الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف بكى ضاحكا؟!

أحمد زيادة

2014 / 3 / 22
كتابات ساخرة


رأيته أسمر اللون، بيضاوي الوجه، مجعد البشرة، أكرت الشعر، طويل القامة، ذو كفان كبيران تشققا ونضبا كما لو كان يقلب بهما الزجاج المهشم يوميا،وكذلك قدميه؛ أعتقد أنه فقد مراكز الحس بهما لدرجة تمكنه أن يمسك النار الملتهبة بيديه في ذات الوقت الذي يقف فيه على جمرات من اللهب!!
لا أتكلم عن أمين شرطة ممن فسدوا فظلموا!!

جلس هذا الرجل المهيب ذو العقد الخامس من عمره على الدرج الثاني من السلم الذي يتكون من ثلاث درجات مبتسما للحظة وضاحكا بشكل جنوني للحظة أخرى قبل أن يرد علي: "لا والله يا أحمد، عمري ما حطيتوا في بقي، أنا مليش في الكيميا،انت عارف إني مريض ضغط وسكر وخالي مات أول امبارح ومعرفتش أنزل البلد أخد عزاه، همة كام ساعة دفنته ورجعت تاني هنا علطول عشان أمسك الأرضية بتاعتي، والله رحت وجيت عل القهوة علطول ومشفتش المدام والولاد، وأديني شغال طول الليل 12 ساعة كل يوم والصبح برجع أنام، أصل نسيبي دبسني في شقة ومديون ب150 ألف جنيه ولازم أفضل زي الحمار كدة مفيش وقت، حتى محصول الأرض في البلد بعيد عنك باظ ولازم أدفع 13 ألف جنيه في شهر 7 وزيهم في شهر 12 ومعيش، فمضطر أبيع حتة من الأرض وانت عارف عندنا اللي يفرط في جزء من أرضه يبقى ايه، حضطر أبيع لأخويا عشان مقدرش أدي أرضنا لغريب، وأخوية طبعا لو هية ببريزة حياخدها بشلن، وكمان انت شايف أهو العيال اللي لسة مطلعتش بطاقة لزقولي الطفايات في الطقاطيق بأمير وبيقلوا أدبهم، لكن شغلانتنا دي لازم تستحمل فيها قليل الأدب قبل المحترم عشان ناكل عيش".

ضاقت عيناه ذات الجفون الغليظة واضعا وجهه في الأرض وبدأت مياه عينه تشعر وكأنها تمتزج باللون اﻷ-;-حمر لارتفاع ضغطه الذي شعر وشعرت به وتحشرج صوته ثم استطرد: "عرفت بقى أنا بضحك ليه؟ من الهم!! بس عمري ما كان لية في الكيميا".

نهض واقفا رافعا بنطلونه الذي اتسع من انخفاض وزنه من قلة الطعام وكثرة الحركة المهلكة طوال اليوم قائلا: "بس أقولك حاجة الحمد لله، احنا أحسن من غيرنا كتير، تشرب حاجة؟!!".

هذا ليس حلما وتلك ليست قصة رمزية، إنها قصة حقيقية واقعية من أوجاع قلب الشارع المصري، وغيرها الكثير.

هذه قصة مواطن مصري كادح صابر مقاتل شريف عنيد راضي يتحدى الظروف التي وضعتها في وجهه إدارات وسياسات وحكومات متتالية وفاسدة بابتسامة!! ولكنها ابتسامة الانكسار والذل والمرار والهوان التي يحافظ بها على كرامته وعزة نفسه!!

لقد انكسرت لانكساره وشعرت بنفسي ملكا بجانبه وشعرت حينها أن القائمين على السلطة منذ عقود هم آلهة كافرة إن جاز التعبير!!

وعلى الإدارة الحالية والمقبلة أن تدرك أن هذا المواطن وغيره من الملايين حتما سيكفرون بحياتهم ووطنهم إن استمر حالهم على ذلك، ولنكف عن نبرة ماذا قدمت لوطنك قبل أن تطلب، فمن مثل هؤلاء لم يطلبوا بعد، وخافوا أن يطلبوا فلن تستطيعوا إشباعهم حينها!!

اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة