الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى أين سينتهي المطاف بالعلوي ؟

احمد عبدول

2014 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


لو تصفحنا سير وتاريخ الأعم الأغلب من الكتاب والأدباء والمؤرخين لوجدناهم يفرون من الساسة ويتباعدون عن السياسة , وذلك لان من شأن السياسة أن تفرض عليهم مالا يطيقون وتملي عليهم ما لا يرغبون , لذا نجدهم أبعد الخلق عن دوائر السلطة وأربأهم عن محيط الأنظمة الحاكمة .
الأدباء هم خزان العلم ودعاة المعرفة وأرباب الموضوعية ,يستظلون بظلها ويهتدون بهديها ,وهم لا يستطيعون ان يؤدوا ما أتمنوا عليه من أمانة وما استودعوه من وديعة إلا إذا كانوا بمنأى عن أحابيل الساسة والاعيب القادة الذين ينزعون جلودهم ويستبدلون وجوههم ما بين شروق الشمس ومغربها .
الأدباء على طول مسيرتهم العلمية يحرصون اشد الحرص على اتخاذ جانب العزلة خوفا من تسلل أصحاب النفوذ السياسي الى ما يتمتعون به من سلطة تكاد تكون مطلقة على مساحة التأثير في الفرد (المتلقي ), لذا نجد الكاتب والمؤرخ يأنف عن عملية الوقوف على أبواب المسؤولين حاله في ذلك حال رجل الدين من غير وعاظ الملوك والسلاطين, فللأديب مكانته كما للعالم مكانته التي يجب ان يصونها من كل خدش ويجنبها كل عرش إلا عرش الأمانة التاريخية والعلمية والثقافية , وهذا ما بات واضحا في سيرة العديد من كتابنا ومفكرينا كما في حالة الراحل الدكتور (علي الوردي ) والراحل الأديب والناقد (علي جواد الطاهر ) ، اللذان عرضت عليهما حكومة الزعيم (عبد الكريم قاسم )مناصب وزارية مرموقة فرفضا لغرض التفرغ التام لمزاولة مهامهم في حقول العلم والمعرفة بعيدا عن أي مؤثرات أو أملاءات سياسية معينة .
إلا ان ما نشهده ومنذ سنوات عدة فيما يخص سيرة الكاتب المخضرم (حسن العلوي ) ما يجعلنا نتوقف أمام ظاهرة نادرة في تاريخ كتابنا ومفكرينا حيث ضرب العلوي رقما قياسيا في تقديم صورة ذوبان الأديب في محيط السياسة ,فقدم لنا بذلك صورة مغايرة عما ألفناه من صور الأدباء الملتزمين الذي كنا نأمل ان يكون العلوي احدهم لكنه أبى إلا ان يتشبث بتاريخ الزعماء وعهود الرؤساء, ففي لقاء متلفز من على قناة الشرقية طلع علينا العلوي وقد استقرت من خلفه صورة كبيرة لـ (صدام حسين ) فلما سأله مقدم البرنامج عن وجود صورة (صدام ) من خلفه رد قائلا (انه تاريخ ), ولا ادري لماذا يريد العلوي العودة بنا لتاريخ من لم تجف دماء ضحاياه بعد ,هل يريد الرجوع بنا إلى دولة المنظمة السرية أم الرجوع الى أيام الدولة القومية العنصرية الشوفينية التي كان (صدام )احد أهم عرابيها وأعمدتها .
والذي يتابع لقاءات وحوارات العلوي يجده يسعى جاهدا ان يكون جنبا الى جنب أسماء القادة والحكام والرؤساء برهم وفاجرهم , طيبهم وخبيثهم ,فهو الصبي الذي كان يبشر بالبعث من خلال قصاصات ورقية كان يدسها تحت وسادة الزعيم الراحل ( عبد الكريم قاسم ) حسب قوله هو ، وهو المراسل الصحفي الذي رافق ( صدام ) في جولة الى الجنوب عام 1979 واصفا إياه بـ (فرانسوا ميتران ) العراق , وهو بعد ذلك صاحب سلسلة مصطلحات العراق العمري والبريطاني والأميركي وهي المصطلحات التي صارت فيما بعد مادة طيعة بمتناول أشباه الكتاب وإنصافهم ليطلق احدهم فيما بعد ,على العراق بالعراق الكويتي .
كما ان العلوي أول من تنبأ بان من يعقب صدام سوف يكون حاكما كرديا حتى انه وصفه بوصفه وذكره باسمه (مام جلال الطلباني ) .
وهكذا تستمر قائمة ادعاءات وتنبوءات العلوي الذي أصبح يطلق الألقاب ويفرق الأوصاف وينثر النعوت, كما نثرت على العروس الدراهم ,فقد وصف العلوي قبل أيام السيد رئيس الوزراء نوري المالكي بسيسي العراق نسبة الى وزير الدفاع المصري (عبد الفتاح السيسي ) كما وصف مقتدى الصدر بفتى قريش ليضيف بذلك أرقاما اخرى الى قوائم ألقاب ممدوحيه الذين يمدحهم متى ما يشاء ويذمهم متى ما يريد .
ولا ادري ما الذي جمع كلا من عبد الكريم قاسم وصدام والمالكي والصدر في سلة العلوي السحرية ,على ما هم عليه من تباين واضح وتناقض بيّن في كثير من الخصال والصفات والمزايا .
يبدو ان الذي جمع كل هؤلاء هو كرسي الرئاسة وموقع المسؤولية الذي كان وما يزال العلوي يود الاقتراب منه والتحدث عن رجالاته ما وجد الى ذلك سبيلا .
أخيرا كنا نتمنى على العلوي ان يكون له بسيرة أستاذه الوردي أسوة حسنة عندما تفرغ الوردي تفرغا تاما لفريضة العلم ومسؤولية التدريس والتثقيف والتنوير مختطا لنفسه طريقته في البحث والتأليف والنظر في مختلف القضايا الاجتماعية والثقافية التي تمس الشأن العراقي العام ,كما كنا نأمل ان يحذوا العلوي حذو أخيه الراحل (هادي العلوي ) الذي كان مثالا للكاتب الملتزم برؤية ومسار ومنهج محدد والذي سخّر كل إمكاناته وطاقاته من اجل هدف سام تلخص في خدمة الإنسان وقضاياه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد