الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحكام المسبقة

ماجد فيادي

2014 / 3 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



كنت انتقل بسيارتي في مدينة كولون الالمانية، وفي احد اشارات المرور المزدحمة، تحركت سيارة معاكسة لوجهتي تقودها فتاة غاية في الجمال، وبسرعة شديدة انتبهت للوحة تسجيل السيارة واذا بها هولندية، سبب التفاتي اليها رغبتي في معرفة اذا كانت الفتاة المانية ام لا، فالنسبة الكبيرة من الالمانيات لا يتمتعن بدرجة من الجمال، وهذه الحقيقة اصابتني بصدمة اول دخولي المانيا لطلب اللجوء
تذكرت وانا في العراق كيف كنا نتصور ان اي فتاة اوربية يجب ان تكون جميلة بشعرها الذهبي وبشرتها البيضاء وجسمها الرشيق، تماما كما هن ممثلات السينما، لكن الواقع كان مختلفاً عن كل تلك الاحكام المسبقة والمبنية على اسباب اعلامية متناقلة بطريقة مشوهة

عندما طرحت الموضوع على صديق يساري، قال لي لا تستغرب من الموضوع، فقد كان في شبابه وبداية دخوله الحزب الشيوعي العراقي، لا يستوعب فكرة وجود سجون في الاتحاد السوفيتي، فهو يعتقد ان الاشتراكية التي يعيشها السوفيت، تجعلهم غير مضطرين للسرقة او مخالفة القانون، فكل شيء متوفر بلا عناء، وما أن إنهار الاتحاد السوفيتي، حتى اكتشف ان النظرية غير التطبيق، فما كان يجري هناك من انتهاك لحقوق الانسان لا بد من ادانته كشيوعي يعمل من اجل الانسانية

انظمت لنا صديقة كانت تؤمن بالرأسمالية، أنها الخلطة السحرية لحل مشاكل كل المجتمعات، طرحت عليها الموضوع فقالت، هكذا كانت في السابق تتعامل مع الراسمالية النموذج لاحلامها الوردية، كلها حرية واحترام لحقوق الانسان وسلام وتوفر فرص العمل، حتى زرت امريكا لغرض العمل، فاكتشفت ان الحقيقة غير الواقع، وان انتهاك حقوق العامل والموظفين تجري على قدم وساق، فالحروب تعلن لخدمة شركات السلاح والفقير لا يجد ما يعينه اذا ما تعرض لمشكلة صحية اومالية
ولما جاءنا صديق قومي يؤمن بالقومية العربية سمع حديثنا قال، لا تحزنوا فكلنا في الهوى سوى فما قام به عبد الناصر في مصر او البعثيين في العراق والان سوريا يجعلني اندم على كل تظاهرة شاركت بها دعما لهذه الاحزاب، التي خلقت الاعداء لاقامة الحروب واراقة الدم العربي، بددت ثروة بلادنا على امزجتهم وملذاتهم وخنوعهم للاجنبي

قبل ان ننهي حوارنا الاليم انظم لنا صديق اسلامي فانتهزنا الفرصة لمعرفة رأيه، فقال انا لا زلت أؤمن بالله واصلي واصوم، واحرص على لقائكم، كعراقيين من بلدي، ولا اجد حرجا من قول الحقيقة، فقد خيبت الاحزاب الاسلامية أملي في ان الاسلام هو الحل، عندما مارست هذه الاحزاب في ايران وتركيا والعراق وسوريا ولبنان والسعودية، ابشع انواع القتل والارهاب، ضد اخوتنا في الدين، سرقوا ثرواتنا وشوهوا اسم الدين الاسلامي، ونشروا الفرقة الطائفية، سامحهم الله على ما اقترفوه باسم الله

في النهاية نظرنا الى بعضنا وعلمنا اننا كنا احد الاسباب التي ادت الى هذه النتائج الاليمة، فالاحكام المسبقة التي نطلقها دون النظرة الواقعية لما يجري على الارض، وسط غياب المعلومة، فتح الباب امام الفاسدين في استغلالنا واضطهادنا وتضييق العيش علينا

اما اليوم وسط توفر المعلومة، وانتشار الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي على الانترنت، لم يعد هناك عذر لدى احد ان يكون متطرف في دعم اتجاه سياسي وغض النظر عن اخطائه الواضحة امام اعين الجميع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق: السجن 15 عاما للمثليين والمتحولين جنسيا بموجب قانون


.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. هل تنهي مفاوضات تل أبيب ما عجزت




.. رئيس إقليم كردستان يصل بغداد لبحث ملفات عدة شائكة مع الحكومة


.. ما أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون في شمال قطاع غزة؟




.. كيف تحولت الضربات في البحر الأحمر لأزمة وضغط على التجارة بال