الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقيقة ما يجري في أفريقيا الوسطى(1)

شوكت جميل

2014 / 3 / 25
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


لا يملك أي إنسان ظفر بالنذر اليسير من الحس الإنساني ،أن يتلقى أخبار الأحداث الدامية بأفريقيا الوسطى إلا بالإستنكار و الشجب و الإشمئزاز.و كنت قد إنتويت أن أدبج هذه الأسطر إستنكاراً لما حدث،متباكياً على الضحايا،ناعياً على ثقافة الكراهية و قد استوطنت فينا الوتين،معرضاَ بالجاهليات الدينية القديمة التي لا تقيم للإنسان و ما للإنسان وزناً،و لربما ذيَّلتها بإن في الحب المنجاة،و دعوت الناس أن يحب بعضهم بعضاً،و أن يجعلوا ما للدين للدين،و ما للإنسان للإنسان،و بعد أن أن أفرغ من هذا الكلام الحلو،أرى نفسي بعين الرضا؛و قد قمت بواجبي خير قيام.....ولكني عدلت عن ذلك!

عدلت عن ذلك لأن قرَّاء الموقع _أي الحوار"المتمدن"_ و كتّابه جميعهم -أو يكاد يكون جميعهم_في غنى عن كلامي هذا،فما عهدتهم دعاة للفتنة،و لا مروجي للعنصرية،و لا مساعرَ للحرب الدينية الدائرة رحاها،و من ثم بدا الأمر لي كمن يصرخ في عبّه!و الحق ان حتى أكثر الناس عنصرية و حضاً على الكرهية،يتخذون لأنفسهم في أشباه حالتنا الراهنة وجهاً آخر غير وجههم التي ما عادت تقبله الإنسانية و تنفر منه أشد النفور،فيطفق هؤلاء يستنكرون مع المستنكرين،و يشجبون مع الشاجبين،و ينتهى أمر كل هذه الخطب العصماء إلى حفنة من الألفاظ الجوفاء،نهيلها على قبور الضحايا،و ما نلبث بعدها أن ننفض أيدينا من ترابها و نولي ظهورنا في انتظار مأتمٍ جديد و في انتظار ضحايا جدد.

و عدلت عن ذلك،للسبب الأهم_في نظري_ و هو ما نعلمه من مادية التاريخ و أن الواقع الموضوعي هو الذي يفرخ الأحداث بعيداً عن إرادتنا و آرائنا، فلا يعبأ بمدى سخطنا أو رضانا.إذ تحكمه قوانين صلدة قاسية لا تلين؛فالإمور لا تحدث لمجرد رغبتنا فيها أو دعوتنا إليها؛مهما بلغت رغبتنا من السمو،و مهما بلغت دعوتنا من النبل.كما أن الإمور لا تختفي كالأفاعي الوهمية بسحر كلماتنا المنددة بخستها و فظاظتها مهما أستنكر المستنكرين و ندد المنددين.....فما هو الواقع الموضوعي في أفريقيا الوسطى؟

لمَّا كانت معلوماتي عن جمهورية أفريقيا الوسطى في غاية الضآلة،جعلت أطلب المزيد عنها.و الحق لم أتقدم كثيراً حتى راعني ما عرفت...و خلصت بأن الغرابة ليست في أن يحدث ما حدث،بل الغرابة حقاً أن لا يحدث...كما أنها أضافت دليلاً جديداً لما سبق و قر في ذهني و ضميري عن سبب ما نكابده من نكبات كعالمٍ ثالث على وجه العموم،و هو الخنجر ذو الحدين المغروس في جنب عالمنا التعس:الإمبريالية الإستعمارية و رأس المال من ناحية،و العصبية الدينية والعرقية من الناحية الآخرى،و هما يتضافران معاً في كثيرٍ من الأوقات ليبات الأمر ضغثاً على ابالة..

أما الإمبريالية في نسختها القديمة فبادٍ ما خلفته في مناطقَ كثيرة من استنزاف لثرواتها ،و تجلى فيما بعد في الثلاثي التقليدي المهلك"الفقر و الجهل و المرض"و ما خلفته من ترسيمٍ سقيم للحدود بين الدول قصدت إليه قصداً و قد علمت أنها قنابل موقوتة للنزاع تفجرها متى شاءت و كيف شاءت،أما الإمبريالية في نسختها الحديثة،فتظهر أكثر ما تظهر في الشركات الرأسمالية العملاقة و العابرة للقارات،و التي تستأثر بموارد هذه البلاد في صورة مواد خام،و من ثم تردها عليها في صورة سلع،أي أن بقاء هذه البلاد على تخلفها و تشرذمها،و عدم قدرتها على تصنيع سلعها هو الضامن الوحيد لوجود أسواق و رواج بضائع هذه الشركات..فليس من قبيل الصدفة إذن ،أن تؤجج مثل تلك الدول الصناعية النزعات العرقية و الدينية،فلا تتفرغ الدول المتخلفة سوى لصراع أطرافها بعضهم البعض،لا سيما و اليمين الديني المتطرف ليس في حاجة إلى اللجاجة في الدعوة للتناحر، و هو محمل بثقافة كراهية متجذرة متراكمة ،و في أهبة الإستعداد للإشتعال لأهون شرز.....فأين تقع مأساة أفريقيا الوسطى مما تقدم؟.. للإجابة عن السؤال سنعرض حقائق موضوعية بشيء من التفصيل في المرة القادمة:

اولا:لمحة تاريخية(الإحتلال الفرنسي و الإستقلال الوهمي و الوجود الفرنسي الحالي).

ثانيا:التركيبة السكانية و العرقية(80 عرقية و 120 لغة محلية).

ثالثا:موارد البلاد و الظروف الأقتصادية و الشركات الفرنسية المسيطرة على الخام و الزراعة.

رابعا:كيف بدأت شرارة الأحداث ( عناوين فرعية:ميلشيات "سيلكا المستعربة"الإسلامية المتطرفة المسلحة و إعلانها الدولة الإسلامية و حرق الكنائس و القتل_محاولة نزع سلاحها من قبل فرنسا_قيام ميلشيات "انتي بلاكا" المسيحية المتطرفة المسلحة و أعمال القتل_محاولة بعض رجال الدين من الجانبين لرأب الصدع_ الأحداث الدامية المؤسفة الراهنة)
....يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق.. رقصة تحيل أربعة عسكريين إلى التحقيق • فرانس 24


.. -افعل ما يحلو لك أيام الجمعة-.. لماذا حولت هذه الشركة أسبوع




.. طفلة صمّاء تتمكن من السمع بعد علاج جيني يجرّب لأول مرة


.. القسام: استهداف ناقلة جند ومبنى تحصن فيه جنود عند مسجد الدعو




.. حزب الله: مقاتلونا استهدفوا آليات إسرائيلية لدى وصولها لموقع