الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هندسة بقايا وطن !
مهند الكاطع
2014 / 3 / 17الثورات والانتفاضات الجماهيرية
تعتمد هندسة العمليات (Process Engineering) على عاملين أساسيين هما (الحرارة) و (الضغط) ، والعلاقة بين العاملين هي علاقة طردية ، حيث يزداد الضغط بأزدياد الحرارة والعكس صحيح ، والمهندس الناجح هو ذلك الذي يستطيع تحقيق موازنة بين العاملين وإجراء ما يمكن تنفيذه ليصل لدرجة حرارة مطلوبة وضغط مطلوب يحقق له أفضل النتائج في أستمرارية العمل وجودة المنتج المطلوب ، فما علاقة كل ذلك بالأستبداد وحرية الشعوب ؟!
أعتقد أن الشعوب المتحمسة والملتهبة تمثل (الحرارة) في حال إسقاط مفهوم هندسة العمليات على ثورات الربيع العربية ، بينما تمثل الأنظمة الأستبدادية القمعية عامل (الضغط) ، وأعتقد أن شخص الحاكم المستبد(بشار الأسد نموذجاً) يمثل المهندس الفاشل ، والذي أثبت واقع الثورة السورية عدم قدرته على إدارة عملية التحول الطبيعي الذي كان لا بد أن يحدث في سوريا منذ عقودِ من الزمن عاشها تحت سيطرة النظام الأستبدادي (الضغط) على حساب الشعوب التي بقيت أصواتها خافتة في ظل الإستكانة للأمر الواقع عبر سياسة النار والحديد التي حكمت المجتمع طول عهد النظام الأسدي من الأب إلى الأبن .
تأثرت سورية بحراك شعوب المنطقة بشكل سريع ومباشر ، حيث كانت تختزن سعرات حرارية عالية كامنة في صدور أبناءها الذين لاقوا الذلّ والهوان ، وأُمتهنت كراماتهم ، وحُرموا من أبسط حقوقهم الأجتماعية والثقافية والسياسية والأقتصادية ، وباتوا عبيداً في مزرعة تلك العائلة التي بنت كل شئ لها ولمصالحها الخاصة وزمرتها المقربة ، وبات الوطن لا وطن ، والشعب لا شعب ، والحياة لا حياة في ظل سيطرة الأستبداد على كل مناحي الحياة وقيامه بتدمير كل شئ جميل فيها .
أرتفاع درجة الحرارة لم يعد ينفع معه المهادنة والمساومة والصبر ، ولم يعد هناك بُدّ من خروج الشعب يصرخ بالحرية وأسقاط الأستبداد ، لتخرج معه كل تلك السعرات الكامنة منذ عقود ، فأرتفعت أصوات الشعب ، وأرتفع لهيب أصوات الحق ،وغلت الصدور والعقول منتظرةً اللحظة التي يسقط فيها (ضغط) الأنظمة الفاسدة كحالة طبيعية للحفاظ على ما تبقى (من الوطن) وكسبيل لعدم تدهور الأوضاع أكثر من هذا التدهور .
المهندس الفاشل الذي تعمل أن يتلقى أوامر التشغيل من الخارج ، دون أن يكون له الخيار بأتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب قرر أن يُنفذ أوامر من يريد لعملية الحياة أن تتدمر كلها ، فبدأ بأستخدام أشد أنواع الضغط والقهر ،فرفع من وتيرته أمام حرارة العب ، ولكم أن تتخيلوا ماذا يحدث في حال أرتفع (الضغط) و ( أرتفعت الحرارة) !!!! سيحدُث بكل تأكيد الأنفجار الذي سيودي بالجميع في حال لم يتنازل أحد العاملين أمام الآخر ليعود الأستقرار ، فإما إستقرار بذل في حال تراجع الشعب أمام الأستبدادوإما أستقرار بكرامة إذا تراجع الأستبداد أمام صوت الشعب ورضخ له .
في الأفق لا بوادر لتراجع الأستبداد ، و لا لتراجع صوت الكرامة ، فتزداد كل يوم مساحات الدمار والأنفجار لنصل بالتالي لوطن لم يتبقى منه أي شئ صالح ، ولا أي شكل من أشكال الأستمرارية .
بشار الأسد دفع بالوطن إلى الهاوية بعد أن كان على حافتها ، وأصبحت اليوم بعض جهات المعارضة تلعب دوراً سلبياً أتجاه الشعب ، وتضيفُ ضغطاً جديداً عليه ، مما يقودنا إلى قناعة مطلقة بأنه سيتم تدمير كل شئ قريباً ، وقد تبقى بذرة هنا أو هناك لا ندري في أي مكان سقطَت وهوت تنتظر بعد كل هذا الدمار سحابة تحمل لها بركة تنقذها من الهلاك الأبدي ، لتزهر من جديد في فضاء موحش مقفر مُخيف كان في الأمس (بقايا وطن) .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مسيرة احتجاجية إلى دافوس: المتظاهرون يعترضون على سياسات المن
.. سؤال شفهي : -مشاريع تحلية المياه- من الرفيقة زهرة المومن، با
.. الرفيق عدي شجري يتقدم بسؤال شفهي بشأن -التدابير الحكومية الر
.. تعقيب إضافي للرفيقة مريم وحساة حول - التدابير الحكومية الرام
.. أمامنا عمل كثير... لكن الآفاق مفتوحة ??