الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الذي يجري ؟

اسماعيل شاكر الرفاعي

2014 / 3 / 19
مواضيع وابحاث سياسية



عراقيون من الجنسين .. من مختلف الاعمار .. من مناطق مختلفة في بغداد .. من اهواء ومشارب فكرية متعددة .. ومن مستويات دراسية مختلفة .. التقيهم كل يوم تقريباً من غير موعد مسبق ، فنحن لا نعمل في دائرة واحدة : مدنية أو عسكرية ، ولهذا لا تتم لقاءاتنا في الغرف والقاعات التي يعمل فيها الموظفون .. انما تتم لقاءاتنا عادة في الهواء الطلق .. في اماكن انتظار وسائط النقل العامة من ( الكيات ) وسواها من اسماء السيارات التي تتسع لاكثر من عشرة نفرات ... الصدفة وحدها جعلتني انصت باهتمام لما يقولون .. فأنا مضطرمثلهم على الخروج لمكان عملي .. ومثلهم عليّ التنقل في اكثر من باص لاصل الى المكان الذي اعمل فيه .. انصت باهتمام لما يقولون ، وما يقولونه يشبه في عفويته وفي عدم قصديته لقاءاتنا العفوية التي تتم على قارعة الطريق بانتظار سيارات الاجرة التي تقلنا الى امكنتنا المقصودة بسعر أقل بكثير مما يطلبه سواق التاكسيات .. يشبه الدور الذي امارسه معهم دور الاستبيانات التي ابتدعها الامريكي : الدكتور جورج كالوب ومنح طريقة استبيان الرأي الكثير من الصدقية ..
جوهر طريقة الامريكي " كالوب " : تقوم على الاعتباطية في لقائه بالعينات البشرية التي سيستفتيها ليأخذ رأيها في قضية تشغل الرأي العام الاميركي : قد تكون هذه القضايا محلية كالموقف من الزواج المثلي ، أو عالمية كالموقف من الحرب الدائرة على الاراضي السورية منذ ثلاث سنوات ، او بالموقف من القضية الدولية الساخنة الآن : قضية أوكرانيا ، أو القضية الفلسطينية ...
ما القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي ..؟
كثيرة وكثيرة جداً ، واكبر من طاقة حكومة لوحدها على تصريفها ، الاّ اذا كان اعضاء الحكومة الحالية في العراق قد حباهم اللّه بمواهب خاصة ترفعهم درجات فوق مستوى البشر ، وهيأهم منذ نعومة اظفارهم لرؤية ما لا يراه غيرهم وسماع ما لا يسمعه البشر الفانون ...
قضايا العراق كثيرة ومتشعبة ومتراكبة وتزداد مع مرور الايام تشعباً كما لو ان أعضاء الحكومة لا يلذ لهم العيش في الحياة الا على ظهور الخيل ، ولا يستنشقون هواء الطبيعة الا اذا اختلط بما تثيره سنابك الخيول من دوامات الغبار والرمال ، فطبيعة نفوسهم التي حباهم اللّه بها لا تقبل التحديات الاّ اذا كانت مركبة ومتداخلة ، والا اذا حاربوا على اكثر من جبهة : لأن نفوسهم العظيمة لا تلتفت للتحديات الصغيرة التافهة من مثل اصلاح التعليم او غيرها من القضايا التي تنشغل بها العامة كالبطالة والفقر والخدمات ونهب المال العام ، هم بالضبط اولئك العظام الذين تنبأ بهم المتنبي حين قال :
وتعظم في عين الصغير صغارها ـــــــــ وتصغر في عين العظيم العظائم ...
المفارقة الصارخة التي اواجهها يومياً وانا التقي بالعامة من الناس يومياً ، تتمثل في اننا معاً : أنا وهم لم نطلع ــ لجهلنا ببواطن الامور ــ على نظرية في المعرفة يتم من خلالها قذف نور المعرفة في قلوب الخاصة من الصالحين الذين زهدوا بكل شئ في الحياة وكرسوا حياتهم على فعل الخير والخير وحده ، وابتعدوا عن شهوات المال والمناصب ...
كيف يمكن لنا نحن العامة ان نحل هذه المشكلة العويصة ؟ وكيف يمكن لنا ــ نحن الخائضون في الجهل وفي الجهالة ــ ان ندرك ان " اولي الامر " منا يرون ما لا نرى ويبصرون ما لا نبصر : غشاوة الجهل قد اعمتنا عن رؤية هذا الطريق السري في المعرفة التي يقذفها الغيب في قلوب الصفوة من الناس الذين هم اعضاء مجلس الحكومة ...
ولذا فأن التساؤل الجارح : ما الذي يجري ، أو الى أين نحن سائرون ؟.. الذي يتنقل معنا ونردده في فضاء سيارات النقل ، او في الهواء الطلق ، ونحن ننتظر وسائط النقل العامة ، هذا التساؤل ينم عن جهلنا وتخلفنا عن ساستنا الذين يعرفون ــ عن طريق قذف المعرفة بطريقة سرية في قلوبهم ــ كيف يعالجون هذه الازمات المتراكمة على بعضها في الوقت المناسب ...
فليذهب كالوب الى الجحيم .. ولتذهب طريقته الاعتباطية في سبر اغوار الرأي العام الى سقر.. بل ليذهب العامة وما تنطوي عليه توجساتهم من تساؤلات الى اسفل سافلين . لماذا تستطلعون آراء العامة بما نمر به من نكبات ، ما الفائدة منها والمعلومة الصحيحة يتلقاها أولي الامر منا على شكل رؤيا في المنام ، او بطريقة الالهام في النهار ، أو بطرق أخرى لا يعلمها الا الراسخون في العلم ؟ ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة ضرب مستشفى للأطفال بصاروخ في وضح النهار بأوكرانيا


.. شيرين عبدالوهاب في أزمة جديدة وصور زفاف ناصيف زيتون ودانييلا




.. -سنعود لبنائها-.. طبيبان أردنيان متطوعان يودعان شمال غزة


.. احتجاجات شبابية تجبر الحكومة الكينية على التراجع عن زيادات ض




.. مراسلة الجزيرة: تكتم إسرائيلي بشأن 4 حوادث أمنية صعبة بحي تل