الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة الأوكرانية ومخاوف التصعيد

مجدى خليل

2014 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية



الآن اصبحت شبة جزيرة القرم جزءا من الاتحاد الروسى وفقا لأستفتاء جرى يوم 16 مارس وافق فيه 97% من الذين صوتوا بالإنفصال عن أوكرانيا ثم لاحقا الانضمام للأتحاد الروسى،وهذا الاجراء لم يعترف به سوى روسيا وسوريا ، هما فقط من اعترفا بالجمهورية الجديدة فى حين هناك صمت حذر فى العالم تجاه هذه المسألة وغضب أوروبى وأمريكى.
المخاوف الغربية مشروعة والمخاوف الروسية مشروعة أيضا،ولا يوجد طريق للحل سوى تكثيف العمل الدبلوماسى،أما التصعيد والتصعيد المقابل فأن نتائجه قد تكون مدمرة على العالم كله، فمن ناحية فأن أمريكا والغرب لم يكتفيا فقط بسقوط الاتحاد السوفيتى عام 1990 ولكنهما حاولا تجريد وريثه الروسى من كل قوة، وقد بلغ التجرؤ الأمريكى لحد التمهيد لضم أوكرانيا إلى حلف الناتو،وهذا يعتبر من وجهة نظر موسكو اللعب فى اخطر دوائر الأمن القومى الروسى،ومن ناحية أخرى فأن الخوف الغربى مشروع من شخصية بوتين المستبدة النرجسية، وقد عانى الغرب كثيرا من مثل هذه الشخصيات التى قد يدفعها جنون العظمة إلى تفجير الحروب وتخريب الدول خاصة فى ظل غياب معارضة حقيقية فى روسيا تستطيع أن تقول لا لبوتين،وإذا كانت مسألة شبه جزيرة القرم تلقى تأييدا واسعا فى روسيا نظرا لأنها كانت جزءا من روسيا حتى عام 1954 حيث اهداها خرشوف إلى أوكرانيا عندما كان سكرتيرا للحزب الشيوعى وهو ينحدر من اصول أوكرانية،كما أن معظم من فيها يتحدث الروسية وتعتبر المنفذ الوحيد لروسيا على المياه الدافئة، وهى مقر للاسطول الروسى منذ عام 1783، وقد دخلت روسيا حربا طويلة مع الامبراطورية العثمانية آجلها من 1853-1856 سميت حرب القرم،ومن ثم فأن هذه المنطقة روسية قلبا وقالبا،ولكن الخوف فى الغرب من أن السكوت على بوتين قد يفتح شهيته لضم أراضى اخرى يتحدث معظم سكانها بالروسية سواء فى شرق أوكرانيا أو فى بعض دول الاتحاد السوفيتى السابق،كما قد يدفعه غروره ونرجسيته لفتح نقاط صدام أخرى حول العالم تصعد المواضيع مع الغرب. والحقيقة أن معاجة العالم لأزمة أوكرنيا سيشكل نقطة هامة فى مسار العلاقات الدولية وفى شكل النظام العالمى القادم،فمن ناحية أعلن بوتين منذ سنتين أن النظام العالمى الجديد يتشكل من سوريا،بمعنى أوضح نهاية التفرد الأمريكى بقيادة العالم ، ولكن شكل نظام الأمم المتحدة ما بعد الحرب العالمية الثانية من الصعب إعادة تشكيله بدون حرب دولية كبرى،حيث أن هذا النظام هو نتاج لقاء يالطة بين القوى المنتصرة فى الحرب العالمية الثانية، ومن المفارقات أن منتجع يالطة التى اجتمع فيها المنتصرون فى الحرب تقع فى شبه جزيرة القرم التى عادت إلى روسيا مرة أخرى.
من ناحية أخرى أنفجرت الكتابات والتقارير فى الإعلام الأمريكى ومراكز الأبحاث ضد روسيا،حيث أن هناك الآلاف من المتخصصين فى الدراسات السوفيتية وقد عادت شهيتهم للكتابة بعد أزمة القرم،وهؤلاء مع تخصصهم العميق والدقيق فى الشأن الروسى إلا أن الخيط الذى يربطهم جميعا هو النظر إلى روسيا على أنها عدو من واقع ما درسوه اثناء الحرب الباردة، وهؤلاء يشكلون وقودا للصدام داخل أمريكا ويدفعون المسئولين إلى الأتجاه الخطأ.
من ناحية ثالثة فأن الاخطاء الأمريكية اعطت مصداقية للتحرك الروسى،فترك أمريكا ملف سوريا فى ايدى قطر والسعودية مما حولها إلى مسرحا للإرهابيين المجرمين جعل التدخل الروسى مقبولا،ودعم أمريكا للأخوان وللمحور الأخوانى بقيادة تركيا جعل اصدقاء أمريكا القدامى ينفرون منها،وتصرف أمريكا تجاه ثورة 30 يونيه جعلها على وشك أن تفقد أهم حليف فى الشرق الأوسط وهو مصر،والحوار الأمريكى الإيرانى جعل السعودية ودول الخليج تهتز ثقتهم وصداقتهم لأمريكا،والنتائج الكارثية لغزو العراق جعل السنة ساخطون،وسياسات أمريكا برمتها تجاه مسألة مسيحى الشرق الأوسط جعلتهم غاضبين بشدة تجاه هذا الدور الأمريكى الذى تسبب فى كوارث لهم،والفراغ الذى تركته أمريكا نتيجة أنسحابها من التدخل فى مناطق عديدة فى العالم جعل قوى طموحة تحاول أن تملأ هذا الفراغ وفى مقدمتها روسيا،كما أن قيادة أمريكا للعالم جلب عليها حسد وعداء وكراهية كثير من الشعوب لها.
ومن ناحية رابعة فأن تحريك أمريكا والغرب للثورة البرتقالية عام 2004 وللأنتفاضة الشعبية القومية فى وجه حليف روسيا فى أوكرانيا عام 2014 كشف عن المحاولات التخريبية الغربية لعمق الأمن القومى الروسى، فقد استطاعت روسيا امتصاص أثار الثورة البرتقالية عليها،ولكن ما حدث منذ أسابيع وكشف خطة تحرك الاوكرانيين القوميين للإنضمام لحلف الناتو هو اهانة كبرى لروسيا وتبجح غربى ما كان له أن يحدث،فأوكرانيا تمثل منطقة عازلة بين روسيا وبين دول حلف الناتو فى أوروبا الشرقية،كما أن القرم هى المنفذ الروسى الوحيد للمياه الدافئة وهى أيضا مقر للأسطول البحرى الروسى،ومعنى أنضمامها للناتو وبها أوكرانيا يعنى تهديد عمق الأمن القومى الروسى،ولهذا يعتبر التحرك الروسى مشروعا من هذه الناحية.
على العموم نتمنى أن لا تتطور مسألة القرم لأبعد من حرب العقوبات الأقتصادية المتبادلة،والكرة فى ملعب الغرب بقدر ما هى فى ملعب روسيا،وعلى الجميع أن يدركوا جيدا عواقب التصعيد والتصعيد المقابل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - امريكا
سرجون البابلي ( 2014 / 3 / 22 - 19:18 )
استاذ مجدي
مع احترامي وتايدي لرايك في السياسة الامريكية تجاه الشرق الاوسط ,فان سياسة الامريكان تجاه روسيا هي سياسة عدائية بكل وضوح الهدف منها عدم ترك المجال لاي دولة او مجموعة دول امكانية العمل الدولي بصورة مستقلة وخارجة عن الارادة الامريكية
.فمن حق روسيا بان لاتثق بالاوربين العديمي اللون والطعم والراحة في سيايتهم التابعة للامريكا ولا تثق بان بالامكان الثقة في صداقة متكافئة مع امريكا , فامريكا ليس لها اصدقاء بل تابعين كاوربا او عملاء حكام الشرق الاوسط


2 - تحليل
جهاد علاونه ( 2014 / 3 / 23 - 16:26 )
تحليل رائع للوضع,أظن بأنه كان هنالك مخططا لضم أوكرانيا لحلف الناتو, فكشفته روسيا وتغدوا بأمريكيا قبل أن تتعشى بهم.

اخر الافلام

.. إيران.. محمود أحمدي نجاد يتقدم لخوض سباق الترشح لنيل ولاية ر


.. تقارير تتوقع استمرار العلاقات بين القاعدة والحوثيين على النه




.. ولي عهد الكويت الجديد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح يؤدي اليم


.. داعمو غزة يقتحمون محل ماكدونالدر في فرنسا




.. جون كيربي: نأمل موافقة حماس على مقترح الرئيس الأمريكي جو باي