الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريق الألهة

امال طعمه

2014 / 3 / 16
الادب والفن


أمام عينيها بوابة كبيرة ذهبية اللون، مقبضها خشبي أبيض اللون مُخدش !من فعل الزمن أم من فعل الأيدي التي أمسكت به لتفتح البوابة الذهبية ،الغريب أن البوابة لم تصب بأي خدش أم أنها دُهنت مؤخرا، فلم ترك الدًهان المقبض بهذه الحالة البائسة؟
نظرت حولها لم تجد أحدا ..مجرد غيوم تلتف في المكان ..لم تر أحدا امامها ..لا يوجد سوى البوابة الذهبية!
حاولت أن تفتحها عساها تهرب من الغيوم التي بدأت تلتف حولها أكثر فأكثر ..لكن المقبض لم يدر لا يسارا و لا يمينا ..بدأت بدفع البوابة بقوه لكن البوابة لم تفتح ..جاءها صوت من بعيد، لم تميزه هل هو صوت امرأه أم رجل ؟
- يا ابنة ماذا تريدين؟
- لم أنت واقفة أمام بوابة المعرفة ؟
لم تر مصدر الصوت رجلا كان أم امرأة ..تحيرت بما تجيب فهي وجدت نفسها فجأة أمام تلك البوابة الكبيرة!
كانت تكتب الفصل الأخير من روايتها هذا أخر شيء تتذكره ..فجأة شعرت بنفسها أمام البوابة الذهبية هل اسمها بوابة المعرفة؟
اقتربت سحابة منها وانقسمت لتخرج منها امرأة بيضاء البشرة صافية لم تجد صفاء مثل صفاء بشرتها، ولا لمعان مثل لمعانها عيونها ،كانت عيناها سوداء اللون ،ولابسة ملابس فضفاضة بيضاء ،وعلى شعرها يتهدل شال أزرق ..
ابتسمت لها وأمسكت بيدها..
- هل تحبين الدخول؟
لم تعرف بم تجيب قالت : أين أنا؟
تعجبت المرأة منها وقالت أنت لا تعرفين أين أنت حقا؟
-لا..وجدت نفسي فجأة أمام هذه البوابة الكبيرة .
- عجيب لكن كل الذين أتوا من قبلك كانوا يعرفون وهم من طلبوا المجيء فلا أحد يأتي دون طلب مسبق!
طلب مسبق..قالت في نفسها كيف أطلب ما لا أعلم عنه شيئا!
قالت بعصبية : أنا لم أطلب شيئا ..أين أنا؟
- أرجوك أعيدني الى حيث كنت..أريد أن أنهي الرواية!
- أعيدك! لست مسؤولة عن هذا الأمر كل الذين أتوا إلى هنا بقيوا..
- هل تكتبين الروايات؟
- نعم أكتب الروايات..حسنا أشعر بأنني أختنق أرجوك أعيديني إلى حيث كنت.
- نعم هو خانق هذا الشعور حينما لا تعرفين أين أنت وتحسين أنك ضائعة، لكن هل أحد يعلم حقا أين هو؟
وضعت يدها على صدرها وقالت: لا أنا حقا أشعر بأنني أختنق...
أمسكت المرأة بذراعها ..وقالت: يبدو عليك التعب.
- يجب أن ندخل ..سأعطيك شيئا يخلصك من الوهن والتعب.
ضغطت المرأة الغريبة على مقبض البوابة الخشبي بأحد أصابعها برفق وتأني ..فانفتحت البوابة لوحدها!.
تعجبت من ذلك لكنها لم تقدر أن تسألها كيف فتحته هي بسهولة أما هي فحاولت مرارا ذلك ولم تفلح ربما في الأمر سحر ما .. دخلت هي ودخلت المرأة بعدها.
زال شعور الإختناق بمجرد أن فتحت البوابة ،لكنها مالبثت أن أغلقت فور دخولهما وصوت إغلاقها كان قويا مما أثار خوفها.
لمحت المرأة ذلك فطمأنتها: لا تخافي الصوت أكبر من الفعل..
أعطتها كأسا لتشرب وحين لامست شفتيها الكأس انتبهت أنه فارغ، نظرت الى المرأة بتعجب وقالت: أعطيتني كأسا فارغا.
أجابتها بحزم: ليس فارغا أنت لا ترين ما فيه.
- قليلون هم الذين يستطيعون أن يروا ..هؤلاء مختارون.
مختارون.. أين أنا ؟ في عالم المجانين؟هكذا حدثت نفسها.
- أعرف ما تفكرين به ..حاولي الشرب وستشعرين بشيء يدخل جوفك .. سيريحك صدقيني..كثير من الأشياء لا نراها حقا ولكننا نعرف أنها موجودة!
حاولت أن تشرب..وتفاجئت بشعور غريب سرى بجسدها كأنها اكتسبت قوة غريبة ..زال شعور التعب نهائيا وحل محله فقط الذهول!
- لم تجيبني أين نحن؟وكيف فتحت البوابة معك بسهولة؟ لم لا تستطيعين إرجاعي الى حيث كنت وهل سأظل هنا الى الأبد؟ سألتها كل هذه الأسئلة مرة واحدة!
- يا ابنة كل هذه الأسئلة لديك وأعرف أن لديك المزيد منها أيضا؟ لكن سأجيبك بما أستطيع.
- أنت في عالم المعرفة وكشف الأسرار والإختيار..وأنت طلبت المجيء.
- كل شخص يطلب ذلك بشدة يتحقق له ما طلب !المختارون الذين تتجلى لهم الحقيقة قلائل أنت واحدة منهم!
أنا لم أطلب شيئا .. ردت عليها بغضب.
- لا داعي أن تغضبي يا أبنتي أكيد أنت كنت تطلبين ذلك لا أحد يأتي دون طلب مسبق والحاح ربما أنت لا تعين ذلك!
حسنا ..ماذا يعني عالم المعرفة وكشف الأسرار؟ هل سأعرف كل شيء مخبأ وهل سأكتشف سر الكون مثلا؟ وهل هناك اختيار،ماذا سأختار؟
سحرتها الفكرة شعرت حقا بأنها فعلا كانت تطلب ذلك أن تفتح لها أبواب السماء أو ترى رؤيا تنبئها عن شيء ما أو تخبرها عن الحقيقة التائهة ..لكن مهلا هل جننت؟
-لا لست مجنونة يا ابنة!
- هل تقرأين الأفكار؟
- لا لست قارئة أفكار ولكن فكرك ينعكس على وجهك ..كل واحد منا اذا تأمل الأخر جيدا سيعرف بما يفكر أنا قضيت عمرا وأنا أرى أناس من كل مكان، سهل علي أن أعرف بما تفكرين!ولو أنت تأملت مثلي سوف تعرفين بما تفكر الناس.
- لو أصغيت الى هدوء السكون وحركة السحاب ولمست الهواء في قلبك و قبلَت التراب لو احتضنت زمن الحياة وأحببتها ستعرفين..
سكتت فجأة.
سألتها: سأعرف ماذا؟ أكملي.
- ستعرفين الأمان.. الراحة أجابت بتأني.
- هل أنت إله؟
- أنت تقولين ذلك!
صمتت هي لم تشأ أن تجادلها ما الذي تتحدث عنه تلك المرأة؟ ..الغريب أنها لم تسألها عن اسمها لحد الأن!
- حسنا لم تجيبني كيف فتحت البوابة معك؟
ابتسمت ..
- كنت تحاولين جاهدة أن تفتحيها ها؟
- لكنك كنت خائفة مضطربة لم تعرفي سر البوابة .. ليس بالعنف تفتح بل بالرفق، تحتاج الكثير من الأشياء إلى الرفق في التعامل أنتم تنسون دائما ذلك ..تظنون أن كل شيء بحاجة إلى قوة غريبة وعجيبة لفعله .. تبحثون عن التعقيد والأمر بحد ذاته بسيط ..
- أخبريني كم من الوقت سأبقى هنا ؟
- لا يوجد وقت هنا ولا يوجد زمن ..هذه أشياء فقط موجود ة في عالمكم.
- عالمكم ..هل أنا في عالم أخر..هل انتقلت الى الأمجاد السماوية؟
- لا ..لم تموتي بعد ولكن الموت هنا ليس له مكان وليس له معنى!.. هنا ستودعين ذكرى الحياة وهنا ستعرفين الهدوء..
أحست بالخوف ..ما هذا ؟هل هو كابوس؟
دعيني أخرج ..دعيني أخرج..صرخت كثيرا لكن المرأة لم تأبه لها.
- ربما تستطيعين العودة ..لكنك لم تري المكان بعد!
هدأ روعها فجأة ..هل ستريني المكان؟
- هل يوجد شيء غير هذه الغرفة؟
- نعم ..هذه غرفة الإستقبال والتهيئة..يوجد غرف أخرى..
تلفتت حولها علها تجد طريقا يؤدي الى تلك الغرف لم تجد سوى جدران سوداء قاتمة! ..زادتها وحشة وخوفا.. نظرت إلى المرأة الغريبة بخوف..وكانت ستسأل عن الطريق..لكنها أمسكت بيدها بقوة وشدتها نحو أحد الجدران وابتسمت وهي تنظر إلى الجدار الأسود كانها تتأمل لوحة فنية مزركشة بالألوان!!



دهشت لما رأت... انشق الجدار الى نصفين ودخلت المرأة هذه المرة أولا والتفتت اليها طالبةً منها المجيء.
خطت أول خطوة كانت العتمة شديدة ..صرخت :كيف سنرى في هذي العتمة؟
أجابتها المرأة بهدوء: سترين بقلبك وليس بعينيك. كل الألهة مشت من هنا!
يارب متى ينتهي هذا الكابوس؟ يا كل هذه الألهة ساعديني! هكذا طلبت في سرها.
مشت خلف المرأة وكانت لا ترى شيئا بعد لكنها شعرت بقوى تسيرها نحو الأمام.
توقفت المرأة فجأة وأشارت بيدها لها حتى تتوقف هي الأخرى..
- الأن سترين كل الغرف..فانتبهي جيدا.
تعجبت من طلبها أن تنتبه جيدا أهو درس و يوجد امتحان بنهايته!
كانت الغرفة الأولى صغيرة جدا مجرد باب حديدي صغير كباب حديقة منزلها ويكسوه الصدأ.
فتحت الباب الحديدي ورأت هناك رجلا عجوزا نائما على حصيرة قديمة ولا يوجد حوله سوى كأس فارغ وصحن فارغ أيضا..
تطلعت الى المرأة بقلق لكن المرأة سرعان ما فهمت ما تريده، فأجابت: هنا يقطن من تسموهم بشر، أمثال هذا المسكين.
سألتها :أين هؤلاء البشر الذين تتحدثين عنهم؟"من تسموهم بشر" ،تحيرت في سرها!
-أنت لا تريهم! هم كلهم مثل هذا العجوز ليس بالشكل لكن بطريق حياته!
- لم أفهم.
- هذا الرجل خلفه يقطن الملايين من البشر بل وأكثر من الملايين كل البشر أغلبهم مثله يختلفون عنه بالشكل والعمر والجنس ولكنهم مثله.
- ماذا يفعل هو هنا؟
- هو فقط يأكل ويشرب وينام ليستيقظ مرة أخرى لفعل ذات الشيء وهو ينتظر الزمن أن ينتهي متوهما ذلك!.
انتفضت المرأة فجأة وأشارت لها بالخروج .
تبعتها وهي مذهولة هل هي في عالم من المجانين هل هذا كابوس أم حقيقة!

دخلت غرفة أخرى بابها ملون بألوان زاهية لامعة لكنه جدا صغير ..كيف أستطيع الدخول ؟سألتها وأجابتها المرأة :تذكري شعورك وأنت طفلة وستدخلين ..ذهبت بخيالها الى تلك الأيام ..أيام مضى عليها سنين وسنين وتذكرت أول مرة ذهبت فيها إلى ساحة الألعاب ..ابتسمت كم كانت سعيدة حينها ..دخلت من الباب الصغير الضيق لتجد طفلا ومن حوله رمال صفراء يمسك بها حينا وينثرها حينا أخر ..على الجدران كانت هناك ألوان عديدة كل الألوان ما عدا اللون الأسود.. قالت لها هل هذه الغرفة مخصصة للأطفال ؟ ضحكت المرأة وقالت :لا هذا الطفل عمره آلاف السنين هو يظهر أنه كطفل لأنك ترين داخله وليس ظاهره!خرجتا والطفل مازال يلعب بالرمال !وعادت كما كانت ،واختفى سحر الطفولة الذي كان من جديد!


كانت المسافة أطول هذه المرة ..فوجئت بأن الغرفة الثالثة ليس لها باب!
كانت هناك فتحة كبيرة في الجدار ومنها دخلت شاهدت رجلا أشعث الشعر يلبس الرث من الثياب .. كانت بيده فرشة وكان يلون بها على الحائط لكن دونما ألوان!..كان يرسم خطوطا كبيرة وصغيرة ووجوه وورود وأشياء كثيرة كلها كانت تعبر عن ذاتها بجمال لافت وتناسق رهيب.. لكن فجأة رأت بجانبة نار مهولة كادت أن تحرقه ولشدة دهشتها كان يمسك النار بيده ولكنه لم يحترق بل كان يحولها الى لون أخر في ألوان لوحته السحرية! كانت السعادة تبدو عليه وهو يلمس النار المحرقة!
هذا فنان..هكذا قالت المرأة يحول كل شيء الى فن وابداع ..للأسف ليس الكثير من البشر مثله ..معظمهم لا يعرفون كيف يحولون ما بداخلهم الى ابداع!!
أحست أنه يحول الألم الى سعادة!قالت المرأة : - وكأنها تجيبها على تساؤلها - أنه يجعل ألمه قوة تدفعه الى ذلك السحر الذي يفعله على حائط الحياة.

أومأت بالذهاب فذهبت خلفها..مذهولة!

كانت الغرفة الرابعة أكبر حجما و بابها كبير أسود اللون لامع ومهيب.
دخلت الغرفة وهي بسرها تمنت أن ينتهي المشوار وترى نفسها عادت الى عالم الواقع الذي تعرفه!وهل يختلف عالمها حقا!!
رأت هناك أكثر من شخص هذه المرة! لكن كلهم يبدو عليهم الاضطراب بعضهم جالس وبعضهم يقف متأهبا .. وأصوات تهليلات وصرخات وعويل وحوافر خيل وطلقات نارية، وكأنها عدة معارك اشتعلت مع بعضها معارك ماضي ومعارك حاضر.
انزعجت من الأصوات ..قالت لها المرأة أظنك تعرفين لمن هذه الغرفة؟
لم تجب وخرجتا بسرعة.
نظرت هي الى المرأة وشاهدت ارتياحا بدا على وجهها وهي تخرج.حتى هي لم تحب ما سمعت وشاهدت ..هي التي تعرف الأسرار كلها !وتعرف الألهة.


الغرفة الخامسة كانت واسعة أيضا لكن لم يكن فيها الا شخص واحد وكان فيها ضوء خافت أو هكذا هي أحست أما الباب فكان أبيض اللون بسيط في شكله،كان ذلك الشخص الموجود وكأنه ليس له معالم لم تر وجهه فقط شخص جالس على كرسي يمسك بكتاب كبير ضخم ويقرأ فيه وبين الفينة والأخرى يسجل ملاحظاته على ورقة صغيرة يخرجها من جيبه .
لم تنطق المرأة بكلمة ولم تشأ هي أن تسأل!
فقط أرادت أن تصل الى النهاية هل مازال هناك المزيد من الغرف المظلمة!


كانت الغرفة الأخيرة ..غريبة لم تحدد لها معلما ..كانت صغيرة وكبيرة في نفس الوقت ..يختلط السواد فيها على الجدران مع الألوان الزاهية كانت هناك صرخات وأنين، لم تميز كم عدد الأشخاص الموجودين فيها!
كان هناك ما يشبه صوت الموج الهادر ..ليختفي الصوت ويأتي بعده صوت رعد مخيف..لتشعر فجأة بهدوء قاتل!

هنا صراع الأفكار قالت المرأة بحدة على غير عادتها ..هنا كل الأفكار التائهة في هذا العالم هنا كل الأسئلة التي لها إجابة والتي ليس لها إجابة هنا الحيرة والتساؤل والبحث عن لاشيء!
هنا أمل كاذب ونفق لا يفضي الى الحرية! هنا تفسيرات وتفسيرات وتبريرات هنا محاولات الإنعتاق منذ البد ء وحتى الأن!
هنا كل شيء جال في عقلك منذ أن رأيت الصور فحفظتها الى هذه اللحظة! هنا صخب الحياة!
هنا يقبع بشر تائهون تاهوا عن المرسوم ،تاهوا عن ما يجب أن يكون!
ظنوا أنهم يسلكون طريق الحرية وهم يسلكون طريق قيود أبدية.
ظنوا أنهم اقتربوا من الحقيقة، لكنهم اقتربوا من النار والتهلكة ليست نارا تشوي الجسد بل نار تأكل الفكر!
في داخلهم حيرة كبيرة..كل ماعندهم تحول الى شك ! والألم عندهم تحول الى قوة تخنقهم !
للأسف هم تائهون ! كل الجمال الذي احتوته أرواحهم تاه مع صراع أفكارهم بين الشك واليقين ! لم يعرفوا أن الحقيقة في داخلهم وأنهم باستطاعتهم تشكيلها كما يريدون وأن ليس هنالك وصفة سحرية!
أرادوا معرفة الألهة وهم بذواتهم كانوا هم الألهة!
كل إنسان إله نفسه ..لم يعرفوا تلك الحقيقة !لم يعرفوا تلك النعمة من هذا الكون! وتحول ابداع الروح فيهم الى خوف واضطراب!تحولت النعمة الى نقمة!
صمتت فجأة و أخرجت شيئا من طرف ثوبها لكنها لم تدعها تره!
هل بقيت هنالك غرف أخرى! صرخت فجأة.

التفتت إليها بحزن وقالت : للأسف يا ابنة ..مكانك هنا!
- استعدي حتى أقيدك في غرفة التائهين،هنا سيتوقف قلبك عن الحنين وسيرتاح فكرك وتفقدين شعور القلق إذ عرفت المنتهى!
- ماذا أنا هنا لماذا ؟ لا أريد هذه الغرفة فلتجعليني مع الأطفال أو مع الفنان!.. أو أعديني الى حيث كنت أرجوك ..
شعرت بدموعها على خدها تسيل بغزارة وقلبها ينتفض خوفا .. وصرخت بقوة وغضب:
لا أريد أن أكون مع التائهين ..لا أريد أن أكون مع التائهين.
اقتربت منها وهي تقول لا تخافي..لن تشعري بشيء..بعد الأن.
- أنا أريد أن أشعر ..أنا أريد أن أعيش... فما الحياة دون شعور!
ازدادت صرخاتها وهي تقترب منها.
- أنت طلبت ذلك ..ها قد توضحت لك الحقيقة وكان لك الإختيار!
لم أختر شيئا صرخت بقوة، وقالت مرة أخرى بخوف شديد: لا أريد أن أكون مع التائهين.أرجوك فأنا مازلت أحب الحياة رغم شجونها ،أحب تلك النعمة!
- بلى اخترت حين احترت، حيرتك أوقفت سحر الحياة ! فكان لا بد أن تأتي الى هنا، الى جموع التائهين، انت لم تستطيعي أن تظلي طفلة بشعورك، ولا ولدت من رحم الأحزان سوى الحيرة !ولم تريدي أن تكوني أبدا مع جمهرة قساة القلب !ولم تكتفي بمشاهدة الحياة وتدوين سحرها في قلبك ،آه هناك في قلبك كان طريق واسع الى الحرية تراكمت صخور الحزن والحيرة فيه ولم تقدري أن تشاهدي نهايته، فلا تستطيعين العودة ولا تستطيعين المسير.

اقتربت منها وهي تحمل ذلك القيد الحديدي ، وشعرت بيد قوية تهزها ومازالت تصرخ وتبكي: لا أريد أن أكون مع التائهين!

حينها رأت زوجها واقفا أمامها وعلامات النعاس بادية على وجهه ،يقول لها باستغراب :ماذا هل كنت تحلمين ؟ أنه مثل الكابوس فقد كنت تصرخين بقوة!

- ما زلت تقرأين هذه الرواية!

..التقطها زوجها من على الأرض ،فقد سقطت من يدها وهي تقرأها، راح يقرأ العنوان بهمس وهو يتثاءب: "طريق الألهة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قصة تقول الكثير
نضال الربضي ( 2014 / 3 / 16 - 13:23 )
تحية طيبة أستاذة آمال!

جميلة هي هذه القصة و تقول الكثير.

استوقتني جمل:

- فلا أحد يأتي دون طلب مسبق
صحيح: الاستنارة شرطها الإرادة و أداتها السعي.

-لم تعرفي سر البوابة .. ليس بالعنف تفتح بل بالرفق
أختلف معك ِ: بوابة المعرفة لا بد لها من عزيمة تحطم الخوف، فهي عنيفة في اندفاعها. لكني أعود و أتفق معك ِ لأن انطلاقة العنف المعرفي لا بد أن يأتي من نفس ٍ رقيقة لا تحتمل تراهات الموروث.

-كان يمسك النار بيده ولكنه لم يحترق بل كان يحولها الى لون أخر في ألوان لوحته السحرية!
نعم الفن هو الحياة، لا أعلم لم تذكرت كلام المفكر الراحل العظيم عبد الله القصيمي، حين كان يقول عمن يستدعون الأحاديث بأنهم يعادون الحياة و يحتقرونها و يستدعون الموت و يقدسونه. أحب الفن و الإبداع لأنهما العيش في ملئ الممكن.

أعجبني وصفك لله في الغرفة الخامسة، يشبه وصف نجيب محفوظ للجبلاوي في أولاد حارتنا، مُقاربة موفقة.

- لا أريد أن أكون مع التائهين.أرجوك فأنا مازلت أحب الحياة رغم شجونها ،أحب تلك النعمة!
ذكرتيني بالقول المصري: اشتري دماغك! نعم الحيرة غير مفيدة، الحياة بكل اندفاعها أحلى.

دام قلمك ِ و عقلك ِ الجميل.


2 - الأستاذة آمال طعمة المحترمة
ليندا كبرييل ( 2014 / 3 / 16 - 14:15 )
باب المعرفة يحتاج إلى الإرادة وكل معرفة جديدة في بدايتها تسبب الخوف أو الصدمة للإنسان . ونحن بداخل عقلنا تتصارع كل الأفكار شريرها وخيرها، وكل باب نطرقه في العلم والمعرفة سيجد له مكاناً، وتبدأ الأفكار تتصارع داخل العقل الواحد حتى ينتصر اتجاه على آخر، ولكن لا يعني هذا أنه سيبقى منتصراً أبداً .. فإننا يجب أن نكون مستعدين لكل تغيير سيحصل حتما ما دمنا قادرين على الاختيار ، إلا الذين سلموا عقولهم للخرافات فقضت على حيويتها

ها قد فسّرتُ لك الحلم بطريقتي ، فهل وُفِّقتُ ؟؟
سلامي وتحياتي


3 - الاستاذ نضال الربضي المحترم
امال طعمه ( 2014 / 3 / 17 - 08:53 )
صباح الخير
تختلف معي في مسألة الرفق بالبوابة لأقول لك اني قصدت ببوابة المعرفة بوابة الحياة نفسها ايضا لذا نحن نصارع الحياة وهي باساسها بسيطة حياة وتمضي لا حاجة الى العنف في فرض ارائنا او في محاولة المعرفة ، الشدة والخشونة في تبني المواقف أدت الى تلك الخدوش المريرة في وجه الحياة

أجمل ما في القصة الرمزية أنها تجد لها صدى مختلف لدى كل قارئ
الاشخاص المبدعون في كل مجال هم الذين يحولون الألم الى سعادة بابداعاتهم ومحاولتهم تخطي الحزن ونعم هم الفنانون وأيضا غيرهم

،ليس هنالك وصفة سحرية ليس هنالك معلومة كاملة صريحة،يعتمد علينا في فك الرموز والا ما نفع الحياة اذا ولدنا ومعنا الكتالوج هل نحن كالألات؟، حاولت ان اقول عيشوها ببساطة نوعا ما بساطة قلب وليس عقل

شكرا لقراءتك المتمعنة
سلامي ومحبتي لك


4 - الاستاذة ليندا كبرييل المحترمة
امال طعمه ( 2014 / 3 / 17 - 09:05 )
تحياتي المليئة بالمحبة لك
نعم عزيزتي وفقت في رؤيتك لهذا الحلم، الافكار تتصارع في داخل الانسان والمعرفة التي يكتسبها كل يوم وكأنها ممحاة تمحي الماضي ورؤياه ،لكن يجب ان ننظر الى تلك المعرفة على انها تكمل افكار الماضي فلا تمحية بل تطوره أوتصقله، ليس هنالك حقائق ثابته في طريقة الحياة ،العالم يتغير ونحن بدورنا يجب ان نتكيف ولا نتحير أمام ما هو جديد ،فلا نعتبر انفسنا في منتصف الطريق لانقدر ان نعود إلى عهد البراءة ولا نقدر على المضي قدما في طريق الافكار والمعرفة لانها تصدم وتشوه كل صور الماضي

يجب ان نحاول ان نستفيد من كل هذا في رسم صورة افضل ونمط تفكيري افضل ولا نحتار أين الحقيقة؟
لانه بنظري لا يوجد حقيقة كاملة نحن نشكل تلك الحقيقة بكل ما ورثناه وما صنعناه وما نأمل به

وفعلا يجب ان نكون مستعدين للتغيير ومتقبلين له، هي مجرد حياة سنعيشها ببساطة هكذا وتمضي فلم الحيرة؟

اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟