الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تبعيث التعليم من اخطر جرائم نظام البعث البائد

سامي بهنام المالح

2005 / 7 / 6
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


رغم كل ما يقال و يكتب عن حجم و خطورة الجرائم التي اقترفها النظام البعثي الدكتاتوري الدموي بحق الشعب العراقي و حق الشعوب الاخرى و بحق الطبيعة و امن المنطقة و الامن الدولي، و بالرغم من المساعي و الجهود التي تبذل و على مستويات عدة لتوثيق كل تلك الجرائم البشعة تمهيدا لمحاكمة راس النظام و ازلامه، يبقى هدف تحديد عدد و حجم كل الجرائم و ثم دراسة طبيعتها و تقييم النتائج و الخراب الانساني و الحضاري و الاقتصادي و الاجتماعي و الاخلاقي و البيئي و الامني و النفسي التي سببتها و لا يزال تسببها ، يبقى هدفا وامنية ذات اهمية تاريخية حاسمة في مسيرة العراق و حياة ابنائه جميعا و مستقبلهم دون استثناء.
لعل واحدة من ابشع الجرائم التي ارتكبها النظام البائد و اخطرها كانت جريمة تبعيث التعليم. هذه الجريمة التي قلما يجري الحديث عنها، و نادرا ما يسلط الضوء على نتائجها الكارثية و على الدمار و الخراب الانساني الذي سببته، بحق اجيال كان قدرها ان تسمم و تخرب تربويا و ان تنشأ على مجموعة من المعارف و القيم الغريبة المشوهة و الغير حضارية.

ان اصدار قانون تبعيث التعليم سيْ الصيت، جاء لضمان السيطرة الاستراتيجية المطلقة على تفكير و تعليم و اعداد الاطفال و الشباب الذين اكد المجرم صدام حسين في حينها على ان من يكسبهم يكسب المستقبل.
و هكذا من خلال تلك الجريمة، اراد البعث ان يكسب الصغار و الفتوة و الشباب و كل العاملين في حقل التربية و التعليم، ليحولهم الى ادوات تمجيد و بيادق شطرنج و احتياطي لاجهزته القمعية و لالته العسكرية الجرارة.
لقد جسدت سياسة التبعيث الاجرامية تلك ، فكر البعث الرجعي الشوفيني، و ايمان قيادته بالاساليب الفاشية في تعزيز قبضتها و ضمان ديمومة سلطتها و الولاء المطلق للدكتاتور.

فالبعث بخلفيته الدموية المعادية لكل ما هو تقدمي و حضاري، و بالاستفادة القصوى من تجارب و ارث الانظمة القمعية و الفاشية و الشمولية في العالم، و باستيلائه على كامل ثروات البلد الهائلة، ركز و منذ البداية على شل حركة الجماهير و تحديد و خنق امكانية التفكير العلمي و المستقل و الحر و الانفتاح و التواصل و الحوار و المناقشة، و بدأ من خلال السيطرة الكاملة على المؤسسات التربوية و التعليمية و الثقافية و الاعلامية في انتاج و تسويق، بل و فرض، الفكر و الثقافة الشوفينية و في تشويه الحقائق التاريخية و تزويرها و صياغة المناهج الدراسية و ادخال بعض المواد الدراسية الاجبارية و فرض بعض القيم و التقاليد، التي تعاملت و حولت المجموع ـ الجماهير الغفيرة، الى قطيع متلقي موجه محروم من اي امكانية للتقيم و اتخاذ المواقف و الخيار. لقد تحولت الصفوف و المدارس و المعاهد و الكليلت الى اماكن و ساحات لتعليم الخنوع و الخضوع لارادة القائد الضرورة و الطاعة المطلقة لاوامره. فالمهمة التربوية الاولى للمؤسسة التربوية، تحولت الى اعداد الافراد و قطاعات منظمة مسلوبة الارادة و الاستقلالية و مدربة على قبول الدكتاتورية و تمجيدها و الاستعداد الدائم لتنفيذ سياساتها و اوامرها دون اي مناقشة، و القيام بمهمات قذرة ضد
مصالحها الحيوية الخاصة و ممارسة العنف و الرياء و الكذب و الفساد.

باختصار شديد، تبعيث التعليم حول المؤسسات التربوية الى جزء من المؤسسات البعثية القمعية، وفرغ العملية التعليمية و التربوية من محتواها التربوي و التعليمي
لتصبح عملية تخريب منظمة للانسان و لتعطيل و تشويه نموه الطبيعي و حرمانه من مستلزمات التحضر و التطور، ناهيك عن التخلف العلمي الذي اصاب العراق و هجرة معظم الكوادر و العقول العلمية .

ان تخريب الاجيال و تعبئة الشباب كوقود للمعارك الداخلية و الخارجية و عسكرة المدرسة و الجامعة و البحث العلمي هي جرائم خطرة و وذات نتائج ستراتيجية كارثية. فتخريب الانسان بالحديد و النار عملية قد لاتكون صعبة عندما يتولى الدكتاتور و بعقلية بعثية امر انجازها، الا ان اعادة بناء الانسان في العراق الجديد و معالجة اثار هذه الكارثة، هي عملية معقدة و صعبة و اساسية لبناء المستقبل، و يتطلب تنفيذها تظافر كل الجهود و التأسيس لاعادة بناء نظامنا التربوي و تحديد اهدافه الانسانية و العلمية و الديمقراطية، بعيدا عن الايديولوجيات و السياسات الحزبية، و توفير امكانية التعلم و الدراسة و باسرع ما يمكن لكل اطفال العراق، بالاضافة الى تاهيل جامعاتنا و مؤسسات البحث العلمي و الاهتمام الجدي بالمعلم و مكانته الاجتماعية و ظروفه الاقتصادية و اعداده التربوي و العلمي على اسس عصرية جديدة و فعالة.

أن لما يجري في عراقنا الدامي اليوم، من عنف و ارهاب و فساد و جرائم اقتصادية و اجتماعية و اخلاقية، و رواج و نمو للافكار و القيم و التقاليد العشائرية و الطائفية و القومية الشوفينية و التعصب الديني و القومي، و غيرها من الامراض ،علاقة واضحة بنتائج سياسات و جرائم البعث و رأسه، والتي لا بد ان يحاكم عليها جميعها، ان يحاكم الفكر البعثي الشوفيني، و ان يحاكم النظام القمعي و اساليبه و سياساته، و ان يحاكم كل من شارك في رسمها و تنفيذها و ساهم في القتل و الدمار و الخراب و التشريد و الحرمان و العذابات الانسانية التي اصابت العراق و شعبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ناقلة جند إسرائيلية انفجرت وتناثرت بقايا من بداخلها.. ما الذ


.. الجيش الإسرائيلي يقرّ بمقتل 8 من جنوده في رفح من بينهم نائب




.. أول أيام عيد الأضحى.. ما يوم النحر؟


.. فلسطينيون يؤدون صلاة عيد الأضحى أمام أنقاض مسجد الرحمة بالقط




.. بعد إعلان الجيش الإسرائيلي عن -وقف مؤقت- للنار في جنوب غزة..