الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فتح صفحة جديدة

مناف الحمد

2014 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


فتح صفحة جديدة

في اللاذقية في سني الدراسة الجامعية الأولى وكنا آنذاك شباباً لم نبلغ العشرين من العمر ، مدجّجين بثقافة الحقيقة المطلقة ، ونشعر بنفور من مخالفينا في العقيدة ، لاحظت بصورة جلية وجود مجتمعين منفصلين متغايرين في العادات والطقوس واللغة هذا فضلاً عن اختلاف اللهجة .
الأحياء السنية يغلب عليها الطابع المحافظ ، والأحياء العلوية يغلب عليها طابع الانفتاح .
كنت آنذاك أراه تغايراً طبيعياً بين حقّ وباطل ، بين نور وظلام .
النظر من وراء عدسات العقيدة هو الذي يغبّش الرؤية ،والحكم باعتماد مقاييس التعليم الأحادي الذي يشوّه صورة الآخر ، أو على الأقلّ يجعله غير واضح المعالم هو الذي يكرّس جدار الفصل .
تتمترس الأقلية المستفيدة من السلطة بكونها محسوبة على هذه السلطة ، وتتمترس الأكثرية المحرومة من السلطة ومن ميزاتها بامتلاكها الحقيقة والطريق المستقيم دينياً وأخلاقياً .
الأقلية وفق مقياس الحقيقة الذي تدعي الأكثرية احتكارها أقلية كافرة ومحرومة من رحمة الله في نوع من تعزية الذات لنفسها على حرمانها من ميزات يمتلكها أفراد الأقلية -والحديث هنا طبعاً عن العموم - غير مدركة أو متجاهلة أن لسلوكيات الأقلية وخوفها وحقدها جذوراً في التاريخ تعرضت فيه لاضطهاد وممارسات عنصرية واستعلاء من قبل الأكثرية وهو سلوك مسبّب عن هذه الذاكرة .
وتختزل الأكثرية ذاكرتها التاريخية في تاريخ معاصر تتعرض هي فيه للظلم والاضطهاد شاطبة بجرّة قلم التاريخ الأبعد .
في أبحاث الباحث الكبير في التعددية الثقافية " كيميلكا " ملاحظة جديرة بالانتباه فحواها أن في جميع الصراعات الأهلية التي تصدى لدراسة جذورها كان ثمة ذاكرة تاريخية يمتلكها طرفا الصراع خلّفت في النفوس أحقاداً لما ارتكب فيها من قبل كل طرف بحق الآخر من مظالم ، وأن أول خطوة لتهدئة الصراع هو فتح صفحة جديدة والاتفاق على أن الطرفين غير بريئين وأن كليهما يملك تاريخاً ملطّخاً بظلم الآخر .
لا يجدي هنا ادعاء التفوق الأخلاقي ، ولا ادعاء التفوق الحضاري ونحن بصدد البحث عن دولة للجميع بل إن هذه الادعاءات تشكل أسّ الصراع والانقسام .
اذا كانت الأكثرية قد تعرضت لاضطهاد منذ ثلاثين عاماً على يد نظام سرق طائفته فإن دولة المواطنة تستلزم عدم تحميل الطائفة كلها وزر سلوك النظام وإلا فإن دفتر المحاسبة التاريخية سيقلّب صفحاته إلى تاريخ أقدم ، وستكرّ السبحة ، ويظلّ أوار الصراع مشتعلاً .
التسامح أولاً ، والاعتراف المتبادل بالمظالم ثانياً ، وعدم تحكيم العقائد الدينية المطلقة بحكم ماهيتها في العلاقات بين المواطنين ثالثاً هي الخطوات الأولى لبناء وطن جديد ومزدهر محكوم بالعدالة وسيادة القانون








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز