الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
في الغيبوبة سلام..
عائشة مشيش
2014 / 3 / 21الادب والفن
في الغيبوبة سلام
وضع فنجان قهوته على الطاولة ثم فتح جهاز الكمبيوتر وبحث عن بعض الصحف الإلكترونية وبدأ بقراءة العناوين : انفجار في مبنى حكومي في لبنان راح ضحيته ما يزيد عن (..) والحصيلة النهائية لم تعرف بعد، وقد نزل مسئول في الدولة لتعزية أهالي الضحايا.
شرب جرعة من فنجانه ثم فتح موقعاً ثانياً فوجد انفجاراً في العراق أقوى، والحصيلة لم تعرف بعد ، ومسؤولون يعزون وينددون بالإرهابيين الذين تنتمي أسماؤهم إلى عصر أبي عبيدة وأبي جهل ، وآخرون باسم الحداثة يتحدثون ويقتلون واسم الله على لسانهم وكأنهم يؤكدون على مباركته لهم .
انتقل إلى وسائل الاتصال بعد أن لم يجد الجديد ، فقد كانت الأخبار الأخرى كلها عملية تهيئة لما يوجد في تلك البلاد ، فحمى التقليد صارت موضة ولا تمليها فقط حيثيات ومعطيات صحيحة وملحة .
بدأ في تفحص صفحات وسائل الاتصال والحوار ، هنا مشادة كلامية وهناك حوار بيزنطي، وبين هذا وذاك منشورات تعري المرأة ومنشورات حائرة أين تضعها ..؟!
رشف مرة ثانية من فنجانه ، حاول الكتابة ، ثم توقف، وحاول المشاركة في الحوارات الجارية فلم يجد ما يضيفه ، فهو غير متفق مع هذا ولا ذاك !! أصابه ملل ، نظر إلى ساعته ثم نهض إلى كتابه الذي بدأه ولم يكمله بعد، تصفح أوراقه وهو يتساءل في حيرة ... ما هذا الملل ؟ لا جديد غير الموت وأشكاله المتعددة، ارتدى ملابسه ثم أرسل قبلة إلى صورة والدته على جهازه ونزل الدرج بخطى متثاقلة ، عند باب العمارة وجد الحاج سلاّم يشرب الشاي وهو يرمق مدخل العمارة منتبهاً إلى الداخلين والخارجين منها ، بعد تحيته لبوّاب العمارة وسؤاله عن صحته ، تقدم إلى سيارته ، أدار محركها بتثاقل أيضاً وكأنه لا يريد المضي إلى حيث يريد، كانت الشوارع غريبة عنه وكأن شيئاً تغير منذ البارحة ، ترى ماذا جرى ..؟
دخل إلى عمله ، كان زملاؤه في العمل منشغلين عنه وعن تساؤلاته ، ألا يحسون ..؟! كان شيء ما بداخله يعلن له أن شيئاً ما قد جرى أو سيجري أو..... ، ولم يكد ينطق بكلمة ، فقد كان الزجاج يتطاير وغاب عن وعيه ، حين أفاق كانت أصوات بعيدة تأتيه ، أصوات بكاء و أنين ، فتح عينيه بصعوبة كمن يحلم ..كان كل شيء فيه ميتاً ، إلا أنه كان حياً ، نعم فقد كان يتنفس ويسمع وهذا كافٍ ليكون حياً ..هل تحقق لهم ما أرادوا حين جعلوني نصف ميت ونصف حي ؟ ألا نتأرجح بين الزيف والحقيقة ؟ والمشوه والمخرب والمكسر وما بينهما ..؟ ألم يتركنا كل هذا الزيف في مفترق الطرق ؟! لا نحن يميناً ولا يساراً ولا إلى الأمام ...!!
أي طريق نمضي فيه ..؟
فراغ هذا سيجعلنا نخسر حتماً الطريق، سنخسر الأرصفة والتجارب ونكهة الأرض وما فيها، متى تنوون الإفصاح عن نواياكم الإرهابية بدون استعمال الوصايا العشر لإشعال فتيل القنابل والمفجرات ؟ خاطب نفسه وهو يحاول البقاء حياً ...
لم يكن ذلك الصباح شبيهاً بغيره ، كان صباحاً فوق العادة ، فكل ما يحيط بي الآن مختلف ، عالم جديد ، عالم مخيف ومرعب ، ورائحة الموت بنكهة الوطن ، ابتعدتُ عن السرير أجرُّ جسدي وصرختُ صرخةَ روحٍ ذاقت طعم الجنة ، ثم توجهتُ صوب جهنم حيث الآلام لا يحتملها إنسان كانت تقطع جسدي .
كنت أحلم أن أسافر إلى باريس ، كثيراً ما حلمت بها ، ها أنا أقف على نهر السين ، ها هي أحلامي تتحقق واحداً تلو الأخر ، لم أكن يوماً لاكتفي من الحياة بالبقاء هاهنا ،ولم يكن عندي مانع للعشاء مع الموت بعد لقائها، ولم يكن شيء يستحق كل هذا العناء غير رؤيتها...
كانت أصوات تئن وأخرى تهمهم وأخرى تصرخ ، كل هذه الأصوات ستصاحبني إلى باريس ..؟
خطوات كثيرة تتسارع إلى مكان غصَّ بالأجساد ، إحساس بفاجعة تلف المكان شقت الجمع بعنف فتراءى لها جسد متدلٍ من القلب ، دوي صراخها يلفت انتباه الأجساد المتحذلقة على الجسد المتدلي في غيبوبة ترفض الخروج منها، تلح الذات على سياحتها في غيبوبتها ، تسعى عن الزمان والمكان ، تحيِّي انفصال الذات وهي تسعى إلى التواصل مع ذوات في بؤرة واحدة جمعتهم في محاولة استنكار إرادة الإقصاء السياسي والاجتماعي .
عائشة مشيش
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مخرجة الفيلم الفلسطيني -شكرا لأنك تحلم معنا- بحلق المسافة صف
.. كامل الباشا: أحضر لـ فيلم جديد عن الأسرى الفلسطينيين
.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص
.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة
.. صُناع الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معانا» يكشفون كواليس