الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخ ولسان

مفيد بدر عبدالله

2014 / 3 / 23
كتابات ساخرة


وانا اسلك الطريق الواصل بين ساحة الوثبة ومرآب النهضة ماشيا على الاقدام ، غالبا ما اتوقف عند احد المطاعم الصغيرة والمميز بأعداد طبق " المخ ولسان " بمذاق سحري دون عن المطاعم الاخرى ، ورغم اني لا ارتاد المطعم الا عند زيارتي الى بغداد الا ان صاحبه يعرف طلبي جيدا ولا يسالني عنه كما يسال الاخرين ،والسبب يعود للحوار الذي دار بيننا عند زيارتي الاولى التي عرف منها بأني مولع بهذه الأكلة الشعبية ، ما يزيد شهيتي للأكل ملاطفته الرائعة ، فغالبا ما يقول لي وهو يضع الطبق على الطاولة : " مصائبنا وحلها تكمن في المخ واللسان " ومن ثم يبتسم ويذهب لكن عبارته تبقى في عالقة في مخيلتي حتى بعد مغادرتي مطعمه كونها دقيقة جدا ، فالعقل المخطط واللسان المعبر قادران على حل الكثير من العقد والمشكلات التي تعصف ببلدنا وتهدد استقرارنا ووجودنا ، ومن المؤسف أن اللسان لم يعد مرآة للعقل وما يدور في خلجاته فتظهر كلماته خلافا لما يبطن العقل ، رغم علم الجميع بان الكلام امر عظيم ويقول عنه الخالق سبحانه وتعالى (( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)) (قّ:18) ، الا تحمل هذه الآية الكريمة اصحاب الاصوات المسموعة والتي لها صدى كبير في الشارع مسؤولية عظيمة فالعبارات النارية المتشنجة المباشرة والمبطنة التي تقبل التأويل هي من اهم اسباب الشقاق والفتن التي تنخر بنسيجنا الاجتماعي والتي زادت حدتها ونحن نقترب من الانتخابات البرلمانية حتى صار من اليسير على اي متابع بسيط استشعار سخونة المشهد السياسي ، فاستبق البعض موعد اطلاق الحملات الدعائية ، بالحديث عن قدراتهم الخرافية بالانفصال عن الواقع والتحليق بعيدا عن المنطق، ولم يكتف بهذا بل صعد بمواقف وتصريحات تثير حفيظة الاخرين وتجعلهم اندادا له ، فلا يسوق البعض دعايته على انه الافضل ويستحق ان يتبوأ المقعد بجدارة بل يحاول تشويه صورة الاخرين أمام جمهور الناخبين كجزء من عملية التسقيط السياسي فيطلق سيلا من الكلمات التي فقدت صلاحيتها في الشارع العراقي ، أما الطرف الاخر فله ( مخ ولسان) ولن يصمت وتكون ردة فعله لا تقل عن فعل الاول، وبالتالي تصبح الصورة مشوشة وضبابية امام الناخب ، وما يزيد الصوة ضبابية بساطة المتلقي وسلامة نيته ،فتقع شريحة كبيرة من الناخبين في الشباك وتنطلي عليهم الاكاذيب والاشاعات التي لا اساس لها من الصحة والمنطلقة من فراغ فتهول ابسط الأحداث بذكاء و( بمخ) عبقري و(لسان) بالغ الدهاء يدس السم بالعسل ويلبس الباطل ثوب الحق .
وعلى الرغم من تجاربنا الانتخابية المتعددة، (البرلمانية ، مجالس المحافظات) الا ان الكثير من ناخبينا تتحكم بخياراتهم الانتخابي اعتبارات الدين والمذهب اضافة لاعتبارات مقيته أخرى، وهذا متفشى حتى عند بعض المثقفين للأسف الشديد ، فكثير ما نسمع في مجالسنا الخاصة عبارة ( سننتخب فلان لأنه منه وبينه ) ،فاذا كانت المذهبية التي ننغمس فيها منذ اللحظات الاولى لولادتنا وحتى قبل تسجيل اسمائنا في سجلات الولادة تصبح إنجازا للمرشح فهذه مصيبة كبرى ، واذا كنا نقتدي بديمقراطية العالم المتحضر، وهل تشغل هذه الاعتبارات مواطني تلك البلدان ؟ وهل تعني شيئا للناخب الامريكي او الاوربي على سبيل المثال ؟ الجواب لا فاكثر من يشغله بيانات البطالة والنمو وفائض القيمة والتامين الصحي علاوة للخدمات الاخرى ، وهذا ما يدعو مرشحيهم لتقديم بيانات دقيقة وحقيقية وتحمل المرشح مسؤولية كبيرة ، فلا يعني الناخب هناك لون المرشح او اصله وطائفته بقدر ما تتطابق افعاله مع الاقوال، هم يبحثون عن ( مخ ولسان ) نظيفين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ


.. الذكرى الأولى لرحيل الفنان مصطفى درويش




.. حلقة خاصة مع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي وأسرار وكواليس لأ


.. بعد أربع سنوات.. عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بمشاركة 7




.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح