الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قرائة في تجربة الشاعر رشيد الخديري

عبد الواحد مفتاح

2014 / 3 / 24
الادب والفن



في الطريق إلى الجحيمْ ، تجرأتُ
وسألت رعاة مروا يوماً في مخيلتي :
كيف نموت كي نحيا؟
أسماءهم،
أشياءهم الحميمة ،
يكتبون على صفحة الرمل
خطاياهم،
ويرحلون
في اتجاه اليباب
نخاف من الموتْ
لكن ، لماذا
نلعن – في سرنا- موكب الحياةْ؟ (1)
البهاء هو أو ما تتصف به الكتابة عند رشيد الخديري الذي يكتب قصيدته بأفق خاص ومغاير أفق لا يركن فيه إلا للبحت الدؤوب والتجريب الخلاق ..من هنا تنفتح القصيدة أمام قارئها خارج التعاليم /داخل الشعر ..تخط نارها الأبدي
هادئة كنيسان
صافية كأول النهار
غزيرة كحب تحقق وقته
صحيح أن النص الخديري أحدت خلخلة داخل المتن العام للقصيدة المغربيةلكنها خلخلة مصقولة باشتغال لا كسل وراءه ولا افتعال
متن يفتح غصونه على توليف تلقائي للصور والأخيلة ، بعيدا عن كل تأليف ذهني بارد وشكلانية مفرطة
نص مطرج بالتماعات عارية ومغرية هو نفسه النص الدي يتسع باتساع ما يفيض منه من سؤال وأغنية هي كل النشيد
النشيد الذي يرمم بماء الفردوس ما يتساقط فينا من يومي وعربي
أبوسع الشعر أن يحتمل كل هذا؟
لا مجاز أقول الشعر قوة نستضيئ بها
والحب كله
به تحاور روح الطبيعة
تفتح أفق هذا النهار
الشعر هو عود الثقاب النفيس الذي تستطيع أن تشعل به غابات الدواخل
أو هدنة مع التياع وطن يحب دمك
رشيد الخديري الذي صرخ مثل صوفي تعددت مسالكه ذات قصيدة :
ما حاجتي للشمس
وكل جسدي منافذ ضوء (2)
الضوء صنو الشعراء ..والشمس قصيدة باردة
أما الجسد رغوة الطين فوحده يعزي سكانه
كل جسدي منافذ ضوء يقول..أليس الضوء هو ما يحترق بلا ندم في أول النهار /الحب أم هو بعد ضاق عن أي تشبيه والقصيدة مؤنته في كتاب السماء
كل هذا يدلل على طفل يتسلق أعالي المعنى ليطل من شرفة كلمة ..هي شطح الصوفي.. قصد القصيد..غنائة النشيد ..وكل شيء كل شيء حين تصير الى شارع يفضي الى ما في القلب من شبق وسؤال
ما نفع الشمس
ان لم تضء عتمة كل هذا
......................... (3)
الخديري شاعر القصيدة التي تقطر فتنة ضوئية فادحة، هل صحيح انه لوصف الشعر علينا أن نقول أنه ليل باهر الصفاء؟ لا مجاز ولا مناص الشعر هو وتبة المراهقة الأبدية
ورشيد الخديري شاعر يسلمك لفضاءات هده الوتبة
طالما تخيلت أنه لكتابة قصيدة كونية عليها أن تكون كبيرة وبدينة كراقصة شعبية
تصوري هذا كان بعيدا جدا ..وقريبا مما تخيلته حينها عن الكونية كبعد بادخ ومطمع واضح به تحقق القصيدة انتمائها وبهائها حيت كانت دائما السقف العالي الذي حاول الشعراء المغاربة اجتراحه كمحمد بنيس ،وفاء العمراني ، عبد الله زريقة واخرين رائعين
هذا السقف يصير الأن إلى نسق به يدلل نص رشيد الخديري على نفسه وبه يتغيا قرع الأجراس العميقة للإنسانية عبر الشعر الذي يعري عن نفسه هنا كأدات وباب للمعرفة الى جانب مناهج أخرى كالفلسفة والسسيولوجيا والهندسة
وما يميز النص الخديري الى جانب بعده هذا تناصه الفلسفي وتقاطعه مع قطبها الميتافيزيقي في نقاء جهد الإشتغال عليه واضح
ما اشبهني بترانيم الطبيعة (4)يقول
تشبيه رائع هذا كنسي المهارة والدلالة.. ترانيم الطبيعة ..الشاعر هنا يصطفي ماء الحياة للكتابة،سفر عبر زقاق الشمس، بمراكب المجاز نحو الشعر في صفائه وطبيعته الأولى
ما أحوجنا للشعر بلا اصطناع ولا انتماء لمدارس العبت
الشعر قوة والطبيعة فيضه
يشبه الشاعر نفسه بترانيم الطبيعة ، في استعادة واضحة لنضارة خيط الضوء الشفيف، الذي يسدل القول الشعري /المعادل لما يصبو اليه الإنسان من بهاء واكتمال،
ترانيم الطبيعة هنا جملة شعرية لا أجد مؤنت مرادفها، فدلالتها العميقة والتاوية في عمق المنجز الإلهي في الكون، واضحة واشتعال هذا المقطع الشعري/ الشدرة ونقائه، لا يذكرني إلا بقول الشعار الفرنسي المرموق أندريه فلتر:
“ نحنُ بضعة أناس وُلدنا على سفر . كنا أحرارا مثل الطيور . كنا متحررين من غُبار الجذور والشفرات . زادُنا الوحيدُ، كان، حليبَ الغيوم . وكان بعضُنا الآخر يجري فرحا في أرض الله الواسعة . نسقط على ترابها . نتدحرج مَوجا فوق حَصاها . نخترعُ ممالك بعدد النجوم من أجل مُتعة تبذيرها . لا توجدُ الإمبراطوريات إلا بين أيدينا . لا توجدُ غزواتٌ إلا هنا والآن . كبرياء زائدة . حماسة . غفلة . طاقة مفترسة في آخر المطاف“
تتقاطع نصوص رشيد الخديري وأندريه فلتر في مهارة التصوير وقدرته على تجسيد الضعف الانساني في تمضهرات تصبو الى نقاء هذا الأخير ومعانقته الجمالي والنبيل في النفس البشرية والطبيعة
فالطبيعة تيمة رئيسية في متن رشيد الخديري الى جانب الأسطورة التي تحضر كنضام خاص داخل حقله الشعري نضام عصي عن الضبط والتحديد كرؤية مكتفة لا ضباب فيها تتيح لنا أن نتأمل شيئا أخر وراء النص كلغة تبتدء حين تنتهي لغة القصيدة :
وقل لأبي
ما قاله يوسف في سره
وقل لهيلين كل الأشياء التي لم أقلها
سأحيا يا يوربيدس كي أستورق الموت
.................... (5)
يوسف، هيلين، يوربيدس، رموز من أزمنة وحضارات مختلفة ولغات مخالفة
تحضر هنا كنسغ ميتولوجي يخلق تجادبات مرجعية تعطي للنص تعددا مكونا ومضيئا يدلل على وحدة الانسان في رؤيته للكون في قصيدة تصطبغ بالكونية
هنا تبرز الأسطورة التي عرفت قديما كالجزء الناطق من الشعائر البدائية وكخلل رائع في اللغة اصطدم به الإنسان حين حاول التعبير عن دهشة الذات، أمام ما يتعرى امامها من العالم لغة يستردها الشاعر كإقاع جمالي قادر على توسيع أفاق اللغة الشعرية، عبر الحلم والتخييل وكنضام رمزي عميق يعمل على الإيحاء والتأويل والكشف عن ما ورائيات النص/التعبير في تكريس لفلسفة الشعر، وتفرد لغته كإشراقة خاصة وكأفق فد يفاجئنا دائما بإنسانستنا وأن الاسمنت دائما ليس كافيا لبناء مدينة
فيما تعتقد أيها العشب العجوز
في معنى الموت
أم في صورتي
كن عادلا أنا لا اشبه الماء
بل صورتي حين أتمزق(6)
فالنص الشعري عند رشيد الخديري هو نص طليق تأملي يطبعه التجريد تماما كما في الموروت الصوفي حيت الكتابة باب الى الهي ، وضله العلوي والمعرفة كشف وسلم اليه
لا كلمات شاردة والإيقاع كمنجات ترتجل سمفونية هي سنفونية الشعر حين يصير شارعا يتقاطع فيه السؤال مع الجمال
ركام من فرح وكلام
فرح لأني هنا أتكلم عن قصيدة مغربية بعافية الضوء تخرج من مطلق أزرق وأفق جمالي لا ضفاف له
مند ديوانه الأول حدائق زارا مرورا بديوانه خارج التعاليم، وما تلاهم من اصدارات شعرية تنم عن غزارة خصبة في الكتابة وحسن التلقي حيت فاز الشاعر بجائزة الملتقى العربي لقصيدة النتر بالقاهرة و بجائزة المتكأ البحرينية للقصة القصيرة جدا بالأضافة الى تتويجات اخرى خارج المغرب وداخله
دلك أنه إلى جانب أسماء شعرية عربية وازنة صنع الشاعر رشيد الخديري عملا شعريا لا يدين في إلا لأصالته الخاصة كصوت شعري له ما يميزه يحمل مشروعا جمالي هو عبور وامتداد لتجارب شعرية كونية في مطلقها الانساني والمرجعي المرتكز على قيم الحب والجمال وقرع لأجراس السؤال
فقد استطاع أن يضبط لنفسه معجما خاصا واسع تحس كأن الشاعر يغرف من بحر ولا يقف عند ضفافه وعمل على تطويع اللغة التي تصير على مستوى قصيدة النتر في حد ذاتها قصيدة معنى وفضاء ،فالتحام اللغة/القصيدة بتجربة الشاعر مرتبطان متداخلان كما يتداخل الوعي واللاوعي روح وجسد بينهما اشتعال
أحاول هنا أن أرسم معالم قصيدة لها مناخها الخاص تقود الأبجدية إلى ما لم تعتده اللغة وتكسر صقيعها
نحو الحياة في مواجهة العالم وما يتصدعه من خلل وجودي وهي تحاور السماء التي صادرتها خيبات اليومي والعربي على امتداد ما يتساقط فينا من ألم وسؤال
لم اتكلم هنا عن رشيد الخديري المتشح دائما بابتسامة لم أرى له خيانة لها مد عرفته مسيرا ومؤطرا جادا لملتفياث ثقافية عدة داخل المغرب
يرفع القول إلى أفق قول ما يجب أن يقال
بحسه الرهيف وحركيته العالية التي أدت الى خلق مجموعة من المبادرات الثقافية داخل الدار البيضاء كان الصدى الطيب الدي عرفه اشتغاله وسط جامعة المبدعين المغاربة احداها
لن أتكلم عن رشيد الخديري الذي طالما وصفه أصدقاء عن بعد أنه شاعر وكتدرائية من أخلاق حميدة ..لا أجد حرجا في الكلام عن هذا ،فل أرجع الى الشعر هكذا أسبل قولي فغلواء اللحضات المشعة التي جمعتني به فيحاء لا أجيد تسطيرها على بياض لا يدل الا على بياضه
فل أكتب عن الشعر كرحيل دائم نحو المجهول أما في نص رشيد الخديري فهو رحيل دائما نحو المعنى والمضيئ من شغف بالحياة والجمال الخديري شاعر استطاع أن يجعلني اتكلم عن قصيدة مغربية دون أن أستحضر ذلك الطقس الجنائزي المستهلك الذي يحضر كلما تكلمت عن الثقافة المغربية وهذا مهم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو


.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق




.. جولة في عاصمة الثقافة الأوروبية لعام 2024 | يوروماكس


.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم




.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب