الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرق العراقيين والتستر على النابالم

مايك ويتني

2005 / 7 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


قبل اسبوعين تقريبا، نشرت صحيفة “اندبندنت” البريطانية مقالة أكدت ان الولايات المتحدة كذبت على بريطانيا بشأن استخدام النابالم في العراق. ومنذ ذلك الوقت لم تتطرق أي صحيفة أو محطة تلفزيون امريكية الى هذا الموضوع رغم ان وزارة الدفاع الامريكية قد اقرت بهذه الادعاءات. هذا هو المدى الذي بلغته “الصحافة الامريكية الحرة” في ارتباطها مع مركز السلطة في واشنطن. وكما رأينا في موضوع مذكرة دواننج ستريت (التي ذكرتها وسائل الاعلام الامريكية على مضض بعد خمسة اسابيع من ظهورها في الصحافة البريطانية)، تتجاهل وسائل الاعلام الامريكية المغلقة اغلاقا محكما أي قصة اخبارية لا تتبنى دعمها الشامل للحرب. لأن احتمال كون الجيش الامريكي يستعمل اسلحة “ملعونة دوليا” يخالف الحكاية التي خلقتها وسائل الاعلام، والتي تقول ان الحرب تستند الى دوافع انسانية (هي اطاحة دكتاتور بالغ القسوة والقضاء على اسلحة الدمار الشامل المراوغة). ونستطيع الآن القول جازمين ان اسلحة الدمار الشامل الوحيدة في العراق، هي التي جلبها الغزاة الاجانب من الولايات المتحدة، واستعملوها لإخضاع السكان المحليين.
وقد قالت “الاندبندنت” “إنه على الرغم من الشائعات المستمرة عن الاصابات في صفوف العراقيين باستخدام الاسلحة الحارقة مثل النابالم”، تصر البنتاجون على ان “القوات الامريكية لم تستخدم جيلا جديدا من الاسلحة الحارقة، التي تحمل الرمز ام كيه 77 في العراق”.
اعترف وزير الدفاع البريطاني، آدم انجرام بأن الولايات المتحدة ضللت القيادة العليا البريطانية بشأن استخدام النابالم، ولكنه لم يعلق على مدى هذا التضليل. واستخدام القنابل الحارقة يجعل الولايات المتحدة منتهكة لاتفاقية سنة 1980 المتعلقة “بأسلحة كيماوية معينة”، كما يجعلها مخالفة لبروتوكول جنيف المناوئ لاستخدام الفسفور الابيض، “لأن استخدامه يسبب اصابات بالغة وعديمة التمييز، وبخاصة عندما يطلق في مناطق المدن”.
وللأسف، تشكل “الاصابات البالغة وعديمة التمييز” جزءا حيويا من حملة الارهاب الامريكية في العراق، وهي استراتيجية منسقة جيدا تهدف الى بث الذعر من خلال اعمال العنف العشوائية.
استخدمت الولايات المتحدة كذلك النابالم في حصار الفلوجة كما ذكرت صحيفة “ميرور” البريطانية. وقالت هذه الصحيفة، “ان سماح الرئيس جورج بوش باستخدام النابالم، وهو خليط فتاك من البولسترين (مادة بلاستيكية رغوية)، ووقود الطائرات، محظور من قبل الامم المتحدة سنة ،1980 سوف يذهل العالم.. وتذكر التقارير ان مدنيين ابرياء قد قتلوا في هجمات النابالم، التي تحول الضحايا الى كرات نارية بشرية، حين تلصق المادة الهلامية اللهب باللحم البشري. ومنذ الهجوم الامريكي على الفلوجة تتوالى التقارير عن جثث “منصهرة” يبدو عليها انها تعرضت للاصابة بالنابالم”.
ان “الصحافة الامريكية الحرة” جزء لا يتجزأ من جهاز المعلومات الحكومي، مندمج به تماما. فقد برهنت وسائل الاعلام، بتوفيرها الدعم والتشجيع الاساسيين، وقيامها بالتغيير والحذف، على انها رصيد لا يقدر بثمن للرجال القابضين على زمام السلطة، باستمرارها في عمليات الخداع التي تبقي الجمهور منصاعا خلال الحرب الاستعمارية الوحشية. واذا اخذنا في الاعتبار حجم اللوم الذي تستحقه وسائل الاعلام على العنف في العراق، فليس من المتوقع ان يشكل استخدام النابالم أي أزمة ضمير كبيرة.
لقد سهلت تغطيتها البارعة مقتل عشرات الألوف من الناس الأبرياء، ولا يضيرها اضافة عدد صغير من المقتولين حرقا اليهم.
(*) صحافي مستقل من واشنطن
عن الكادر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟