الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة النهضة وفنّ التملّص من ارتباطاتها

نورالدين المباركي

2014 / 3 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


بثقة واضحة أكدت قيادات حركة النهضة في أكثر من مناسبة أنها غير معنيّة بتصنيف «الإخوان المسلمين» تنظيما إرهابيا من طرف المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات والبحرين وقبل ذلك من طرف السلطات المصرية.
لكن هذه الثقة، لا تُخفي في الحقيقة الضغط الذي تعيشه هذه الحركة دوليا وإقليميا لإثبات وتأكيد أنها حركة مدنية وديمقراطية تقف في الضفة الأخرى من تجارب حركات الاسلام السياسي التي يتميّز خطابها وأداؤها بالعنف.
وكما تحركت حركة النهضة بداية التسعينات على أكثر من واجهة لدحض إتهامات النظام السابق لها بأنها حركة إرهابية تمارس العنف، وتحركت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 لترسم خطا أحمر بينها وبين الحركات الجهادية، تتحرك اليوم أيضا على أكثر من واجهة لتُبيّن أنها غير مرتبطة بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، وأنها حركة تونسية أهدافها وتنظيمها.
تخوض حركة النهضة هذه المعركة الجديدة لإثبات أنها غير مرتبطة بالتنطيم العالمي للإخوان المسلمين وفي رصيدها تجاربها السابقة في التفصّي من تهمة الارهاب والعنف وخاصة تجربتها في الحكم التي تقدمها دائما على أنها تجربة وفاق وتجربة تأسيس لحكم مدني وديمقراطي.
لكن دائما بين الخطاب والواقع مساحة تتوسّع وتتقلّص حسب موازين القوى الداخلية والخارجية، وحركة النهضة بينت في المعارضة كما في الحكم أنها تُجيد قراءة موازين القوى.
*******
لا توجد في أدبيات حركة النهضة، بما في ذلك نصوصها التأسيسية ما يشير إلى ارتباطات تنظيمية بينها وبين التنظيم العالمي للإخوان المسلمين. وهذا الأمر لا يتعلّق بها، فأغلب الحركات الاخوانية في المنطقة العربية لا تتضمّن قوانينها الداخلية و«برامجها الوطنية» اشارات لإرتباطات تنظيمية تتجاوز «الداخل»، لكن في المقابل «العمل الميداني المشترك» و«الاستراتيجيات المشتركة» تتم على المستويين العلني والسرّي.
علنيا، يقوم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يتزعمه الشيخ يوسف القرضاوي ومقرّه الدوحة بدور هام في الربط بين الحركات الإخوانية وضبط توجهاتها ومشاريع تدخلها، رغم العنوان الشرعي والديني لهذا الاتحاد.
وقد برز الدور السياسي (الصرف) لهذا الاتحاد خاصة بعد ثورات الربيع العربي ومحاولته للبروز كمحرّك لها، وقد عبّر عن ذلك بوضوح القيادي في حركة النهضة لطفي زيتون حين قال «الربيع العربي خرج من تحت عباءة الشيخ يوسف القرضاوي» وهذه إشارة إلى دور الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين على مستوى كل المنطقة، لكنه في مناسبة أخرى قال «الشيخ راشد الغنوشي هو فيلسوف الثورة التونسية» وكأنه يبحث عن دور إقليمي لزعيم حركة النهضة تحت عباءة مُفجّر الثورات العربية.
أما سرّيا، فإن المسألة تُصبح أكثر دقّة، ولا يمكن الخوض فيها بسهولة، فكل عمل سرّي تُحيط به ستائر عديدة ولا يمكن التعاطي معه إلاّ من الخارج الذي عادة يكون كما تريد هذه الحركات، غير أنّ الملموس هو أن عديد التقارير الإعلامية والأمنيّة التي تسرّبت تُشير أنّ التنظيم العالمي للإخوان المسلمين حقيقة قائمة وإن الشيخ راشد الغنوشي أحد عناصره الرئيسية وهذا الأمر لا يتعلّق فقط بمرحلة ما بعد الربيع العربي، بل إلى قبل ذلك بكثير.
في بداية الثمانينات يمكن العودة إلى كتاب المفكّر الاسلامي منير شفيق «نحو حركة إسلامية عالمية» الذي ضمّنه ضرورة «حركة إسلامية عالمية» ودوافعها التي يجب الانتباه إليها، وتضمّن الكتاب أيضا المسافة بين هذه الحركة الاسلامية العالمية وبين الحركات التي اختارت «نهج العنف».
كما يمكن العودة إلى التقارير الاعلامية حول اجتماعات قيادات التنظيم العالمي للإخوان المسلمين في مواسم الحج، وأكدتها التقارير الأمنية في أكثر من بلد عربي (السعودية ـ الكويت ـ مصر ـ تونس).
طبعا تنفي حركة النهضة هذه التقارير وتعتبر أنها في خانة «الحرب على الإسلام السياسي»، لكن ما لا تستطيع نفيه، إن عديد النصوص في موقع «الاخوان المسلمين» الذي يتضمن أبوابا للتعريف بحركة الاخوان المسلمين وأدبياتها منذ نشأتها، تتضمن الإشارة بوضوح أن حركة النهضة «جزء من الإخوان المسلمين».
*******
قلنا في البداية إن حركة النهضة تخوض معركة عدم ارتباطها بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين وفي رصيدها تجاربها السابقة في التفصّي من تهمة الإرهاب والعنف وخاصة تجربتها في الحكم التي تقدمها دائما على أنها تجربة تأسيس لحكم مدني وديمقراطي، والحقيقة أنها نجحت بداية التسعينات في إقناع الغرب بأنه لا علاقة لها بتهم الارهاب والعنف التي حاول النظام السابق محاصرتها بها وتمكن قادتها من الحصول على صفة اللاجئين السياسيين في أكثر من بلد أوروبي، وتمكنت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 من إقناع مراكز الأبحاث والمعاهد الاستراتيجية الأمريكية أنها حركة معتدلة ديمقراطية ومدنية،
أغلب التقارير الصادرة عن هذه المراكز والمعاهد منذ 2004 إلى أواخر سنة 2000 تصنّف حركة النهضة كحركة معتدلة ومدنية، وهذا التصنيف جاء بناء على مواقفها وتباينها مع الحركات الجهادية وخاصة إدانتها للعنف والإرهاب، وهذا التصنيف حصلت عليه أيضا حركات إخوانية أخرى بما في ذلك حركة الإخوان المسلمين في مصر التي شاركت أواخر سنة 2000 في انتخابات مجلس الشعب وحصلت على نحو 80 مقعدا تحت عنوان قائمات مستقلة.
أما تجربة حكم حركة النهضة فقد بيّنت أن الالتزام بمدنية الدولة هي مسألة موازين قوى وليست خيارا ثابتا كما تحرص أن تُقدم ذلك «للخارج». فبسبب حركة النهضة تعطّل النقاش حول الدستور التونسي لمدّة بسبب مطالبة نواب من الحركة بالتنصيص على الشريعة كمصدر للتشريع، ولم يتم حسم هذه النقطة إلاّ بعد تدخل راشد الغنوشي ومع ذلك مازالت بعض القيادات غير مقتنعة بذلك، وبسبب حركة النهضة أيضا تعطّل النقاش حول مبدإ المساواة بين المرأة والرجل عندما طرحت حركة النهضة ان المرأة «مكمّلة للرجل»...
ويمكن في هذا الصدد الرجوع إلى مشروع الدستور الذي أعدته بعض القيادات في حركة النهضة وإلى نسخة جوان من الدستور للوقوف على حقيقة أن مدنية الدولة ليست خيارا ثابتا عند حركة النهضة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التعبئة الطلابية التضامنية مع الفلسطينيين تمتد إلى مزيد من ا


.. غزة لأول مرة بدون امتحانات ثانوية عامة بسبب استمرار الحرب ال




.. هرباً من واقع الحرب.. أطفال يتدربون على الدبكة الفلسطينية في


.. مراسل الجزيرة: إطلاق نار من المنزل المهدوم باتجاه جيش الاحتل




.. مديرة الاتصالات السابقة بالبيت الأبيض تبكي في محاكمة ترمب أث