الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في ديوان -هكذا كلمني القصيد- للشاعر دحمور منصور

محمد حسن عبه

2014 / 3 / 22
الادب والفن


في الحقيقة لم يسبق لي أن ظننت أن الشعر يتكلم على لسان رجل يقول أنه ليس بشاعر هكذا ابتدأ السيد دحمور منصور ديوانه حيث أهداه الى نفسه فقال: "أهدي هذه التُّرهات إلى نفسي قبل أن أهديها إلى من أنا منهم ممن لو نطق القصيد لتبرأ منّا ومنهم لأننا وإياهم لا نعرفُ منهُ إلا تاريخه ولم نصنع من حروفنا فيه إلا ما يُشينُه ولا يُدينُه".
ربما كان يتهرب من واقع الرد عليه من طرف من سمى كلماتهم بالترهات لا سيما وأنه كثيرا ما لمح وأحيانا صرح أن الشعر غاب في زمن كثرت في قصائد لا معنى لها في عالم الأدب العربي الحقيقي، ولكن الجرأة تتضح في كلماته من خلال ما قاله على لسان الشعر الذي طالما نسمعه يوبخ أهله في كلمات ملؤها البراءة من أبنائه:

أتيتُ القصيدْ..
أُسائلُ عنهُ حروفَ الهوى..
وأكتبُ فوق جبينه أنيّ..
أراهُ يعانقُ طيفَ النّوى..
وأسألُهُ عن جديد الذي..
يقولُ..فقال:
وهل من جديدْ..؟
كأنهُ يشعرُ أن الحياة..
تطالبُهُ برحيل بعيدْ..

في نبرة منزعجة تدعي أن الشعر يذم أهله:

رمَوْهُ على ففرشة الأُمنياتْ..
وخلّوْهُ يرق ب تلكَ ال عللْ..
سمعته يبكي يقول لمَ؟
يشوّهني أهلُ تلك ال مللْ..؟

ولكن واقع الشعر اليوم ودخول ما يسمى بالغموض وتعدد القراءات حقيقة أذهب لذة الشعور بحقيقة المعنى الشعري للأديب ولو كان بسيطا.
وما يزيد الامر حقيقة أننا لم نسسمع ما يقوله أهل النقد وشعراء اليوم يُتداول بين شعراء العصر الذهبي للأدب العربي، على رغم اعترافنا جميعا بأن الشاعرية الحقة مضت مع البحتري ومعلمه والمتنبي وغيرهم من فطاحل أدب المنظومات والشعريات العربية.
ولعل هذا ما نلمسه في قول صاحب الديوان:

بيتٌ من الشِّعر..
أمْ بيتٌ من الشَّعَر..
وفلسفاتٌ على كومٍ من البعرِ..

أين نرى تهجما صريحا على الشعر الحديث الذي نتداوله.
ليس هذا فحسب، ولكننا نرى بكل وضوح ذاك العداء المقيت الذي يكنه صاحب الديوان على احترامنا له إلى القلم العربي الذي يكتب فنجده متهكما بشكل كبير من السخرية من الشعر العربي وأغلب كتابه المحدثين.
ربما تكون نظرة جديدة من الألم المحيط بالشاعر تجاه الواقع الادبي في العالم العربي ولكن نبرة الالم هذه أتت متأخرة في نظري لما نراه من تلك الصورة المأتمية التي رسمها الشاعر في تشييعة للشعر العربي على رغم أننا نظن أن الصورة لم تنعى الشعر على وجه التحديد ولكن نعت الشعراء في عصرنا هذا، ويتضح هذا في قوله:

لم يبقَ للشعر في أيامنا رمقٌ..
توفّيَ الشّعْرُ قبل الشاعر القذر..
ذاقتْ قوافيه طعمَ المو ت وانتحرتْ ..
على سرير هواه مشاعرُ البَشر..
لا باركَ الله أبياتاً وأَحرُفُها..
منها تعاني سقامَ اليأْ س والضَّجر..
كنّا وصرنا كأنَّا لم نكن أبداً..
لا كان ما كانَ بين صحائف القد ر..
فذا زمانُ تخاريفٍ مُلبَّقةٍ..
وذا زمانُ الأديب الشاعر الشَّخِر ..

وكأن السيد بن الونشريس يعمم رأيه على جلّ شعراء العرب الحاليين، متناسيا أنه اعترف بلسانه أنه منهم على أنه لم يصف نفسه بالشاعر وبالتالي فهو لا يرى وجودا لأي شاعر اليوم في نظره.
نلمس نظرة تشاؤمية قاسية جدا في ما سماها بن الونشريس ترهاته حيث يبكي بدموع قافية حقيقية زمنه الحالي معبرا بوضوح عن ألم القصيد العربي الذي غاب عنه حجاب العفاف وستر الابداعي.
اضافة الى ذلك يستحضر بن الونشريس بيتا لابن الملوح في الغزل العذري معبرا عن ادعاء المنتسبين الى فن الشعر فيقول مخاطبا إياهم:

تعشى بالحروف فما أراكاَ..
تعيشُ بغيرها فيمنْ سواكا..
ومتعناَ بقي ئ الحر ف حتىَ ..
نرى في النا س منْ يرثي قذاكَ..
فكُلٌ يدّعي في الوصل ليلى..
وليلى لا تُقرُّ لهم بذاكَ..

ولم يتوقف الشاعر أو بالأحرى الكاتب عند هذا الحد ولكنه تجازوه الى درجة التشكيك في ذوق الجمهور العربي في استطعام لذة الشعر :

تخاريفي لأهل الحرْ ف عَرْفٌ..
وللعشا ق أفئدةٌ تراكا..
ولي في الأصل خربَشةٌ تُحَيَّا..
إذا ما قُلتُ..أُرْ دفُها الأراكاَ..

وكذا في قوله:

د ع الزمانَ ولا تأبه لنائبةٍ..
واسلُو زمانكَ لا يذكُرْكَ حذلانُ..
واكتُبْ لنفسكَ لا تكتبْ لمجتمع..
ضاعتْ له في طريق الهَذْر أوزانُ..
اكتب لنفسكَ واشعُرْ لا تُجبْ أحداً..
وامضي لتعرف أن الكلّ قد خانوا..
قد قيل والصدقُ فيما قيلَ معتبَرٌ..
لكل شيء إذا ماتمَّ نُقصانُ..

وهو تشكيك خطير في المجتمع العربي الذي طالما تذوق الشعر الحقيقي من ألسنة شعراء القديم والحديث، ولعل الكاتب لم يقصد فيما قاله إلا مجتمعنا الآن من حيث عدم تذوقه للشعر ولكن الرأي هذا مع احترامه من طرفنا كون رأي في سبيل اعادة النظر في شعراء والذاءقة الشعرية هو رأي يملؤه تشاؤم مفرط لا فائدة منه ذلك ان المجتمع العربي على ما فيه لم يزل مرتبطا بثوابته الأدبية.
وفي الأخير نتمنى أن يكون الشعر العربي في قمة ما كان عليه وما هو عليه لأن الهدف الاول للشاعر العربي هو الرقي بالادب العربي.
وفي العموم نتمنى لصاحب "هكذا كلمني القصيد" المزيد من التألق والابداع.

محمد حسن عبده








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا