الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما زال

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2014 / 3 / 28
كتابات ساخرة


مر ما يُقارب الشهر تقريباً منذ أن قررت القيام باقتناص إجازةٍ سنوية من ما حولي و من حولي..توقفت عن مطالعة مواقع التواصل الاجتماعي و المواقع الإخبارية و كل ما يمت للقيل و القال..شهر تقريباً دون صداع يسببه لي الحمقى و من هم بدينهم يستشهدون و يعتقدون مخطئين أنهم به حقاً يؤمنون..شهرٌ بلا رسائل تثير ضحكي كما تثير استغرابي..فما زال هناك من يؤمن بأن الهجوم العنيف بلا منطقٍ عقلاني و أدلةٍ واقعية في الحوار سيقنع أي شخصٍ يمارس تهمة القراءة بين الحين و الآخر بما يقوله فقط لأنه يقوله بصوتٍ مرتفعٍ قليلاً و بكثيرٍ من الحماس..ماذا قلت قبل قليل؟؟..ما زال؟؟..نعم "ما زال" و لا تستهينوا أبداً بـ "ما زال".

"ما زال" كلمةٌ مرعبة لأنها توحي بنوعٍ من الرتابة التي قد تعني الاستسلام بطريقةٍ ما..فخلال إجازتي كنت ألمح بعض الأمور هنا و هناك و كل ما كانت ألمحه من المواقع الإخبارية أشعرني أنه لا شيء جديد تحت الشمس..فما زالت الأغلبية تهرول راكضةً هنا و هناك باحثةً عن شخصٍ لا يستحق لتمجده..و كأني بهم يرون هناك في القريب سوقاً إسلامي للجواري يباع فيه الجنس بالمجان و لكن مع فارقٍ وحيد و هو أن عدد الجواري محدود..و لهذا السبب يجب أن يكون التسابق تنافسياً مسعوراً و إلا خسرت نصيبك من هذه السلع.

ما زال صحفي الجنرال يبحث عن قدمٍ ليلعقها و يبدو أنه قد وجدها "مبدئياً"..و ما زالت ناشطة الكلاب تحاول إنقاذ مصر من كل شيء و أي شيء..فلقد انتهت مشاكل سويسرا العرب التي نسكنها مرغمٌ أغلبنا..انتهت مشاكلنا و لم يبقى لنا إلا أن ننتظر متململين أن يخلق لنا الله لنا وسيلةً إما للهجرة أو للفرار إلى جنةٍ أخرى أكثر اتساعاً من هذه الجنة الضيقة جداً!!.

ما زال الجنرال حامي الثورة التي فقدت شرفها عند أول نداءٍ لكي تقبل على فراشه فذهبت إليه مسرعةً و كأنها كانت تنتظر تلك اللحظة منذ الأزل..و ما زال هناك من يمارس الكتابة التي تشبه في مذاقها اللطميات -مع اختلاف مقدار اللذة بالطبع- في ذكرى جمعة بيع الكرامة..و ما زال هناك من يتحدث عن نظرية المؤامرة على الإسلام و اليمن..و ما زال هناك من يرسل لي رسائل يسألني فيها عن محرماتي الأربع.

ما زال هناك من يرسل إلى برنامج إذاعي ما يبث في يوم الجمعة -و الذي يبدو أنه أصبح اليوم الأسبوعي للعودة إلى الإسلام- سؤالاً عن حكم تقبيل الزوجة في رمضان رغم أنه لم يأتي بعد و لكن كنوعٍ من الاستباق لما سيكون..و ما زال هناك من يسأل عن حكم التعري في لحظة التوحد مع الآخر..و كأن التوحد ممكن مع الملابس و كأن التوحد أكثر لذة بها!!.

ما زال المواطن اليمني يمارس الركوع و السجود لأي مسؤولٍ لم يمضِ على تعيينه خمس دقائق من منطلق "أن تركع مبكراً خيرٌ من أن لا تركع أبداً"..و ما زال البعض يحاول أن يلبس وزير الداخلية الجديد لباس عمر بن الخطاب..فتارةً هو العادل الذي يلحق العقاب الصارم بالمخالفين و تارةً أخرى هو الغائب عن فراشه ليتفقد أخبار رعيته و تارةً أخرى هو القائد المحنك الذي سيخلصنا من مسلسل الاختطافات و الاغتيالات اليومية في اليمن..و كأني باليمنيين يحاولون التسابق لخلق عمر بن الخطاب بيننا لا لوجود الشبه بينهما و لكنه التسابق المحموم كما ذكرت لتنظيف حذاء أي مسؤولٍ كان من ذرات المنتقدين.

ما زال يتم تعيين وكلاء للمحافظين كل يوم مما سيجعلنا نحصل على وضعٍ نفخر به لو تم تسجيله في موسوعة غينيس للأرقام القياسية..فيبدو أننا قريبا سنصل إلى معجزة وجود وكيل محافظ لكل حيٍ سكني..و ما زال طفل الإصلاح الغير مدلل يشكل أصابعه ليقنعنا أننا كلنا سواسية و أن مذهبنا لا يفرقنا و لا يميزنا عن سوانا..و ما زال الحوثي يتمدد صباحاً فوق جثثنا و منازلنا و أموالنا فقط ليخبرنا مساءاً كم هو لنا بعاشق.

ما زال الزنداني يتحدث عن الشريعة الإسلامية التي يتم يومياً انتهاك عرضها و اغتصابها دون عروضٍ جدية بالقيام بترقيعها..و ما زال المواطن اليمني يصرخ بين فينةٍ و أخرى "إلا رسول الله" غير عالماً أن رسوله حقاً لا يكترث كما هو حقيقةً لا يكترث..و ما زلت أبحث عن كتب ألفة يوسف في اليمن فلا أجدها.

ما زالت أخبار التحرش و اغتصاب الأطفال تطالعني كلما سولت لي نفسي التحرش بالمواقع الإخبارية..و ما زالت تلك الأخبار تمر أمامنا إما بلا اكتراثٍ حقيقي أو بكثيرٍ من التبرير..و ما زال هناك من يتحدث عن أننا شعبٌ شهد له الرسول الكريم بقائمةٍ طويلة من الأمور في غير لحظة سكر للبخاري.

ما زالت صحافتنا تعشق الرخص و ممارسة الدعارة الكتابية..و ما زال أغلب أشباه كتابنا كما رجالنا -و لن أتردى و أتهمهم بصفة صحافيينا- يمارسون لعبة التسابق المحموم تجاه الأحذية..ذلك التزاحم الذي لا أجد مبرراً له..فالأحذية كثيرة فلم التسابق و التزاحم!!.

ما زال علي صالح هو الرب الذي يحركنا في كل الاتجاهات..ليصبح المسؤول عن كل أمرٍ يحدث لهذا الشعب الوقح الجبان المنكر لحقيقة أن أغلب مصائبنا أتت من بين جنباتنا و نحن من خلقناها..و ما زال علي صالح يجمع في نظر المعارضين له ذلك الكوكتيل الغريب بين الفساد و الألوهية و كلية القدرة..فإن سرت في أرض الرب و سقطت بسبب حجرٍ ما فأعلم أن علي صالح من وضعه في طريقك..لا بأس كلنا يحتاج إلى شيطانه الخاص ليلقي على كتفيه بأخطائه..فلهذا السبب خلق الله إبليس و لهذا السبب خلقنا نحن علي صالح.

ما زال الحميري كما الحمار ينهق صائحاً كل جمعةٍ بالمستحيلات التي سيفعلها اليمنيون تجاه جلاديهم السابقين كم اللاحقين..و ما زال يبيعهم الوهم مزخرفاً و يشتريه منه المصلون ليمضغوه قاتاً لهم..و ما زالوا يرتعشون رعشةً تشابه رعشة النشوة الجنسية مع كلماته مع فارقٍ بسيط و هو أن الثانية سهلة المنال كما التحقيق أم الأولى فهي كأحلام اليقظة مخدرٌ يُسَّكن "مؤقتاً" أوجاعنا و عجزنا.

ما زال هناك من ينزل يحشد يصعد إلى عرش الرب مهدداً و من يخسف بنا إلى مركز الأرض لا ليبحث عنه في رحلةٍ تستكشف المجهول و لكن فقط لأنه يستمتع برؤية إمكانية أن تحشد الآلاف عشرات الآلاف بل و الملايين فقط لأنك تدغدغ مشاعر مثالية لا تمتلكها إلا قلةٍ منهم و تدعيها الملايين بكل سذاجة..فلو كانوا يؤمنون بها حقاً لكنا نحيا في جنةٍ أسقطها الله على الأرض كما أسقط آدم حواء إليها.

و ما زال و ما زال و ما زال..و لعلنا سنموت نحن و ستبقى ما زال..لأنها خُلقت قبلنا و ستبقى لمن بعدنا..ألم أخبركم أن ما زال كلمةٌ مرعبة و لها سلطٌة رهيبة لا ندركها!!..و لهذا السبب لعلي لن أشذ عن خضوعي لما زال كما البقية و سأعترف لك أني ما زلت أحبك..أو ما زلت أعتقد أني كذلك..ألم أخبرك أن لا جديد تحت الشمس!!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-