الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في رسالة زروال للجزائريين

سليم عبد الله الحاج
سوريا

(Rimas Pride)

2014 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


اذا كان التحفظ هو الصفة الملازمة للمسؤولين الجزائريين بعد خروجهم من مناصب عملهم او حتى خلال مزاولتهم لها فان كسر هذا التحفظ في لحظات معينة من مجرى الاحداث هو صفة جزائرية اخرى لطالما رأيناها في المحطات الفارقة في العمر السياسي لهذا البلد .. على هذه الخطى الجزائرية الخاصة تكلم اليوم الرئيس السابق اليامين زروال في رسالة نشرتها بعض الصحف و المواقع الالكترونية منهيا فترة طويلة من الصمت المطبق تحاشى خلالها الادلاء باي كلمة او تصريح عن الوضع العام تحت حكم خليفته الذي مهد له الطريق ليستلم الحكم في انتخابات تسعة و تسعين عندما اعلن عن تقصير ولايته الرئاسية قبل انتهاءها بعام .ولقد رفض قبل مدة نداءات تدعوه للترشح للرئاسيات اذ ان اسمه ظل متداولا في الساحة و ربط طويلا بفكرة المرحلة الانتقالية من فترة واحدة تحت اشرافه لعهد ما بعد بوتفليقة بعد تدهور الحالة الصحية للرجل و الشكوك التي اثيرت حول مقدرته على تسيير مهامه الدستورية ولعب دوره كشخصية او طرف فاعل في صناعة التوازن بين مراكز القرار داخل الجزائر .. و مع ادراك العجز الدائم للطبقة السياسية عن انتاج خليفة لبوتقليقة اتجهت بعض الاوساط للحديث عن امكانية حصول تغيير في ميكانيزمات العمل السلطوي داخل النظام الجزائري و علاقاته مع مؤسسات الدولة و ترجم هذا التصور برؤية عن مرحلة انتقال سياسي تقودها شخصيات لها وزنها و ثقلها في المشهد وتتمتع بثقة المؤسسة العسكرية وتلقى مقبولية لدى الشارع و هي صفات تنطبق على مولود حمروش رئيس حكومة الاصلاحات في عهد الرئيس الاسبق الشاذلي بن جديد و على الرئيس زروال .
مولود حمروش قطع صيامه السياسي الطويل قبل شهر بمناسبة الانتخابات الرئاسية و اجواء الصراع المحموم المحيطه بها من داخل المنظومة السلطوية او ما تسرب منها الى الشارع في وضع غير طبيعي يشكل تهديد حقيقي لوحدة المؤسسات مثل الجيش .. وضع مبادرة تتماشى مع نفس السياقات الباحثة عن تغيير من خلال النظام بواسطة المؤسسات وبشكل هادئ ولكنها لم تلقى التفاعل المطلوب و خرجت بعدة استنتاجات ياتي في مقدمتها ان السلطة الجزائرية فضلت الابقاء على نمطها الحالي على الرغم من كل العلات و المشاكل المتوقعة و قررت تنظيم انتخابات بديكور ديموقراطي تعيد ترشيح الرئيس الحالي بوتفليقة الذي ظهر بانه الوحيد القادر على تحقيق التوافق و الحد من تاثيرات مأزق البحث عن البديل الملائم والاستنتاج الاخر هو ضعف اليات العمل السياسي لتحريك حالة الانسداد ثم الحاجة الملحة لاصلاحات مؤسساتية عميقة
من نتائج حركة حمروش وتطورات الوضع بدئا اعلان لقائمة المرشحين النهائيين للانتخابات و اشكالات طرحتها مواقف مسيئة لمدير حملة بوتفليقة اتجاه بعض المناطق في شرق البلاد التي ينحدر منها المرشح المنافس علي بن فليس .. كان الوقت مناسبا لخروج زروال من غياهب الصمت ليبعث باربع رسائل كبرى للجزائريين .. سيكون من السهل التخمين في السبب المباشر او العرضي لرسالته بشيء لا يبتعد كثيرا عن تقاليد الخطاب الجزائري المركز على الوطنية و الثناء على المؤسسات والتذكير بدورها لتهدئة الخواطر و امتصاص بؤر الغضب العاطفي المشتعلة وهذه المرة تحديدا مع نكتة سلال التي اشعلت المنطقة الشرقية , انما في الباطن هناك ملامح سياسية لا يخطئها عقل متابع للشأن الجزائري ويستقى منها ما يدعم فرضيات الحاضر ورهانات المستقبل في المشهد السياسي .. هي لا تمتلك القوة الكافية لتؤدي الى قلب الموازين بشكل مفاجئ فتجربة حمروش بينت محدودية هذه الخطوات و لكنها تعطي اجابات معبرة عن بعض الاسئلة المطروحة في الساحة
زروال عرف نفسه في رسالته كرجل دولة متمسك بادبيات الجمهورية و هو التفسير الرسمي لعملية الصمت في النطاق الجزائري و اضاف لهذه الصورة ما يشير بشكل او باخر بان وجود المواطنة ومساهمتها في اثارة القضايا الكبرى هي اهم محصن للدولة و بالتالي فهو يعتقد ان وجوده او عدمه كلامه او صمته لا قيمة له من دون حركية على مستوى الشارع تدفع نحو التاثير في دائرة صناعة القرار
زروال دعا ايضا الى حماية وحدة الجيش وابعاده كمؤسسة عن المناكفات السياسية بما يفتح الباب امام جعله كركن حيادي قوي و جامع يمكن الاعتماد عليه في قيادة عملية الانتقال وفي هذه النقطة يتقاطع مع ما قاله حمروش و لكنه توسع اكثر بالدعوة الى تلاحم شعبي مع المؤسسات الامنية و العسكرية في رسم خريطة المستقبل

الرسالة الثانية لزروال و المنتقدة مباشرة للسلطة الحالية الماضية قدما في مشروع العهدة الرابعة حيث دعا الى التداول السلمي للسلطة منتقدا تعديل الدستور الذي اسقط مادة تقييد العهدات الرئاسية و كان هذا التعديل خير معبرعن سير التوازانت داخل النظام الحالي وعليه تحدث عن اهمية بناء نظام سياسي جديد و حتمية الاستماع الى الطموحات الشعبية الرامية للمشاركة في تحقيق هذا المشروع و الذي لا يمكن الاستمرار في الافلات من استحقاقه الى الابد عبر استخدام الوفرة المالية او مشاكل العمل السياسي لاعادة انتاج نفس العقليات
زروال ايضا اتسم ببعض الواقعية السياسية المستمدة من معرفته بتفاصيل سير الامور حينما استعمل وسيلة الانتخاب الدستوري في دعوته المواطن للتغيير و التعبير عن رايه لاسقاط ما يهدد مشروع العصرنة ديموقراطيا عبر اختيار مرشح اخر مثلا غير المرشح الممثل للاستمرارية .. لكنه استدرك بالتاكيد على ضرورة الاستعداد لمرحلة ما بعد الانتخاب و تحويل العهدة الرئاسية مهما كان شكلها الى ورشة عمل لوضع الجزائر على سكة صحيحة للتغيير كفرصة اخيرة وفي هذه فتح الباب امام رهانات كثيرة سواء بعهدة رابعة لبوتفليقة وهو الامر الواقع الماثل امام اعين الجميع او بدونها
ربما الفارق الزمني لخروج كل من زروال و حمروش صنعت بعض التفاوت الطفيف في محتوى رسائلهما لكن الواضح و الاكيد انها خطابات من مصدر واحد يشير الى ضرورة نشوء مسار موازي لمسار السلطة الحالية المسدود من اجل ان يستلم حركة المرور الشريانية لحياة الدولة الجزائرية في اقرب وقت ممكن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - استيقاظ ضمير
العنابي ( 2014 / 3 / 20 - 11:23 )
ما اخرج السيد زروال عن صمته احساسه بالمهانة التي لحقت بابناء جلدته من قبائل الشاوية مع العلم ان من ربوعهم انطلقت الثورة التحريرية فكان لزاما عليه وبعد الحاح كبير ان يبدي رايه في اهم القظايا التي تشغل بال الجزائريين هذه الايام

اخر الافلام

.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟


.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة




.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه