتبتنا أن تكون واحدة من هؤلاء المروجين لسياسة الملوك، فقط لتكسب بعض المتع الزائلة وخسرت من نفسها كثيراً وضيّعت بلا ريب علمها الطيب وثقافتها الرفيعة.
ولقد بدا منطق الوزيرة أعرج أشوه في نقل مجريات المؤتمر العاشر، فتارة، في إطار استقالة النائب عبد الحليم خدام، تصرّ على أنه لم يقدم استقالته من مهامه الحزبية وغير الحزبية، وتارة أخرى تصمت دون أن تجيب، وفي ثالثةٍ تأخذنا إلى الحديث عنه وهو يتحدث في المؤتمر لأكثر من ساعة بصفته الحزبية. هذا التلجلج وعدم الوضوح أو عدم القدرة على الوضوح سببه أنها تتحدث وهي تحت الوصاية والرعاية، وأن كافة المسؤولين في هكذا نظم لا يستطيعون التحدث من تلقاء ذاتهم، لذا فهم ينتظرون الإشارة، للتحدث وللكشف عما جرى ويجري في أروقة المؤتمر، وغير المؤتمر.
ليست الوزيرة وحدها تحمل هذا المنطق الأعرج والأشوه، بل ربما ظهرت، وحدها، على نحو أسلس من غيرها، ربما لأنها أنثى؟!. بعض المسؤولين ينفعل، حتى لو كان مسؤولاً من الدرجة العاشرة، ويبتدئ مَنْ رأى فيهم خصوماً بالانفعال والشتائم وبغير هذا. من هذا ما قام به في وقت سابق رئيس اتحاد الكتاب العرب في سوريا علي عقلة عرسان، من سلوك غير لائق بمن يعمل في حقل الكتابة والذي يُفترض به أن يكون صاحب عين ساهرة، مع زميله رئيس اتحاد الصحفيين صابر فلحوط صاحب " العجائب " الشعرية في مديح حزبه حزب البعث، على مصالح زملائهما من الكتّاب. على عكس هذا تماماً، فلقد ذهب رئيس اتحاد الكتاب إلى طرد الصحافي رزوق الغاوي من مؤتمر لأعضائه، وكان هناك بقصد تغطيته. والسبب العرساني الموجب للطرد أن هؤلاء " العملاء " أصحاب المواقف " المشبوهة " ليس مكانهم اجتماعات " قادة الفكر والرأي " ممن يتنسبون إلى الاتحاد.
وليس أسوأ في سوريا من اتحادين، اتحاد الكتاب واتحاد الصحفيين، فهما اتحادان بعثيان بامتياز وأعضاؤهما في غالبيتهم من تابعي عرسان وفلحوط، أو ممن درجوا على تعلم الأبجدية في المناخ البعثي " القومي "، هذا المناخ صاحب العجائب الكبرى في التاريخ السوري المعاصر!!. ومن عجب حقاً، أن تكون الوزيرة شعبان عضوة في اتحاد الكتاب العرب، وفي حزب البعث. كنت أريد لها أن تكون خارجهما، وأن ما تتمتع به من ثقافة سوف يؤهلها يوماً لتكون أكثر من ناطقة باسم مؤتمر لا يستطيع أن يقدم للبلد ما ينقله النقلة الموضوعية، من حالة الخراب التي تسكنه إلى حالة يكون فيها قادراً على منح أبنائه ما فقدوه من إنسانيتهم. ومن الأدلة " المعاصرة " على حالة الخراب التي انتهى إليها البلد إغلاقُ منتدى الأتاسي. تُرى كيف تنظر وزيرة المغتربين إلى هذا الإغلاق؟ وهي التي اشتغلت على الثقافة وحصلت من بريطانيا على الدكتوراه في الأدب الإنكليزي؟
ولو عادت الوزيرة إلى عالم الأدب فإنها ستكون فيه أكثر قدرة على العطاء، وأكثر صدقاً وجاذبية، وأما المكان الذي انتهت إليه فإنه مكان هالك... وإن عادت فإن الألق الذي كانت عليه في " الآداب الأجنبية " سيضيء ما أظلم من عمرها في السنين الأخيرة. وأحب لها أن لا تراهن على ما هو خاسر، وأن تأخذ في حسبانها أن السوريين ليسوا أغبياء بل هم من الذكاء إلى الحدِّ القادر على تبديد ما يكتنفهم من مصاعب وأزمات. وأن تعلمَ أيضاً أن العمل أو الإشراف على ترجمة قصة قصيرة أجمل وأصدق من العمل في السياسة بدون القدرة على اتخاذ القرار بشكل مستقل، حتى لو كانت وزيرة في إحدى الوزارات السيادية، وليس وزيرة للمغتربين الذين لم يعد منهم أحد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما أهمية معبر رفح لسكان قطاع غزة؟ I الأخبار


.. الالاف من الفلسطينيين يفرون من رفح مع تقدم الجيش الإسرائيلي




.. الشعلة الأولمبية تصل إلى مرسيليا • فرانس 24 / FRANCE 24


.. لماذا علقت واشنطن شحنة ذخائر إلى إسرائيل؟ • فرانس 24




.. الحوثيون يتوعدون بالهجوم على بقية المحافظات الخاضعة لسيطرة ا