الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احمدي نجاد من رئيس بلدية الى رئيس جمهورية

جابر احمد

2005 / 7 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


ما إن هدأ غبار معركة الانتخابات الرئاسية الإيرانية حتى انكشف الغطاء عن جملة من المسائل والأمور التي يأتي في مقدمتها انتخاب احمدي نجاد رئيسا للجمهورية والذي فاجأ فوزه الجميع بما فيهم أولئك الذين كان يتتبعون عن كثب مجرى هذه الانتخابات، فالجميع كان يتوقع أن المنافسة ستكون على أشدها بين ثلاث زعامات رئيسية، وهي هاشمي رافسنجاني، و مهدي كروبي مرشح الإصلاحيين ومصطفى معين مرشح الإصلاحيين الجدد أو مرشح الإصلاحيين التقدميين كما يسمون أنفسهم، ولم يدر بخلد أي احد أن مرشحا مغمورا كاحمدي نجاد يتمكن من التغلب على خصم عنيد مثل رفسنجاني ويفوز بكرسي الرئاسة الإيرانية رغم أن نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالظاهر يبحث عن شخصية معتدلة يتمكن من خلالها تجميل صورته المشوهة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
والمعروف عن احمدي نجاد انه يمثل تيارا اجتماعيا محددا يشكل في جوهره الدعامة الرئيسية لنظام الجمهورية الإسلامية وهذه التيار كان ولسنوات طويلة في خدمة السلطة إلا أن سطوته تراجعت بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية و بعد مجيء خاتمي إلى السلطة كما أن هاشمي رافسنجاني قد قلم أظافرهم بعد أن قام بإبعادهم عن المؤسسة العسكرية والتي يعتبرون أنفسهم جزءا منها، فقد كانوا يقاتلون بينما كان هاشمي رافسنجاني يدير مزارع الفستق العائد ه له من قصور الشاه السابقة، وكان ينهب أموال إيران ويكدسها في البنوك الأجنبية، وعندما كان هؤلاء يطالبون رافسنجاني بجزء من هذه الأموال لتحسين أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية وهم الذين خدموا النظام بكل جد وإخلاص كان رافسنجاني يوجههم نحو الاعتداء على الآخرين للحصول على المال، من هنا فقد كشفت هذه الانتخابات أول ما كشفت عن اختلافات و صراعا ت عميقة بين هاشمي رفسنجاني ومجموعته من الآيات وأصحاب النفوذ الاقتصادي والاجتماعي" القطط السمان" وبين المرشد الأعلى للثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي وبعض من رجالات الحرس وجماعات حزب الله والبسيج ( التعبئة العامة ) الذي تتكون الغالبية العظمى منهم من أبناء الطبقة الوسطى والصغيرة الذين ساءت أوضاعهم بسبب الظروف الاقتصادية وبعد أن توجهت الدولة إلى معالجة بعض المشاكل مثل إعادة البناء وتعمير ما دمرته الحرب والتأكيد على التنمية الاقتصادية والانفتاح الاقتصادي والاهتمام بتحسين الأوضاع المعيشية للناس حيث لم تعد الشعارات الثورية مقبولة ولا حتى موضوع تصدير الثورة إلى بلدان الجوار داخليا أو عالميا.
لقد شكل هؤلاء المحاربين القدماء إن جاز التعبير مجموعات ضغط على رموز الجمهورية الإسلامية إذا اعتبرهم البعض مثل هاشمي رفسنجاني أنهم قدوا أدوا واجبهم في سبيل خدمة الإسلام والثورة الإسلامية ومرضاة لله في حين اعتبرهم خامنئي جنود أوفياء يجب أن يمارسوا دورهم بالسلم مثلما مارسوه في الحرب، فأصدر أمره بتعيينهم حكاما للمقاطعات والأقاليم ورؤساء للبلديات وممثلين له وأئمة جماعة في المساجد وقد حصلت هذه التعيينات قبيل انتخابات الدورة السابعة لمجلس الشورى الإسلامي، حيث لعب هؤلاء دورا بالغ الأهمية عبر الترهيب والترغيب والتزوير في إيصال اكبر عدد من مرشحي التيار المتشدد إلى المجلس، كما لهؤلاء وما يملكونه من دعم مباشر من مكتب المرشد دورا كبيرا في إغلاق الصحف وتضييق الخناق على الكتاب والصحفيين بحيث أصبحت إيران وفي السنوات الأخيرة من حكم خاتمي اكبر سجن للصحفيين وأصحاب الرأي في إيران، كما كان هؤلاء العقل المدبر للكثير من الاغتيالات وأعمال القتل والتصفيات الجسدية التي طالت العديد من رموز الحركة الثقافية والسياسية في إيران على سبيل المثال لا الحصر تصفية القيادة الكردية الإيرانية في النمسا وبعض رموز الحركة الوطنية الاهوازية في العراق وذلك بعد سقوط النظام فيه، كما يرجع التدخل في شؤون الداخلية العراقية في الوقت الحاضر إلى مثل هؤلاء الأفراد.
إضافة إلى ما ورد يعتبر احمدي نجاد موال لمن يسمونهم في إيران بنهج الإمام الخميني وكان من بين أولئك الأفراد الذين احتلوا السفارة إبان انتصار الثورة الإيرانية عام 1979 و احتجزوا طاقمها لمدة 444 يوما.
وكان احمدي نجاد من بين الذين بارك خامنئ تعيينهم كرئيس لبلدية طهران وما إن عين رئيسا للبلدية حتى استولى على جريدة همشهري التي كان يرأس تحريرها السيد كرباسجي رئيس بلدية طهران الأسبق والمحسوب على الإصلاحيين وقام على أثرها بإجراء تعديلات كبيرة على إدارة هذه الجريدة فقام بطرد جميع الصحفيين الإصلاحيين وأصحاب الأقلام المستقلة من المثقفين وبدون أي تعويض وبدل مقر هذه الجريدة إلى مقر للتجسس على الكتاب والمثقفين وبالإضافة إلى كونه عسكري قديم ينحدر من الحرس الثوري و ينتمي إلى جيل الحرب العراقية لم يعرف عنه شي وكانت فترة توليه لمجلس بلدية طهران من اشد الفترات قسوة بحق الصحافة والصحفيين.
العوامل والأسباب في فوز احمدي نجاد.
هناك عدة عوامل وأسباب ساهمت في فوز احمدي نجاد منها :
- الحوزة العلمية في قم والمرشد علي خامنئي نفسه لا يرغبان أو يرغبان على مضض ترشيح رفسنجاني للرئاسة لان الرجل حسب اعتقادهم ” حصان جامح" وفي حال وصوله للسلطة لا يمكن لهما أن يلجمانه، خاصة وانه قد لمح بإلغاء نظام ولاية الفقيه وتحسين العلاقات مع الغرب وإعادة النظر في سياسات إيران الشرق أوسطية وخاصة مسألة السلام في الشرق الأوسط وهذا ما يعني تراجع دور رجال الدين في الأمور السياسية والاجتماعية كما أن الذي أجبرهم على القبول برفسنجاني والإدلاء بأصواتهم لصالحه بالدورة الأولى هو إقصاء منافسه مصطفى معين بالدورة الأولى بينما أدلوا بأصواتهم بالدورة الثانية من الانتخابات لصالح احمدي نجاد وضد رافسنجاني.
- بينت الوقائع والدلائل الملموسة والتي نوهنا عنها آنفا و التي ظهرت فيما بعد أن احمدي نجاد كان مرشح رموز المتشددين الذين يذوبون في ولاية الفقيه وقد تبين أيضا أن ابن خامنئ مجتبى خامنئ يساعدوه قادة الجيش والحرس والتعبئة هم الذين خططوا منذ عام لحملة احمدي نجاد الانتخابية.
- عمليات التزوير التي جرت بشكل فاضح وذلك بعد أن أشارت استطلاعات الرأي العام الرسمية أن عدد المشاركين لا يتجاوز25-30% وقد جرت هذه العمليات من قبل مجلس حراسة الدستور، المليشيات وبعض من قادة الجيش والحرس والجماعات الدينية المتشددة وأصحاب النفوذ بالسلطة وذلك من خلال طبع الملايين من الهويات المزورة، والتصويت أكثر من مرة وتبديل صناديق الآراء، واستغلال ألاميين وكتابة مرشح الولي الفقيه من قبل آلا لاف من العناصر الموالية التي خصصت لهذا الغرض، إلا أن الغالبية العظمى من المراقبين السياسيين يؤكدون أن ما يقارب 40الى 50% من المواطنين قد شاركوا في هذه الانتخابات وتراوح مستوى التزوير من 15 إلى 20% ويمكن القول إن اقل من نصف الناس قد شارك في انتخابات الدورة الأولى وان 55% قد شارك في الدورة الثانية في هذه الانتخابات الصورية وهذا بحد ذاته يعتبر انتصارا لمن دعوا إلى مقاطعة الانتخابات لان الغالبية العظمى من المقاطعين كانوا ينتظرون أن يقاطع 3/2 المواطنين هذه الانتخابات، كما لوحظ 2 مليون رأي باطل في الدورة الأولى و1 مليون رأي باطل في الدورة الثانية.
عوامل الرفض والاشتراك في الانتخابات.
- إن عددا كبيرا من المواطنين الذين اشتركوا في الانتخابات وان كانوا مستاءين من النظام ومعارضين له إلا أنهم اشتركوا في هذه الانتخابات لعدة أسباب منها.
-إن الذين اندفعوا للاشتراك في الدورة الثانية من الانتخابات قد أدلوا بأصواتهم لصالح رفسنجاني كانوا واقعين تحت الأحداث السياسية وكانوا معتقدين أنه بفوز احمدي نجاد سوف تعود البلاد إلى المربع الأول والى الأيام السوداء التي أعقبت سقوط نظام الشاه وقيام نظام الجمهورية الإسلامية وعودة إيران إلى المرحلة الخمينية وهذا ما صرح به الرئيس الجديد حيث قال " إن مواجهة الثورة الإسلامية ستشمل قريبا العالم اجمع ".
- طيف واسع ممن يسمون أنفسهم بالمعارضة القانونية مثل نهضة الحرية والقوميين الدينين وطريق الجماهير والحزب الديمقراطي الشعبي وقسم من الجمهوريين في الخارج وقسم من الكتاب والفنانين مثل محمود دولة آبادي ومحمد سبانلوا وعزت الله انتظامي وصدر عاملي اشتركوا في الدور الاول من الانتخابات لصالح معين في حين اشتركوا بالدورة الثانية لصالح رافسنجاني وذلك للحد من اندفاع احمدي نجاد الذي يعتبر متطرفا من وجهة نظرهم وكان من المتوقع أن يحصل رافسنجاني على 17 مليون صوت ولكن عمليات التزوير الفاضحة لصالح نجاد خفضت هذه النسبة إلى 10 ملايين صوت.
- إن أعدادا كبيرة من المشاركين في هذه الانتخابات جاء تحت تأثير خوفهم من التداخلات الأمريكية حيث كانوا يخشون انه ونتيجة ظهور شخصية متطرفة مثل احمدي نجاد سوف يكون مصير إيران كما هو الحال مصير العراق وأفغانستان وبالتالي فرط عقد الدولة الإيرانية وتفكك أجزاءها.
- لعل من بين الذين اشتركوا في هذه الانتخابات جاء اشتراكهم تحت تأثير شعارات تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتوفير السكن وموضوع دعم الزواج وتوفير الغذاء والدواء فقد لفتت هذه الشعارات قطاعات واسعة من فقراء الريف والمدينة هذه الشعارات التي رفعها كل من آية الله مهدي كروبي واحمدي نجاد فقد وعد كروبي بإعطاء ناخبيه من العائلات المتضررة 50 ألف تومان خاصة وأن التقارير الرسمية تشير إلى أن 40% من الإيرانيين تحت خط الفقر وان مستوى التضخم والبطالة وصل إلى أعلى مستوياته في إيران ويرى بعض المراقبين أن هذه الشعارات لابد وأن تكون درسا بليغا لبعض أطراف المعارضة الذين حددوا سقف مطالبهم بإطلاق سراح السجناء السياسيين وحرية الصحافة والأحزاب ولم تتجاوز مطالبهم الإصلاحات المتعلقة بتوسعة المشاركة السياسية ولم تطرح على أجندتها الأمور الناتجة عن التمايز الاجتماعي.
إن فوز احمدي نجاد المتهم بعدة جرائم جنائية منها مشاركة في اقتحام السفارة الأمريكية عام 1979 لمدة 444 يوم وكذلك اتهامه بالتخطيط لاغتيال القيادة الكردية في النمسا واغتيال العديد من نشطا أبناء الشعب العربي الاهوازي اثر سقوط النظام في العراق ونهب ممتلكاتهم وإصراره على الاستمرار في تنفيذ المشاريع النووية سوف يسوق البلاد نحو مزيد من الأزمات.
إن انتخاب احمدي نجاد يعبر عن أزمة حقيقية داخل النظام رأىا لقائمين عليها انه لا يمكن حلها والخروج منها إلا عن طريق العودة إلى الخمينية التي لا يتناسب خطابها ونهجها مع متغيرات المرحلة الراهنة التي يتطلع فيها العالم إلى نبذ العنف وتبني ثقافة السلام والتعايش السلمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يسعى لتخطي صعوبات حملته الانتخابية بعد أدائه -الكارثي-


.. أوربان يجري محادثات مع بوتين بموسكو ندد بها واحتج عليها الات




.. القناةُ الثانيةَ عشْرةَ الإسرائيلية: أحد ضباط الوحدة 8200 أر


.. تعديلات حماس لتحريك المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي عبر الوسط




.. عبارات على جدران مركز ثقافي بريطاني في تونس تندد بالحرب الإس