الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعرض نفسي للبيع - إعلان مبوب للجادين فقط -

وليد خليفة

2014 / 3 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


قررت اليوم أن أكتب على ظهري إعلانا مبوبا وأبوح للجميع بأنني أنا الموقع أعلاه وأدناه وفي كل حواشي الأسطر وهوامشها وأنا بكامل ما تبق لي من قوى عقلية أعرض نفسي للبيع بكل الوسائل المتاحة ، القانونية منها واللاقانونية وإنني سأغادر نفسي التي أنا عليها منذ ثلاث سنوات لأكون شاغرا للتمليك ليسهل على المالك الذي يدفع أكثر إعادة صياغتي أو استعمال ما يمكن استعماله من ممتلكاتي العضوية " قلب ، كلية ، عيون ، أنف ، كبد ، بنكرياس " والفكرية " أي شيء يحسبه لي من ممتلكات عقلية ومواهب يمكن استعمالها في السياسة والإعلام والعلاقات العامة .
فاصل 1 : في 11 آذار مارس ، قام أحدهم بسرقة هاتفي الجربان ، مجهول سرق جهاز هاتفي المحمول الذي لا يساوي 5 يورو في أفضل الأحوال ، قررت على أثر الحادثة أن لا أحمل جهاز موبيل ، لأسباب كثيرة منها ، أولا : أنني اكتشفت أن اللصوص لا يسرقون فقط الهواتف غالية الثمن ، آي فون 5 وما بعده ، أو سامسونغ غلاكسي وأشياء من هذا القبيل ، بل يقومون بسرقة هاتف أبو شحاطة من تلك الأجهزة الصامدات منذ أكثر من ست سنوات ، وما أدراك ما هي السنوات الست في عمر التكنولوجيا الحديثة أيام الميغا بايت ، أحيانا ست أيام تتحول إلى قرن وأحيانا ست ثواني ، لا يهمني معرفة دوافع هذا اللص الجربان ، الحادثة حصلت ولا أظن أن خلفها مؤامرة كونية كما سيتراءى لأي سوري في مثل ظروفي ، حيث ما يقال عنها معارضة تصفني بالخيانة وما يسمى النظام ، يشاركه في هذه التهمة ، وبين هذا وذاك أقضي أيامي في تقبل الشتائم والانتظار بكل هدوء .
جربت الحياة بدون موبيل ، الحقيقة إنها أكثر أمنا واستقرارا وراحة بال ، وأكثر مدعاة للتأمل واتخاذ القرارات المصيرية ، مثل قراري بإعلان رغبتي في بيع نفسي ، فالموبيل اللعين والجربان ، لم يحمل لي أي خبر جميل منذ ثلاث سنوات ، كل الأخبار التي حمله لي ، منذ آذار مارس 2011 ، كئيبة وبائسة ومخزية ، وبناء عليه قررت هجرة ابن عمه الفيسبوك أيضا ولكن ما علاقة الفيسبوك بسرقة الموبيل وإعلان القرار التاريخي ببيع نفسي ؟ سؤال يستدعي الفاصل رقم 2 ، استحملوني .
فاصل 2 : في عصر ما قبل مارس آذار 2011 ، كنت على وفاق مع المدعو ، فايسبوك ، قبلها بعام أو أكثر كما تشير صفحتي ، اشتريت أول آيفون نزل إلى ملاعب المستهلكين في فرنسا ، كعادة كل محدثي النعمة ، كنت أقضي الكثير من الوقت على الفايسبوك ، أصوّر الحياة هنا ، بين باريس ومارسيليا ، الصور كانت تتالى والأحاديث كانت أكثر حميمية ، وكان الفيسبوك مصدرا للأخبار الحميمة ، نتواصل أنا وصديق فيزورني بعدها ونقضي أياما جميلة ، أسمع أخباره الحلوة وأفرح ، أتذكر معه قسوة الأيام السورية ورعبها وحلاوة هذه الأيام ، ننظر إلى سوريا على إنها حقل مأساة ونشفق على الصامدين هناك ، نشفق عليهم ، على صمتهم وتحملهم ونفاقهم في النجاح في تلك الحياة البائسة ، نضحك ونتكلم عن الناس بكل الحب ، بكل الشفقة ، بعيدا عن أي كراهية محتملة ، نسامح الجميع ونسامح أنفسنا أيضا على ارتكاباتنا ، نبرر نجاحاتنا الخفيفة والبسيطة كنسائم ليالي الصيف بالمحبة وبالبعد عن البؤس السوري ومعادلاته الوقحة في صعوبتها ، لكنها مارس 2011 ، جاءت وكأنها تحقيق لنبوءة تشبه نبوءات جورج أورويل الكابوسية ، أقصد نبوءتي الشخصية لنفسي أولا ولبعض الأحبة ثانيا وهي حين خرجت من سوريا كنت أعرف تماما إن الحياة ليست هناك أبدا ، أنني سأموت إذا بقيت هناك ، سأموت بلا مقابل لشيء ، كنت أموت كل يوم مليون ميتة ، المشكلة لم أكن وحدي الذي كنت ميتا مكررا ومدمنا على الموت ، بل كانت الأغلبية ولكني كنت من القلة التي تتألم من إدمان الموت ، لذا كنا نعاقب على ألمنا في الموت بالنبذ من الموتى ، ألّا يربح أحد من موتنا بأي شيء ، حتى تجار الأعضاء البشرية الآن يتأففون من أعضاء السوريين المنتشرة أشلاء في شوارع مدنها ولو بالمجان ، لا أحد الآن يقبل بالسوري وكنت متأكدا أنني كنت وسأكون كذلك إذا بقيت في سوريا ، حين أيقنت أنني متت ، قلت فلأجرب الحياة بعيدا عن لعنة الموت ، ستكون هناك فرصة لتصحيح نتائج جناية الإدمان على الموت في ظل احتمالات حياة بعيدة عن مقبرة تتسع للحشود ، لذا قررت هجرة الفيسبوك لأنني لم أعد أتحمل لغو الموتى .
تفصيل أخير : العرض ليس لدر الشفقة أو طلب المساعدة لذا سأرفض أي طلب لا يتضمن عرض بيع قطعي أو أجار لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ، البضاعة المعروضة للبيع هي كالتالي :
الجانب الجسدي العضوي المعروض للبيع ، كافة الأعضاء من قلب وكلية وبنكرياس و... باستثناء الأعضاء الجنسية ، العمر 42 سنة ، زمرة الدم o+
الجانب النظري المعروض للبيع أو الأجار : كتابة ثلاث مقالات صحفية في اليوم حسب الطلب في كل المجالات ، ترجمة فورية من الفرنسي إلى العربي ، الكتابة والتحرير وكتابة رسائل الماجستير والدكتوراه بالعربي والفرنسي ، خبرة 15 سنة في الكتابة والسياسة في أكثر من عشر دول شمال وجنوب المتوسط .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نصب خيام اعتصام دعما لغزة في الجامعات البريطانية لأول مرة


.. -حمام دم ومجاعة-.. تحذيرات من عواقب كارثية إنسانية بعد اجتي




.. مستوطنون يتلفون محتويات شاحنات المساعدات المتوجهة إلى غزة


.. الشرطة الألمانية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لغزة بجامعة برلين




.. غوتيريش يحذر من التدعيات الكارثية لأي هجوم عسكري إسرائيلي عل