الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تهافت مفهوم الوصاية

مناف الحمد

2014 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


تهافت مفهوم الوصاية

مناف الحمد

يساهم النظام الاستبدادي في تكريس ثقافة تعتمد الوصاية التي تمارس على جميع الأصعدة وفي كل المستويات .
البنية البطركية التي تسم المجتمعات المتخلفة هي ليست إنتاج النظم ولكنّ تكريسها واعتمادها كظاهرة طبيعية هو بلا شك من صنع هذه الأنظمة .
فيفترض في الأسرة ذات هذه البنية أن الأب لكونه صاحب الخبرة أو الأخ الأكبر هما الأقدر على تقرير مصلحة من لا يملكونها من أفراد الأسرة الآخرين ، ويفترض في الدولة أنّ محترفي السياسة هم الذين يقررون مصلحة الشعوب لأن الشعوب تجهل مصلحتها كونها لا تمتلك الخبرة السياسية .
لا شك أن السياسة علم وممارسة، وأن لدى من يمارسها خبرة تفوق من لم يخض غمارها ، ولكنّ التعامل في شؤون الدول والشعوب بهذه النظرة وكأنها حرفة تقنية تشبه حرفة لفّ المحركات أو شبكات الكمبيوتر يغفل عن ماهية السياسة كميدان يتصل ليس فقط بتفاصيل تستطيع الخبرة أن تعالجها أو تتنبأبها وإنما تتعلق أحياناً كثيرة بقضايا وجودية لا يستطيع أكبر سياسي في العالم أن يدّعي القدرة على الحسم فيها .
فمثلاً إذا تعرّض بلد ما لتهديد من بلد آخر وكان أمام البلد المعرّض للتهديد أحد خيارين :
أن يواجه التهديد بشنّ هجوم بأسلحة محرمة ويكون احتمال هذا الخيار إنقاذاً لثلثي الشعب بنسبة خمسين بالمئة والتضحية به كله بنسبة خمسين بالمئة .
وإذا استسلم فإن احتمالاً بنسبة أربعين في المئة أنه سينقذ نصف الشعب واحتمالاً بنسبة ستين في المائة أن الشعب كله سيباد .
إن أي سياسي مهما بلغت خبرته ودرجة احترافيته لن يستطيع أن يتحمّل عبء اتخاذ قرار في هذه الحالة لأنّ كلا الخيارين فيهما احتمال أن يضحى بالشعب كله .
فلا سبيل في هذه الحالة إلا الرجوع إلى الشعب وتركه يقرر مصيره بنفسه وتحمّل مسؤولية قراره .
يتصل بفرضية الوصاية ، وغير بعيد عنها أن ثمّة أرضية تقيم عليها الأنظمة الاستبدادية وصايتها ، وهي اعتبار أن النظام السياسي ممثّلاً بالقائد هو صورة مكبّرة للأب في الأسرة ولذا ترى أجهزة الدعاية لهذه الأنظمة تطلق عليه لقب الأب القائد .
يتشرّب الذين ولدوا وترعرعوا في ظل نظام مستبد بدون أن يحاولوا الانسلاخ عن هذه الفكرة هذه الثقافة ويتعاملون مع النظام السياسي ممثّلاً بزعيمه كأنّه أحد الوالدين ، غير مدركين أن هذه الأنظمة في الأصل أنظمة استولت على السلطة بطريق غير شرعي ، واستمرّت في مصادرة الدولة والمجتمع بالطريق نفسه ولهذا تراهم يناقشون فكرة الاستغاثة من ظلمها بطريقة تعتمد هذا الافتراض فمن غير المقبول أن يقوم الابن البارّ بالتشهير بأمه المومس أو الاستصراخ طلباً للنجدة من أبيه المجرم .
في المعالجة السياسية يكون مقبولاً مناقشة الاستقواء بجهة خارجية على نظام مجرم على أنه يضرّ أكثر مما ينفع وقد يكون هذا صحيحاً في بعض الحالات ، ولكن من المجافي والمفارق أن يرفض موضوع الاستصراخ والاستغاثة بجهة ما للتخفيف من وطأة ظلم نظام مجرم ، أو لتخليص أبناء الشعب من بين يديه وهو يقتلهم بحجة أن هذا عقوق بالوالدين .
إن أمنا هي بلدنا وأبانا هو وطننا وغريب عنا من يحكمنا بالقهر ويصادر حرياتنا ويمتهن كرامتنا ويقتل أطفالنا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على تفاصيل كمين جباليا الذي أعلنت القسام فيه عن قتل وأس


.. قراءة عسكرية.. منظمة إسرائيلية تكشف عن أن عدد جرحى الاحتلال




.. المتحدث العسكري باسم أنصار الله: العمليات حققت أهدافها وكانت


.. ماذا تعرف عن طائرة -هرميس 900- التي أعلن حزب الله إسقاطها




.. استهداف قوات الاحتلال بعبوة ناسفة محلية الصنع في مخيم بلاطة