الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسيرة استرداد الشارع ليلا

عائشة خليل

2014 / 3 / 23
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


أثارت واقعة التحرش بفتاة بكلية الحقوق جامعة القاهرة الكثير من اللغط في المجتمع القاهري خلال الأسبوع الماضي، وذلك حين عرضت إحدى القنوات الفضائية الموضوع و بثت لقطات لفتاة جامعية يصطحبها حرس الجامعة إلى خارج أسوارها، وكانت الفتاة قد تعرضت لتحرش جماعي داخل الحرم الجامعي ولكنها استطاعت أن تهرب لتختبئ داخل الحمام النسائي لحين وصول حرس الجامعة، وقد استضافت القناة رئيس جامعة القاهرة الأستاذ الدكتور جابر نصار، الذي ألمح إلى أن ملابس الفتاة غير الملائمة هي السبب في التحرش الذي تعرضت له، فقامت عاصفة اعتراضًا على كلام الأستاذ الدكتور رئيس الجامعة الذي يتهم فيه الضحية مما اضطره إلى التراجع عن موقفه بعد ذلك والاعتذار عما بدر منه.
ولقد ذكرتني هذه الواقعة بواقعة مماثلة حدثت منذ ثلاث سنوات بجامعة تورانتوا الكندية، ففي إبريل من عام 2011 كانت الجامعة مستضيفة لرئيس الشرطة ليتحدث عن جرائم الاعتداء الجنسي، فكان مما قال: من أجل أن تأمن الفتاة على نفسها، عليها ألا ترتدي ملابس الفاسقات. وقد ثارت عاصفة اعتراضًا على كلام رئيس الشرطة الذي يلوم فيه الضحية. والتقطت الناشطات طرف الخيط ليصغن اعتراضًا عمليًا على الأفكار البطريركية التي عبر عنها رئيس الشرطة، فبدأن مسيرة حاشدة ترتدي فيها بعض النساء "ملابس الفاسقات" في تسفيه ساخر لتلك الأفكار، وانضمت إليهن الكثيرات من ضحايا الاعتداء الجنسي وارتدت بعضن الملابس التي كانت ترتديها وقت الاعتداء عليها وهن يحملن لافتات كتب عليها : "هذا ما كنت أرتديه .. فهل هذه ملابس فاسقة؟" كما انضم إلى المسيرات الكثير من الرجال المساندين لحرية المرأة في الحركة بأمن داخل المجتمع وبدون لوم لها في قضية تكون فيها الضحية. وخلال المسيرات شاركت الكثيرات من الضحايا عن تجاربهن، وعن أثر العنف على حياتهن.
ومن اللافت للنظر أن الفكرة اكتسبت شعبية عالمية، وتكررت المسيرات في مدن كندية أخرى، ومن ثَمَّ في بلدان مختلفة حول العالم مثل البرازيل، والمكسيك، وفنزويلا، والأرجنتين، كما انتشرت في مدن مختلفة في الهند وفي سنغافورة. ونظمت مسيرات مماثلة في مدن أوربية مثل لندن. وأصبحت المسيرات حدثا سنويا يتكرر في الكثير من المدن، ويضاهي في ضخامته المسيرات السنوية لـ "استرداد الشارع ليلا" وهو الحدث الأكثر انتشارًا في المدن الأوربية منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، حيث تحتفل النساء ليلا في مسيرات توقدن خلالها الشموع اعتراضًا على العنف ضد النساء، ويتحدث خلالها المنظمون والضيوف، وتصدح الموسيقى إلى وقت متأخر ليلا لتأكيد حق النساء في التواجد في المجال العام في أي وقت وبدون أن يمارس أي عنف عليهن. وتنظم فعاليات مثل تلك المسيرات داخل الحرم الجامعي في بعض المدن الغربية، وذلك للتضامن مع الفتيات الجامعيات اللواتي يكن عادة أكثر عرضة من غيرهن للتحرش والاعتداء.
إن تحرك النخبة القاهرية اعتراضًا على كلام رئيس جامعة القاهرة هو رد ملائم يشيء بالوعي المتكون بضرورة عدم لوم الضحية، أو البحث عن مبررات للمتحرش. ولكننا قد نحتاج إلى ما هو أمضى من ذلك وأبعد. وقد تكون الواقعة غير المسبوقة داخل الحرم الجامعي هي التوقيت الملائم لبدء مسيرات "استرداد الشارع ليلا" وقد يكون المكان الملائم لها، هو ذات المكان الذي تم الاعتداء فيه على الفتاة الجامعية، وبذلك نرسل رسالة واضحة أننا كمجتمع نقف متكاتفين ضد العنف الذي يمارسه المجتمع البطريركي ضد النساء. فالقبول الشفهي باعتذار الأستاذ رئيس الجامعة، لابد أن تتبعه خطوة عملية لتأكيد التضامن مع الضحية (ليس فقط تلك الفتاة، ولكن كل الفتيات اللواتي يتعرضن للتحرش أو الاعتداء) فهل تستثمر النخبة اللحظة الفارقة وتقوم بعمل يرسل رسائل واضحة عن عدم مهادنة العنف ضد النساء؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قانون الإجهاض الجديد في ولاية فلوريدا يدخل حيز التنفيذ


.. لهذا قُتلت لاندي جويبورو التي نافست على لقب ملكة جمال الإكوا




.. الدول العربية الأسوأ على مؤشر المرأة والسلام والأمن


.. إحدى الطالبات التي عرفت عن نفسها باسم نانسي س




.. الطالبة التي عرفت عن نفسها باسم سيلين ز