الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين تصير الكتابة هذيانا.. سيول تضخم الانا

خالد صبيح

2002 / 11 / 26
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

 

تمحور الانا المنتفخة العالم والاشياء حولها ، فاصلة نفسها في تعال مشبوه عن حيثيات الواقع والاسماء والتجارب بفهمها المبتسر للنقد والتفكيك المابعد حداثي، الذي يسعى بصورته الاصلية النقية، الى تفكيك كل الابنية وتجذير كل المفاهيم والممارسات دامجا الذات الناقدة، المفككة< بكسر الكاف الاولى>،الواعية، في مجمل الممارسة النقدية مرتحلة بعيدا عن نرجسيات الذات المتورمة باوهامهاوالمتوسلة للسخرية اللاذعة والاستهزاء والاستخفاف( خارج دائرة المديح المتبادل).. حتى مديحها وتقويمها للاخر يقوم على مدى استجابة الاخر لنوازعها ومزاجيتها وليس باطاره الواقعي وشكله العام. فهذه الذات تطلق رؤيتها للاشياء كاداة للتحكيم وربما التحكم، وهكذا يختزل العالم كله في بؤرة الصورة التي تحملها هذه <الانا المنتفخة> عنه وتراه فيها.

امام قسوة < وتفوق> ونرجسية الذات هذه يسقط كل صوت يعترض على رؤيتها وخطابها وابنيتها واساليبها في فخ السطحية المماثلة< لراحة اليد>< والبلادة> وستصدر بحق المعترض وليس الاعتراض فقط بيانات النصر والتنديد القادمة من ترسبات عقلية< القائد الضرورة> الكامنة والمتسربة في حيثيات الهواء وتفاصيل التنفس في بيئتنا العقلية والنفسية المنكسرة من اثر الحروب والقمع والفاشية التي احالت الانسان الى عدو مباشر لنفسه يمارس مايقهره ويضغطه بمازوخية غريبة احيانا.

الذات حين تتحول الى محور خرافي يحاكم العالم ويتحصن بالهذيان، يجمهر الاخرين ويضعهم في كتلة متراصة من المعنى الاحادي والعقل الراكد في مجرى اسن، حيث العالم والاشياء كلها تتحجر حول معنى غامض احادي الهيئة والمعنى، حينها يختزل الاخر في صورة سلطوية مستعارة ومعممة واطلاقية مرفوعة بالتهديد لكل من لايقف صاغرا لنداء< الهدم> ولتحطيم الاصنام.. انها ذات متعملقة على انقاض هشاشة الاخر المصنوعة عنوة طالما ان الاخر، هذا المدان ابدا، <اب> وولد في الثلاثينات.. يُختصر العقل في تهويمات <الذات المتورمة> تلك والسياسة ومن يدور في فضائهما الى حشرة مؤذية وضارة، ويتم تفكيك العقل السياسي والفعل السياسي في مفردة واحدة جامعة مانعةهي

 < الحقير.. الجيل الحقير> وتتحول الشتيمة، في تقويم واعادة صناعة هذه الذات للعالم ،الى هدية ثمينة لاتتكرم بها <الذات المنتفخة> الا لمن يستحقها..  .على المشتوم في هذه الحالة ان يتلهف لتلك الشتيمة ويفرح بها  لانها هدية العصر والتاريخ اليه من مصدر لايبارى في علو شانه..هكذا تحاكم وتحكم وتتحكم <الذات> التي احالتها اوهامها النرجسية، حول تجوهرها الكوني وتمظهرها الخاص جدا والخارق والعابر للازمنة ،الى جرافة فولاذية تجرف وتقهر كل من لايملك رصانة وقوة ومتانة وعبقرية وفرادة الذات المنتفخة..

من تكون انت ،اي كنت، لتقف وتطالب <الذات> المتعالية على وجودها، ان تتواضع وتخفض من سقف لغتها

< ولغوها> وسرد معارفها لنشر المعرفة والوعي والفهم ،لا ان تبحر في تهوماتها وتوهماتها التي ليس امامك ايها القارئ المسكين سوى الانحناء بابتسامة خجلة تعلو شفتيك تداري بها ارتباكك في حضرة اللغة المتعالية، لغة المعرفة الفذة التي لايملكها ويتصدق عليك بها سوى < المبدعون> الذين ،بتواضع جم، يقبلون ان ياتي شخص بعد مليون عام ليذكر كتاباتهم ويمتدح هدميتهم .

القلم الصادق والرؤية المتشرفة لبدائل المستقبل، الهادمة فعلا لجلاميد الواقع الراكد والمتحجر والهازة فعلا لمياهه الاسنة، هي لغة وفكر وروح تتعاشق بتراكب لافصام فيه مع التواضع، السمة التي تضفي على الفكرة والعبارة والصورة والشخصية ابعادها الالقة والمميزة واثرها الفاعل. ليس هناك اي باس في النقد والتهديم ،فنحن في امس الحاجة اليه. لكن ان نهدم لايعني ذلك ان نوثن الذات الهادمة ونحيلها الى اداة هدم فوقية متجردة من الممارسة النقدية الهدمية ومنفكة عنها .

عملية الهدم والتغيير محاورها وشواقيلها كثيرة واولها الذات الهادمة نفسها، انها عملية متداخلة ومتفاعلة يخلق الناقد فيها آلية تلقائية في الهدم واعادة الهدم والتركيب تتضمن الناقد وذاته في دائرة النقد. كيف نهدم فاصلين انفسنا عما نهدمه؟ هل هو عبور جديد للتاريخ والواقع ام هي الوهية جديدة يحاول ان يتلبسها المثقف الساخط بفصله كيانه النقدي عن الكيان العام الذي يمارس النقد عليه وفيه؟. هل نحن جميعا مجردون وابرياء من اداء دور ولو خفي او عفوي في حالة الخراب والتشوه النفسي والاجتماعي التي تبطن تركيب فردنا ومجتمعنا وثقافتنا.؟ اذا كانت النرجسية الابداعية ، الذاتية المحضة تلك تحاول ان توهمنا وتوهم الاخرين انها الصحيح التام وسط طوفان الاخطاء والكوارث والسطحية وغيرها من مجرة مفردات الاسطوانة النقدية الهدمية الباذخة. اذا كانت كل ذات ترى نفسها هي هذا المحور المجانب والمحايث للواقع فكيف ستصير صورة الواقع اذن؟.الا يتحول الجميع حسب اسطورتهم الذاتية وسرديتهم وخرافتهم الخاصة عن ذواتهم المتعالية والمنتفخة الصح المطلق، والاخر ينحدر في جحيم الخطيئة.ايعقل ان نكون كلنا رائعون؟ من اين جاء الخراب اذن؟.

هدم الواقع واعادة تركيبه وبناءه بل اعادة هدمه المستمرة لاتستثني الذات وتجعلها تحتمل موقعها الضمني في دائرة الهدم تلك وكفانا مديحا وانبهارا بذوات يضخمها الصمت وتنفخها العزلة.

  

السويد

25-11-2002








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين نعيم قاسم وهاشم صفي الدين.. إليكم من قد يخلف حسن نصرالله


.. عاجل | إطلاق صاروخ من اليمن باتجاه إسرائيل وصفارات الإنذار ت




.. عاجل | مراسلنا نقلا عن مصادر إسرائيلية: غارة على الضاحية است


.. غالانت يصف عملية اغتيال نصر الله بإحدى أهم عمليات الاغتيال ف




.. خليل الحية: اغتيال نصر الله عمل إرهابي مكتمل الأركان وانتهاك