الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحل السياسي طريق الخروج من الأزمة – المأساة التي تعيشها سورية

إبراهيم معروف

2014 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


الحل السياسي طريق الخروج من الأزمة – المأساة التي تعيشها سورية
إبراهيم معروف
سنة أخرى من المعاناة المآساوية تمر على شعبنا في سورية، ذهبت فيها أرواح عشرات الآلاف من الضحايا، ليتجاوز عدد ضحايا هذه المأساة الوطنية أكثر من 140 ألف ضحية، إضافة لمئات الألاف من الجرحى والمعتقلين والمخطوفين والمفقودين، ولتصبح أعداد النازحين واللاجئين تعد بالملايين. وكل ذلك نتيجة الاندفاع نحو الحل العسكري الأمني الذي اختارته السلطة الحاكمة، بحكم طبيعتها وأسلوب تعاملها مع المطالب الشعبية حتى تلك التي تعترف بمشروعيتها وأحقيتها. ومن نوائب القدر أن اختيار السلطة هذا تقاطع مع اندفاع بعض أطراف المعارضة نحو العمل المسلح، متجاهلة كافة الظروف الموضوعية والذاتية التي يعيشها شعبنا، وغير عابئة بالتكاليف المهولة لهذا العمل والكوارث التي يقود إليها. لقد جاء اندفاع وسعي هذه الأطراف نحو عسكرة الانتفاضة الشعبية بدفعٍ من عوامل عديدة: طبيعة هذه الأطراف، وطبيعة عملها السياسي الذي كثيراً مااتصف بالجنوح نحو العنف، وقصور وعيها، والاصرار على الوصول إلى السلطة مهما كانت التكاليف، وبأي وسيلة تراءت لها، يضاف إلى ذلك وجود دول عربية وإقليمية وأجنبية كانت تشجع وتدفع وتموّل أعمال التفجير والقتل والتدمير في بلدنا، خدمة لمصالحها المتناقضة مع مصالح شعبنا. وخلال مدة قصيرة أصبح بلدنا نقطة استقطاب لكل الجماعات المسلحة المتطرفة والتكفيرية في العالم. لتشكل جيوشاً تعمل للسيطرة على مناطق واسعة من بلدنا، محاولة إقامة مشروعها الظلامي وسلطتها الاجرامية بعيداً عن مطالب وتطلعات شعبنا، بل على حساب هذه التطلعات وعلى النقيض منها.
لقد وصلت الأوضاع في بلدنا، خلال سنوات الصراع المسلح المنصرمة، إلى حالة استعصاء عامة، وتبين لجميع الأطراف، المتصارعة والراعية والداعمة لها، استحالة الحسم العسكري، وأنه لا بديل عن حلٍ سياسي، طالما نادت به المعارضة الوطنية الديمقراطية، وفي مقدمتها هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، التي دعت إلى عقد جنيف 2 على قاعدة جنيف1، لفتح الطريق أمام حلٍ سياسي، يوقف مسلسل القتل والتدمير، ويؤسس لمرحلة انتقالية، تقود نحو إقامة نظام وطني ديمقراطي استجابة لتطلعات ومصالح شعبنا.
إن القوى الدولية الراعية والداعمة لأطراف الصراع المسلح، وإن كانت متفقة على عدم إمكانية الحسم العسكري، إلاّ انها لم تحسم أمرها على السير في طريق الحل السياسي، وتبين خلال السنة الماضية انها ليست في عجلة من أمرها للوصول إلى هذا الحل. ولا يخفى أن استمرار الأوضاع الراهنة، واستمرار أعمال القتل وتدمير البنى والقدرات، يصب في خدمة مصالح الأطراف المعادية لشعبنا، ولم يخف أكثر من مسؤول أمريكي ذلك، وبعضهم أبدى ارتياحه له. إن عدم جدية الأطراف الراعية لمؤتمر جنيف تتمثل بشكل أساسي من خلال:
أولاً- عدم الضغط على الأطراف المتصارعة لاتخاذ الخطوات العملية التي تمهد لنجاح المؤتمر، وفي مقدمتها الاستجابة للمقترحات التي طالبت بها هيئة التنسيق الوطنية (اطلاق سراح الأطفال والنساء، إيصال المعونات الانسانية للمناطق المحاصرة، وقف اطلاق النار...).
ثانياً – استبعاد المعارضة الوطنية الديمقراطية من وفد المعارضة، وفرض وفد الإئتلاف كممثل وحيد لقوى المعارضة، على الرغم من موقف الإئتلاف المعارض أصلاً لمؤتمر جنيف2، والذي لم يذهب إليه إلاّ مرغماً وبمعارضة أكثرية هيئته العامة، وبدون رؤية وخطة عمل تستجيب لمطالب شعبنا، وتمثل إجماعاً عند قوى المعارضة.
لقد قاد فشل مؤتمر جنيف2 إلى اشتداد الصراع المسلح، وتواصل سقوط مئات الضحايا يومياً، وقد جدد تقدم الجيش السوري مؤخراً في أكثر من موقع رهان السلطة على الحسم العسكري من جهة، كما أنه جعل بعض أصوات المعارضة، مثل كمال اللبواني وغيره ، التي كانت تراهن منذ البدء على التدخل العسكري الخارجي وتدعو له، تذهب بعيداً في ضلالها وانحرافها، وتدعو صراحة للتعاون مع الكيان الصهيوني، العدو الأساسي لشعبنا ولأمتنا العربية، مما يجعل امكانية العودة إلى طاولة المفاوضات ضعيفة ومستبعدة في هذه الظروف. الأمر الذي يفرض على الوطنيين مضاعفة الجهود للوصول الى حل سياسي، يوقف سفك الدماء، ويحافظ على مابقي من بنى مادية واجتماعية، ويفتح الطريق نحو إقامة نظام وطني ديمقراطي يحافظ على مصالح شعبنا وحقوقه، وفي المقدمة حقه بالحياة الحرة الكريمة.
إن قيام القوى الوطنية السورية بالمهمات التي تطرحها المرحلة الراهنة يستلزم منها تعزيز العمل الوطني المشترك، وتشكيل جبهة تدافع عن المصالح العليا لشعبنا ولبلدنا. الأمر الذي يستوجب البحث عن الأطر التي يجب ويمكن إقامتها من أجل التنسيق والتعاون والعمل المشترك بين جميع الوطنيين، هذا العمل الذي لا غنى عنه من أجل إيجاد مخرج وطني من هذه المأساة وتنظيم وحشد وصب كل الجهود لاعتماده والالتزام بالعمل لتحقيقه. وعلى هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي المبادرة لإقامة هذه الجبهة وبذل كل الجهود لنجاحها في القيام بالمهام الوطنية المطروحة.
لتتعزز جهود الوطنيين السوريين، أينما كانت مواقعهم. من أجل وقف أعمال القتل والتدمير والخروج من الأزمة – المأساة التي يعيشها شعبنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح بين


.. بوتين: كيف ستكون ولايته الخامسة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد -بتعميق- الهجوم على رفح


.. أمال الفلسطينيين بوقف إطلاق النار تبخرت بأقل من ساعة.. فما ه




.. بوتين يوجه باستخدام النووي قرب أوكرانيا .. والكرملين يوضح ال