الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بصدد الانتخابات الرئاسية المصرية فيما بعد 30 يونيو

أحمد أبوزيد

2014 / 3 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


إن المناضل الذى يسعى الى أن يكون على اتساق دائم بحركة الجماهير-;- عليه أن يعى أن تلك الجماهير باقية و تنتظر الموقف الذى يعبر عنها عن حق, وأن جميع أشكال النضال تتغير, بل يجب عليه أن يغيرها وفقا لطبيعة اللحظة والمهام الملحة فى تلك اللحظة. يقتضى وعى ومشروع تغيير جذرى للمجتمع بالضرورة أشكال تختلف عن أية مشاريع ذات أفق اصلاحى. هذا الاختلاف والتباعد بين وسائل وطبيعة العمل السياسى هو القاعدة الأساسية, واستثناءاتها هى التشابه أحيانا فى الخيارات السياسية المتعلقة بالتكتيك بين تلك الأفكار الثورية والاخرى الاصلاحية. فالمشاركة فى العملية الانتخابية التى تقرها البرجوازية ليس من أساس العمل الثورى, ولكن تلك المشاركة تتوجب على الثورين احيانا عندما تكون عامل مؤثر فى الدفع نحو تطوير وعى الجماهير, باظهار منافسة شرسة تستطيع الضغط على البرجوازية فى خطابها الاصلاحى عن طريق اظهار وصياغة مطالب الجماهير المتعلقة بحقوقهم الانسانية قبل السياسية فى السكن والتعليم والصحة وعلاقات العمل العادلة. بالاضافة الى أهمية تلك المشاركة فى تنظيم أعداد من المنحازين لتلك الشعارات والراغبين فى المشاركة فى العملية الانتخابية فى نفس الوقت. ولكن ماذا عن الخيار الأمثل فى الواقع المصرى الآن. وما هى الاجابة على الاشكالية التى تطرحها الحركات والأحزاب المستمرة فى معارضة السلطة السياسية حتى الآن, عندما تخير أعضائها ما بين المشاركة أو المقاطعة.

ان طرح الأمر بهذه الصورة لخطأ كبير سيؤول بنا فى النهاية الى انحراف جديد فى طرح مهام الثورة. فهذا حكم مطلق على الأشياء ويحصرنا بين خيارين وفقط, يجعلنا نتجاهل نسبية الأمور وأن ثمة خيارات اخرى تقتضى النظر اليها. ولماذا لا ينشط بصورة حقيقية هؤولاء الثوريون الا فى أوقات الانتخابات الرئاسية, ويبدون تلك الرغبة فى التواجد بين الجماهير والتحدث معها, وتنظيم بعضها أيضا فى حملات لمرشحين بعينهم. ولماذا يستمر هؤولاء المنهزمون فى مقاطعة العمل السياسى فى أوقات القمع و عزوف الجماهير عن الانتفاض ضد السلطة السياسة. ان المعسكرين لا يختلفوا كثيرا فى المضمون. فمن يدعو الى المشاركة يظن أو يدعى بأن تلك هى معارك الثورة الأهم فى هذه اللحظة, ومن يدعو الى المقاطعة وفقط يظن بأن تلك هى معارك الثورة الأهم أيضا ولكنه بات يراها معركة خاسرة. فكيف نعول على منهزم يرى الهزيمة أمامه دائما وننتظر منه الدفع نحو القيام بثورة. وكيف نعول على هؤولاء الذين يرون فى الانتخابات معاركهم الأساسية و فترات نشاطهم واخلاصهم, كيف نعول على مثل هؤولاء لبناء تيار ثورى وهم لا ينتفضون مثل هذا الانتفاض الا فى أوقات الانتخابات.

تعمل البرجوازية دائما على تمييع الصراع الطبقى, وتحوله بكل وعى الى صراع انتخابى من خلال دعاياها للديمقراطية التى هى بالطبع مزيفة, لأنها لا تنهى بؤس الملايين وفقرهم, بل تجعل فقط منهم جسرا لكى يعبر عليه المنتصر الذى لن يكون منتصرا بدون رضوخه فى الاساس لشروط اللعبة التى تصيغها البرجوازية. معركة الانتخابات ليست مقدسة دائما بل هى ساحة المعركة التى تفرضها علينا البرجوازية فى كثير من الأوقات لكى تستطيع التحكم بمجريات الأمور.

من يتباكى على انسحاب مرشح ما وكأنه قد تخاذل أو أضر بالثورة، هو مثله كالبرجوازية تماما، لا يرى فى الصراع الطبقى ومهامه الملحة غير مهام الترشح فى الانتخابات، وخوض الصراع وفقا لشروط البرجوازية ومن خلال قنواتها الاعلامية، حتى ولو كانت أسبابه هى ضرورة التحدث عن العدالة الاجتماعية وترسيخ مفاهيمها. تلك النزعة الساذجة برفع شعارات العدالة الاجتماعية خلال معركة الانتخابات والتى يظن الكثيرون ان الجماهير ستتبناها بمجرد سماعها وفقط، بالاضافة الى أن الجميع يستطيع التحدث عن العدالة الاجتماعية حتى وان كانت طليعة الحراك الثورى لا ترى هذا، ولكن الجماهير تستطيع ان تصدق أية كلام لو قيل أنه عن العدالة الاجتماعية وليس بالضرورة أن ترى التصريحات مثلما نراها نحن. أضف الى هذا ان الجماهير فى هذه اللحظة تنتظر الشخص المخلص لها من بؤسها وليست فى وضع يجعلها تستمع الى أحد منافسيه حتى وان تحدث عن العدل الاجتماعى، فلقد حسمت الجماهير خيارها او ما فرض عليها فى غياب البديل، هذا البديل الذى يجب علينا طرحه الآن بعيدا عن مسرحيتهم الهزلية وليس جزءا منها. وبعيدا عن الانهزامية و الانسحاب من المواجهة.

علينا تحويل الصراع وفقا لشروط ثورتنا نحن، وأن نتحكم نحن بسيرورة الامور وأن نحاصر البرجوازية فى المصانع والاحياء والأرض، بدلا من أن تحاصرنا هى فى وسائل الاعلام المضللة والمحرفة لأية شعارات من الممكن أن نقولها عبرها. ستعمل البرجوازية بكل صرامة ووعى على استخدام جميع أدواتها فى تزييف وعى الجماهير, علينا ان نكف على ان نكون مجرد رد فعل. لابد من خوض المعارك الاجتماعية و ممارسة التشهير السياسى وسط الجماهير من خلال بناء التكتلات العمالية والفلاحية والسكنية والطلابية فاضحين مشكلات المجتمع الأساسية, ووسائل البرجوازية فى الالتفاف عليها. علينا الاعتماد على الطبقة المقهورة فى المجتمع أكثر من اعتمادنا عن أبناء البرجوازية الصغيرة. تستطيع الحركة الثورية بناء تلك الصلة القوية مع الجماهير بعيدا عن معارك الانتخابات ولكن بالتواصل اليومى والدفع فى تطوير وعى الجماهير وتنظيمها لتصبح شعارات العدالة الاجتماعية أكثر من مجرد شعار بل مطلب تؤمن به الجماهير. وتستطيع أن تقاتل من أجله وحدها مجتمعة وليس انتظارا لمن يعد بتخليصها من بؤسها عبر استخدام نفس الشعارات. يجب نقل الصراع نحو أفق جديد يعبر عن جوهر الصراع الطبقى بعيدا عن تزييف الصراع وتكريس منطق الحل الديمقراطى الذى تعتمد عليه البرجوازية للمناورة عندما تشعر بالخطر وهو النهج الذى تنهجه منذ بدء انتفاضة المصريين فى 25 يناير 2011 . هذا الحل الذى لا يخرج بالطبع عن نطاق هذا المجتمع الطبقى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا