الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحقيبات الرواية في المغرب ,بين النقد و الإبداعية

حميد المصباحي

2014 / 3 / 18
الادب والفن


غالبا ما يلجأ النقد المغربي,حين مقاربته للرواية في المغرب,على تحقيبات
إفتراضية,تنهل إما من التاريخ السياسي للمغرب,بحيث تجد الرواية في مرحلة
الإستعمار,تليها الرواية بعد الإستقلال,مع بعض التمايزات فيما يخص
الرواية السيرة أو رواية السجن ,بحيث تبدو هذه التحقيبات تابعة لما هو
سياسي كحدث و تاريخ,فإلى أي حد تخدم هذه التصنيفات الرواية في المغرب؟
أما في المرحلة الراهنة,فهناك تصنيف سابق لأوانه,يتحدث عن الرواية
المغربية,و هو طموح أكثر منه واقع,و هنا نعتمد التصنيف المؤسس على تاريخ
أروبا الأدبي,و هذا المنحى يخلق الكثير من الإحراجات هو الآخر,للرواية,و
أزعم أنه يعرقل تطورها,و يجعل صيرورتها مرتبطة بغيرها من الإبداعات
الروائية الخاصة بأروبا و كأننا جزء منها,تابع و ليس حتى مستقلا.
1التحقيب التاريخي
كان دائما للفنون,و منها الأدب الروائي تاريخه الخاص,المتميز عن
السياسي,بحيث أن تيمات الرواية,ليست مجرد صدى للسياسة,بل هي اختيار حر
للروائي,أولا,و هو الذي يحدد كيفيات التفاعل مع محيطه و تاريخه,,و لا
يمكن فهم صيرورة الرواية بأحداث المجتمعات و الدول مهما كانت قوة
تأثيرها,بل يمكن أحيانا من خلال الروايات فهم أبعاد التاريخ السياسي و
الإجتماعي,و إلا صار الأديب منفعلا و انعكاسا لتاريخ غير تاريخه
الخاص,ينطبع به,فيغدو مجرد ظلال لحقائق أكثر عمقا مما يبدعه الروائي من
روايات,و هو ما كنا نعيبه مشرقيا على تصنيفاته للشعر,بأبعاد دينية,كالقول
بالشعر الجاهلي,بدل شعر ما قبل الإسلام,و الشعر الأموي ثم العباسي,فهل
كانت لهذه الدول لغات خاصة بها,و هل خلقت شعرها الخاص,و في هذا السياق
لمح كونديرا في كتابه فن الرواية,إلى أن تاريخ الرواية,هو تاريخ شكلها
الفني,بما يعني أن المراحل لا تحدد إلا بناء على إضافات في شكل الرواية
التعبيري,زمنا و شخوصا و حتى لغة,و هو ماكان كانط قد خص به الفنون جميعا
بكونها,إبداعات أصيلة,و ليست استنساخات لواقع أو أشكال ظهرت في حضارات
أخرى.
2التحقيب الأروبي
بدت اجتهادات أخرى,حاولت اعتماد تقسيمات أروبية,مستمدة من الفكر
الهيجلي,من خلال توصيف,الكلاسيكي و الحديث,و ذهبت حد الحديث عن الرواية
الداثية,تمييزا لها عن الروايات الواقعية التي ظهرت في مغرب الحماية و ما
بعدها,أي ما عرف برواية سيرة السجن,أو رواية الطابو,مثل الخبز الحافي
لمحمد شكري,و الملاحظ أن التصنيفات لا تنطلق وفق آليات هذا التحقيب ,على
القراءات الباحثة عن الجديد في الشكل,لإبرازه و الكشف عن جدته,و إن فعلت
تسمي ذلك بالإستفادة من المدارس الحديثة في السرد الروائي,ليصير الروائي
المغربي و كأنه مجرد باحث عن نموذج و مطبق له بفنية,تختزل في مدى قدرته
على إخفاء النماذج التي استفاد منها,أو إضافة بعض التعديلات البسيطة,مع
أن الرواية تتسع لكل خيال,و هي مفتوحة لإضافات لا محدودة,من حيث اللعة و
التصورات و طبيعة الشخوص,بل حتى لحذف الشخوص,و أقدم بعض الأمثلة,ظهرت
رواية التحقيقات التاريخية,عملت الرواية الأروبية على مستويين,كشف وجوه
جديدة في التاريخ الأروبية الذي طمرها,و تجاهلها,بدوافع متعددة,فنهلت
الرواية من تاريخي سري,قديم أو حديث,و هي عملية بدأت في القرن 18 عشر مع
كتابة توثيقية غريبة في كتابتها,كان عنوانها طورونطورا,و نسيت,فعادت بعض
الأقلام لها,و لأن الغرب لا يعرف لدينا إلا إبن خلدون و إبن رشد,كانت هذه
مناسبة,لاستحضار إبن خلدون روائيا,و مستقبلا إبن رشد,و أيضا بعض الشخصيات
الغربية المشهورة,.
3رهانات التحقيب
عادة ما ينشد الروائي التميز,باختلافه عن السائد,معتقدا أن الأخير,أي
الحديث أكثر فعالية و حضورا,و كأن الجدة غاية في ذاتها,فأن تكتب رواية
جميلة,معناه أن تعتمد آخر آليات الكتابة الروائية,مع أن هذه القصدية,تحول
الإبداع الأدبي,إلى حرفة,,تنتج تحت طلب الموضة,ربما طمعا في الترجمة,أو
إرضاء للنقد المغربي,الذي لا يجيد بسبب عدته إلا ما نسج على منوال
الرواية الغربية,ناسيا,أن المدارس النقدية هناك,كانت مسبوقة بالإبداع
الروائي,و قد تأسست بالإستفادة منه,و ظهرت كنظريات لتسعف في فهم العمل
الفني,و ليس كما يتصور مبدعونا و نقادنا,أي أسبقية النقد و سلطته على
السرد الروائي,فعلى الروائي بتكراره للنماذج في اللغات الأخرى,أن يثبت
فعالية النظريات النقدية,التي سوف تكشف عن أبعاد سبق الكشف عنها في لغات
أخرى,و بذلك فقد وضعت التحقيبات لتسهل عمليات التصنيف,و هنا يطرح مشكل
آخر,و هو حصر الرواية كعمل متعالي على غير المختصين,فعالمنا تنقصه
القطائع التي عاشتها أروبا ذهنيا قبل أن تعيشها فنا و أدبا,فكانت
إبداعاتها الروائية حافزا إضافيا للقطع مع عالم و الإنتقال إلى آخر,و هنا
أريد أن أضيف أن فكرة,ضرورة التفاعل مع الجديد,هي قاعدة صحيحة,لكن في
مجالات العلم و التكنولوجيا,أما الفنون و منها الرواية,فلها زمنها الخاص
فيما نسميه بالتطور,و خصوصا في المغرب,فالرواية في المغرب,تتجاذبها قوى و
مؤثرات عدة,فهي تشترك مع الشرق العربي في اللغة,و لا تريد منافسته بها,و
تحاول اقتباس الجديد أروبيا,متجاهلة الرواية الأفريقية و متعالية عليها,و
نافرة من الإيرانية و متجاهلة للتركية,مما ينعكس على اختيارات الروائي
المغربي,و يفرض عليه أحيانا الهروب من هذه التجاذبات نحو اختيار آخر,و هو
التجريب.
4رهان التجريب
هو مهرب من التجاذبات السابقة,ليست له اختيارات واضحة,فهو يعتبر نفسه
خارج التصنيف,إنها كتابة قلقة,تطلع بحذر على النقد الأدبي,أو
تتجاهله,تعتبر الكتابة الروائية,بداية غير متحكم فيها,يزرع الروائي
النبتة بدون غايات مسبقة,و ينتظر كيف تنشأ,يسمح لتوتراته بالتعبير عن
نفسها أدبيا,ليجد متعته,و يسعى لأن يتقاسمها مع القراء,بدون مبالغة في
ادعاء حكمة الصعوبة أو افتعالها,بخلق ضبابية متعمدة,غايتها إكساب العمل
الروائي,تعددية تأويلية,تنتقل من تيمة إلى أخرى بدون حرج أو توجس من
النقد المغربي,تحاول خرق قواعد الكتابة الروائية بدون التصريح بذلك,لتجد
نفسها تضع قواعد لكيفيات الإختراق,فتنتقل بذلك من التجريب,إلى تعمد
التجريب,بحثا عن صدفة تقود لاكتشاف جديد في مجال الكتابة الروائية,و هو
مالا يمكن توقعه,في سياق غياب تيارات روائية,واضحة الحدود,التي تتطلب
مراكمات تاريخية,و مقاربات جدية للحقل الروائي بالمغرب.
خلاصات
حاضرا من الصعب إدعاء تصنيفات نهائية رغم مؤشرات ازدياد النشاط النقدي حول الرواية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي: -أكفان كروننبرغ- على البساط الأحمر


.. فنان أمريكي يُصدر أغنية بصوته من جديد بعد أن فقد صوته بسبب س




.. -الكل يحب تودا- فيلم لنبيل عيوش يعالج معاناة الشيخات في المغ


.. حصريا.. مراسل #صباح_العربية مع السعفة الذهبية قبل أن تقدم لل




.. الممثل والمخرج الأمريكي كيفن كوستنر يعرض فيلمه -الأفق: ملحمة