الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


: عن الجمال __ محض انطباع

سعدي عباس العبد

2014 / 3 / 26
الادب والفن



* القبح هو الأصل . وهو منتج الجمال ..فلولا القبح لما عرفنا او تذوقنا الجمال ..المرأة القبيحة او الدميمة تضمر كراهية لا تضاهى لغريمتها او نوعها الجميل ... فالجمال لدى القبيح بقطع النظر عن جنسهِ ,هو اقرب ما يكون إلى الفجيعة الساخرة التي انتجها القدرّ الساخر هو الآخر .. القدر ايضا هو نتاج قوى غيبيّة ..والقدر بدوره يتناسل وينتج اقداره المنحدرين من نوعه كما نحن ..ولكل قدر مواصفات وشكل وخصوصية يتفرد بها عن بقية اقرانه الاقدار .. وتلك الاقدار تصلنا بها وشيجة من نوع ما , غير ملموسة .. فثمة اقدار تتمتع بروح جميلة تتضامن ضمنا مع المحظوظ ..فالقبيح الذي شاء قدره انّ ينتجه مشوّها ,يعدّ قدره ايضا متحدر من سلالة قبيحة . فكلاهما نتاج قوى فوق قدريّة ..اما الجمال فيكتفي بذاته الجميلة . ولكن كيف نستدل او نهتدي للجمال , .؟ هل حقا ما نراه هو ذاته الجمال .ام هو محض إحساس كامن في الداخل خارج الجمال الموضوعي ..ولكن الإحساس ذاته كيف تحسس ذلك الشيء جميل او قبيح ..انا لا ادري ..رغم اني طالعت العديد من المؤلفات التي تعالج هذا الامر ..يبقى انّ نتساءل هل للجمال صفات وخواص مشتركة يتفق عليها الناظرين او المتحسسين الجميل .. لا اظن . فمادمت الاحاسيس متباينة فبالضرورة الجمال متنوع طبقا لاختلاف متذوقي الجمال . فاذن الجمال نسبي ..ولكنه يعبر جدار النسبية قرابة خطوة عندما يتعلق الامر بنوع آخر من الجمال واقصد بذلك عالم الحيوان , فلماذا يبدو الذكر الحيواني وسيما واكثر جمالا من الأنثى عكس الجنس البشري تماما .. مثلا الديك اشد تناسقا وتناغما في شكله من الدجاج ..وكذلك الثور يتميز بجماله عن البقر وهذا الامر ينسحب على كل الحيوانات كالاسد والحمار والفهد وينطبق ايضا على الطيور ..وحتى على الجماد كالبيوتات والعمارات ذات الاشكال الهندسية المتناسقة التي هي نتاج تذوق واحاسيسس بشرية معرفية ...وحتى في الطبيعة يوجد هناك جمال يبعث على الذهول والدهشة ..يتمثل في الغابات ذات التناغم والتناسق الخلاب ..الطبيعة تنتج جمالها او تنحته تلقائيا عبر تفاعلات ذاتية تعود لقوها القائمة بذاتها ..لا شأن للانسان بها . فالكهوف مثلا .. ليست جميعها ..الكهوف التي تتفرد في جمال تناغمها وابعادها الفضائية المتمثل بحجم الامكنة ومايتخلّلها من اشكال هندسية غاية في الدهشة . اشكال نحتت ذاتها بذاتها ..عدا ذلك ..هل صور الجمال مقتصرة على ماورد في معرض استعرضنا المقتضب .ام ثمة صور عدا التي مرّ ذكرها يتفشى في روحها نكهة ومعالم جمال من نوع مختلف . مثلا الجمال المترسب في قاع الفن والجمال الذي يحفر في منجم الذكريات والجمال الناتج عن إحساسنا بدفىء وألفة امكنة بعينها ..كالامكنة التي شهدت ذكرى طفولتنا فلبثت راسخة في الذاكرة . مثلا , بيوتاتنا الأوّلى قبل انّ تغادرنا الطفولة .. رائحة البيت الأليف والذي غدا محض ذكرى , الا يبعث على الاحساس بالحنين إلى الينابيع البكر . ينابيع الطفولة وهي تدرج في اوّلى خطواتها نحو تذوّق الجمال في نسخته التي لم يشتغل عليها الزمن بعد ..ما مصدر التوق والحنين وكيف نما وماصلة الزمن بذلك وكيف تتوالد الاحاسيس وتمنح هذا او ذاك هوية او صفة الجمال .. ؟ !! وهل الشعور بالحنين يكتسب شرعية الاحساس بالجمال .. فالامكنة التي حدث تغير في ملامحها . كالشوارع التي مرّرنا بها في طفولتنا البعيدة . مثلا . لماذا يشعرنا ذلك التغير او التبدّل باختلال في التوازن النفسي كما لو ان ماحدث لشارع حدث لنا بمعنى انّ التغير الذي اصاب ملامح الشارع اصابنا نحن . اصاب ذلك الجزء او المرحلة الغاربة من طفولتنا . ما سر هذه الرابطة الحميمة مابين الشارع والطفولة وما بينهما وبين حاضرنا النفسي ...نحن في حقيقة الامر لم نكن في توقنا وحنينا مشدودين للشارع بذاته كشارع .انما كنا في حمى من اللهفة لطفولتنا المطبوعة في ملامح الشارع.. وما الحنين للطفولة سوى الحنين للبراءة الاوّلى التي كانت تتمتع بها الاشياء من حولنا .. التوق للبياض قبل ان تتلطّخ صفحته بسخام التبدلات القدرّية . وما الوشيجة التي تصل بين ذلك وبين الجمال ..الجمال يعني الإحساس بالمتعة النفسية او الشعورية او التطهر في حالات التجلي النفسي ..فالحنين غالبا ما يبعث على البكاء .. البكاء على شيء ما , لم يعد موجودا او في متناول النفس والبكاء شيء من التطهر ..نغسل عبره لطخة من سواد مطبوعة على جدار مشاعرنا او في اعماق نفوسنا . ولكن هل البكاء متعة ..؟ او هل سيغدو متعة بعد افراغ الشحنة الملغومة بالحنين .. اقصد بالمتعة هو انشراح او انفراج عن النفس بعد تفريغ الحمولة البكائية . واذا كان هذا لم يجانب الصواب . فالذكريات والبكاء والحنين الى الماضي هي احاسيس جمالية كما اظن ولاادري مدى حقيقة ما ذهبت اليه ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة الخميس


.. مغني الراب الأمريكي ماكليمور يساند غزة بأغنية -قاعة هند-




.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو