الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ولكم في بكر عبرة.....

محمد مختار قنديل

2014 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


من عبر الماضي يتشكل حاضرنا ومستقبلنا، اتذكر طفولتي تلك الحياة الريفية المليئة بالعبر والنصائح، في بلدتنا كان لدينا شخص يدعي " ثابت" كان من أشد مجانين القرية يخشاه الشباب والاطفال كان الزاهد الاوحد في عالمنا ومع ذلك فانه يحاول أن يستمتع بكل ما لذ وطاب، إلى أن شاء القدر ففرحوا جميعا ولكنهم لم يكونوا على دراية بما يخفيه القدر، خرج بعد موت ثابت شخصا أخر يدعي " بكر" احتار فيه الكثير وقيلت به كل الاقاويل البعض قال مجنون والاخر قال انه "بيشتغلنا" كثر الجدال ولكن ظل بكر كما هو، دائما ما يردد " أنا مش عايز، لا والله ما عايز" باتت تلك الكلمات لسان حال القرية، جميعا نرددها في لحظات اللهو.
أخذتني الرغبة في المعرفة، فكما يقال الأطفال هم أعظم الفلاسفة لكونهم دائما يتسألون، وبدأت اتسأل حول مدي جنون بكر، هل هو حقا يعني كل ما يقوله ام انه يرغب في الحصول عليه ولكنه لا يظهر الاهتمام، ذهبت إلى عالم قريتنا الشيخ " عمر " وأخبرته بتسألي فكان الرد " بيستعبط" لم تشبعني تلك الاجابة فقررت أن افعل شيء لاكتشف بذاتي.
تقابلت مع أحد اصدقائي وقررنا عمل خطة لمعرفة الأمر، قررنا أن نتظاهر بأننا نتشاجر أمامه، لنرى رد فعله، وبالفعل حدث ولكنه حاول أن ينهي شجارنا بقوله " لا والنبي ما عايز"، ازدادت الحيرة وازداد تفكيرنا في خطة بديلة، قررت يوما ما أن اذهب له واعطيه مصروفي، فمد يده وأخذ قائلا جملته المعتادة، وتكرر الامر أكثر من مرة كل مرة يأخذ شيء جديد وفي ليلة غريبة اتي هو لي طلب مني " سندوتشاتي" رفضت، نظر نظرة غريبة الاطوار وأخذها من يدي قائلا " لا والله ما عايز".
ماضينا القريب كان اشبه بذلك، فمنذ أن بلغ مبارك كرسي الحكم بدأ كلامه برفضه لهذا المنصب وأنه لم يكن طامحا أو طامعا فيه ولكنه استمر بقبضة حديديه ثلاث عقود، ولم يتركه الا بقبضة من حديد، اختفي مبارك كما اختفي ثابت وانتابنا الفرح ولكنا أيضا لم ننتبه لما هو أت.
واليوم بعد أن اختفي " ثابت" نحن بصدد " بكر" جديد، بدأ "بكر" تلاعبه معنا بقوله " لن أترشح للرسالة لن أسمح للتاريخ بأن يكتب أن جيش مصر تحرك من أجل مصالح شخصية" ولكته سرعان ما مد يده نحو "الساندوتش" بطلب التفويض من أجل محاربة الارهاب، تداولنا قوله كما تداول أهل قريتي كلمات بكر ولكن الأمر مختلف كلمات الأول كانت تأخذ بمحمل الجدية أما الثاني فكانت على سبيل "الهذي".
استمر الموقف كما هو عليه، إزدادت الحيرة حول مدي مصداقية قول بكر، أهو حقا لا يريد أم أنه فقط لا يريد التظاهر برغبته تلك، ما بين هذا غاب التساِؤل عن الاطفال واتجه الامر إلى " المطبلاتيه" خرج علينا مجموعة منهم بحملة " كمل جميلك" حملة من اسمها تظهر قمة العبث فلا جميل لأحد على الوطن، ولكن مر الأمر مرور الكرام لم ينتبه أحدا للأسم وانساقوا ورأءها، باتت مصر اشبه باستديو "كادوا" تزين بصور بكر وكأنه المخلص والزاهد الاوحد، ولكن من منا لا يريد الزاهد من منا يرفض النبؤة، كلا منا يكفيه التخلص من " ثابت" ولا يعنيه ما هو أت.
حقيقة التنبؤ في علم السياسة تشوبه صعوبة بالغة ولكنها ليست مستحيلة، فهناك علم تحليل الخطاب الذي يعد من أشد فروع العلوم السياسية دقة وتفسير كما أنه من أشدها قسوة، فمنه تستطيع أن ترى ما لم تراه من دونه، والناظر في تلك الأوقات إلى لغة الخطاب انصار السيسي يجد أنهم يصنعون بلا وعي " ديكتاتور" جديد، تتمثل خطوات صناعة الديكتاتور الجديد فيما يلي:
اولا الالحاح الدائم على المشير السيسي للتنازل والترشح للرئاسة
ثانيا هي الدعاء المستمر له:
واشد اشكاله كان الدعاء في المسجد النبوي في الجمعة الاخيرة من رمضان ،واعجبه دعاء يحي الرخاوي له "أن يجعل الله لك فى كل خطوة سلامة، ثم أكمل: وفى كل كلمة خير، وفى كل قرار عدل، وفى كل خطة توفيق، وفى كل خصومة نقد بناء لمصر، ولك، ولعلاقتك بربنا، وبنا" والأطرف فيها احدي حملات السيدات على احدي المنتديات المصرية تحت شعار" حمله المليون دعاء للسيسي".
ثالثا ثقافة العشم:
يقول ليوكس في كتابه السلطة رؤية راديكالية " أليس أعلي درجات ممارسة السلطة أن تجعل الأخرين يرغبون في ما ترغبة أنت أى ان تقوم بضمان طاعتهم عن طريق التحكم في أفكارهم ورغباتهم؟" يمكنا أن نترجم هذا في لغتنا العامة المصرية فيما يعرف " بالعشم" تظهر هذه في بعض عبارات السيسي ولعل أشهرها "انتو مش عارفين انكو نور عيونا ولا إيه" ودعوات التقشف.
رابعا: تجاهل قمع حرية الاعلام:
قد نتفق أو نتخلف مع بعض القنوات التي تم ايقافها عقب عزل محمد مرسي، طبقا لما اشار اليه الفيلسوف جون لوك في قانون الرأي والسمعة "أن هذا القانون يحتاج دائما سلطة لتطبيقة... في الواقع لا يفلت أحد ممن يعترضون على أسلوب أداء الجماعة من عقابها والذي يأتي في صورة توبيخ شديد أو بغض وليس هناك واحد من عشرة آلاف يتمتع بالصلابة الكافية التي تمكنة ان يصمد أمام البغض والإدانة الدائمين من قبل الجماعة التي يتنمي لها" واقع الأمر إن الناظر إلى حرية التعبير في البلاد ومدى إحترامها يجد أن هناك رائحة من النظام القديم وقمع الحرية به، ومن الدلائل على هذا التحقيق مع "باسم يوسف" بتهمة اهانة السيسي.
أخيرا وليس أخر تذكروا أن السيسي ما هو الا بشر مثلنا، له مميزات وبه عيوب، لا يحق لأحد أن يسلبه حق الترشح للرئاسة، ولكن يتوجب علينا الا نتستمر في خطواتنا الجدية نحو صناعة ديكتاتورنا جديد، اتركوا مساحة لمحاسبة السيسي أن اخطأ، لا تدعو الفرصة لعقولكم أن تنتصر وفعقل الانسان نبيه أذا انتصر ضاعت نبوته.
ملحوظة:
مات بكر بأيدي عائلته








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار