الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهادات: على شرف الذكرى الثمانين لميلاد الحزب مناضلون من ذلك الزمان، الرفيق نوري عثمان عمره عمر الحزب وذكريات الأيام الصعبة

محمد الكحط

2014 / 3 / 20
مقابلات و حوارات




الرفيق نوري عثمان أحتفل قبل بضعة أشهر بعيد ميلاده الثمانين، سابقا عمر الحزب بهذه الأشهر، وهو من الرفاق المناضلين الذين يعملون بالظل كجنود مجهولين، أمتاز بصموده وتحمله لمهام صعبة، قضى حياته لسنوات طويلة وعائلته في ظروف ٍ صعبة للغاية، أعتقله المجرم ناظم كزار، ونال ما نال من صنوف التعذيب في أقبية الحكام المجرمين، استشهدت والدته وأستشهد أبنه كاميران بظروف مؤلمة جراء المعانات من جور الدكتاتورية.
ولد الرفيق أبو شيرزاد في كركوك سنة 1933م، وسط عائلة متوسطة الحال حيث أنهى فيها دراسته الابتدائية والمتوسطة والإعدادية، ومن ثم أنهى الدراسة في معهد المعلمين سنة 1959 في كركوك، ليصبح معلما، عمل في وقت مبكر في مديرية البيطرة في كركوك سنة 1954، ترعرع الرفيق وتعرف على أفكار الحزب الشيوعي في المرحلة المتوسطة، كانت جدته تحدثه منذ الصغر عن مآسي الحرب العالمية، وتربى على حب الآخرين ومساعدتهم، شارك وهو في السادس الابتدائي في مظاهرات 1948و 1949م، ضد الحكم الملكي وحكومة نوري السعيد، ويتذكر أنهم كانوا يهتفون (نوري سعيد القندره وصالح جبر قيطانه).


عند تأسيس أتحاد الشبيبة الديمقراطي، كان من مؤسسيه في كركوك ومن ثم سكرتيره، وأنتظم في صفوف الحزب بعد ثورة 14 تموز 1958م، واعتقل سنة 1959 بسبب أحداث كركوك، لنشاطه الواضح في صفوف الشبيبة، وكانت هنالك تقارير ضده، ونقل مع آخرين إلى سجن بعقوبة وبعد أسابيع هناك نقلوه إلى غرفة انفرادية مدعين بأنه يتصل بالحزب خارج السجن، وحكم عليه بالسجن 3 سنوات، وسجن في العمارة، وفي العمارة أصبح عضو لجنة تنظيم السجن ومسؤول النشاطات الفنية، أكمل المحكومية سنة 1961 وعاد إلى كركوك، لكن كانت هنالك مشاكل جديدة في المحافظة منها قيام (الطورانيين) بأيذاء السياسيين، فأنتقل إلى بغداد، ليعمل مع التنظيم المركزي، وكان مسؤول التنظيم في حينه الرفيق حسين عوينه، وعمل في مطعم للمأكولات الشعبية، وطلبوا منه عدم ممارسة نشاطات سياسية ليبقى غير معروفا، وليكون كحلقة حزبية بين الرفاق وقيادة الحزب.
ويستذكر قائلا: ((بعد انقلاب شباط الأسود 1963م، جرت اعتقالات في منطقة باب الشيخ، فذهبت إلى السليمانية وكتبت رسالة إلى قيادة الحزب في الإقليم، وبعدها جاء القرار بأن أعود فورا إلى بغداد، من أجل أجراء الاتصالات مع المركز، أي كلفت بإعادة الاتصالات، فأخبرت أخي عرفان بأن يبلغ أي رفيق يراه، بأنني أريد اللقاء به وأنا في أنتظاره، خلال ذلك جاء رفيق من التنظيم المركزي فتقابلنا، ومن ثم جاء شخص آخر طلب بأن ألبس ونخرج لأمر ضروري، وكان هذا الشخص هو المجرم ناظم كزار، فكانت عملية أعتقال، أركبونا سيارة بباب واحدة، ففهمت بأن هناك رفاق قد أعترفوا عليّ، سألت الرفيق هل نحن معتقلون..؟، قال لي لا، وبعد لحظات ترجل ناظم كزار من السيارة، فطلبت من السائق أن أشتري سيكائر،فرفض فعرفت بأنني معتقل، فأستغليت الفرصة وفتحت باب السيارة وهرولت، كنا في الشورجة فتوجهت الى شارع الشيخ عمر ودخلت أحد الأزقة وهم يصيحون (ألزموه، الزموه) وأنا أصيح كذلك، لكن استطاع السائق اللحاق بيّ، وجاء ناظم كزار وضربني طلقة في فخذي، وهو يقول أقتلك، وضربني بالأخمص على رأسي، وقال (لا أقتلك لأن عندنا معك شغل)، أغلقوا عيوني وأخذوني بالسيارة، ومن ثم أخذوني الى قصر النهاية، قدمني ناظم كزار للجلادين قائلا لهم، ( جئتكم بضيف دارو زين!!!، بمعنى أذوه كثيرا)، أدخلوني غرفة وجدت رفيق مسيحي من كركوك ساقط على الأرض جراء التعذيب وهو الرفيق الشهيد جمال ماربين، سألته قال لي كل المعلومات الحزبية معروفة لديهم، وقال لي ((أنهم يريدون أن يأخذوني الى كركوك لاعتقال الرفاق، وهذا الشيء لا يمكن أن أفعله))، بعد فترة قاموا بالصعود على بطنه بأحذيتهم، فأغميّ عليه وسحبوه حتى أستشهد. أخذوني إلى غرفة أخرى ومعلق على الحائط لوحة مكتوب فيها أسم السكرتير سلام عادل وأسماء اللجنة المركزية للحزب وأسماء لجنة التنظيم المركزي، فأشروا وقالوا لي هذا أسمك الحزبي، ثم أرجعوني إلى نفس الغرفة،



أصعدوني على كرسي وربطوني بالمروحة (البنكه)، وبدأوا بالضرب بالكابلات وضربوني على عيني، طلبوا مني معرفة بمن اتصلت عندما سافرت إلى السليمانية، نريدك أن تأخذنا إلى بهاء الدين نوري، فأكدت لهم بأنني لم أتصل بأحد ولا أعرف بهاء الدين نوري، أستمر التعذيب ثلاثة أيام، ونزف الجرح وتورم وصار عندي ما يشبه الشلل، جراء التعذيب، فقلت لهم لو أعرف بهاء نوري لأخذتكم وأرتاح، بقينا هناك حتى حزيران 1963. أتوا ببعض المعتقلين من قياديي (حدك)، إلى قصر النهاية، فأخرجونا إلى ملعب الإدارة المحلية في المنصور، ووضعونا بالمنزع، صار لدينا بعض الحرية للاتصال بالأهل فجاءوا لمواجهتي، بعدها كتبت أم شيرزاد عدة عرائض للحاكم العسكري، وبعد الإلحاح تم اطلاق سراحنا بكفالة، ومن المفارقات أنني بعد إطلاق سراحي اتصلت بالرفاق وأخبرتهم عن الاعتقال وما جرى وما شاهدته، لكنهم قرروا سحب عضويتي، ورغم ذلك لم أتذمر وترشحت من جديد وأخذت العضوية سنة 1964م.
عدت إلى الوظيفة وكنت معزولا سنة 1968 في بغداد ثم تم نقلي إلى السليمانية أواخر 1971، وأتصلت بالرفاق هناك وكلفت مسؤول خلية، وبعد وصول ترحيلي أصبحت عضو محلية السليمانية، ومن ثم عضو مكتب السليمانية حتى 1979، سافرت إلى موسكو مع 20 رفيق في دورة حزبية مع أبو آسوس لمدة شهرين، بعد أنتهائها طلبت من الرفاق أن أدخل دورة حزبية لمدة سنتين، لكن لم أتلقى جواب، وعرفت ان الأوضاع في العراق بدأت تسوء. خلال ظروف الجبهة وأستشهاد فكرت جاويد طلبوا مني ان أكون عضو جبهة مع شيخ سعيد فرفضت ذلك وأخبرتهم بأنني لا أستطيع العمل مع البعثيين، فكلف عوضا عني ملا علي. بعد فترة بدأت الاعتقالات وجاءت التوجيهات بتقليص التواجد في المقر لكن صدر قرارا بأن أبقى أنا ومام قادر نتناوب على التواجد في المقر كي لا يعتبروننا منسحبين، لكن تم اعتقالي من الدائرة، وعلمت أنه تم الاعتراف عليّ كوني في المحلية، لكنني أخبرتهم بأنني تركت السياسة والحزب منذ زمان، فأمروني بالجلوس في البيت وترك النشاط السياسي، فخرجت وأخبرت الرفاق، كانت زوجة أخي معي في الدائرة وهنالك رفيق من كركوك مختفي في منزلي، فأخبرت الرفاق بضرورة تركه المنزل كي لا يعتقل، فتم توفير مكان آخر له.
بقيت في اتصال خيطي مع الرفيق أبو علي (عزت فرخه)، حتى 1988، ونتجنب اللقاء، وفي سنة 1988 أخبرني أبو علي بسرعة الهروب إلى أربيل ومن ثم إلى الجبال مع أخي عرفان والعوائل، ذهبنا إلى أربيل في بيت حزبي مع العوائل ووالدتنا وعائلة أبو علي أيضا، كل على حدة، وفي أول ليلة غادرنا المنزل علمنا أن رجال الأمن جاءوا لاعتقالنا، فكسروا الأبواب لكنهم لم يجدوا أحدا غير الأثاث. علما أن أحد رجال الأمن يسكن أمام منزلنا ويراقبنا ليلا ونهارا، وأستغرب مغادرتنا دون علمه، بقينا في أربيل حتى عيد نوروز، كان المطر شديداً، سافرنا خارج أربيل بأتجاه (آشكوتي)، وبقينا هناك مدة، وكانت قوات الجيش العراقي تتقدم، فطلب الرفاق منا أن نبتعد أكثر فقلت لهم نقاتل مثلكم، فقالوا لا رفاق العوائل عليهم أخذ عوائلهم والابتعاد والصعود، فعملوا لنا أوراق وأجرنا بغال وصعدنا جميعا ووالدتي بقيت مع عائلة أبو علي، فذهبنا إلى (رزكه)، مقر القاطع وهناك الرفيق مسؤول القاطع (سليمه سور)، ، مررنا بعدة مقرات، وسأل أخي عرفان الرعاة عن بعض المقرات التي كان يعمل فيها، فأخبروه بأنهم تركوا المكان، كانت هناك خيمة لمقر (أوك)، فيها عوائل من حلبجة، يسألون عن مصير عوائلهم، كانت الخيمة مزدحمة لا مكان فيها يتسع، فعرفنا ان رفاقنا يأتون كل يوم ويأخذون مئونة ويصعدون فصعدنا معهم، ولكن الرفاق هنا أيضا قالوا عليكم المغادرة مع العوائل ونرسل معكم دليل ليوصلكم إلى (دولا كوكا)، على الحدود الإيرانية، الدليل كان أخ زوجة عرفان، وواجهنا صعوبات الثلوج وفقدنا الاتجاه مرارا حتى وصلنا بعد أن أنهكنا التعب. وبعدها وصلت والدتي مع عائلة أبو علي مع رفاق من قاطع السليمانية، كانت والدتي مربوطة على البغل بالحبال كي لا تسقط، لكنها ومع طول المسافة ووعورة الطريق أنسلخ جلدها وتورم وبعد أيام استشهدت ودفنت هناك على الحدود، وكان قبرها هو أول قبر هناك. وبعد شهر من استشهادها، أستشهد أبني كاميران خلال حادث بسبب عدم اليقظة والحذر خلال نقل وإزالة قنابل فارغة، فدفن جنب جدته وكأن القدر أراد أن لا تبقى وحيدة هنا في هذا المكان الموحش. تحركنا بعد فترة إلى الحدود إلى (جويزية)، بقينا فترة، وأثناء ذلك أنفجر لغم تحت رجل أبني البيشمركة سركوت المعروف بالرفيق (درسيم)، فانقطعت رجله اليسرى من القدم حتى الركبة، بعد ذلك قرر الرفاق إرسال أبنتي النصيرة روناك إلى موسكو للدراسة، ونحن وصلنا إلى (بانه)، ثم كان لي أحد المعارف سألت عنه، وتوجهت له، ولكن أخبروني بأنه سافر إلى (سقز) في إيران، فذهبنا هناك ووجدناه وبقينا في بيته فترة.
استمر بقائنا هناك سنتين بعدها سافرنا إلى موسكو، حيث كانت روناك وشيرزاد وسركوت يدرسون هناك، بعد بضعة أشهر توجهنا إلى السويد، وحصلنا على اللجوء السياسي، وساهمنا في عمل الجمعيات الاجتماعية هناك، ومن ثم انتقلنا إلى لينشوبنك، وأستمر نشاطي الاجتماعي والسياسي.)
أما رفيقة دربة السيدة خيرية أم شيرزاد، والتي تحملت معه كل تلك المصاعب والمعاناة، فكانت له العون في تنفيذ مهامه، لم تكن منتظمة في الحزب لكنها أدت العديد من المهام الحزبية السرية البحتة، فكم مرة أوصلت البريد بين بغداد وأربيل، وكم مرة حافظت على البيوت الحزبية. لقد تحملت بقائها وحدها مع الأطفال عندما أعتقل أبو شيرزاد، وكانت تبحث عنه في السجون، وكان الخوف حتى من طرق باب المنزل، كما أضطر الأبناء على ترك الدراسة مرارا.
وفي سنة 1963 عندما أعتقل أخيه الشهيد نجم الدين (أستشهد بعد عودته من الدراسة في بلغاريا على أيادي زمرة عيسى سوار سنة 1973)، من قبل الحرس القومي في بغداد، فكانت أم شيرزاد تخرج كل يوم صباحا لتبحث عنه في المعتقلات، إلى أن تم اطلاق سراحه.

كلمته في الذكرى الثمانين لميلاد الحزب، ((منذ دخولي الحزب كنت أحد الكادحين وأتعاطف مع المظلومين كي ينالوا حقوقهم، ناضلت بكل إمكانياتي واليوم أنا فخور بالحزب وانتمائي له ولأفكاره ولمكانته في المجتمع العراقي، لكن مع الأسف بعد التغيير لم تكن الأمور كما نريد، فقد ناضلنا من أجل وطن حر وشعب سعيد ولكن لا وطن حر ولا شعب سعيد، نأمل أن يرى أحفادنا هذا الهدف وقد تحقق، عاش الحزب عاشت الذكرى الثمانين لميلاد الحزب الشيوعي العراقي)).

لقد ضحى هؤلاء المناضلين بدمهم وأبنائهم وأموالهم بل وفي حياتهم بدون مراباة ولا طمع أو دجل، كان هدفهم هو وطنٌ حر وشعبٌ سعيد. فلهم كل الحب وكل المجد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اجتماع مصري إسرائيلي أميركي مرتقب بشأن إعادة فتح معبر رفح| #


.. المتحدث باسم الخارجية الأميركية لسكاي نيوز عربية: الكرة الآن




.. رئيس مجلس النواب الأميركي يعلن أن نتنياهو سيلقي كلمة أمام ال


.. أربعة عشر متنافسا للوصرل إلى كرسي الرئاسة الإيرانية| #غرفة_ا




.. روسيا تواصل تقدمها على جبهة خاركيف وقد فقدت أوكرانيا أكثر من