الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في قصيدة النثر ... سؤال الهوية ..

علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)

2014 / 3 / 19
الادب والفن


تولدالاجناس الأدبية وتختفي تبعا لإشترطات ذاتية محضة وأخرى موضوعية , ويبدو ان هذا المبدأ لايقتصر على زمان ثقافي معين مثلما لايقتصر على جنس ادبي بعينه .
وقصيدة النثر لا تشذ عن هذه القاعدة فبوصفها جنسا ادبيا فرض نفسه بشكل واضح في السنوات الأخيرة لابد ان تخضع لتلك الاشتراطات وبالتالي يصبح البحث عن المبررات التي أوجدت ميلاد قصيدة النثر واستمرارها سؤالا عن شرعية هذه القصيدة , ولابد ان يتساوق هذا السؤال مع السليقة المنطقية التي ترى ضرورة ارتكاز الاشياء جميعا على شروط موضوعية وذاتية متحكمة في وجودها وديمومتها , وعلى الرغم من كثرة المعارضين لقصيدة النثر , والشاكين في شرعية وجودها الادبي , يمكن القول ان هذا النوع من الادب لم يكتسب وجوده لو لا توافر تلك الاشتراطات التي تمثل تطورا طبيعيا للشعر واستجابة لمتغيرات الزمن .فلم يكن هناك اي بد من مسايرة اليومي والعرضي والمسكوت عنه في زمن لم تعد المعالجات الكلاسيكية ولا الرومانسية قادرة على الكشف عن مخبئاته لذلك كان ميلاد قصيدة النثر بعد مخاض عسير ابتداءا من احتفاء الشاعر بجماليات اللغة لينتهي الى الاهتمام بانطباعاته الحدسية ليصوغها في تقريرية تداولية لم تكن معهودة من ذي قبل في معالجات الكلاسيكية للواقع الاجتماعي اوفي المعالجات الرومانسية لعلاقات المجتمع الرأسمالي , ولا في معالجات السوريالية المحكومة بمخلفات الحرب العالمية الثانية . وبذلك كانت محاولات : بودلير, وملارميه, ورامبو , واليوت, وباوند , وطاغور .وغيرهم استجابة طبيعية محكومة بزمانها وظروفها .
وفي واقعنا العربي يمكن تحديد البدايات المبكرة لميلاد قصيدة النثر مع بزوغ النهضة العربية الحديثة فكانت كتابات نقولا فياض , وخليل مطران , وجبران خليل جبران , وامين الريحاني .
لكننا مع مجلة شعر ، ومحاولات محمد الماغوط وانسي الحاج وادونيس ويوسف الخال يمكن ان نجد تأسيسا واضحا لقصيدة النثر العربية متأثرة بالنموذج الفرنسي لا سيما تنظيرات سوزان برنار في كتابها قصيدة النثر ، على الرغم من ان تلك النماذج ـ اذا استثنينا كتابات ادونيس ـ لم تكن بمستوى ذائقة القارئ العربي وبذلك ظلت معزولة بعيدا عن متناول المتلقي العربي ، ويبدو ان هذا النفس المغترب ظل مسيطرا على قصيدة النثر حتى السبعينات , يقول الاستاذ عبد العزيز موافي((وهكذا بدأ النموذج الجديد في الصعود من الهامش الى المتن .... وفي نفس اللحظة بدأ التجريب الحداثي مصحوبا بالتجديد الذي بدا بدوره جزءا حيويا من منظومة التغيير الشامل في الذاكرة الشعرية فالتجريد يعني غياب المضامين وبمعنى اخر غياب الواقع ومن خلال الحدس الصوفي او الميتافيزيقي بدأ الشعراء في خلق عوالم اخرى ما ورائية ليس فيها من الواقع الا مجرد واقع لغوي ... كلمات تتمرد على الدلالة واشكال تتمرد على مضامينها) ص21 .
ومع صعود الاصوات المعارضة بدأ كتاب قصيدة النثر بالتخفيف من حدة التجريد اللغوي مع الاحتفاظ بما ذكرته سوزان برنار من ضرورة الايجاز او الكثافة والتوهج او الاشراق واللازمانية, والاهم من ذلك ارتباط الشاعر باللغة وحدها وانسلاخه من اي ترسبات ايديولوجية او توجهه كليا الى الاهتمام بالمحايثة اللفظية والابتعاد عن التصوير البصري واتباع آليات كثيرة في الصنعة الكتابية مثل : السردية والتداعي والتكرار والفراغات والتنقيط والتناصات الواعية مع علوم الطبيعة والرياضيات ,لكن هذا كله ــ في رأي البعض ــ جعل من قصيدة النثر خيمة مفتوحة قد يكون الدخول اليها دون صعوبات , في حين يرى آخرون ان قصيدة النثر اصبحت في احيان كثيرة لاتمتلك هوية محددة فبالكاد يميزها القارئ عن الاجناس الاخرى كالقصة القصيرة او الخاطرة او الكتابة العادية على الرغم من ان اغلب كتاب قصيدة النثر يعتبرون كتاب سوزان برنار (قصيدة النثر) انجيلا لهم لكنهم لم يأخذوا بنظر الاعتبار قولها ((وتفترض قصيدة النثر ــ وهو ماسبق ان قلناه ـارادة واعية للانتظام في قصيدة ,لابد ان تكون كلا عضويا مستقلا فيما يسمح بتمييزها عن النثر الشعري ..)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض


.. ريم بسيوني: الرواية التاريخية تحررني والصوفية ساهمت بانتشار




.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة


.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن




.. سلمى أبو ضيف قلدت نفسها في التمثيل مع منى الشاذلي .. شوفوا ع